لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

لننتظر ونرى: تحفظات الوافدين على تحديث نظام الكفالة القطري

في 24 ديسمبر 2016

يتلقى القانون الجديد الخاص بتنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم في قطر ردود فعل متباينة من العمال الأجانب الموجودين في البلد. فإبان دخوله حيز التنفيذ منذ الرابع عشر من شهر ديسمبر الحالي، عبّر قسم من الوافدين عن خشيتهم من أن القانون الجديد ما زال يمنح أرباب العمل سلطات واسعة على الموظفين. بينما رأى قسم آخر أنه يفتح منافذ جديدة للعمال الأجانب من خلال منحه الدولة مساحة أوسع للتدخل، خاصة في حالات النزاع والخلاف مع أرباب العمل.

جدير بالذكر أن مفعول القانون الجديد رقم 21 لسنة 2015 يؤثر على 2.1 مليون عامل مهاجر ووافد يشكلون أكثر من 85% من السكان، وما يزيد عن نسبة 93% من القوى العاملة في قطر.

وتشمل أهم التحديثات على القوانين السماح للعمال بتغيير أعمالهم عند انتهاء مدة عقودهم، والتقدم لطلب تأشيرة الخروج من البلد دون الحصول على موافقة رب العمل. وترغب السلطات بإشاعة وهمها حول أن القانون الجديد ينهي نظام الكفالة كلياً بمجرد استبداله بنظام قائم على التعاقد. لكن من الجلي أن هذا القانون يعيد تغليف الممارسات القديمة بحلّة جديدة محافظاً على طابعه التقييدي، مثلما أوضحنا في أحد التحليلات سابقاً. وضمن أسوأ الممارسات التي أبقى عليها النظام الجديد تصريح الخروج، وثغرات تسمح بمصادرة جوازات سفر العمال.

عدم الوضوح

حال العمال في قطر: معلقين بالحبال في الهواء

حال العمال في قطر: معلقين بالحبال في الهواء

تلاحظ إحدى العاملات في قطاع الصحة، الأسترالية الأصل، أن رب العمل في نهاية المطاف ما يزال لديه دور في قرار تغيير العمل واستصدار تأشيرة الخروج: "وفقاً لما خبِرناه عن كيفية سير الأمور في الدوحة، ما زلنا نجهل على أية وقائع سوف تستند اللجان والوزارات، على الوقائع التي يقدمها الوافد أم تلك التي يقدمها رب العمل! ظاهرياً يبدو القانون الجديد واعداً لكن الحُكم عليه مرهون بكيفية التنفيذ، فلننتظر ونرى...".

أما غايان راتاناكي، السيريلانكي الأصل، الذي يعمل محاسباً ويعيش في الدوحة منذ عشر سنوات فلا يعلّق الكثير من الأمل على القانون الجديد: "أرى أن القانون قد زاد التعقيدات. في السابق كنا إذا أردنا تغيير العمل نسأل رب العمل إذا كان يسمح لنا بالتغيير أم لا. أما الآن أصبحت الوزارة تتدخل ولا أعتقد أنها ستتيح لنا فرصة النقاش أو التفاوض. لا بأس إذا كانت ستسمح لنا بالانتقال إلى أعمال أخرى، ولكن ماذا في حال رفضها؟ يبقى الأمر غامضاً ويجعل موقفنا حرجاً".

وكذلك قال أحد الموظفين المصريين في مجال تكنولوجيا المعلومات عن التعديلات على القانون: "لاشيء تغير والأمور ما تزال تسير كما كانت. ما زال المرء غير قادر على تغيير عمله بسهولة. ما زلنا بحاجة للحصول على كافة أنواع الموافقات. كما لا نستطيع أن نشتري تذكرة طائرة في أي وقت نشاء ونسافر إلى أوطاننا. وما زال مطلوباً منا الحصول على إذن، سواء من رب العمل أو من الحكومة"!!

"التغييرات المعقولة"!

أحد الوافدين، العامل الإداري في شركة سيارات برفقة ما يزيد عن مائة وافد، يرى بعض المكاسب في تعديلات القانون المحدودة إذ يعتبر أن "السماح للوافد بتغيير عمله عندما ينتهي عقد عمله أو بعد مرور خمس سنوات في حال كان عقده مفتوح المدة هو أمر معقول بالنسبة للشركة والموظف على حد سواء. وعند نشوب خلاف بينهما سوف تستمع اللجنة إلى حجج الطرفين فلا رب العمل يستطيع التجني على العامل الأجنبي، ولا الموظف يستطيع ذلك أيضاً. ولن يستطيع مرتكب المخالفة الإفلات من العقوبة".

ويقول محمد، المترجم السوداني الأصل الذي يعيش في قطر منذ خمس سنوات "سوف يصبّ القانون في صالح العمال ذوي الأجور المنخفضة بأشكال مختلفة. فالكثير من المُستقدَمين سيحصل قبل مغادرته بلده الأم على وعود براتب أعلى مما يقبضه حال وصوله إلى قطر. كما جعل القانون إبرام عقد العمل إلزامياً وغيرَ مسموحٍ تغيير شروطه بعد وصول الموظف إلى هنا. ونحن نعلم أنه يوجد عمال كثيرون من ذوي الأجور المنخفضة لديهم خلافات مع أرباب العمل بشأن الأجور خصوصاً، والقانون الجديد سوف يكون معيناً لهم في هذه الحالات. لكن القانون لن يكون مفيداً من وجهة نظر بعض ذوي الدخول الأعلى نسبياً. وفي كافة الأحوال، يشكّل القانون الجديد إطاراً لحماية جميع فئات العمال".

 

نهاية "التأشيرة الحرة"؟

يعتقد ممثل إحدى شركات توريد الأيدي العاملة أن القانون الجديد قد يضع حداً للتجارة بـ "التأشيرات الحرة"، فحسب رأيه "سوف يحول القانون دون قدوم العمال بتأشيرات حرة، أي حيث يشترون تأشيرة عمل ثم يأتون إلى الدوحة وعندما يجدون عملاً يعدِّلونها وفقاً لرب العمل الذي يوظفهم. ولهذا الأمر أثران أحدهما سلبي والآخر إيجابي. فهو سيحد من مجيء الناس بتأشيرات زيارة إنما بهدف البحث عن عمل. وفي الوقت ذاته، عندما يدخلون البلد بتأشيرة زيارة يكون بمقدورهم دراسة سوق العمل واتخاذ القرار الأنسب عن سابق معرفة. سوف يتم منع كل هذا. ولكن القانون من ناحية ثانية سيوقف بيع الوكلاء للتأشيرات واستغلال الناس". ويضيف إلى ما سبق: "الآن بات يتعين على المسؤولين إعادة النظر بالعمالة المنزلية التي لا يشملها قانون العمل القطري. ولسنا متأكدين من أن القانون سوف يسري مفعوله على عاملات وعمال المنازل".

أما بالنسبة لعلي، القادم من بنغلادش والعامل لدى رب عمل واحد طيلة ثماني سنوات، فيعتقد أنه يمكن الاستفادة من التغييرات: "يمنحني القانون الجديد أملاً، فأنا أعمل في هذا المكتب منذ ثماني سنوات وآمل بتغييره حال تطبيق القانون الجديد. لكنني لن أُقدِم على هذه الخطوة قبل مضي بعض الوقت، سأنتظر بضعة أشهر لأرى كيف ستسير الأمور".

ما الفائدة؟

بشكل عام ما تزال هناك أسس واقعية تغذي شكوك حتى أولئك الأقل حدّة في انتقاد القانون الجديد، والذين لا يتوقعون تغييراً كبيراً في كيفية معاملة المهاجرين إلى هذه البلاد ومعالجة قضاياهم.

فيقول رجا، القادم من سيريلانكا للعمل كسائق سيارة عامة، والذي اضطره انتهاء عقد عمله سابقاً لمغادرة البلد وانتظار مرور عامَي حظر الدخول قبل أن يعود للعمل ثانية في قطر: "أتعتقدون فعلاً أن يبدأ العمل بالقانون الجديد منذ تاريخه؟ أشك بذلك. لكننا سننتظر ونرى. وحتى لو بدأ العمل به ما تزال تعترضنا الكثير من التعقيدات. لذا من الأفضل لنا أن نستمر بالعمل في نفس المكان ومغادرة البلد بعد انتهاء مدة عقد العمل".

وفي ختام حديثه قال براثاب، عامل التنظيفات النيبالي الأصل: "كانت الشركة قد وعدتنا براتب شهري قدره 900 ريال لكنها لم تمنحنا سوى 700 ريال. إنهم يجدون دائماً المبررات لتخفيض الأجور. وكيفما أتى القانون، ما الفائدة منه؟ لن نتمكن من الحصول على رواتب أعلى، وسوف أغادر هذا البلد في العام القادم".