لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

العمال المهاجرون يلجؤون إلى الانتحار مع تفاقم الآثار النفسية لكوفيد 19

في 2 مايو 2020

أدت جائحة كوفيد 19 إلى تأثيرات خطيرة على الصحة العقلية للعمال المهاجرين في دول مجلس التعاون الخليجي. فقد تركت أوضاع الإغلاق، وتأثيرات فقدان الوظائف الكثيرين في حالٍ من اليأس والمعاناة. وقال أحد سائقي التاكسي ل"Migrant-Rights.org" "لقد توقف عملي منذ ثلاثة أسابيع، وأصبح وضعي يسوء يوماً بعد يوم، ولم يعد لدي ما يكفي من المال لإطعام نفسي". ويعاني الكثير من أصحابه الوضع نفسه. 

لقد توقفت الحياة تماماً بالنسبة للعمال المهاجرين في المناطق التي تم إغلاقها. وتدفع الصدمة الناجمة عن العزل الاجتماعي، والافتقار للدعم المعنوي هؤلاء إلى حافة الانتحار. ووفق تقارير إعلامية، فإنه سجّل في الكويت تسع حالات انتحار وأربع محاولات للانتحار خلال 21 يوم الماضية. وقد شهد أول أيام رمضان وحده ثلاث حالات انتحار لأجانب من أوغندة، ومصر والفلبين.

وفي الكويت، يتذكر سائق توصيل نيبالي حالة اليأس التي دفعت صاحبه إلى الانتحار، قائلا: “كان صاحبي يتطلع للعودة إلى وطنه بعد عامين من العمل، وقد تمت الموافقة على إجازته، كما تم شراء التذاكر، إلا أنه انهار لدى سماعه أنباء عن إغلاق المطار قبل ليلة واحدة من سفرة، الأمر الذي أدى في النهاية إلى انتحاره." 

كما انتحر عاملان مهاجران هنديان خلال الإغلاق. وقال مصدر مقرّب من المتوفيَين أنهما كانا يعانيان من الضغوطات والقلق على قدرتهم على النجاة في هذه الظروف وكذلك دعم أسرعهم في أوطانهم. كما انتحر عامل فلبيني آخر في مستشفى بالكويت. وكان المتوفي الذي عُلم فيما بعد أنه مصاباً بكوفيد19، قد تم الاستغناء عنه من قبل الشركة التي يعمل بها. وقال أحد العاملين بالمستشفى:" لقد كان يبكي، وكان مكتئباً لأنه خضع للتحقيق في مسألة كورونا، وقال إنه تسلّم استغناء رسمي عنه من العمل."

كما شهدت البحرين، أيضاً، قفزة في أرقام حالات الانتحار خلال الشهرين الماضيين، إذا تم الإبلاغ عن ست حالات انتحار بين الهنود وحدهم. وارتفع عدد حالات الانتحار في البحرين خلال العامين الماضيين بسبب الضغوطات المالية بشكل أساسي. وكان 18 من أصل   23  مهاجراً هندياً انتحروا في 2018، هم ضحايا عدم دفع الأجور. وقد أدى تفشي كوفيد 19 إلى تزايد حدة الأزمة التي يعيشها هؤلاء، الأمر الذي يدفعهم إلى الانتحار. 

وأخبر الدكتور حسين الشطي، وهو طبيب نفسي في المستشفى الأميري، صحيفة الراي أن الضغوطات المالية قد تكون العامل الأول الذي يؤدي إلى ارتفاع حالات الانتحار في مجتمعات المهاجرين. 

"كذلك، لا ننسى أن الضغوط المالية التي قد يعاني منها الشخص، خصوصاً الوافد، قد تكون سبباً كبيراً في اتخاذ قرار الانتحار، فمعظمهم أصبحوا لا يتقاضون رواتب، وإن كانوا يمتلكون مدخرات، فهي شارفت على الانتهاء، وفوق ذلك كله ضغوط من ملاك العقار يطالبونهم بدفع إيجار المسكن إلى جانب اتصالات من أهلهم في بلدانهم يطلبون منهم المال أيضاً من دون معرفة تاريخ محدد لانتهاء هذا الحجر للعودة إلى أعمالهم وكسب لقمة العيش، وبالتالي تتزايد كل هذه الضغوط النفسية وتكون سبباً كبيراً يؤدي إلى رغبة الشخص بالانتحار ظناً منه بأنه الحل المريح".

 وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكم الهائل من الأخبار المزيفة حول كوفيد 19 والاحتياطات اللازمة لمكافحته يؤثر على الحالة النفسية ويؤدي إلى القلق والاكتئاب. وبحسب الدكتور الشطي ، "إلى جانب ذلك، جهلهم إن كانوا مصابين بفيروس كورونا المستجد أم لا، مع متابعة الاخبار وأخذ المعلومات من مصادر غير موثوقة والتي تردد عدم إيجاد علاج لهذا الفيروس، غير منتبهين إلى الأخبار الموثوقة التي تبشر يومياً بشفاء عدد كبير من الحالات في شتى بقاع العالم، كل تلك الأمور من شأنها أن تدفع الشخص إلى اتخاذ قرار إنهاء حياته بالانتحار"

في البحرين، بادرت الفرق المجتمعية بالقيام بتقديم المساعدة بتوفير استشارات للعمال المهاجرين حيث توقعات زيادة محتملة في الأمراض العقلية بينهم. وعبّر رئيس صندوق المجتمع الهندي للإغاثة، الدكتور بابو راماشاندران، وهو أيضاً استشاري عام في مستشفى الارسالية الأميركية، عن قلقه إزاء الوضع وقال لصحيفة Gulf Daily News :"لا نستبعد حدوث ارتفاع كبير في عدد الإصابات بالاكتئاب خلال الأيام المقبلة." 

ولا يقتصر المأزق الذي وجد العمال فيه أنفسهم على خسارة وظائفهم أو القيود المالية. فقد وجدوا أنفسهم أيضاً محاصرون بسبب قيود السفر إلى أوطانهم. وقال جميل، وهو محاسب هندي يعمل في إحدى الشركات الخاصة:" دفعت شركتي لي راتباً حتى 15 أبريل، وطلبت مني أخذ إجازة بدون أجر، وأعطتني خيار المغادرة إلى بلدي إذا رغبت في ذلك. والآن لا أستطيع أن أدفع إيجار مسكني إذا لم أحصل على راتبي، كما أنني لا يمكن أن أسافر إلى بلدي بسبب عدم وجود رحلات إلى بلدي". 

وبشكل مشابه، يعاني الراغبون في الاستفادة من العفو أو فترة السماح من الضغوطات العاطفية وتشوش الرؤية. ففي الكويت، صدر عفواً عن المهاجرين غير النظاميين في أبريل، تتحمل الحكومة من خلاله تكاليف عودة المهاجرين إلى بلدانهم. إلا أن بعض الدول تمنع مواطنيها من العودة. وقال أحد الراغبين في الاستفادة من هذا العفو ويحمل الجنسية الهندية: “تقدمت بطلب الاستفادة من العفو عندما علمت أنه لن يكون هناك غرامات أو أية عوائق لدى العودة إلى الكويت. وعندما أرى الكويت والدول الأخرى تعيد مواطنيها من الهند ومن كل دول العالم، أشعر أن بلدي لا يحتاجني وأنه تخلّى عني عندما احتجت للعودة".  وأعلنت الهند أنها لن تفتح مطاراتها لطالبي العفو، إذا أن البلاد في حالة إغلاق تام حتى نهاية أبريل. 

إن العزلة، والانفصال عن العائلة، والافتقار إلى وجود المجتمع يزيد من صعوبة التعامل مع الضغوطات في مثل هذه الأزمة. ويواجه وصول العمال إلى الرعاية الصحية صعوبات حتى في أفضل الأوقات، أما الصحة العقلية فهي ليس فقط غير مصنفة كأولوية وإنما أيضا غالباً ما يتم وصمها. إن الحاجة الآن كبيرة في دول الخليج وفي دول الأصل لإيلاء هذا الأمر الأهمية اللازمة وتوفير المساعدة اللازمة لتخفيف ما يمر به المهاجرون في أزمتهم الحالية. 

 بمساهمة من دلال الأستاد

تم تعديل هذا الموضوع ليتضمن التحديث من البحرين في 3 مايو 2020.