لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

تعسف وتحرش في مركز إيواء العمالة المنزلية في الكويت

في 9 يونيو 2015

في نوفمبر الماضي، قرأت "غلوريا" إعلاناً للتوظيف في إحدى الصحف في غانا يطلب موظفين للعمل في مجال الموارد البشرية والسكرتارية في الكويت برواتب مغرية، وبما أنها تمتلك شهادة دبلوم في إدارة الموارد البشرية، قررت غلوريا الاتصال بمكتب التوظيف للتقدم للوظيفة. حصلت غلوريا على مقابلة مع مكتب التوظيف والذي ذكر لها بأن الوظيفة ستكون في شركة للاستيراد والتصدير بمرتب شهري يتراوح بين 600 – 800 دولار أمريكي وبمعدل 5 إلى 8 ساعات من العمل اليومي لخمس أيام من الأسبوع. قبلت غلوريا الوظيفة لكن مكتب التوظيف طلب منها دفع مبلغ 900 دولار أمريكي كرسوم إدارية للمكتب فقامت بدفع المبلغ وبدأت بتجهيز أوراقها للسفر إلى الكويت.

أقلعت طائرة غلوريا يوم الأربعاء الموافق 12 نوفمبر 2014 برفقة أختيها أنجيلا وليندا بعد أن تقدمتا لوظائف من خلال ذات المكتب فقد قررن السفر سوية. وبعد رحلة طويلة وشاقة من أكرا العاصمة، مروراً بأثيوبيا ومن ثم إلى الكويت، وصلت رحلتهن إلى مطار الكويت الدولي في تمام الساعة 1 فجر الخميس.

بعد انتظار طويل لمدة 7 ساعات في المطار، حضر مندوب مكتب استقدام العمالة للمطار لاستلام الفتيات الثلاثة، والذي أخذهن بدوره إلى مكتب الشركة. هناك، وصل الخبر الصاعقة حين قالت لهن مديرة المكتب، وهي من الجنسية الأثيوبية، بأنهن سيعملن في منازل مواطنين كعاملات منزليات! وسألتهن إن كانت لديهن أي هواتف نقالة فأنكرن ذلك خشية أن يتم مصادرتها، ليقمن باخفاء هواتفهن في ملابسهن.

"أنت ستعملين في منزل سيدة بمنطقة الجهراء" قالت مديرة المكتب الأثيوبية لغلوريا، "أما أختاك فستعمل احداهن في جابر العلي والأخرى في السالمية."

تقول غلوريا: "لم أكن أعلم ما الذي يمكن فعله، فأنا امرأة متعلمة قدمت للعمل كمسؤولة للموارد البشرية، والصدمة أنني سأعمل كعاملة منزلية أفقدتني قدرتي على التفكير أو حتى الكلام!"

بعد ذلك توجهت غلوريا إلى منزل ربة المنزل في منطقة الجهراء، سيدة كبيرة في السن، لديها 7 أطفال، بالإضافة إلى زوجها وأخيها، الذي يعيش بدوره معهم في ذات المنزل. تقول غلوريا: "فور وصولي، فتشت صاحبة العمل أغراضي الشخصية، فوجدت لدي جهاز كمبيوتر شخصي، مما أصابها بالدهشة". "كيف لخادمة أن تمتلك جهاز لابتوب؟" سألتها ربة المنزل، فردت غلوريا: "أنا إمرأة متعلمة وقدمت للكويت للعمل في شركة، ولكن تم خداعي من قبل شركة التوظيف وانتهى بي الأمر هنا!" فردت ربة المنزل: "لا تهمني هذه القصص! أنا دفعت مبلغاً كبيراً لاستقدامك وستعملين هنا حتى مدة انتهاء عقدك بعد عامين."

نامت غلوريا تلك الليلة على فراش يفترش الأرض. تقول غلوريا: "نمت وأنا أبكي بكاءاً شديداً، فقد تم خداعي أنا وأخواتي" وفي اليوم التالي، استيقظت غلوريا في تمام الساعة الخامسة والنصف صباحاً وظلت تعمل بلا توقف إلا للأكل أو الذهاب لدورة المياه، ولم تستطع غلوريا الحصول على راحة أو النوم بعد يوم طويل منهك إلا في تمام الساعة الثانية عشرة منتصف الليل!

"عملت بذات المنوال لمدة شهرين ونصف تقريباً، أضرب وأهان كل يوم من قبل ربة المنزل، وأمرض فلا تفعل شيئاً، إلى أن أتى ذلك اليوم الذي أصبت فيه بتسمم غذائي، فقامت إحدى بناتها، والتي تحبني كثيراً، بالالحاح عليها بأن تأخذني إلى المستشفى ولكنها رفضت ذلك أيضاً!" وتكمل غلوريا قائلة: "أغمي علي من شدة الإعياء والمرض وربة المنزل لم تفعل أي شيء سوى إحضار بعض الأدوية من الصيدلية."

بدأت صحة غلوريا بالتحسن قليلاً، حينها قررت التحدث مع ربة المنزل لتطلب منها العودة إلى غانا إلا أنها رفضت طلبها. حينها قامت غلوريا باستخدام جهاز الكمبيوتر للبحث عمن يساعدها في قضيتها، فقامت بمراسلة محامية كويتية حيث ردت عليها سريعاً ونصحتها بالهرب من المنزل بأي طريقة لكي تستقل سيارة أجرة وتتجه إلى ملجأ العمالة المنزلية في منطقة جليب الشيوخ لتشرح لهم قصتها.

"في فجر يوم الثلاثاء الموافق السابع والعشرين من يناير، هربت من المنزل واختبأت في مسجد قريب من منزل ربة العمل في منطقة الجهراء، واتصلت على أختي أنجيلا التي نجحت أيضاً بالهرب من منزل كفيلها بمنطقة السالمية، وبسبب صعوبة الحصول على سيارة أجرة في منطقة الجهراء، طلبت من أختي أن تأتي لتأخذني ونتجه معاً إلى الملجأ."

وصلت غلوريا وأختها أنجيلا إلى ملجأ ايواء العمالة المنزلية الهاربة في منطقة جليب الشيوخ في الكويت، وتبعتهم بعدها بيومين أختهم ليندا، حيث شرحن قصتهن منذ قدومهن من غانا وحتى وصولهن إلى الملجأ، هاربين من جحيم إلى جحيم آخر!

تقول غلوريا: "عند وصولنا تم استقبالنا من قبل 3 سيدات يعملن في الملجأ، امرأتان ووالدتهن، الوالدة تدعى منى، والابنتان فريدة وصفية." وتردف قائلة: "منى، الأم، كانت تهيننا دائماً، ولاحظت أنها متعسفة بشكل خاصة مع الأفارقة من المقيمات في الملجأ حيث توجه لنا السباب والكلام السيء وتمنعنا من الحصول على أقل احتياجاتنا من بطاقات الاتصال أو حتى مستحضرات النظافة الشخصية والفوط النسائية!"

وتكمل غلوريا قائلة: "حين نمرض، كانت تمنعنا الأم (منى) من رؤية الممرضة إلا في حالة ظنها أن حالتنا سيئة."

وتقول غلوريا:

ولكن الطامة الكبرى هنا ليست الأم منى، بل بناتها فريدة وصفية، اللتان قامتا بالتحرش بي وبأخواتي وبالعديد من النزيلات الأخريات! حيث قامت فريدة بالتحسس على جسدي بكل وقاحة في أكثر من مناسبة وتحدثني بكلمات بها الكثير من التحرش الجنسي، كما أن لها غرفة خاصة بها في مركز الإيواء تأخذ لها عشيقتها وهي نزيلة في الملجأ من الجنسية السيريلانكية. وكانت فريدة تهدد الجميع ضد الابلاغ عن تصرفاتها بحرمانهم من الطعام!

بعد ذلك غادرت غلوريا الملجأ بعد الانتهاء من تبصيمها ليتم ترحيله هي وأخواتها عن البلاد إلى غانا بتاريخ السادس من مارس 2015.

على الرغم من أن السفارات تقوم باستقبال الكثير من العمالة الهاربة، لا تستطيع مقراتهم العمل كملاجئ مناسبة. وتقول عاملة فلبينية هاربة أنها تفضل السفارة على الملجأ الحكومي حيث أن العاملين في سفارتها يتحدثون لغتها ويتفهمون أسباب هربها خاصة أن هروبها يعتبر جريمة بالنسبة للقانون الكويتي. وتضيف "لا نعرف عن وجود هذا الملجأ أو عنوانه" وبأنها تؤمن في قدرة سفارتها على مساعدتها أكثر من ملجأ حكومي.

للأسف لم يتم بعد التحقيق في هذه الممارسات الحاصلة في الملجأ. نتمنى من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الكويت التحقيق في الموضوع لضمان وجود مساحة آمنة وسليمة لعاملات تحملن الكثير من المعاناة والتعسف قبل لجوئهن إلى المركز.