لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

من نيجيريا إلى الإمارات ... المرور بأصناف الخداع

في 27 أغسطس 2020

اسمي ألين، وأبلغ من العمر 31 عاماً من نيجيريا، أعزب وأب لابنةٍ عمرها 12 عاماً. أعيش وأعمل في أبو ظبي. 

تخرجت من جامعة نيجيريا، حيث درست المحاسبة، كما أحمل دبلوما في إدارة الضيافة. 

بدأت رحلتي للهجرة في ديسمبر 2013، عندما سافرت إلى دبي بتأشيرة زائر مدتها 30 يوماً، بأمل البحث عن "مرعى أكثر خضرة" وخلق حياة أفضل لمجتمعي وعائلتي. 

ولدى وصولي، التقيت بأحد الأخوة النيجيريين الذي أخذني إلى شقة بغرفة واحدة لأقيم فيها مع خمسة نيجيريين آخرين، وكان علىّ أن أدفع له إيجاراً قدره 200 دولار شهرياً.

استغرقني الأمر عدة أيام كي أستقر، لكنني بدأت البحث عن العمل الأسبوع التالي. ولسوء الحظ أن النيجيريين في الإمارات موصومون، ومُميزٌ ضدهم كعرق ومحرومون من وظائف الياقات البيضاء المربحة برغم مؤهلاتنا. وبسبب ظروفي الاقتصادية الصعبة، قبلت العمل في وظيفة مؤقتة في مطعم بسيط في أبو ظبي. 

كانت الشركة مملوكة لرجل أعمال إماراتي ويديرها مدير مصري. وكان المطعم يدار بأسلوب سيئ وغير منظم بشكل جيد. تأخرت الرواتب حتى ثلاثة شهور، وكان مكان إقامتنا سيئاً جداً، فكنّا 10 أشخاص نتشارك غرفة واحدة، كما نتشارك دورة المياه والمطبخ مع 20 آخرين.  

وبعد تحمل عملي وفق العقد لمدة عامين، التحقت بعمل آخر كان ينتظرني في فندق على وشك الافتتاح في أبو ظبي من سلسلة فنادق عالمية ويقع في مركز المدينة. كانت الإدارة لطيفة جداً أما السكن فشتّان بينه وبين السابق – شخصان فقط في كل غرفة كما تتوفر مرافق رياضية فيه. 

مع ذلك، فقد كان عملي يتطلب انتظار الطاولات في قسم الولائم، ما يتطلب العمل لساعات إضافية، والكثير من الوقوف والانحناء، ودفع أشياء ثقيلة، والترتيب لإقامة الفعاليات وتفكيك هذه الترتيبات بعد الانتهاء. كان العمل مرهقاً للغاية ونجم عنه عدة زيارات للطبيب. وتحمّل صاحب العمل تكاليف العلاج والعملية الجراحية، ولكن ظهري تدهور عندما عدت إلى عملي من جديد. 

وبرغم أنني كنت قد وقّعت على عقد مدته عامين، إلا أنى لم أكمل سوي 18 شهراً لأن العمل كان مرهقاً. حصلت بعد ذلك على عرض آخر للعمل مع فندق فاخر أيضاً، كنادل مرة أخرى. كان الراتب أفضل وكذلك المسئوليات كما ذُكرت في خطاب العرض. ولسوء الحظ، عندما بدأت العمل، نقلت مرة أخرى إلى قسم المآدب والولائم. وعملت هناك لمدة عامين.

كان أغلب من تحدثت معهم من المهاجرين قد جُلبوا إلى الإمارات بوعود لحياة أفضل وأعمال جيدة، ولكن هؤلاء الوكلاء يستولون على أموالهم ويتركونهم عالقين. ودائماً يكون هؤلاء الذين تعرضوا للغش قد وصلوا إلى الإمارات بتأشيرات سياحية أو زيارة. 

خلال فترة عملي في الفندق الثاني، تطور لدي اهتمام في مجال الصحة واللياقة (كنت سميناً، ولكنني كنت أيضا قادراً على التمرّن وخفض مقدار الطعام الذي أتناوله وبدأت رحلة إنقاص الوزن).

التحقت ببعض الدورات في اللياقة، والتدريب الشخصي والتغذية في دبي وحصلت على شهادة بذلك. 

حصلت على وظيفة في نادي صحي في يناير 2020. ولكن في أعقاب تفشي كوفيد 19 في البلد، حوالي في أبريل، تم انهاء عقدي. كان الأمر صعباً لأنني لم أحصل على راتب أو علاوات. 

اضطررت إلى إخلاء محل إقامتي والانتقال إلى سرير بمشاركة عدد كبير من الأشخاص في الغرفة. ولم تساهم الحكومة النيجيرية في دعم أو مساعدة رعاياها في الإمارات. لقد كان الأمر صعباً، ومازال كذلك. 

لا يوجد الكثير من الأعمال المتوفرة، ولكن بفضل العديد من الأشخاص الطيبين والمنظمات الأهلية، حصلت ومن هم مثلي على المساعدة للحصول على الطعام ودفع إيجارات الغرف. 

ما زلت عاطلاً، وأعاني من أجل الخروج من هذا الوضع، لكنني أيضاً إيجابي وأعمل في خدمة المجتمع والتطوع. وخلال فترة هذه الجائحة تمكنت من العمل مع متطوع آخر على إنشاء مجموعة واتس أب لدعم المجتمعات الأفريقية – ولدينا أعضاء من نيجيريا، والكاميرون، وغانا، وأوغندة. 

كانت دعم أخواننا وأخواتنا شرفاَ عظيماً.

وأنشأت هذه المجموعة لمساعدة ودعم المجتمعات الافريقية التي هي في حاجة للمساعدة – البعض تقطعت بهم السبل ويضطرون للنوم في الخارج في الجو الحار لعدم قدرتهم على دفع الإيجار؛ والبعض لم يكن يملك المال لشراء الطعام فيما البعض لم يتمكنوا من شراء تذاكر العودة إلى بلدانهم. 

وخلال عملي في مجال الإغاثة، كشفت اللقاءات مع العمال الكثير من حالات الخداع التي كان عليهم مواجهتها. الأفارقة كانوا موصومين نوعاً ما. والعديد من الشركات لا ترغب بتوظيفنا إلا لأعمال الانشاءات أو التنظيف. وحتى بين الأفارقة أنفسهم، توجد طبقية، وأولئك الذين يحملون درجة علمية أو جواز ثان لدولة غربية فهم أفضل حالاً. 

كان أغلب من تحدثت معهم من المهاجرين قد جُلبوا إلى الإمارات بوعود لحياة أفضل وأعمال جيدة، ولكن هؤلاء الوكلاء يستولون على أموالهم ويتركونهم عالقين. ودائماً يكون هؤلاء الذين تعرضوا للغش قد وصلوا إلى الإمارات بتأشيرات سياحية أو زيارة. 

فعلى سبيل المثال، هناك في المجموعة، كاميروني تم خداعه بالاستيلاء على 7000 درهم منه للعمل كحارس أمن. وقام بدفع المبلغ قبل أن يترك بلاده، ليصل إلى دبي ثم يكتشف أن الأمر برمّته احتيال. وكان لدية تأشيرة زيارة مدتها ثلاثة شهور، وبالتالي فعليه الحصول على عمل ليغيّر وضعه ويحصل على إقامة.  

وبسبب الجائحة، لم يتمكن من الحصول على عمل فعاد إلى بلاده مديوناً وخالي الوفاض. وفي حالة أخرى جاءت سيدة نيجيرية إلى هنا بتأشيرة سائح والتقت ببعض الوكلاء الذين وعدوها بوظيفة. وطلبوا منها دفع 2000 درهم، وهو ما فعلته، ولكنها لم تحصل أبداُ على الوظيفة، كما لم تسمع من الوكيل مرة أخرى. ولا يتم التعامل مع هذه الحالات على أنها قضية عمالية، وإنما قضية احتيال تتطلب الذهاب إلى الشرطة. وقدمنا بلاغ لدى الشرطة، ولكننا لم نتمكن من رفع قضية بسبب عدم وجود الوثائق التي يمكننا تقديمها. 

هناك أيضاَ العديد من القصص لعمال تم إنهاء عملهم من الشركات التي يعملون بها بسبب كوفيد 19 دون مكافأة أو أجر. جميعنا ندعم بعضنا البعض كما نطلب أيضا المال والمواد الغذائية. ونجحنا في توفير غرفة وإعطاء سرير لهؤلاء الأكثر تضرراً. 

وفي الآونة الأخيرة، انتشر فيديو لمجموعة من الأفارقة ممن تقطعت بهم السبل واضطروا للنوم في العراء خلال فصل الصيف القائظ. ذلك لأنهم غير قادرين على دفع الإيجار. فقد قام صاحب العقار بطردهم، ولم يتمكنوا من شراء تذكر السفر للعودة. وعندما اتصلنا بالقنصلية النيجيرية، جاء وفد وألقى خطاباً وغادر بدون أي أمل للمساعدة أو الدعم. فاضطررنا للجوء على مجموعات خيرية أخرى للمساعدة. 

مع ذلك، لازلت لا أريد المغادرة. مما يبدو، أرى منهجاً إيجابياً لذلك، أعني، أن ضمان وظيفة في صناعة اللياقة البدينة سيكون أفضل حل، أو، بصراحة، أي وظيفة متوفرة حالياً. فلا يوجد أي شيء للعودة من أجله إلى نيجيريا، فالاقتصاد أسوأ، والكثير من النيجيريين عاطلين عن العمل، فالبقاء هو الخيار الأفضل، وريما الحصول على وظيفة تمكنني من رعاية ابنتي ووالداي اللذين يساعدونني في رعايتها في الوطن. 

وبرغم هذه المصاعب، فإن عملي في الإمارات ساعدني كثيراً. فقد تمكنت من تمويل رسوم أختي الدراسية، كما ساعدت والدي في سداد الرهن العقاري، وقمت بتلبية احتياجات عائلتي، والأهم من ذلك كله أنني تمكنت من توفير رسوم ابنتي الدراسية ومستلزماتها.

ألين، الذي طلب عدم ذكر اسمه الحقيقي، هو عامل مهاجر نيجيري في الإمارات، ساعد، خلال الشهور الماضية، آخرين مثله للنجاة من الجائحة.

تصوير: Anna Fuster, Creative Commons, https://flic.kr/p/DkmUyM