لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

نظام "مساند" السعودي: ما هو و كيف يتم تطبيقه

في 20 سبتمبر 2019

منذ أن أطلق في 2015، أصبح "مساند"، الموقع الالكتروني لاستقدام العمالة اسماً تتداوله العائلات السعودية.  و"ومساند" الذي يشاد به على أنه "نواة التحول الإيجابي لخدمات استقدام العمالة المنزلية منذ إطلاقه، يتم من خلاله إتمام إجراءات 90% من تأشيرات العمالة المنزلية في المملكة

وقدّم "مساند" لوائح وأنظمة لتسهيل إجراءات الاستقدام لأصحاب العمل في السعودية. وأصبح بإمكان عملائه المرتقبين توظيف العاملة المنزلية دون الحاجة لزيارة مكاتب الاستقدام. إذ أصبح بمقدورهم استصدار تأشيرة الكترونية بالعاملة المنزلية من خلال "مساند" في خلال فترة لا تزيد عن ثلاثة أيام، على أن يتم استيفاء اشتراطات مالية وقانونية. وتشمل تكاليف هذه المعاملات رسوم "مساند" وقيمتها 150 ريال سعودي (40 دولار أميركي) بالإضافة إلى تكاليف التأشيرة الالكترونية وقيمتها 2000 ريال سعودي (530 دولار أميركي).

كما تم تحسين خدمات حصول أصحاب العمل على المعلومات المتعلقة بسوق الاستقدام بعد إطلاق "مساند". ويضم الموقع الالكتروني قاعدة بيانات لملفات مئات مكاتب الاستقدام السعودية المرخصة. ويضم كل ملف قائمة بالبلدان التي تستقدم منها العمالة المنزلية، وتكلفة الاستقدام بالإضافة إلى فترة الانتظار المتوقعة. 

ويمكّن "مساند" صاحب العمل من تقديم التفضيلات المتعلقة بالعمر، والديانة، وسنوات الخبرة السابقة، لمكتب التوظيف الذي يختاره. وفي المقابل، يزوّد مكتب الاستقدام عملائه بخمس سير ذاتية لعاملات منزليات للاختيار منها. وعندما يتخذ قراراً بهذا الشأن، يصبح بإمكان صاحب العمل المضي في إجراءات دفع رسوم التوظيف وتوقيع عقد الكتروني مع مكتب الاستقدام. ويختلف هذا العقد الإلكتروني عن العقد الذي يتم توقيعه بين صاحب العمل والعاملة المنزلية، والذي يتم توقيعه، غالباً، في دول الأصل بين وكالة الاستقدام السعودية (نيابة عن صاحب العمل) والعاملة المنزلية قبل وصولها إلى المملكة. 

وتشتمل خطوات استكمال الإجراءات ما يلي: تقديم مكتب الاستقدام السعودي طلباً لسفارة بلد العاملة المنزلية في الرياض للمراجعة، وإذا اتخذنا سيريلانكا مثالاً على ذلك، فإن الطلب يذكر اسم مكتب الاستقدام المماثل في سيريلانكا من خلال نظام "مساند". وفور استلامه الطلب، يبدأ مكتب الاستقدام السريلانكي عملية التدريب للعاملة المنزلية، وتجهيز وثائقها، والترتيب لسفرها إلى السعودية.  

أزمة عمال المنازل في 2010

في مطلع 2010، بدأ عدد من الجوانب التي جعلت سوق العمالة المنزلية يبدو منظماً، في التعثر. فقد منعت إندونيسيا رعاياها من عمال المنازل، من العمل في السعودية بناء على أسباب حقوقية مقلقة وبسبب الافتقار لحماية مواطنيهم. وشددت كل من إندونيسيا والفلبين على أهمية الحاجة لعقد اتفاقية ثنائية جديدة لتنظيم هجرة العمالة المنزلية إلى المملكة. كما ووقعت أوغندة مذكرة تفاهم، إلا أنها أوقفت، لاحقاً، إرسال مواطنيها للأسباب ذاتها، وبالإضافة إلى ذلك منعت أثيوبيا الهجرة للسعودية ما بين 2013 و2018. وقد أدت المخاوف من تضاءل توفر عاملات المنازل في السوق إلى ارتفاع صاروخي في رسوم الاستقدام، وإلى طول فترة الانتظار في مجتمع يعتمد بشكل كبير على خدمات العمالة المنزلية إلى حدوث ارتباك في سوق العمل. كما أدى كساد الاقتصاد النفطي إلى ظهور فئة من السعوديين غير قادرة على مواصلة نمط الحياة والانفاق الذي اعتادت عليه خلال سنوات الطفرة في سنوات عقد الـ 2000، خصوصا مع رفض الكثير من عاملات المنازل العمل بأجور منخفضة، وبدون مزايا، وطالبن بأجور أعلى ومستحقات عادلة لنهاية الخدمة.

وقد تصدرت، ما أسماها الإعلام في ذلك الوقت بـ “أزمة العمالة المنزلية"، نقاشات ساخنة خاضها المسئولون الحكوميون، ورجال الأعمال، والصحفيون، وأصحاب العمل بحثاً في الأسباب والحلول. كما انتقد كتاب الأعمدة في الصحف، وفي البرامج التلفزيونية ممارسات مكاتب الاستقدام المثيرة للشكوك. وتساءل الكثيرون حول أسباب فشل وزارة العمل في تجنب هذه "الأزمة"، فيما ناشد آخرون الحكومة للتحقيق في ظاهرة الهروب. كما لم تخلو الساحة من البعض الذين جاهروا، وبدون خجل، بخطابهم غير الإنساني تجاه عمال المنازل، إلا أن الأغلبية هاجمت مطالب الدول المرسلة للعمالة، بالأخص إندونيسيا والفلبين. وقد رفضت وسائل الإعلام مطالب حكومتي إندونيسيا والفلبين مثل تقديم شهادة حسن السلوك صاحب العمل المرتقب، والافصاح عن عدد أعضاء الأسرة، ومخطط المنزل، واعتبرتها مبالغاً فيها وغير واقعية وتتدخل في الخصوصيات.

وقد تصادف حدوث "أزمة العمالة المنزلية" في الوقت الذي برز فيه موضوع حقوق الإنسان، بغض النظر عما يعنيه لأصحاب المصلحة والأشخاص المعنيين، كموضوع للنقاش العلني في السعودية. وبالإضافة إلى ذلك فقد أصبح التدقيق في مسألة حقوق الإنسان في السعودية موضوعاً اجتمع عليه منتقدو السعودية في مرحلة ما بعد 9/11. ولم يشكل إضفاء الطابع المؤسسي على معايير حقوق الإنسان ضرورة في تلك الأوضاع فحسب، خصوصاً في مرحلة عدم التأكد التي رافقت الربيع العربي، وإنما كان جزءاً حيوياً من حملة الحكومة السعودية لإعادة المكانة لنفسها.

وفي هذا الإطار قامت وزارة العمل السعودية (حالياً وزارة العمل والتنمية الاجتماعية) بإطلاق "مساند" إلى جانب عدد من المعايير الأخرى التي تهدف إلى تنظيم سوق العمالة المنزلية، واسترضاء الدول المرسلة للعمالة. وقد اشتملت هذه المعايير على: (1) إقرار قانون العمل المنزلي في نوفمبر 2013، ويوفر هذا القانون الحماية للعمالة المنزلية للمرة الأولى في السعودية؛ (2) إصدار الأنظمة والاشتراطات في 2013. (وتم تعديل اللائحة التنفيذية أكثر في 2018) لقمع الممارسات غير القانونية في الاستقدام. وتؤطر هذه الأنظمة عدة خطوات على وكالات الاستقدام الالتزام بها حتى تعمل بشمل قانوني في المملكة. وتشمل هذه الأنظمة امتلاك حد أدنى من ودائع رأس المال، ومعايير صارمة لطلبات الاستقدام، وربط قاعدة مكاتب الاستقدام المعلوماتية بنظام "مساند".

ومن الملاحظ أن هذه الأنظمة سمحت بتأسيس شركات كبرى بحد أدنى من رأس المال يبلغ 100 مليون ريال سعودي (375 مليون دولار أميركي) توفّر خدمات العمل المنزلي تحت الطلب وفق أوقات محددة (بالساعات، أو يومياً أو شهرياً). وقد شهد السماح لهذه الشركات، التي تعرف في السعودية بشركات التنظيف (CC) جدلاً بأنها سوف تخفض الأسعار وأيضاً فترة الانتظار، وتؤمّن وفرة كافية من العمال المنزليين المدربين. إلا أن هذه الشركات كانت تسجل من خلال البوابة الإلكترونية لوزارة العمل التنمية الاجتماعية بدلاً من "مساند".

 "مساند" لمكاتب الاستقدام

يعتبر التعاقد الالكتروني، الذي يعرف أيضاً بـ “التوثيق الالكتروني" أو نظام التعاقد الدولي (ICS) هو التغيير الرئيسي الذي قدمه "مساند" لسوق التوظيف. ويبسِّط هذا النظام عملية التواصل بين السفارة السعودية في الدولة الأم، سفارات الدول الأم في السعودية، ومكتب الاستقدام السعودي ونظيره في البلد الأم. 

ومن خلال نظام التعاقد الدول، تقوم مكاتب الاستقدام السعودية بإدخال معلومات نظرائهم (اسم المكتب، العنوان، وعناوين الاتصال) ومن ثم تقوم بإصدار اتفاق شراكة. ومن شأن ذلك أن يوفّر معلومات للمسئولين السعوديين وغير السعوديين، وموظفي السفارة ممن لديهم تصريح الدخول على "مساند" حول أصالة الشراكة. كما يمكن الحصول على موافقات المسئولين على طلبات الاستقدام بشكل الكتروني.

كما أن نظام التعاقد الدولي من شأنه أن يوفر لمستخدميه ميزة تشكيل قوائم الأشخاص، أو نقطة تجمّع للموارد البشرية، حيث بإمكانهم وضع السير الذاتية لجميع العمال المنزليين الجاهزين للتوظيف. على أن يتوفر لمكاتب الشركاء السعوديين إمكانية الدخول على نقطة التجمع هذه مما يعطي فكرة حول توفّر العمال المنزليين في دول معينة بالإضافة إلى مهاراتهم وخبراتهم. 

وبالإضافة إلى ذلك، فإن نظام التعاقد الدولي يسهل تحكيم المنازعات التي تنشب بين المكاتب. إذ بإمكان المكاتب التقدم بشكوى ضد بعضها، وستقوم الجهات المسئولة باتخاذ الإجراء اللازم لتسوية الخلاف. 

الإعلام الاجتماعي ودعم العملاء

يحافظ "مساند" على حضور نشط في الاعلام الاجتماعي. ولا تستخدم حساباته على تويتر وفيسبوك من أجل رفع الوعي حول تشغيل العمالة المنزلية فحسب، وإنما تستخدم أيضا للرد على أسئلة المستخدمين. وفيما تعتبر الكثير من هذه الأسئلة ذات طبيعة فنية (صعوبات في التسجيل والدخول في الموقع الالكتروني)، فإن أخرى تعتبر تصادمية وتعكس الإحباط واسع المدى بشأن توظيف العمالة المنزلية. 

وعلى سبيل المثال، وجّه المغرد محمد العلوي @A4Rt سؤالاً لحساب "مساند" قائلاً: "هل برنامج مساند مخصص لخدمة العمالة المنزلية ولا يخدم المواطن أو الكفيل أو المستخدم في ظل الاستهتار الحاصل من قبل مكاتب الاستقدام؟ وجاء رد "مساند" كالتالي: "عزيزنا العميل، مساند عبارة عن منصة إلكترونية ومنظومة جديدة ومتكاملة تسهل إجراءات الاستقدام بشكل غير مسبوق ...بهدف... زيادة مستوى حفظ حقوق جميع الاطراف حيث يساهم "مساند" برفع وعي أصحاب العمل والعمالة المنزلية بتوضيح حقوقهم وواجباتهم .ويؤكد "مساند" على أن مكتب وزارة العمل الإقليمي (مكتب العمال) هو الجهة التي تنظر في الشكاوى والمنازعات بين أصحاب العمل والعمالة المنزلية.

وماذا بعد؟ 

في الوقت الذي يواصل "مساند" في تطوير المزيد من الخدمات والوصول لأكبر قدر من الجمهور، لا يزال يُنظر اليه على أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ستأخذ في اعتبارها التطوير ليس فقط في وظائف النظام والقدرة على الدخول اليه، وإنما قيمته ومساهمته في تقدم حقوق العمالة المنزلية.  فبعد خمس سنوات من تطبيقه، لا يزال هناك تبليغ عن حالات من عمال المنازل تواجه الاستغلال والانتهاك وتفتقر للأدوات والدعم والمعرفة التي تؤهلها للاستفادة من النظام القضائي لتعبير عن قلقها أو رفع صوتها بالشكوى. 

هذا الموضوع هو جزء من سلسلة أبحاث وتحاليل تجريها Migrant-rights.org حول استقدام عمال المنازل وأضاعهم المعيشية وفي مواقع العمل.