لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

قانون العمالة المنزلية القطري: العوائق في التفاصيل

في 21 مارس 2017

أعلنت الحكومة القطرية، في مطلع شهر فبراير الفائت، عن مصادقتها على مشروع قانون العمالة المنزلية، وسط أجواء من التحفظ على المعلومات المتعلقة بالقانون وتفاصيله التي ما لبث أن تكشّف بعضها في تقرير مقدَّم إلى رئاسة منظمة العمل الدولية، وستجري مناقشته ضمن أعمال الجلسة الـ 329 المنعقدة حالياً في جنيف. وبات واضحاً أن أحكام القانون الجديد بالكاد تلامس سطح مشاكل العمالة المنزلية في قطر.

سبق أن اعترضت مشروع قانون عام 2008 العديد من العقبات والثغرات خاصة فيما يتعلق بمنح يوم عطلة أسبوعية لعمال المنازل. ومع أن القانون الجديد يقرُّ بأربع وعشرين ساعة كيوم عطلة أسبوعية لعمال وعاملات المنازل إلا أنه لا يحدد كيفية ومكان قضائهم هذه العطلة، ولا يضمن حريتهم بالتنقل.

ومن الواضح أن الحكومة القطرية استعجلت المصادقة على القانون في الثامن من فبراير كي تبدو بمظهر مَن "حقق تقدماً" واستجاب في الوقت المناسب، قبل 20 فبراير، لطلبات منظمة العمل الدولية التي كانت قد حددت شهر مارس 2017 موعداً نهائياً لاتخاذ قرار إرسال لجنة تحقيق إلى قطر. وبالتزامن مع هذه الاستجابة القطرية تم تقديم طلب لتأجيل موعد البت بالقرار إلى شهر نوفمبر 2017، وهو ما سيتم اتخاذ قرار نهائي بشأنه في 21 مارس الجاري.

تقول قطر: "حرص المشرِّعون على أن يكون القانون منسجماً مع أحكام اتفاقية العمالة المنزلية، 2011 (رقم 189)، المتعلقة بتأمين العمل اللائق لجميع عمال وعاملات المنازل". ولكن بعض التدقيق في قراءة بنود القانون الجديد تبين أن هذا الكلام أقرب إلى الادعاء منه إلى الحقيقة.

من زاوية إيجابيات القانون:

  • يتيح القانون للعامل المغادرة بإجازة مأجورة لمدة ثلاثة أسابيع سنوياً وثمن تذكرة طائرة يدفعه رب العمل.
  • يضمن للعامل تعويض نهاية الخدمة ويحدده بما يعادل أجر ثلاثة أسابيع عن كل عام عمل.
  • إضافة إلى أنه حتى قبل إقرار مجلس الوزراء للقانون، كانت قطر قد أقرت إلزامية حصول جميع عقود التوظيف على موافقة وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية. وقد تمت المصادقة على 42.905 عقد عمل لعمال وعاملات المنازل المهاجرين.

ومع ذلك، ما يزال القانون، في نواحٍ أخرى منه، سطحياً بأحسن تقدير، تشوبه نواقص وثغرات فادحة حيث:

  • لا ينصّ على حد أدنى للأجور.
  • لا يشمل عاملات وعمال المنازل صراحةً في نظام حماية الأجور، رغم أنه يُفترض أن يشملهم طالما هم تحت إشراف وزارة العمل وضمن نطاق اختصاصها.
  • رغم اعتبار القانون أرباب العمل مسؤولين عن تأمين الرعاية الصحية والمرافق الملائمة لعمال المنازل إلا أنه يخلو من أي ذكرٍ لكيفية مراقبة تنفيذهم لهذا الجزء من القانون.
  • تخضع تسوية النزاعات لأحكام القانون رقم 14 لسنة 2004 وتعديلاته، بما في ذلك قضايا لجنة تسوية النزاعات العمالية التي تم إنشاؤها مؤخراً. ورغم أن ذلك يبدو جيداً من حيث الظاهر على الورق إلا أنه واقعياً يتجاهل شدة العزلة المفروضة على عمال وعاملات المنازل، وغياب الآليات الفعالة للمراقبة والتفتيش.

ولا يتطرق القانون كذلك إلى معالجة ظاهرة ما يسمى بالعمال "الهاربين" أو "المتغيبين" عن العمل. مع العلم أنه بمجرد تخلّي العامل المتعرض للإساءة عن ربَّ عمله يتم الإبلاغ عنه كهارب أو متغيب وتسجيله قانونياً كمقيم "مخالف" أو "غير شرعي" في البلد. فما لم تكن هناك نصوص واضحة تتصدى لعلاج هذه المشكلة سيبقى العمال خائفين من مغادرة بيئات العمل المسيئة والفاسدة، أو حتى من مجرد تقديم شكوى.

ولعل هذا ما يفسر قلة حالات الانتهاك المعروضة أمام النيابة العامة. إذ يذكر التقرير حالتَي سوء معاملة لفظية فقط تعرضت لها عاملتان منزليتان، و 13 حالة عنف جسدي ضد عاملات منازل دون تحديد الفترة الزمنية التي وقعت فيها هذه الانتهاكات.

عندما يدخل القانون حيز التنفيذ سوف تصبح قطر ثاني دولة خليجية تسنّ قانوناً خاصاً بتنظيم شؤون العمالة المنزلية بعد الكويت. ويتوجب عليها ضمان أنها لا تحاول صرف الأنظار عن سوء أوضاع العمالة المنزلية فيها، من خلال قيامها بتغييرات حقيقية تحصِّن وتحمي عمال وعاملات المنازل فعلياً.

كما يتعين عليها الاستفادة من عثرات التجربة الكويتية بهذا الخصوص، حيث لم يتم تنفيذ سوى القليل من الفقرات والأحكام الإيجابية الواردة في قانون العمالة المنزلية الكويتي، رغم مرور عام على إقراره وتنفيذه.