لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

آندريو غاردنر: الكفالة أكثر من مجرد نظام قانوني

في 10 يونيو 2014

 في هذا الحوار مع آندريو غاردنر، أستاذ الأنثربولوجيا في جامعة بغت ساوند، تحدثنا عن قوانين الهجرة في منطقة الخليج. لأكثر من عقد، درس غاردنر قضايا الهجرة في البحرين وقطر لدراسة الإشكاليات الجذرية التي تواجه المهاجرين في المنطقة. غاردنر صاحب كتاب "مدينة الغرباء: الهجرة في الخليج والجالية الهندية في البحرين" ومحرر كتاب "اختلاق قطر: روايات المهاجرون من هوامش النظام العالمي.”

 في ٢٠١٢، ادعت البحرين إلغاء نظام الكفالة لتكتفي بإعادة تسميته. ومؤخراً أعلنت قطر عن خطوة مشابهة دون توضيح خطة محددة لتحقيق الهدف. هل تتوقع تغييرات إيجابية بعد هذه الوعود؟

بكل تأكيد تفاصيل الخطة القطرية مهمة، خاصة أن تجربة البحرين تثبت خواء هذا النوع من الوعود. على الرغم من أنني نشرت كتاباً عن بحثي الميداني الذي أجريته في البحرين خلال ٢٠٠٢ و٢٠٠٣، إلا أنني لم أحصل على فرصة للعودة إليها منذ ذلك الوقت. بالتالي، لا أملك معرفة مباشرة بتأثير التغيرات التي حصلت وكباحث أنثربولوجي، تهمني هذه المعرفة المباشرة قبل كل شيء. رغم ذلك، التغييرات التي حصلت باعتبارها إلغاء لنظام الكفالة لم تكن سوى تحويل للعلاقة بين المهاجر والكفيل إلى المهاجر وإدارة الهجرة. في وقتها، ممكن اعتبار ذلك تغييراً مهماً لنظام الكفالة إلا أن البحوث التي قرأتها والمهاجرين الذين تحدثت معهم لا يشيرون إلى تغييرات مهمة في حياتهم في البحرين. مع اعتبار وضع المنطقة الحالي، كل هذه النقاط تأخذني إلى الاستنتاجات التالية:

أولاً، علينا أن نعي أن هذه العناوين والقرارات لإلغاء نظام الكفالة أصبحت عملة للتفاوض للسلطات الخليجية بسبب التغييرات المقترحة والمتزايدة التي تسمح لدول الخليج بتغيير موضعها تدريجياً وفقاً لمؤشر عالمي للحداثة يعتمد على أفكار أمريكية وأوروبية عن حقوق الإنسان.

ثانياً، من المهم أن نفهم الكفالة لا باعتبارها شيئاً واحداً وثابتاً بل كمجموعة من القوانين والممارسات والعادات والتقاليد التي تشكل أرضاً لنظام الهجرة المعاصر. هذا بالتداخل مع نظام عقود العمل المقبول عالمياً والذي يؤدي إلى نتائج مشابهة لتلك الناتجة عن نظام الكفالة بحبس المهاجرين في وظائف معينة لمدة محددة.

ثالثاً، على الرغم من أن جوانب معينة من الكفالة قد يتم إلغائها في بعض دول مجلس التعاون خلال العقد القادم، إلا أنني لا أؤمن بأن ذلك سيؤدي إلى تغييرات جذرية في تجربة المهاجر لأن عقود العمل بإمكانها خلق ذات الظروف الحالية في السيطرة على المهاجرين. علينا دائماً أن نقيس قيمة التغييرات في القوانين من خلال تجارب المهاجرين أنفسهم.

هل لاحظت أي تحولات في الخطاب الرسمي فيما يخص قضايا المهاجرين؟

لم ألاحظ أي تغيير جديد أو معين في الخطاب الرسمي حول قضايا المهاجرين في قطر، لكنني لم أتواجد في قطر كثيراً خلال العام الماضي. أخبرني بعض الزملاء عن المصاعب التي يواجهونها في الحصول على معلومات وإحصائيات من الوزارات المختصة بتنظيم الهجرة في دول الخليج. هذه الشكاوى تزيد من مخاوفي تجاه الوضع في الفترة الأخيرة لأنني أتوجس من النبرة الاتهامية والمتعالية في الكثير من التقارير وبعض التغطيات الصحافية حول وضع المهاجرين في المنطقة. أخشى أن يؤدي النقد الدولي المتزايد في هذا الموضوع إلى مضاعفة سوء شفافية السلطات في موضوع الهجرة.

من وجهة نظري، رغبة قطر السابقة في السماح وتشجيع الباحثين القطريين والأجانب على دراسة قضايا الهجرة المعقدة لها فوائدها، في إطار محاولة هذه البلد "تكوين مجتمع واقتصاد قائمين على المعرفة.” أعتقد أن الصحافة التي تمارس أسلوب "إلحاق العار" بقطر تجازف التضحية بالشفافية والزمالة المهمة لحل هذه المشاكل. في الكثير من الأحيان، يقع هذا النوع من النقد في دائرة النظرة الاستشراقية التي تحوم في عالمنا المعاصر وتفشل في فهم نظام الهجرة باعتباره تجارة ربحية دولية.

كيف تجد العمل الحقوقي للمهاجرين في الخليج؟ هل من أمل؟

لا أرى أن هذا النشاط بين المهاجرين قد يؤدي إلى تغييرات سياسية وعملية في المنطقة. بشكل عام، نظام الهجرة في المنطقة مركب بحيث يمنع هذا النوع من النتائج. وعلى الرغم من أن هنالك مخاوف من انتفاضات للمهاجرين تسيطر على بعض المواطنين والدول، إلا أن هكذا مخاوف لا تقوم على أدلة واقعية. لم أتحدث أبداً مع مهاجر/ة عبر/ت عن رغبة في أي شيء سوى العمل والأجر. المهاجرون لا يرغبون حتى في التواجد في المنطقة. إلا أنهم لا يملكون خيارات في دولهم الغير متطورة. عبر السنوات، لاحظت أن العمل الحقوقي خلق فرقاً عند المهاجرين لفترة ما، إلا أن التغيير الحقيقي لم يحصل لأنه يجب أن يأتي من السلطة، حسب ظني. لكنني أرى العمل الحقوقي مهم في فهم حجم وطبيعة المشكلة.

كيف تقرأ الحملات المستمرة ضد المهاجرين، خاصة في السعودية والكويت.

هذه الحملات تأتي كآليات للدولة لتهدئة مخاوف المواطنين تجاه التواجد الكبير للمهاجرين في المنطقة. هذه الحملات غالباً ما تستهدف مجموعات من المهاجرين الغير موثقين ممن وصلوا إلى هذا الوضع بسبب مشاكل نظام الكفالة واستغلاله بطرق مختلفة. على سبيل المثال: الكثير من المهاجرين لا يتم دفع مرتباتهم المتفق عليها مع الكفلاء ومكاتب الخدم، وحين يهربون يتم اعتبارهم "متغيبين" من وظيفتهم التي لا يسمح لهم بتغييرها قانونياً. بالنتيجة، يصبح هؤلاء غير موثقين أو "مخالفين" ومستهدفين من الأنظمة الأمنية المختلفة للدولة. إنها دائرة وحشية مستمرة مازلت أشهدها لأكثر من عقد.

مازالت العمالة المنزلية مقصاة من قوانين العمل في دول الخليج. وأغلب هذه العمالة من النساء. بأي آليات يمكننا دراسة هذا التداخل بين الهجرة والنوع الجنسي؟

لا أعتقد أنني مؤهل لإجابة هكذا سؤال لكنني أعي الأضرار المختلفة لنظام الكفالة على العمالة المنزلية. هنالك مساحة لبقية المهاجرين لتحدي نظام الكفالة عن أقرانهم ممن يعملون في المنازل (القوانين، شبكات المهاجرين، التنقل في المدينة، التغيب، وغيرها من الأمثلة).

هنالك تقاطع بين عمالة منزلية أغلبها من الإناث في سياق ثقافي-اجتماعي بطرياركي، وإقصاء مستمر لجزء من القوى العاملة من دعم المؤسسات المتخصصة في قضايا العمالة إقليمياً. نأمل أن يدفع نضال النساء الخليجيات في المساحات العامة ومجالات القوة لإعادة النظر في موضعية العمالة المنزلية في هذه المجتمعات. حتى خلال فترة عملي في المنطقة بين ١٩٩٩ حتى الآن، شهدت تغييرات مهمة في آليات الجندر (النوع الجنسي) في هذه المجتمعات. هناك أضع أملي.