لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

ماذا عن سلامة عمال البناء في الخليج؟

في 22 يوليو 2015

حسب تقرير لمنظمة العمل الدولية، يموت أحدهم في مكان العمل كل ١٥ ثانية بما يعادل ٢.٣ مليون شخص كل عام.

علينا الانتباه لأوضاع عمال البناء في دول الخليج خاصة أن مشاريعها الضخمة تتزايد وتكبر ومن بينها مشاريع للبنية التحتية لها سمعة سلبية فيما يخص أوضاع العمل ومقاييس السلامة. سجلت قطر عدداً مرتفعاً في وفيات عمال البناء خلال السنوات الأخيرة ترافقت مع توسع مشاريعها. حسب تقرير للغارديان، توفي ٤٥٠ من العمال الهنود في قطر خلال عامي ٢٠١٢-٢٠١٣ أغلبهم من عمال البناء.

أصبحت منشآت البناء في الخليج بمثابة مقابر للعمال. سبق لمنظمة هيومن رايتش ووتش نشر تقرير في ٢٠٠٦ عن الممارسات التعسفية والأوضاع الخطيرة لمشاريع البناء في الشرق الأوسط.

نشر ذاك التقرير قبل ١٠ سنوات واليوم لا يمر أسبوع دون خبر عن وفاة عامل آخر. من بين الأمثلة الجديدة وفاة عامل بناء آسيوي صعقاً بالكهرباء خلال عمله في مشروع في رأس الخيمة خلال شهر مارس الماضي، كما وقعت أحداث شغب في شهر أبريل الماضي بعد وفاة أحد العمال بعد سقوطه من أحد المباني.

وبينما يرتفع عدد الضحايا، لا نجد اهتماماً حول هذه القضية وما يمكن تقديمه من حلول. هنالك مبادرات من الحكومات والقطاع الخاص إلا أنها محدودة وغير جادة في محاولة تغيير الوضع السائد.

من بين النقاشات المفتوحة تلك المتعلقة بشركات المقاولات في قطر والتي عبرت عن استعدادها العمل مع اتحادات العمال الدولية فيما يخص مقاييس السلامة، حسب تصريح النقابة الدولية لاتحادات العمال.

أكبر الاشكاليات التي تواجهها اصلاحات قطاع البناء هو غياب وتجريم التنظيم النقابي على المهاجرين في الخليج حسب قوانين الجمعيات الأهلية في السعودية وقطر والإمارات، بينما تستمر البحرين في التضييق على نقابات العمل ومراقبتها.

سبق وأن قامت الامارات بمراقبة منشآت العمل لمراقبة سلامة العمال وتفنيد ما يقال عن التكاليف الإضافية لمنشآت البناء ومتطلبات السلامة فيها. في ٢٠٠٧، أطلقت مجموعة من ست شركات بقيادة "بوفس لند" مبادرة "بناء سليم – الامارات" لتشمل بذلك شركات البناء الثقيل مثل "هالكرو" وإدارة دبي لواحة السليكون. انتقدت المنظمة مقاييس السلامة وقامت برصد الحوادث والاصابات. وفي ٢٠١٠، طالبت المجموعة بقانون يحمي العمال في الخليج محلياً وإقليمياً. كما صرحت أن حوادث الوفاة انخفضت بنسبة ٥٠٪ خلال عامي ٢٠٠٨ و٢٠٠٩ نتيجة لتطور مقاييس السلامة. لكن الموقع الالكتروني لهذه المنظمة لم يعد موجوداً كما توقفت المنظمة عن ارسال نشراتها المعتادة.

سألنا محرر مجلة إماراتية مختصة بقضايا البنية التحتية عن مصير هذه المنظمة. “لا أظن أنها مازالت موجودة. ولم نسمع عن أي مبادرات أو مجموعات أخرى في الخليج تحاول التركيز على سلامة العمال في هذا القطاع.”

حسب موقع "بناء سليم – جنوب أفريقيا"، عملت مبادرة "بناء سليم – الامارات" بين الأعوام ٢٠٠٧ إلى ٢٠١٠ ثم توقفت بعد رحيل مؤسسها غراهام ماككيغ عن الخليج إلى بلده جنوب أفريقيا. حاولنا التواصل مع الشركة لكننا لم نحصل على رد منهم.

تحاول شركات المقاولات الدولية في الامارات مضاعفة جهودها فيما يخص مقاييس السلامة التي يأتون بها من دولهم الأم إلا أن المقاوليين المحليين لا يتتبعون هذه الارشادات، حسب رأي محرر المجلة.

وقد شهدت الأعوام السابقة تنظيم عدة مؤتمرات ونشر تقارير فيما يخص سلامة أماكن العمل في منطقة الشرق الأوسط فمثلاً نظم "معهد سلامة وصحة الشغل" البريطاني مؤتمره السنوي للشرق الأوسط في دبي في أبريل الماضي. كان المؤتمر في عامه السادس وقد ركز في دورته الأخيرة على السلامة من الحرائق، أفضل الممارسات التجارية، علم النفس ومجال العمل، والإدارة الناجحة لحوادث العمل.

قمنا بمراسلة المعهد للحصول على تعليق فيما يخص سلامة العمالة المهاجرة في الخليج ودور المعهد في هذا الصدد إلا أن متحدث باسم المعهد رفض تقديم أي تعليق.

في أبريل الماضي، نشرت شركة آركيدس الدولية للبناء والتصميم والهندسة والاستشارات تقريراً عن مقاييس السلامة في أماكن العمل في الشرق الأوسط متضمناً حلولاً مقترحة لتطوير الوضع الحالي. لكن المنظمة قامت بسحب تقريرها من الموقع بعد فترة قصيرة من نشره. سألنا متحدث باسم الشركة عن سبب سحب التقرير فبرر ذلك بأن التقرير لم يكن مخططاً نشره بل كان خاصاً بالشركة. وأضاف المتحدث أن التقرير سيتم نشره لاحقاً بعد مراجعة سياسات الشركة فيما يخص التعامل مع الاعلام.

وبينما نلاحظ وجود جهود تسعى لتطوير سلامة العمال في الخليج إلا أن على الحكومات والقطاع الخاص العمل على تحسين الأوضاع الحالية لتفادي وقوع المزيد من الوفيات.

يتوجب علينا دعم هذه القضية ومناقشتها. الملاحظ أن الشركات تتردد في فتح هذا الموضوع حتى فيما يخص الحلول اللازمة والخطوات الايجابية. حاولنا مثلاً الحصول على دراسة من إحدى شركات المقاولات حول الخطوات التي اتخذتها لضمان سلامة العمال لكننا لم نجد أياً منها.

على قطاع البناء بأكمله تحسين أوضاع العمل في منشآت البناء. ولتحقيق هذا الهدف، على الشركات مصارحة الاعلام والمنظمات الحقوقية لتحقيق التغييرات اللازمة. من سيكسر هذا الصمت؟