لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

ادعاءات سلطات دبي المضللة حول العاملات المتهربات

في 11 سبتمبر 2013

في الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، تُعتبر عاملات المنازل المتهربات غير مسجلات قانونيًا، إذ يتم ترحيلهن إذا اكتشفن. ويعاقَب أرباب العمل الذين يوظفون العاملات المتهربات بغرامات كبيرة. وقد يكون من المهم أن تثني الدولة أرباب العمل عن توظيف عاملات بشكل غير قانوني، وخصوصًا كون عاملات المنازل غير المسجلات يُحرمن من اللوائح التي "من المفترض" أن تضمن لهن الحد الأدنى من معايير التوظيف الأساسية، وتتدخل لحمايتهن إذا تم دهس حقوقهن. ولكن في مقابلتين نشرتا في مقالة واحدة في صحيفة "إميريتس 24/7"، قدمت سلطات دبي تحليلًا مضللًا وخطيرًا حول تهرّب العاملات.

وأكد الضيفان، وأحدهما قاضٍ والثاني نائب مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية، على المخاطر التي يواجهها الكفيل إذا قام بتوظيف المتهربات، وتعد هذه بالفعل نقطة أساسية إذا رغبت السلطات في الحد من هذه الظاهرة. وكرر المسؤولان مرارًا اتهامات شنيعة تجاه العمالة المتهربة، وهي في الواقع تزيد من مخاوف لا أساس لها، وتزيد من النظرة السلبية التي يرمق بها المجتمع العمالة المنزلية. وعلى سبيل المثال، ادعى المستشار علي حميد بن خاتم أن معظم العاملات المتهربات يقدِمن على مثل هذه الخطوة من أجل كسب المزيد من المال:

"ثمّة عدد متزايد من العاملات الهاربات من كفلائهن في محاولة منهن لرفع دخولهن. وفي معظم الحالات، تتلقى الهاربات أجورهن على أساس عدد الساعات، ويتحصلن بهذا على أكثر مما يتقاضين عندما يعملن لدى كفيل مقابل راتب ثابت ومحدود".

ويتكون هذا الادعاء من شقّين غير صحيحين بالمرة. أولًا، تلجأ غالبية عاملات المنازل للهرب بسبب تعسف وإساءة أرباب عملهن. ولا يمنح نظام الكفالة، في ظل هذه الظروف، أي خيار للعمالة سوى الهروب. وهناك الكثير من الوثائق التي تؤيد هذه الحقيقة في شكل قضايا محاكم ومقابلات مع هؤلاء العاملات، وكثير منهن يتجهن لقنصليات بلادهن لطلب الحماية والعودة إلى أوطانهن. وحتى العاملات المتهربات، يلتجأن لهذه الوسيلة في محاولة، غير مجدية في كثير من الأحيان، الحصول على أجر عادل، وقد كشفت مقالة في نفس الصحيفة في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2012 أن العديد من العاملات الفلپينيات ما زلن لا يتلقين الحد الأدنى المقرر للأجور. وأوضحت ردود المسؤولين أن إنفاذ قانون الحد الأدنى للأجور يقع على عاتق مكاتب الاستقدام وليس الحكومة، ويشير غياب التنظيم هذا إلى أن الأجور المتدنية هي أزمة شائعة تواجهها الكثير من عاملات المنازل في الإمارات.

وثانيًا، فإنه من النادر أن تتمتع العاملات المتهربات بهذه الحياة الرغدة التي تحدث عنها المسؤولان، فهن لا يستظلن حتى بحماية تشريعات العمل، وبالتالي فهن في أمسّ الحاجة للمعاملة الحسنة من قِبل أرباب عملهن عن نظيراتهن الموثقات. وهؤلاء العاملات يصرن عرضة للاستغلال، بما في ذلك تقاضيهن لأجور متندية وتحمّلهن لأعباء عمل إضافية، كون أرباب العمل قد يهددهن في أي وقت بإبلاغ السلطات.

وفي سياق متصل، فإن المسؤولين تغاضا عن ذكر الشروط التعسفية التي تتعرض لها عاملات المنازل، وبالغا في التشديد على المخاطر التي تتهدد الكفلاء. وذكر المستشار حميد بن خاتم الآتي:

"عندما تهرب العاملات، فهن يتسببن في خسارة مالية هائلة للكفيل، كونه مسؤولًا عنهن مسؤولية كاملة".

وفي جملة واحدة، هوّن المسؤول من الظروف التي تعاني منها العاملات المنزليات، وتبرأ من المساءلة عن أي إساءة "محتملة" في حق العاملات. بل وشوه صورتهن، وجعلهن خطرًا يهدد المجتمع ككل، إذ ذكرت المقالة أنه:

"يحذر العقيد الجلاف الكفلاء من خرق القانون وتوظيف العاملات المتهربات، إذ أنه يرى أن مثل هؤلاء يؤثرن سلبًا على صحة وسلامة الأسرة والمجتمع".

واستخرج كاتب المقالة إحصاءً عن معدل الجرائم من سياقه ليدعم به على حجته، إذ ذكر معدل جرائم العاملات، بدون الإشارة إلى معدل جرائم أرباب العمل، وبدون حتى مناقشة الدوافع وراء جرائم عاملات المنازل، رغم صدور بيان من قِبل شرطة دبي في عام 2011 يربط سوء معاملة رب العمل بجرائم العاملات.

وتستخدم المقالة كذلك أساليب رخيصة وعبارات مطاطة مثل "إفساد القيم المجتمعية" عبر إبراز العلاقات غير المشروعة التي أحيانًا ما تقيمها العاملات، متناسيًا أن مثل هذه العلاقات "غير المشروعة" ترجع إلى كون الكفلاء لا يوفرون أي خصوصية للعاملات، ولا يجعلوهن يستمتعن بحياة خاصة مثل التي يتمتع بها الكفلاء أنفسهم. والحجة الأكثر تكرارًا هي أنه يجب أن يتكيف العمال مع "ثقافة الخليج"، إلا أن وفرة النوادي الليلية في دبي، والتي يرتادها سكان الإمارات أنفسهم، تثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن هذه الثقافة المزعومة لا تطبّق إلا على فئة العمالة الأجنبية المهاجرة، وليس على المغتربين ذوي الياقات البيضاء أو سكان دبي المحليين.

ولم تنبه المقابلة أرباب العمل، على وجه الخصوص، ألا يقوموا بـ"إعارة" العاملة لأصدقائهم، وهي ظاهرة متكررة تثقل كاهل العاملات وتخالف عقودهن. ناهيك عن أن مقصد المقالة نفسها يعوزه الاتساق، كونها تسعى إلى منع الكفلاء من توظيف العاملات غير المسجلات، وتشجعهم على الإبلاغ عنهن، ولكنها في الوقت ذاته لا تحاول منع، ولا حتى مناقشة، الأسباب الفعلية لفرار العاملات.

بالإضافة إلى أنه لم يذكر أي من المسؤولين ماهية العواقب القانونية التي تنتظر أرباب العمل المسيئين للعاملات المتهربات. وللأسف، كون المقابلة أجريت مع مسؤولين رفيعي المستوى، فهي تعكس وجهات نظر حكومية عن تهرّب العاملات. ومن هنا، يجدر بالسلطات إعادة تقييم مثل هذا الموقف السلبي وغير المتناسب تجاه العاملات المتهربات، والسعي حثيثًا لمعالجة هذه القضايا بشكل عادل وشامل.