لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

مليون أوغندي في بيوت السعودية: ما هي التوقعات؟

في 9 أكتوبر 2015

وقعت المملكة العربية السعودية اتفاقية ثنائية عمرها خمس سنوات مع أوغندا قد تنتج عن توظيف مليون أوغندي في المملكة. ونصت الاتفاقية على حدٍ أدنى للأجور قيمته ٧٠٠ ريال (٢٠٠$) شهرياً وهو ما يمثل أقل من الحد المتفق عليه في اتفاقيات المملكة مع الفليبين والهند وبنغلاديش حول العمالة المنزلية المهاجرة. ومرت الاتفاقية دون ردود فعل تذكر من قبل الصحافة السعودية، إلا أن التغطية الإعلامية للاتفاقية في أوغندا تدلل على تفاؤل غير مبرر من قبل المسؤولين الأوغنديين فيما يخص إجراءات الاستقدام وأوضاع العمل في السعودية.

وكان وزير العمل الأوغندي مورولي موكاسا قد صرح لإحدى الصحف المحلية أن الاتفاقية قد حددت ساعات العمل بثمان ساعات يومياً مع الدفع في حالة العمل الإضافي ومنع أي استقطاعات. وتلزم الاتفاقية أصحاب العمل بشراء تذكرة العودة وضمان سكن ملائم وتوفير المواصلات من وإلى جهة العمل وتجديد الأوراق الرسمية والتأمين الصحي للعامل/ة. كما تحمل الاتفاقية الكفلاء مسؤولية استصدار تأشيرات الخروج في حالات الطوارئ أو الترحيل. إلا أن أصحاب العمل يتمتعون بسلطة استصدار هذه التأشيرات فيتعسفون في استخدامها ضد العمال.

وقطع موكاسا وعداً بقوله "أن الاتفاقية تضمن احترام العمالة المنزلية المهاجرة". لكن هذه التصريحات لا تعكس الواقع فتحديد ساعات العمل خطوة مهمة إلا أنها تفتقد لآليات التطبيق. ومع الزام العمالة المنزلية بالعيش داخل منزل الكفيل، فإن ذلك يعرضهم لسلطة وقررات الكفيل مما يعزز من عزلتهم.

وتعد الاتفاقية بـ "مميزات أخرى" و"مقابل للعمل الإضافي" بجانب الأجر الأدنى. لكن النص لا يفصل هذه المميزات أو كيفية ضمان تعويض العمال عن ساعات العمل الإضافية.

وكان وزير العمل السعودي قد صرح في فبراير الماضي أن الوزارة تدرس احتمال تضمين العمالة المنزلية تحت نظام "حماية الأجور" والذي يتطلب من أصحاب العمل ايداع الأجور في حسابات بنكية. ولكن مع غياب آليات تطبيق واضحة، تظل سبل الحماية هذه مجرد حبر على ورق.

ظروف العمل

تنص الاتفاقية الثنائية على شرط ضمان السكن الملائم دون تحديد حجم المساحة أو أهمية حفظ الخصوصية. في كل دول الخليج، تنام الخادمات على الأرضية أو في غرفة الأطفال بدلاً من تخصيص غرف خاصة لهن. كما تذكر الاتفاقية "المواصلات من وإلى جهة العمل" على الرغم من تقييد العمالة المنزلية قانونياً بالعيش في بيت الكفيل.

ويذكر تقرير آخر أن الاتفاقية تُلزم السعودية بـ "المسؤولية الكاملة عن ضمان حقوق العمال حسب القانون، بما فيها تقديم المساعدة لهم على مدار الساعة." 

ويبدو أن المسؤولين في أوغندا يعترفون ضمنياً بمستوى أوضاع العمالة المنزلية. ففي تصريح رسمي، قال وزير العمل أن العمالة الأوغندية "المتعلمة والمتحدثة بالإنجليزية" ستعمل في وظائف مثل "الطيار والمحاسب والطبيب والممرض والمعالج الجسدي والسكرتارية والأمن" ضمن إطار "العمالة المنزلية"، أي الخدمات الشخصية. حالياً تقتصر الاتفاقية على استقدام العمالة المنزلية إلا أن أوغندا تتطلع لتوسيع دائرة التوظيف لتشمل مجالات أخرى.

ويبدو جلياً أن "مشكلة البطالة" في أوغندا استخدمت ضمن الخطاب الرسمي لتبرير إشكاليات الاتفاقية حيث صرح وكيل وزارة العمل الأوغندي بيوس بيغرمانا أن "المهمة هي إنقاذ الأوغنديين." لكن هذا الخطاب يساهم في توطيد صورة السعودية باعتبارها منقذاً لعمال الدول الفقيرة رغم مقاومتها تقديم ضمانات لحقوق المهاجرين والعمل على إصلاح المنظومة. ونجد صدى هذا الخطاب في الصحف السعودية التي ادعت بأن أوغندا تعاني من مشكلة بطالة تصل إلى ٥٠٪ لكن الحقيقة أنها تبلغ ٥٪ حسب تقرير منظمة العمل الدولية.

وفي يونيو الماضي، وقعت السعودية اتفاقيتين مع جيبوتي والنيجر لاستقدام العمالة المنزلية مقابل حد أدنى للأجور يبلغ ٧٥٠ و٨٠٠ ريال. ولم تذكر التقارير أية تفاصيل عن محتوى الاتفاقيتين سوى متطلبات الفحص الطبي وخلو السجل الجنائي للعامل من أي جرائم. كما حددت الاتفاقيات تكاليف الاستقدام من أوغندا والنيجر وجيبوتي بمبلغ ٧ آلاف ريال.

وتجري أوغندا الآن محادثات مع قطر والإمارات والبحرين والكويت للوصول إلى اتفاقيات مشابهة.

الرد المحلي

عبر ناشطون وصحافيون من أوغندا عن عدم رضاهم عن هذه الاتفاقية متهمين حكومتهم بتصدير الشباب المتعلم كـ "عبيد العصر الحديث" للعمل في دول آسيوية. وطالب هؤلاء حكومة بلادهم بإيجاد قنوات أخرى لحل البطالة. وكتب ديفيد أومودنغ مقالاً وجهه للمسؤولين لـ "فهم أوضاع العمالة المنزلية وطبيعة عملهم أولاً" محذراً من الانتهاكات المعتادة لحقوق العمالة المنزلية مثل "حبس حرية التنقل، غياب الخصوصية، حجز الأجور، وأنواع الإساءة اللفظية والجسدية والجنسية والنفسية، بالإضافة إلى ساعات العمل الطويلة." كما أكد الكاتب على حقوق العمالة المنزلية في الحصول على أجورهم دون تأخير، بالإضافة إلى حرية العمل النقابي وحقهم في ترك العمل والخصوصية والمعاملة الحسنة والإجازات وعقد رسمي." وختم أومودنغ مقاله بدعوة الحكومة للتريث في هذا المشروع.

وكان تقرير مكافحة البشر لعام ٢٠١٥ قد اتهم مسؤولين أوغنديين بالتورط في حالات للاتجار بالبشر.

ورداً على هذه الانتقادات، وضح سفير أوغندا في السعودية راشد سيمودو أن الاتفاقية لا تتطلب من العمالة تعليماً جامعياً بل "التعليم الجيد" و"إجادة الإنجليزية." وأضاف أن الأوغنديين يتطلعون للعمل في المملكة باعتبارها الأرض المقدسة لكل المسلمين وهو ما تقوم السعودية باستغلاله في خطابها الرسمي حول استقدام العمالة المسلمة.