لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

البحرين تبدأ تطبيق نظام الكفالة الشخصية في أبريل

في 9 مارس 2017

ذكرت وكالة أنباء البحرين (بنا) أنه سوف يتم إطلاق مشروع تجريبي خلال شهر أبريل القادم "لتمكين آلاف العمال المخالفين على تصحيح أوضاعهم قانونياً". ووفقاً لما أوردته الوكالة، سوف يعمل المشروع بطريقة تشبه نظام "التأشيرة الحرة" الذي يُمكِّن العمال من الإقامة بالكفالة الشخصية والعمل لدى أكثر من رب عمل في أعمال مختلفة يُحسب دوامها بالساعات أو بالأيام أو وفق أي ترتيب آخر. وتعتزم هيئة تنظيم سوق العمل، إثر المصادقة على المشروع، إصدار 48 ألف "فيزا حرة" خلال العامين القادمين، بمعدل 2000 تصريح شهرياً ابتداء من شهر ابريل القادم. فقد ذكر الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل في البحرين، أسامة العبسي، أن المشروع عبارة عن وسيلة "لضبط نظام التأشيرة الحرة".

ولكن على الرغم من اعتباره خطوة متقدمة بالنسبة لدول منطقة الخليج العربي، يتوجب التريث في تقييم خطة المشروع الجديد وتفاصيله. فعلى سبيل المثال، يُفرض على العمال دفع رسوم سنوية للحصول على تصريح العمل (200 دينار، أي ما يعادل 530 دولاراً) ورسم ضمان صحي (144 ديناراً، ما يعادل 381 دولاراً)، بينما هي تكاليف يتعين أن يدفعها أرباب العمل، علاوة على أنه يتوجب عليهم دفع 30 ديناراً (80$) كرسم شهري لهيئة تنظيم سوق العمل، الأمر الذي يُعتبر ربحاً كبيراً لمنظومة الهجرة.

ويفسر العبسي سبب اللجوء إلى هذه المرونة في نظام الكفالة البحريني بقوله: "لم يكن بوسعنا الوقوف في وجه قوى السوق، ولهذا توصلنا إلى نظام التأشيرات الحرة" نظراً لوجود عدد كبير من المهاجرين الذين يعملون بشكل مخالف في السوق.

إنما نظراً إلى أن العمال المخالفين يدفعون ما لا يقل عن عشرين ديناراً شهرياً للسكن في غرفة مع عدد من عمال آخرين، وصار يتوجب عليهم الآن دفع رسوم سنوية وشهرية تجعل التكلفة باهظة على الفئة المستهدفة من العمال ذوي الدخول المنخفضة، فقد يؤدي ذلك إلى ثنيهم عن تصحيح وتقنين أوضاعهم.

أما بالنسبة لما ذكره العبسي حول أن النظام ينطبق فقط على "العمال المعتبرين مخالفين منذ ما قبل 20 سبتمبر 2016، ولا ينطبق على القادمين بفيزا سياحية أو الهاربين أو المجرمين"، فالحقيقة أن هذا التمييز يتغافل عن أن الوضع المخالف لكثير من العمال كان نتيجة دفعهم إلى "الهرب" بسبب تعسف أرباب عملهم الذين قاموا بالإبلاغ عن "تغيبهم أو هربهم"، وتم اعتبارهم كذلك في سجلات النظام.

وقد قامت منظمتنا بالاتصال بالاتحاد العام لنقابات العمال في البحرين لاستطلاع الموقف من نظام الكفالة الشخصية، فقال المتحدث الرسمي باسم أمانتها العامة، كريم رضي، إن الاتحاد يساند هذه الخطوة من منظور حقوق الإنسان وضمان حق الإنسان بالتنقل وفقاً لما تنص عليه شرائع حقوق الإنسان العالمية والاتفاقيات الدولية، حيث أن نظام الكفالة لا يقيّد حرية التنقل فقط إنما يؤدي كذلك إلى مصادرة وثائق العمال "ولهذا السبب يعتبر نظام الكفالة، وفق المعايير الدولية، شكلاً من أشكال العمل القسري". وأضاف كريم رضي أن من شأن الكفالة الشخصية أن تحسِّن علاقات العمل، خاصة فيما يتعلق بحوادث وإصابات العمل وسوء المعاملة وعدم دفع الرواتب والأجور، لأن العمال سيتمتعون بوضع يسمح لهم بتقديم شكاوى قانونية.

ولكنه يحذّر أيضاً من أنه "رغم ذلك علينا الانتباه إلى قانون آخر يجري تطبيقه في ذات الوقت"، في إشارة منه إلى رسوم الرعاية الصحية المفروض على العامل بموجبها دفع سبعة دنانير عن كل زيارة طبية، وهي تأتي في مقدمة رسوم الضمان الصحي السنوية المفروضة على العمال الذين يعملون دون كفيل. ويخشى الاتحاد البحريني كذلك من أن يدفع نظام الكفالة الشخصية أرباب العمل إلى تسريح العمال المشمولين بكفالتهم بغية التهرب من الإيفاء بحقوقهم العمالية، مثل تسديد رسوم الإقامة والضمان الصحي وثمن تذاكر عودة العمال إلى بلادهم وأجور العمل الإضافي وتعويض نهاية العقد. وفي نهاية الأمر، سوف يؤدي هذا إلى احتدام المنافسة في سوق العمل بين أولئك المشمولين بكفالة أرباب العمل والآخرين العاملين وفق التأشيرة الحرة. وبالنتيجة من الأرجح أن تسير أوضاع حقوق العمالة في البلد نحو الأفضل.

ولكن ما تزال بعض الأسئلة المطروحة حول نظام الكفالة الشخصية بلا إجابة. فهل هناك حاجة "لعقود حرة" لهؤلاء العمال؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فما هي مسؤوليات أرباب العمل؟ وهل ستطبق الحكومة البحرينية نظام ضمان اجتماعي يكفل دفع أرباب العمل لتعويضات نهاية عقد العمل؟ وهل ستنص العقود على حد أدنى للأجر؟

وبينما تعتبر هذه الخطوة إيجابية شكلياً، من ناحية ابتعادها عن نظام الكفالة ما تزال قوة القبضة المدمجة بالبنية والتي تتحكم من خلالها دول الخليج العربي بعمالها أقوى بما يكفي لتهديد المكاسب التي تقدمها هذه المرونة.

ومن جهة أخرى، تعتزم هيئة تنظيم سوق العمالة البحرينية إطلاق نظام الكتروني لتسهيل توظيف عاملات المنازل. إضافة إلى تفاوضها مع المسؤولين الهنود لإلغاء شرط إيداع 2500 دولار كضمان مصرفي مقابل توظيفهن والذي وضعته الهند قبل عامين رداً على تردي أوضاع العاملات والعمال الهنود في دول الخليج.

مع العلم أن هيئة تنظيم سوق العمالة جمعت من جباية الرسوم مبلغ 153 مليون دينار (405 مليون دولار) في العام الماضي وحده، وساعدت في البتّ بسبعمائة ألف شكوى.