لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

تحديات ضمان التوظيف الأخلاقي

نظرة فاحصة في مسار بنغلادش- قطر

في 14 أكتوبر 2020

تتفوق فرص العمل في الخارج في الخارج على الحقائق القاسية على أرض الواقع عند موازنتهما، تاركة المهاجرين المحتملين يزنون خياراتهم ليرسوا في نهاية الأمر على اختيار الهجرة ودفع ما تتطلب من رسوم توظيف باهظة. وتركّز المبادرات المختلفة مثل حملة التوظيف المتكافئ لمنظمة العمل الدولية ILO،  ومبادرة الإطار الدولي لنزاهة التوظيف  (IRIS) ،للمنظمة الدولية للهجرة IOM ،بالإضافة إلى أدوات التوظيف المسئول، على تشجيع ممارسات التوظيف المسئول – لاسيما بتناول ومعالجة التكاليف الباهظة التي يتحمل دفعها العمال المهاجرون. ويعتبر خفض هذه التكاليف جزءا أساسيا ومهماً لقيادة أنشطة توظيف متسقة ومنهجية وأخلاقية. ومع ذلك فإن الوضع في الدول المرسلة للعمالة، مثل بنغلادش، يشير إلى أن هذه الموجات من المبادرات الدولية لم تصل إلى شواطئها بعد. وتشكّل الثغرات الموجودة في ممارسات التوظيف في كلا الدول المنشأ والمقصد، الكثير من المخاطر التي تواجه العمال المهاجرين. 

وبالإضافة إلى ذلك، فإن هناك إغفال واضح لاحتياجات المرأة المهاجرة في خطابات التوظيف الأخلاقي، برغم أنها تشكل نحو نصف العمالة المهاجرة حول العالم. ويعني عدم وجود منظور لنوع الجنس الاجتماعي، أن اللوائح لا تأخذ في اعتبارها التحديات الخاصة التي توجهها المرأة في كلا بلدان المنشأ والمقصد، فيما يتعلق بالقدرة على الوصول وسهولة الحركة والتنقل، والمعرفة والاستقلال المادي.  وتعتبر هذه التحديات لبّ الموضوع إذا يُنظر إلى التوظيف الأخلاقي على أنه فقط التكاليف المالية وليس الأعباء الاجتماعية والثقافية التي ترافق الهجرة والتي تتأثر بها، بشكل غير متناسب، النساء. 

وهذا ما يقودنا إلى القضية الرئيسية في شأن التوظيف الأخلاقي. فالحكومات والمجتمع المدني تصدران توجيهات للوكالات بعدم فرض أية رسوم على المهاجرين المرتقبين. إذن، فمن يتجمل مسئولية تكاليف التوظيف؟ لابد من أن يكون هذا واضحاً وألا يكون شأناً خاصاً بمكاتب ومؤسسات التوظيف وحدها. علاوة على أنه يجب أن يُنظر لحق المهاجرين في العمل على أنه أمر مقدس. وهذا بدوره يقودنا إلى عدة قضايا بارزة ولكن دائماً ما تعالج بشكل سطحي. 

مركز التدريب والفحص ببنغلادش

1) ماهي معايير التوظيف الأخلاقي؟

2) كيف يمكننا التأكد من تضمين المعايير الأخلاقية في عملية التطبيق؟

3) كيف يمكننا التأكد من تضمين المعايير الأخلاقية في عملية التطبيق؟

4) كيف تحدد ما إذا كانت شركة التوظيف هي فعلاً موظِّف أخلاقي؟

وتحتاج النقطة الأخيرة، تحديداً، إلى المزيد من النقاش في دول المقصد. ففي دول الخليج، من الاعتيادي أن يتم التوظيف بعد رسو المشروع على الفائزين به. وبذلك فإن حركة توظيف العمالة للمشروع تستغرق ما بين عدة أيام وشهر واحد. وبالإضافة إلى ذلك، فإن 98% من العطاءات يتم ترسيتها بناء على التكلفة، وفي الغالب على الأقل كلفة أو الثاني قبل الأقل كلفة. وفي الحالتين، فإن التكاليف تعتبر كلفة القوى العاملة هي كلفة متغيرة، فيما لا يُحسب حساب تكلفة التوظيف.  

ما هو التوظيف الأخلاقي؟

لا يوجد تعريف واحد للتوظيف الأخلاقي، ولا حتى مجموعة من المعايير المتفق عليها عالمياً، يتم تطبيقها. فلا شك أن السمة المميزة للتوظيف الأخلاقي هي عدم تحميل العامل دفع رسوم للعمل، إلا أن هذا لا يمكن أن يكون قابلاً للتطبيق إلا عندما يتم تحديد التكلفة التي تنطوي عليها عملية التوظيف وتوزيع مسئولية تحمّلها بين أطراف هذه العملية. وليس من الحكمة، في كل الأحوال، اقتراح تحمّل صاحب العمل وحده جميع رسوم التوظيف، وإنما يجب توزيعها على أطراف الهجرة الثلاثة: صاحب العمل، وكالة التوظيف والمهاجر نفسه (انظر إلى الجدول 1).

 برغم تصاعد الالتزامات الدولية بشأن التوظيف اللائق وممارسات التوظيف، إلا أن هناك مبالغ طائلة تدفع من قبل أكثر العمال المهاجرين ضعفاً وغير المحميين من الدول النامية. ويلعب وضعهم ودورهم في المجتمعات المترابطة التي يأتون منها، دوراً كبيراً في الهجرة. ولا يمكن لأي وكالة أو جمعية القضاء على هذه العلاقات الوثيقة ولا على العوامل المساعدة على معدلات الهجرة المرتفعة – الوسطاء والدلالون والسماسرة. ولا يوجد هجرة بدون تكلفة في أي من مسارات الهجرة الموجودة. ومع ذلك، فإن التأكد من أن تكاليف الهجرة ليس لها سوى تأثيرات ضئيلة على المهاجرين أنفسهم، يعتبر الخطوة الأولى باتجاه ضمان عدم تحمل العمال لأي تكاليف لهجرتهم.  

ولنأخذ بنغلادش مثالاً على ذلك. فإن الحد الأقصى الذي تفرضه الحكومة على رسوم التوظيف لشركات التوظيف وحدها تجعل خفض تكاليف الهجرة غير ممكنة. البعض قد يجادل بأن الهجرة العادلة من الممكن أن تكون مكسباً للطرفين، المهاجر وصاحب العمل – رفع الإنتاجية بتوظيف العمال من ذوي المهارات والقدرات المناسبة، ومساعدة المهاجرين لتحقيق الفائدة الكاملة للسفر خارج الحدود من أجل حياة أفضل. وتعتبر حكومات الدول المرسلة أحد المستفيدين الرئيسيين من عملية الهجرة تلك، إذ تساعد التحويلات المالية التي يبعثها هؤلاء المهاجرون في بناء هياكل اجتماعية واقتصادية غير رسمية وتسد فجوات في إدارة الحكم. 

الجدول (1): التكلفة الحقيقية لتوظيف العامل متدني المهارة بحسب أرقام 2019 

بلد المنشأ دولار أمريكي  بلد المقصد دولار أمريكي
التكلفة المتغيرة التكلفة المتغيرة
السفر الداخلي، الطعام، الإقامة 50-100 تذكرة السفر 300-350
عمولة الوكيل الوسيط 50-100 عمولة الوكالة 250-450
المجموع (متوسط) $150.00 المجموع (متوسط) $675.00
التكلفة الثابتة التكلفة الثابتة
الفحص الطبي 67 تأشيرة العمل 82
التمهيد والتوجيه 2 تصديق التأشيرة 150
صندوق الرفاه 10 تصريح الإقامة 320
التأمين على الحياة 7 الفحص الطبي 30
تخليص البصمات والقوى العاملة 60 البطاقة الطبية 30
المجموع الفرعي $146.00 المجموع الفرعي $612.00
مجموع المجاميع الفرعية $296.00 مجموع المجاميع الفرعية $1,287.00
المجموع الكلي $1,583.00

* المصدر: مقابلة مع مدير التسويق بوكالة توظيف

تبرر تكاليف التوظيف المقدرة أعلاه الحد الأقصى لرسوم التوظيف الذي فرضته حكومة بنغلادش (84,000 تاكا بنغلاديشي) إذا ما تحمّل أصحاب العمل تكاليف تذاكر السفر وعمولة وكالة التوظيف، وهو أمر نادر الحدوث في هذه الحالة.

ويوفر الجدول أدناه، فهماً أفضل لتكاليف الهجرة الفعلية التي يتحملها المهاجر في سوق العمل في بنغلاديش.

الجدول 2: التكلفة التقديرية (تاكا بنغلاديشي) للهجرة من خلال القنوات القانونية

دولة المقصد متوسط تكاليف الهجرة* (يوليو 2019) التكلفة الإضافية على المتوسط الحكومي
قطر** 170000 - 270000 86000 - 186000
السعودية*** 300000 - 450000 135000 - 285000
ماليزيا 120000 - 230000 360000 - 146000
عمان 120000 - 200000 36000 - 116000
الكويت 200000 - 350000 116000 - 266000

* تخضع التكلفة لمتطلبات المهارة، طبيعة العمل، الراتب، والمزايا الأخرى.

** تأخذ في اعتبارها سقف الحد الأعلى للتكلفة (84,000 تاكا بنغلاديشي)، مثبتة من قبل الحكومة     

*** تأخذ في اعتبارها سقف الحد الأعلى (165,000 تاكا بنغلاديشي)، مثبتة من قبل الحكومة

المصدر: المقابلة الرئيسية مع مدير التسويق في وكالة توظيف

في المتوسط، يتحمل الوسطاء والمشاركون الآخرين نحو 78% من تكاليف التوظيف والهجرة(IOM,2020)، وقال 98% من العمال الذين تمت مقابلتهم أنهم قاموا بالدفع للوسطاء، إلا أن المبالغ الي دفعوها، لم تذهب بكاملها لشركات التوظيف التي وفرت لهم الوظائف في دول مجلس التعاون الخليج. وقال نحو 89% من شركات التوظيف التي تمت مقابلتها، أنها لم تتعامل مباشرة في تقييم المهاجرين المحتملين، وإنما كانت تستخدم وسطاء لذلك. ويتبين أن التكاليف تقع على عاتق المهاجرين، خصوصاً بالنظر إلى الطريقة التي يتم بها التمويل. 

وأفاد نحو 67% من العمال المهاجرين أنهم اقترضوا مالاً للتدريب ولتغيير مكان عملهم. ويموّل عدد كبير من العمال المهاجرين تكاليف الهجرة ببيع ممتلكاتهم (24%)، وبرهن ممتلكاتهم (23%) وكذلك ببيع مجوهراتهم وماشيتهم وأشجارهم وبيوتهم (20%) (IOM 2020). ويعتبر هؤلاء الوسطاء هم السبب وراء ارتفاع تكاليف التوظيف والهجرة، وينجم عن ذلك استغلال العمال المهاجرين الذين يتورطون بين شركات التوظيف والافراد الذين يشاركون في تجارة التأشيرة. وأوضحت المقابلات التي أجريت لشركات التوظيف في كل من بنغلاديش والخليج، بما لا يقبل الشك، أن الوكلاء الفرعيين هم من يتولون تكاليف التوظيف.

وفي الواقع، غالباً ما يقوم وكلاء التوظيف، والوكلاء الفرعيين والوسطاء بتغيير رسومهم على أساس مصالحهم التنافسية في دخول أسواق معينة. وبوجود الكثير من العوامل، يصبح من الصعب تعميم التكاليف الخاصة التي يتحملها العمال المهاجرون في الوقت الذي يتعاملون فيه مع وكلاء التوظيف، والوكلاء الفرعيين والوسطاء غير المسجلين رسمياً. 

الجدول أدناه يوضح حجم ما يكسبه العمال المهاجرون وقيمة مدخراتهم

قائمة المصروفات الشهرية للعمال المهاجرين متدنيي الدخل في حالة توظّفهم بالأسلوب غير الأخلاقي

الدخل (بالدولار الأمريكي) المصروفات (بالدولار الأمريكي)
الراتب 350.00 الطعام  85.00
  الهاتف 25.00
المصروفات الشخصية 25.00
الفوائد المصرفية (3% / 4 دولار أمريكي) 120.00
المجموع 350.00 المجموع 255.00
التوفير = 95 دولار أمريكي شهرياً

*المصدر: مقابلات. 60% لعمال مهاجرين في قطر، البقية لعمال مهاجرين في دول الخليج الأخرى

يبلغ مقدار ما يمكن للعامل تحويله لأسرته شهرياً، 27% تقريباً من دخله. وبذلك لايزال أفراد أسرته غير قادرين على الادخار وإنما فقط تسديد أصل القرض. ومع انعدام أية طريقة للهروب من هذا الوضع، يضطر العمال المهاجرون إلى التزام الصمت حيال أسوأ أنواع الاضطهاد.

وهناك نوع آخر من الابتزاز الذي يُمارس في دول الخليج وهو نظام إيداع الضمان. وبموجبه يطلب صاحب العمل إيداع 14,000 دولار أمريكي كحد أدني لوديعة من وكالات التوظيف، لتُستخدم كضمان. وسوف يستخدم ذلك لتغطية تكاليف عدم اجتياز الموظفين للفحص الطبي الالزامي، أو فترة التجربة والاختبار، أو إذا ما توقفوا عن العمل قبل نهاية العقد. وفي المقابل يكون لدى صاحب العمل ترتيب مع وكالة التوظيف لتوفير مالا يقل عن 50 من العمالة منخفضة المهارة. وبلا شك، فإن الوديعة الاحترازية ستضاف إلى نفقات إعادة التوظيف في مكان آخر التي يتحملها المهاجرون المحتملون. 

الفجوات بين التوقعات والمهارات

تعتبر الفجوة بين توقعات صاحب العمل والاحتياجات، والمهارات والقدرات التي يمتلكها العامل، إحدى المشكلات المتكررة. وبدون وجود مراكز لتطوير المهارات التي تلبي احتياجات أصحاب العمل الدوليين، سوف تستمر هذه الفجوات، وسوف تتواصل معاناة العمال المهاجرين لاستبدال العقود. 

وبالإضافة إلى ذلك، فإنه على رغم وجود اعتراف في بنغلادش بأن المهاجرين ينتجون عملات أجنبية أكثر من صادرات الملابس، إلا أن قطاع التوظيف لا يتسلّم مساعدات حكومية على غرار صناعة الملابس. وهناك العديد من القائمين بالتوظيف يوفرون تدريب على المهارات للمهاجرين المحتملين. وبالطبع، فإننا، وقبل أن نوصي باي حوافز من هذا النوع، لابد من أن يصمم نموذجاً واضحاً للتوظيف الأخلاقي وأن يتم تبنيه في دول الأصل، وأن تُقدم الحوافز فقط لأولئك الذين يلتزمون بلوائح هذا الإطار.  

وفي الآونة الأخيرة، طالبت حكومات الخليج أن يتم التوظيف من خلال وكالات التوظيف المحلية المسجلة في بلدانها. وأدى ذلك إلى زيادة في رسوم التوظيف بنسبة 5% إلى 10%، على عكس الانخفاض المتوقع في تكاليف التوظيف، ذلك لأن الوكالات في دول المقصد بدأت في فرض رسوم لكل تأشيرة، على وكالات التوظيف في دول المُرسلة. 

ومن شأن القيام بدراسة وتقييم أخلاقي خلال عملية التوظيف، أن يساعد على التأكد من أن الأشخاص الذين يتم اختيارهم على الأغلب سيعملون على تحسين معايير العمل في الشركة وتقديم مثالاً يُحتذي للعاملين في الشركة. ومن غير المحتمل أن يقوم مثل هؤلاء الأشخاص بعمل أو اتخاذ قرار بشكل قد يضر بالمبادئ الأخلاقية أو بمصداقية الشركة. 

ومن أجل توفير الحماية الفعالة لرعاياها، فإنه يتوجب على دول الأصل تعيين ملاحق عمالية أو مسئولين قنصليين، على الأقل لدى دول المقصد الرئيسية. حيث يقوم الملحق العمالي بالتعامل مع الأسئلة ذات العلاقة بالعمالة، فيما يقوم القنصل بالتعامل مع الخدمات القنصلية وقضايا الشرطة التي يكون العمال المهاجرين طرفاً فيها. وقد تم اعتماد "نهج فريق البلد الواحد" في بعض الحالات، ومثال على ذلك ما طبقته السفارات الفلبينية.  وفي هذا النهج، يعمل المسئولون في السفارة كفريق بلد واحد في البعثة من أجل حماية ورفاه المهاجرين الفلبينيين. ولا يوجد في البعثات الخارجية الأخرى، مثل الدعم الكامل من قبل إدارات العمل.

وهناك المزيد مما يتوجب فعله لتطوير نظام لممارسات التوظيف الأخلاقي، ويشمل ذلك الآتي: 

  1. دراسة لب ومضمون ممارسات التوظيف في جميع الصناعات في المنطقة. ففي حين يتم إنفاق ملايين الدولارات على الدراسات والمشاريع التجريبية المختلفة، لا تتعمّق أيٍ منها في تفاصيل سوق عمل محددة، وتحليل المخاطر والفرص لممارسات التوظيف الحالية والأخلاقية على السواء. 
  2. تنفيذ ومتابعة الموارد التشغيلية بما يتفق مع التشريعات الحكومية مع وجود أنظمة مراقبة فعالة في دول المنشأ ودول المقصد على السواء. 
  3. تطوير نموذج عمل جديد للتوظيف خاص بالمسارات بحسب البلدان ذات العلاقة أو الاتفاق عليه بشكل ثنائي. 

وتشمل المجالات التي تتطلب اهتماماً عاجلاً، السياسات غير المتسقة، والامتثال في تقنين الوسطاء، ومفهوم التوظيف الأخلاقي، وتحديد تكاليف التوظيف لجميع أطراف الهجرة. وبدلاً من قانون الهجرة الدولي، فإن الاتفاقات الثنائية في القطاعات المختلفة من الممكن أن تكون أكثر نجاحاً. وقد استشرى الوضع الحالي بسبب عدم قدرة الحكومات على السيطرة على أنشطة وكالات التوظيف الخاصة ومتابعتها. إن مجرد موائمة التشريعات في بلدان المنشأ والمقصد بما يتوافق مع المعايير الدولية المعمول بها، لن يضمن عملية توظيف عادلة، مالم يتم تحديد المشكلات الأساسية، ومعالجتها ومراقبتها. 

الجائحة ومابعدها

يتحمل مئات الآلاف من العمال وطأة تبعات جائحة فيروس كورونا في المنطقة، فهم عالقون في معسكرات إقامتهم العمالية، ومضطرون للتخلي عن وظائفهم، ويواجهون معدلات الإصابة العالية بالفيروس دون أن يكون أمامهم سبيل للعودة إلى أوطانهم. وبالإضافة إلى الجائحة، فإن هشاشة وضع " المهاجرين" تفاقم بعاملين آخرين: الأول تراجع أسعار النفط وسياسات التوطين في دول الخليج. ومع بداية تفشي الوباء وما تبعه من مخاوف الإغلاق، اتجهت الشركات إما لإنهاء عقود المهاجرين منخفضي الدخل، أو إعادتهم إلى بلدانهم في إجازات طويلة. وقد انتهى الأمر بهذه الشركات، حالياً، بالمعاناة من نقص العمالة في الوقت الذي استُؤنفت فيه المشاريع، فيما الحدود ظلت مغلقة. 

هناك حاجة لقيام مختلف الحكومات بدراسة شاملة لتحليل الفرق في بيئات ما قبل الجائحة ومابعدها، ومعالجة التحديات الجديدة التي يواجهها العمال المهاجرون وأصحاب العمل. وتتضمن معايير العمل الدولية إرشادات حتى في السياق المتفرد لأزمة كوفيد 19، الأمر الذي يضمن العمل اللائق، برغم أن العديد من الأعمال عانت بسبب شح الأموال. كما أصبحت التغييرات الهيكلية طويلة الأمد أمراً لابد منه، ما لم تتصاعد التفاوتات المتأصلة المعرضة مباشرة للأزمة. وبالإضافة إلى معالجة التأثيرات الفورية للجائحة، يتحتم على صناع السياسات وضع سياسات تهدف إلى خلق قوى عاملة متطلعة للمستقبل. 

 (الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء خاصة، وتعكس العمل الذي أُنجزه في مجال التوظيف.)