لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

غياب الخصوصية تهدد حياة العمالة المنزلية

في 11 سبتمبر 2013

الحياة الشخصية للعاملات المنزليات مقيدة بشكل كبير من قِبل أرباب عملهن، فبعضهن ​​يضطررن إلى العمل سبعة أيام في الأسبوع، ولا يتحصلن سوى على عطلة سنوية واحدة فقط، مما لا يترك لهن سوى أقل القليل من الوقت للانخراط في الحياة خارج إطار العمل. وغالبًا ما تُراقب إقامتهن المنزلية عن كثب، وفي بعض الأحيان يُمنعن من استخدام الهواتف المحمولة أو الإنترنت. وتتفاقم القيود المفروضة على العاملات المنزلية في بعض الأحيان لدرجة أنها تبتلع وجودهن الاجتماعي كلّه. ويبرر أرباب العمل هذه الإجراءات الاستثنائية بأنها "ضرورية لمنع العاملات من التقصير في العمل أو التهرب".

وتخشى العاملات من عقاب أرباب عملهن، لو عصين أوامره وارتكبن "مخالفات"، حتى لو كانت خارج إطار العمل كليًا، وخاصة إذا كانت علاقة جنسية خارج نطاق الزواج. وعلى الرغم من أنه مفروض على العمالة الوافدة الالتزام بالمعايير الثقافية الخليجية في العلن، فإن العقاب شديد ويفوق الاحتمال. والمغتربون الذين يخالفون مثل هذه القوانين يدفعون غرامة أو يقضون مدة في السجن، ولكن العمالة المنزلية معرضة لفقدان مصدر دخلها الوحيد. وقد حُكم قبل ذلك على عاملة أجنبية بسنة في السجن بسبب ممارستها لعلاقة جنسية وحملها، وشهرين بسبب مخالفتها لقوانين الإقامة بالتهرب.

والأحكام بالسجن بسبب العلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج هي حالات متكررة (أنظر هنا، وهنا، وهنا، وهنا)، وتدرك العمالة الأجنبية المخاطر التي قد تواجهها إذا تم اكتشاف أمرها. وتتفاقم الأوضاع في كثير من الأحيان بسبب الخوف، كون العاملات قد يلجأن لأي شيء لتجنب عقاب أرباب عملهن، والذين غالبًا ما يبلغون عنهن للسلطات.

وهناك العديد من الأمثلة التي حدثت في السنوات الأخيرة، وتعرضت فيها حياة العمالة الأجنبية والمحيطون بهم للخطر من أجل تجنب العقوبات القاسية وانقطاع لقمة العيش، ففي هذه الحالة مثلًا هددت عاملة شريكتها في السكن بالقتل، بعد أن اكتشفت أن الأخيرة على علاقة جنسية بشخص ما. وفي مثال آخر، قتلت عاملة رضيعها وأخفته في حقيبة خوفًا من التهمة التي قد تطالها بممارسة الجنس خارج نطاق الزواج، وخوفًا كذلك من بطش رب عملها.

وفي حالة أخرى، قام عامل أجنبي بقتل صديقته العاملة المنزلية ورضيعها، بعد أن نسبت بنوّة الطفل له، خوفًا من العواقب القانونية وفقدانه لعمله، بعد أن هددته العاملة بإبلاغ مديره عن علاقتهما. و في أحيان كثيرة، تتهرب العمالة الأجنبية بعد إقامة علاقات جنسية لتجنب العقوبات الجنائية.

وبسبب قيود أرباب العمل على الحياة الشخصية للعمال والقوانين المحلية الصارمة التي لا داع لها، تتفاقم الأفعال الشخصية العادية وغير المؤذية، وتؤدي لسلسلة وخيمة من التداعيات على كل الأطراف المعنية، والتي يمكن تفاديها بسهولة.

ويزعم البعض أن أرباب العمل لا يعاقبون أو يبلغون عن العاملات "إلا في حالة قيام الأخيرات بأنشطة غير شرعية في منازل كفلائهن". ولكن العاملات المنزليات اللائي يجبرن على التخلي عن حياتهن الشخصية لن يتمتعن، والحالة هذه، بفرصة إخفاء علاقاتهن كما يفعل غيرهن من المغتربين. والعاملات المنزليات لسن الوحيدات اللائي يتمتعن بعلاقات جنسية خارج نطاق الزواج، ولكنهن الوحيدات اللائي يتعرضن للعقاب، نظرًا لأن قدرتهن على الحفاظ على أسرار حياتهن الخاصة محدودة تمامًا.

ويفرض أرباب العمل قيود عشوائية على العاملات بسب غياب عقود عمل موحدة تنظم العلاقة بين الطرفين. وقد صاغت بعض دول مجلس التعاون الخليجي لوائح كثيرة متعلقة بعاملات المنازل، ولكنها لم تؤت ثمارها، أو لم تطبق بشكل فعال. وعلى الأخص، لم تتبن أي من الدول الخليجية حتى الآن اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189 بشأن العمل اللائق للعاملات المنزليات، وهي أول اتفاقية شاملة من نوعها لتنظيم حقوق العاملات المنزليات. وأهم بنود الاتفاقية تنص على حق العاملة في يوم إجازة أسبوعي واحد على الأقل، وتنظم بعض النصوص الأخرى ساعات العمل وأيام الإجازات.

وتظل قضية فرض معايير ثقافية معينة على العمالة الأجنبية، لمجرد أنها تمُتّ لعادات وتقاليد السكان المحليين، معقدة وغير عادلة. وللعاملات المنزليات كامل الحق في الخصوصية وإجازة أسبوعية للتمتع بحياتهن الشخصية، وهي حقوق إنسانية أساسية.