لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

روايات الإعلام السعودي عن المهاجرين وحملات السلطة ضدهم

في 3 يناير 2014

بشكل متوقع، تستمر وسائل الإعلام السعودية في تبرير وتجميل الحملات الأمنية السعودية ضد المهاجرين وفي هذا التقرير نركز على نماذج من هذه الروايات المتداولة والتي من شأنها تهميش العنف الممارس ضد المهاجرين والتقليل من دورهم الرئيسي في الاقتصاد المحلي.

رداً على نداءات البعض لفتح باب التجنيس للأجانب في دول الخليج، قام أحد كتاب المقال من السعودية يدعى عبدالرحمن الزهيان بنشر مقال في جريدة "عرب نيوز" الإنجليزية معبراً عن معارضته لمثل هذه الدعاوى. الزهيان يقول بأن التجنيس ممكن فقط في "الدول الصناعية المتقدمة" حيث "يبذل الأجانب جهوداً للاندماج مع المجتمع" من خلال تعلم اللغات المحلية والتعود على أسلوب الحياة. الزهيان يمارس ذات الخطاب الإعلامي السعودي الذي يحمل المهاجرين مسؤولية الاندماج ومشاكل الاقتصاد المحلي والأمن الوطني دون إدانة الحكومات الخليجية التي خلقت هذه المشاكل.

الزهيان يصور الجنسية باعتبارها هِبة تمنح مقابل امتثال تام للثقافة المسيطرة وكأن الشعب السعودي ينتمي لثقافة ومجموعة واحدة بلهجة واحدة. هذا التصور يساهم في تدعيم فكرة "نحن" ضد "هم" المستخدمة بشكل شائع ضد المهاجرين. الزهيان يهاجم المهاجرين مدعياً بأنهم لا يتواصلون مع المواطنين ويتحدثون بلغة عربية سيئة ولغة الإشارة، ملقياً اللوم على الأجانب فيما يخص الانقسامات اللغوية والاجتماعية بينهم وبين المواطنين، متجاهلاً استغلال المواطنين للهرمية العرقية والاقتصادية والاجتماعية المفروضة من قبل النظام.

هجمات المواطنون على المهاجرين الأثيوبيين في حي المنفوحة دليل على طبيعة العلاقة بين الدولة والمواطنين التي تساهم في حفظ هذا الانقسام العنصري الذي وصل في هذه الحالة لحملة عنيفة برعاية الدولة.

الزهيان يتهم المهاجرين أيضاً بعزل نفسهم "باختيار" العيش في أحياء معزولة دون التطرق للسياسات الحكومية التي تمنع المهاجرين من استئجار بيوت في الأحياء السعودية وعدم قدرة الكثير من المهاجرين على جلب عوائلهم وهو ما يحرمهم من استئجار سكناً في الأحياء العائلية حسب القوانين المحلية. من جانب آخر، لا يفضل المواطنون العيش مع المهاجرين ذوي الدخل المحدود أو العزباء.

متجاهلاً الحقائق، الزهيان يقول أن المهاجرين لا يمثلون إضافة للاقتصاد المحلي بل أنهم يمتلكون ميزات اقتصادية وبأنهم سيتحولون لحمل أكبر إن حصلوا على الجنسية السعودية. الكاتب يقول أن تجنيس من عاشوا في السعودية لمدة عقود أمر متناقض لأنهم "أخذوا وظائف السعوديين طوال هذه الفترة.” لوم المهاجرين على تفشي البطالة بين المواطنين والتحقير من مساهماتهم في الاقتصاد السعودية يجذر اعتقاد أنهم مؤقتين في البلاد.

في مقال آخر، يكرر الكاتب صالح إبراهيم الطيرقي ذات الخطاب في جريدة "سعودي غازيت" بعنوان "كيف نتخلص من العمالة المخالفة بشكل تام؟" حيث يكرر رواية الدولة فيما يخص الحملة الأمنية:

الشغب الذي قام به عدد من الوافدين لم يكن غير متوقعاً. هذه نتيجة متوقعة في أي بلد لم تقم بأي خطوة لحل مشكلة العمالة المخالفة. القائمون بالشغب لم يصدقوا أن الحكومة جادة في حملتها. اعتقدوا أن الحملة الأمنية التي قطعت بفترة العفو، لم تكن سوى حملة لتخويفهم.

مع تجاهل العنف المستخدم ضد المهاجرين في أحداث المنفوحة، الطيرقي يدعي أن المهاجرين قاموا بالشغب "لتشجيع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان على التدخل ضد الحكومة السعودية.” الكاتب يتساءل كيف يمكن للمنظمات أن تعترض إن كانت الحملة تتقصد "مجرمين"، كما يحاول تبرير ممارسات السلطات من خلال مقارنتها بغيرها من الدول. سبق لنا أن أجبنا هذا النوع من التساؤلات.

الطيرقي يقترح توسيع الخطة الأمنية على الحدود اليمنية لإيقاف "الأفارقة، خاصة الأثيوبيين" من "المتسللين" للمملكة. توجيه الحملة الأمنية بشكل عرقي لم يكن بأمر غير متوقع خاصة أن السياسات الأمنية في السعودية دائماً ما تقوم على الهرمية العرقية. تصوير المهاجرين كمجرمين يساهم في تشديد قبضة الدولة على الحدود والأماكن العامة ويبرر معاملة الأجانب بشكل سيء.

على الرغم من سيطرة هذه الروايات على الإعلام السعودي، إلا أن بعض الأصوات تحاول مقاومتها مثل خالد باطرفي في مقال "فوبيا أثيوبية: نحتاج لمن يحمل الشمع" الذي يدعي السعوديين لتجنب الصور النمطية ضد المهاجرين. باطرفي يشير إلى عبدالعزيز قاسم، صحفي آخر قام بالسفر إلى أثيوبيا لتسليط الضوء على الظروف الصعبة التي تمر فيها البلاد.

النظرة السلبية تجاه المهاجرين ليست بصفة حصرية للسعوديين، كما أن السعوديين جميعهم لا يتصفون بذات الأفعال بشكل تلقائي. في السنوات الأخيرة، نلاحظ حوارات مهمة في الحلقات الاجتماعية والإعلام فيما يخص قضايا الهجرة إلا أن الخطابات العنيفة مازالت شائعة وتساهم في تسهيل الاستغلال المبرمج الذي يؤدي إلى العنف ضد المهاجرين.