لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

تقطعت بهم السبل خارج السعودية: المقيمون المهاجرون يقعون في براثن الإهمال والغموض يلفّ عودتهم

في 24 سبتمبر 2020

في استجابتها لكوفيد 19، أصدرت السعودية في 15 مارس حظراً على الرحلات الدولية مدته أسبوعين. الكثير من المواطنين والمقيمين كانوا على ثقة برفع ذلك الحظر بسرعة، ولم يدركوا حينها أنه الفيروس كان أكثر من مجرد انفلونزا موسمية، وآخذين في الاعتبار خبرة المملكة في التعامل مع الإصابات كما كان مع "متلازمة الشرق الأوسط التنفسية" (MERS) في الماضي. إلا أن الحظر لم يُرفع إلا جزئياً بعد 6 شهور، ولم يتمكن من العودة سوى المواطنين، والمقيمين ممن يحملون تأشيرة سارية المفعول.

وبالإضافة إلى التأشيرة السارية، أصبح لزاماً على المهاجرين المقيمين إجراء فحص الإصابة (PCR) قبل 48 ساعة من الوصول إلى المملكة، فيما يُعفى المواطنون من ذلك. وعند الوصول يتوجب على جميع العائدين الحجر الصحي لمدة ثلاثة أيام، يخضعون بعدها للفحص (PCR) خلال 48 ساعة في وزارة الصحة.

ومع العودة المشروطة، والرحلات القليلة، لايزال هناك الآلاف من المقيمين المهاجرين تقطعت بهم السبل في الخارج غير متأكدين من مصيرهم. البعض سلك طريق المنصات العامة لمشاركة قصصهم والتفاعل مع الآخرين الواقعين في الظروف نفسها. وتوحدوا (افتراضيا) في الشتات تجمعهم المخاوف المشتركة بشأن عودتهم إلى المملكة، فيما فاضت حسابات تويتر للمديرية العامة للجوازات، ووزارة الداخلية، والشئون الخارجية، وأبشر، والخطوط السعودية، وهيئة الطيران المدني بالمناشدات من قبل المقيمين الذي علقوا في أماكن مختلفة في العالم. 

وبلمحة سريعة لهذه الحسابات على مدى الشهور القليلة الماضية، يتضح كيف تسببت الجائحة في تعطيل حياة المهاجرين المقيمين في السعودية بأشكال مختلفة. غالبية هؤلاء المهاجرون العالقون ينتمون للهند، وباكستان، وبنغلادش، والفلبين، ومصر، والسودان والدول العربية المجاورة الأخرى. تنتابهم مختلف المخاوف والياس، لكن القلق الأكبر الشائع والمشترك بين هذه المجموعات المختلفة هو فقدان الوظيفة، الذي يؤثر في نهاية الأمر على وضع إقامتهم تحت نظام الكفالة. وتخضع الإقامة المرتبطة بالعمل (بطاقة الإقامة) للتجديد سنوياً. ومنذ الاغلاق المؤقت للحدود الدولية، مددت الحكومة السعودية صلاحيات بطاقات الإقامة والتأشيرات مجاناً للعالقين خارج المملكة، ما خفف، إلى درجة ما، المخاوف. لكن يبقى السؤال: على متى ستتحمل الحكومة هذه التكاليف.

يقول عمر، الذي لايزال عالقاً خارج المملكة:" جئت إلى بلادي لقضاء إجازة قصيرة ولكنني علقت هنا بعد أن أغلقت السعودية حدودها الدولية. في أغسطس، طلبت مني الشركة التي أعمل بها أن أستقيل، وقالت إنني لست مضطراً للعودة، تركت جميع متعلقاتي في المملكة، ولكن الآن ليس لدي عمل هناك، أريد أن أعود لكن ما الذي سيحدث عندما أصل إلى هناك، لست متأكداً مما يجب عليّ فعله."

من جانبه، عبّر ديفيد عن المخاوف نفسها. "هناك رحلات جوية من بلدي إلى السعودية، وأنا في أمس الحاجة للعودة حتى إن كان عليّ أن أدفع ثلاثة أضعاف قيمة التذكرة، لكن إقامتي انتهت في 5 سبتمبر. وقد طلبت من كفلائي أن يجددوا لي لكنهم أخبرني أنهم لا يستطيعون فعل ذلك. ولكن العديد من أصدقائي في أوضاع مشابهة جُددت إقاماتهم من قبل الكفيل. حقاً أتمنى أن تجدد الحكومة الإقامة تلقائياً كما فعلت في المرة السابقة. فإذا ما تُرك الأمر لكفلائي، فأنا أشك أن يفعلوا ذلك على الإطلاق. "

تُسلّط مخاوف عمر وديفيد الضوء على الضعف الكامن في نظام الكفالة، الذي يترك أموراً مهمة لتقدير الكفيل، فيما يبقى العامل عاجزاً عن فعل شيء.  وعبّر مهاجرون آخرون عن عدم التأكد بشأن المطالبة بممتلكاتهم نظراً لأن إقامتهم المؤقتة مرتبطة بالكفيل. وفي الوقت الذي أعلنت الحكومة بعض الإصلاحات العمالية للعاملين في القطاع الخاص، خصوصاً للمتضررين من كوفيد 19، إلا أنها بالكاد تتطرق للوضع غير المستقر للعمال المهاجرين.

وأدى الوضع الحالي الذي صاحبه الكثير من إعلانات السعودة خلال الشهور القليلة الماضية إلى تفاقم مخاوف هؤلاء غير القادرين على العودة. وتستوجب السعودة استبدال العمال المهاجرين بمواطنين سعوديين في وظائف معينة، وفي حين أن مثل هذه السياسات مطبقة منذ عدة سنوات، فإن تأثير أزمة كوفيد 19على سوق العمل سرّع هذه التدابير لتوطين الوظائف. 

من المهم أن تُبقي الحكومة السعودية، العمال المهاجرين على علم بالتدابير التي يتم اتخاذها لعودة العالقين في الخارج. كما يجب أن توضّح الإجراءات التي يتم وضعها للمطالبة بالمزايا، والمستحقات والوفاء بالالتزامات في المملكة، لهؤلاء الذين قد لا يُسمح لهم بالعودة بسبب فقدان وظائفهم. ويجب أيضاً أن تكون هذه الآليات على أسس ثنائية تشمل سفارات الدول التي يأتي منها العمال العالقين. 

بالإضافة إلى ذلك، فإن الذين تركوا ورائهم بيوتاً قائمة، مثل عمر، فهم يحتاجون لمساعدة كي يسووا أوضاعهم. ولا يزال أصحاب العمل مسئولون تجاه العمال الذين تم تسريحهم بسبب هذه الأزمة.

*تم تغيير أسماء جميع الافراد الذين تم ذكرهم في هذا المنشور