لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

حقوق عاملات المنازل بين الواقع والمأمول

في 11 سبتمبر 2013

إن الطابع العالمي لحقوق الإنسان هو مفهوم تتبناه معظم الأمم المتقدمة، بيد أن تطبيقه قاصر في مجال حقوق العمالة الأجنبية، ولا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي. إذ لا ينبغي أن تترجم حقوق عاملات المنازل، والعمال عمومًا، إلى كونها "هبة" يمنّ بها أرباب العمل، وليس من الطبيعي أن يشعر العاملون الذين يتلقون معاملة منصفة بأنهم "محظوظون"، فالمعاملة المنصفة والإنسانية يجب أن تمثل الحد الأدنى من ضمانات العمل.

وتعكس الصحف الخليجية ومقالات الرأي في كثير من الأحيان مفهومًا جزئيًا لحقوق العمالة الأجنبية، فهي تؤيد هذه الحقوق، ولكنها تنأى عن إدانة الاعتداءات الجسدية التي تطول العمال. بل ويلجأ العديد من المعلقين إلى إدانة ما يسمونه بـ"تشويه صورة أرباب العمل العرب"، زاعمين أن الأضواء تُسلط على أرباب العمل، بينما تُتجاهل جرائم عاملات المنازل. وتعليق مثل هذا القائل "مقابل كل كفيل سيئ، ثمة عامل سيئ" يرسخ العقلية الجامدة تجاه العمالة.

ويتجاهل هذا الطرح السائد التعدي الدائم على حقوق العاملات المنزليات نتيجة نظام الكفالة، ولا مبالاة المجتمع. ويروج الكثيرون إلى أن سلوك العاملة المنزلية عشوائي وغير مرتبط بمعاملة رب العمل. ولكن في الواقع، فإن النسبة القليلة من عاملات المنازل، أو العمالة الأجنبية في العموم، اللائي يرتكبن جرائم، يفعلن ذلك في الغالب كرد فعل لسوء معاملة رب العمل.

وتبرر إساءة رب العمل، سواء كانت جسدية أو خلاف ذلك، بأنها "رد فعل طبيعي لتصرفات العمال غير المسؤولة". وتبرز بعض الصحف علاقات اعتيادية لأرباب العمل مع العمالة المنزلية بهدف موازنة التقارير السلبية! وبالرغم من وجود أرباب عمل سمحين بالتأكيد، فإن هذه السماحة لا توازن أبدًا انتشار الاستغلال وسوء العاملة، وإلا فلما لا توازن عاملات المنازل الجيدات هؤلاء اللائي يرتكبن جرائم؟ فثمة غياب واضح لإطار قانوني فعال يحكم العلاقة بين كل من الكفيل والعاملة، إذ يجب ضمان المعاملة الحسنة للعاملات المنزليات، لا أن تخضع لأهواء أرباب العمل.

وتم نشر بعض المقالات المشجعة من قِبل وسائل الإعلام الخليجية، والتي وسّعت من مفهوم حقوق عاملات المنازل أكثر مما ينص عليه القانون أو تعكسه الممارسة المعاصرة. ومقالات مثل هذه التي نُشرت على صحيفة "ذا ناشونال" تقرّ بأن الحقوق الأساسية للعمال تتجاوز مجرد الضمانات بعدم الاعتداء الجسدي، إذ يجب أن تشمل على حقوق أكثر جوهرية مثل مسكن لائق، وإجازة، وتلقي الأجر في ميعاده، وحرية التنقل بين الوظائف.

وللأسف، فإن مثل هذه المقالات تكافح إثرًا ثقيلًا من الأفكار المغلوطة تجاه العمالة الأجنبية. وخذ على سبيل المثال سيل المقالات المضادة التي تصور صاحب العمل كضحية، والتي تسعى ضمنيًا للمحافظة على الوضع الراهن، مثل سلسلة المقالات التي نُشرت في صحيفة "الإمارات 24/7"، والتي تحاول مواراة ظروف العمال بتسليط الضوء على ظروف أرباب العمل (هنا، وهنا، و هنا). وهذا الانتقاص من معاناة العمال يعني التقصير في الاعتراف بحقوقهم مقارنة بإبراز ما عليهم من واجبات. وللأسف لا يُنظر أبدًا للعاملات المنزليات باعتبارهن ذات حقوق وعقود عمل معلومة المدة على قدم المساواة مع الموظفات الأخريات.

والفحص الدقيق لقضايا العمالة الأجنبية في الخليج خاصة والشرق الأوسط عامة، يكشف عن وجود تجاوزات منهجية ضد حقوق العمالة الأجنبية. وهذه التقارير لا تعمد "تشويه صورة العرب"، ولكنها تفضح الطبيعة الاستغلالية لنظام الكفالة، والفوضى الناتجة عن انعدام تنظيم العمالة المنزلية. وتخلق تلك السياسات، التي تكرس لتبعية العمالة الأجنبية لكفلائهم، مناخًا موائمًا للاستغلال في أي مكان.