لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

مفوض الأمم المتحدة يريح قطر من عناء الإصلاح

في 22 فبراير 2016

خلال زيارته الأخيرة لقطر أبدى مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون حقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين الكثير من التساهل في إشادته بالتقدم الذي أحرزته خاصة بـ "استبدالها" نظام الكفالة مقللاً من شأن ما ترتكبه من انتهاكات "تحدث في كل دول العالم"! حسب تعبيره، بما يشبه التبريرات ذاتها التي تتلطى قطر خلفها هرباً من المساءلة كما سبق أن ذكرنا في مقال مفصّل قبل بضعة أسابيع.

وبدا واضحاً أن مفوض الأمم المتحدة قد تبنى موقفاً شديد الليونة إذا ما قيس بمواقف سبق لهيئة الأمم المتحدة أن أعلنتها منتقدة انتهاكات حقوق المهاجرين في قطر ومطالبة إياها منذ عام 2014 بإلغاء نظام الكفالة نهائياً.

ومع أن الإمارة قامت ببعض الإصلاحات الشكلية، ما تزال سلطاتها تنكر تزايد المشاكل والمصاعب التي تواجه العمال المهاجرين ذوي الدخل المتدني. ففي أواخر عام 2015، قامت قطر بتغيير اسم نظام الكفالة إلا أنها حافظت على أكثر قوانينه ظلماً وجوراً بما في ذلك المواد المتعلقة باستصدار تصاريح المغادرة وتقييد حرية التنظيم، علاوة على فتح ثغرة قانونية تتيح لأرباب العمل مصادرة جوازات سفر العمال الوافدين.

 

كما بدا بشكل أوضح أن المفوض السامي اكتفى بالتعامل مع حالات عمالية محددة انتقتها له قطر، وأخفق في تكوين صورة شاملة عن معاناة العمال المهاجرين وقضاياهم. ابتداء من أوضاع العمال الذين باتوا مشردين بعد أن هجروا أعمالهم بسبب سوء المعاملة، مروراً بأوضاع القاطنين في منازل أشبه ما تكون بمساكن فصلٍ عنصري، وعدم توفّر المساعدة القانونية وإجراءات الترحيل البغيضة (انظر العمود الجانبي)، وصولاً إلى كل المشاكل الشاخصة أمام أعين الجميع في الجزيرة الصغيرة وأمام باحثي المنظمات الحقوقية ومعدّي تقارير وسائل الإعلام المستقلة، على السواء.

لذلك لن تفيد تصريحات مفوض الأمم المتحدة إلا بتعزيز الإنكار القطري للأوضاع المزرية.

تجاهل العمالة المنزلية

لا تتطرق تقارير وسائل الإعلام السائدة إلى أن المفوض السامي بهذا النوع من التصريحات يكون قد تغاضى عن معاناة 154 ألف عامل منزلي* يشتغلون في قطر.

Screen Shot 2016-01-18 at 21.31.05

تلك المعاناة التي لم يستطع تجاهلها حتى مسحٍ القوى العاملة بالعينة 2014 الصادرٍ مؤخراً عن وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية، فقد أتى ليسلط الضوء على شدة استغلال المهاجرين من عمال المنازل والخدم، بما يمثّل تأكيداً إضافياً على معطيات تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي" الصادر بعنوان "إن فترة الاستراحة الوحيدة التي أحصل عليها هي حين أخلد إلى النوم" حول أن العاملات والعاملين في منازل القطريين يعملون بمعدل 60 ساعة أسبوعياً، وهو واحد من أعلى المعدلات في العالم.

إذ يقرّ المسح المذكور أن العمال المنزليين يعملون 50-56 ساعة في الأسبوع. حيث يُحسب 154 ألف مهاجر عامل (غالبيتهم من الإناث) ضمن قطاع العمالة المنزلية، وتتضمن أعمال حوالي 58.1% من مجمل النساء العاملات القيام بمهام أسماها المسح "نشاطات الأسرة المعيشية".

مع العلم أن العمالة المنزلية في دولة قطر لا تحظى بأي غطاء قانوني ولا يحظى العاملون في القطاع بأي نوع من الحماية إلا فيما ندر. أما في الكويت والمملكة العربية السعودية فقد جرت محاولات لوضع أسس عقد عمل موحد أو إبرام اتفاقيات ثنائية تتضمن معالجةً لبعض مشاكل عمال المنازل المهاجرين الملحة بما فيها عدم منحهم يوم راحة وتشغيلهم لساعات طويلة. ورغم أنها إجراءات أعجز من تأمين حقوق العمال المنزليين إلا أنها تضمن حداً من الحماية أعلى مما يطبّق في قطر بدرجات

* شمل المسح الذي أجرته وزارة التخطيط التنموي والإحصاء 22.749 أسرة و128.879 فرداً (قطريين وأجانب).

يمكن الاطلاع على التقرير الكامل هنا.