لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

الكويت والسعودية يردان على تقرير قناة البي بي سي حول "تجارة العاملات" الالكترونية

التجاوب على البيع الالكتروني لعاملات المنازل قد لا يعالج المشكلة من الجذور

في 20 ديسمبر 2019

 جدد تقرير استقصائي بثته   قناة بي بي سي الإخبارية  إثارة الانتباه لى سوق سوداء إلكترونية يجري فيها المتاجرة ببيع وشراء عاملات المنازل في الخليج.

وأثار التقرير ردود أفعال مختلطة من قبل الحكومات وكذلك المنصات الالكترونية التي تنشر عليها إعلانات عمال المنازل. وفشلت ردود الأفعال، التي لم تتجاوز كونها انفعالية، في الاعتراف بالاستهانة العميقة بإنسانية عاملات المنازل وتسليع عاملات المنازل من المهاجرين بشكل عام.   

منشور محذوف الآن يعلن عن عاملة منزلية

وتعتبر قمعية قوانين العمل والهجرة في الكويت وبقية دول الخليج أحد التحديات، كما أن هناك درجات من الفصل بين ما يمكن اعتباره قانوني وما يمكن أن يقع في خانة العمل القسري أو الإتجار بالبشر.   

وفي حديثه لصحيفة النبأ ، قال المحامي الكويتي يوسف العدواني في هذا الشأن قائلاً أن تحويل عاملات المنازل بين الكفلاء، و"إعادة" عاملة المنزل إلى مكاتب الاستقدام يعتبر قانوني، وفي الغالب تنطوي المعاملة على مبالغ مالية عند التحويل. ولا يمكن تجريم الممارسات التي عرضتها القناة البريطانية إلا لو "صدر" قانون يميّز بشكل واضح بين التحويل والتنازل وبين بيع العاملة المنزلية.

ومن جهتها، قالت أمين عام الاتحاد الوطني لأمان الأسرة في الكويت، الدكتورة مريم الشمري، في وقت سابق ، أنه، ووفق التعريف الكويتي للإتجار بالأشخاص فإن : "الإعلان لبيع عاملات المنازل في الكويت لا يعتبر أسلوب حقيقي وعملي للإتجار بالأشخاص؛ وإنما هو خطأ في استخدام المصطلح." وجادلت الشمري أن بعض العاملات اللاتي يتخلّى عنهن أصحاب العمل، يفضلن البقاء في الكويت وتحويل كفالتهن للعمل إلى كفيل آخر.

وتعتبر قدرة العمال على التحويل من كفيل إلى آخر حقاً مهماً لحرية العامل للتنقل، إلى أن عملية التحويل في شكلها الحالي تعرّض العمال لهشاشة كبيرة في أوضاعهم. فالتحويل يحتاج لموافقة صاحب العمل الحالي في غالبية الحالات، بينما ليس لدى العمال الخيار في اختيار صاحب العمل الجديد. وبرغم أن التحويل يتم تسجيله وتوثيقه بشكل قانوني إلا أن صاحب العمل الجديد لا يخضع للفحص.  

وغالباً، يحاول الكفلاء استرجاع كلفة الاستقدام من العمال المحَولين، أو التربّح من وراء المحَولين بوضع كلفة على الكفلاء الجدد في شكل رسوم (ربما يتوجب على العامل نفسه دفعها في شكل خصومات من أجره المستقبلي) ويقوم الكفلاء بتسويق العمال على منصات التسوّق ومن خلال مجموعات الواتس أب. غالباً باستخدام لغة تسليعية من أجل "تعظيم عوائدهم المتأتية من ذلك".  

ووصف رئيس الاتحاد الكويتي لمكاتب استقدام عمال المنازل، خالد الدخنان، تقرير البي بي سي بأنه "غير عادل" زاعماً بـ"أنه" لا يوضح الصورة كاملة. 

إلا أن منظمات حقوق الإنسان الكويتية كانت قد أنذرت منذ وقت طويل بوجود ممارسات تسليع لعمال المنازل على منصات وسائل التواصل الاجتماعي وشجبت الافتقار إلى الردع القانوني ومقاضاة المخالفين. وكان رئيس مجلس إدارة الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، خالد الحميدي،  قد ذكر قبل صدور تقرير البي بي سي بأكثر من عام "أن بيع وشراء العمال وتسويقهم كسلعٍ عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعتبر اتجاراً بالبشر مكتمل العناصر، وأنه لا يمكن أن يُرى غير ذلك."

وبرغم الوعي بوجود هذه المشكلة منذ سنوات، إلا أنه لم تتخذ أية إجراءات قوية بشأنها إلا عندما صدر احتجاجاً خارجياً عنها. وتعهّد مسئولون في الهيئة العامة للقوى العاملة، وهي الجهة المسئولة عن عمالة المنازل في الكويت باتخاذ إجراء قانوني ضد المتاجرين الالكترونيين بهذه العمالة. كما أعلنت الهيئة عن اتخاذ إجرائيين قانونيين ضد حالتين مخالفتين تضمنهما التقرير الذي بثته قناة البي بي سي، وأنها أجبرت مدراء الموقع الالكتروني على توقيع مذكرة قانونية تمنع مثل هذه الإعلانات.

كما  دعا  نائب المدير العام لقطاع التخطيط والتطوير الإداري بالهيئة العامة للقوى العاملة، د. مبارك الجافور من لديه معلومات حول تجارة عمال المنازل الالكترونية لإخبار الهيئة بشكل مباشر. وأشار الجافور إلى أن المخالفين سوف يتعرضون لعقوبات نص عليها القانون رقم 68 لعام 2015 بشأن عمالة المنازل، وكذلك القانون رقم 91 لام 2013 الخاص بالإتجار بالأشخاص وتهريب العمالة. 

ومن الإجراءات المهمة التي تم اتخاذها أيضاً، تغيير إجراءات عملية التحويل: وبحسب  تعميم أصدره مدير عام الإدارة العامة لشئون الإقامة، فإنه لا يتم تحويل عمالة المنازل إلا بحضور طرفي التحويل من الكفلاء بالإضافة إلى العاملة نفسها في مكتب شئون الإقامة. كما تتطلب عملية التحويل الجديدة إقراراً مكتوباً من العاملة نفسها. 

ومن المفارقات، أن وسائل الاعلام الرئيسية في الكويت شبّهت الإجراءات الجديدة لعملية التحويل بعملية بيع السيارات، أي تسليع العمال مرة أخرى كما كان يتم ذلك في الإعلانات. 

وقالت صحيفة (عرب تايمز): "أن هذا الإجراء شبيه بالذي يتم في الإدارة العامة للمرور عندما يتم تحويل ملكية السيارات أو بيعها، إذ يتطلب ذلك حضور البائع والمشتري للتوقيع أمام المسئول المروري.

المملكة العربية السعودية

في السعودية، تم في موقع التسوق ، حراج، التي تحدث عنها تقرير البي بي سي، محو جميع الإعلانات التي تروج للمتاجرة بالعمالة المنزلية للتحويل أو البيع، كما مُنعت هذه الممارسة، حالياً، في المنصة بأكملها. 

أما في مواقع التسوق الالكتروني السعودية الأخرى، بما فيهاsa.opensooq فقد تم، مبدأياً، إزالة الإعلانات التي تشمل كلمة "البيع" بشكل صريح، إلا أنها واصلت وضع الإعلانات التي تحمل كلمة "التحويل"، وكذلك الإعلانات التي تشتمل على صور العمال، جوازات سفرهم، والمهارات والصفات مثل "مطيع" و "طباخ جيد". أما هذا الأسبوع فقد تمت إزالة أغلب القوائم بما فيها موقع عمالة المنازل، إلا تلك التي تم نشرها من قبل مكاتب الاستقدام

ومن جانبها أعلنت هيئة حقوق الإنسان السعودية، أنها سوف تتعاون مع السلطات المعنية لمراقبة المواقع الالكترونية التي تخرق قوانين العمل، وأنها سوف تقاضي هؤلاء الذين يتورطون الكترونياً في "بيع"، وتأجير، والعرض في المزاد للعمال ذكوراً وإناثاً.

وشددت الهيئة على أنه سيتم مقاضاة المخالفين بموجب قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص السعودي لعام 2009، والذي يقضي بمعاقبة المتورطين في قضايا الاتجار بالحبس لمدة تصل إلى 15 عاماً، أو تغريمهم مليون ريال سعودي، أو كلاهما.

ومن المنتظر أن تقدم السعودية تعليقاً رسمياً على ما جاء في التقرير. 

 ومن الممكن أن تكون منصات التوظيف أكثر تمكيناً لو تم استخدامها من قبل أطرافاً أخرى، كأن يستخدمها عمال المنازل لنشر سيرهم الذاتية، وخبراتهم والقيام بالتفاوض بشأن أجورهم وأوضاعهم. وغالباً مايقوم عمال المنازل الباحثون عن فرصاً جديدة   بعرض خدماتهم ومدى توفّرهم، في الملتقيات والالكترونية ومجموعات الفيس بوك، وبذلك يحصلون بقدرة أكبر على اختيار صاحب العمل الذي يعملون لديه. إلا أن هذه الممارسة صعبة في ظل نظام الهجرة الحالي إلا إذا حظي العامل بدعم كفيله الحالي. وبإمكان الحكومات الخليجية حماية حقوق العمال ومعالجة النقض في استقدام عمالة المنازل بتمكين العمال بإيجاد نظام ذاتي لتحويل للكفالة أكثر سهولة، وإيجاد منصات منظمة للتوليف بين الأعمال والباحثين عنها والمناسبين لها.