لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

السعودية تعلن إصلاحات عمالية للعاملين في القطاع الخاص

لكنها لا تلغى نظام الكفالة

في 9 نوفمبر 2020

أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية، عن مجموعة من الإصلاحات لقوانين الكفالة، بما في ذلك منح قدرة أكبر للعمال على التنقل بين الوظائف، وإلغاء تأشيرات الخروج والعودة عن العمال المهاجرين العاملين في القطاع الخاص. ومن المقرر أن تدخل هذه الإصلاحات حيّز التنفيذ في 14 مارس 2021. 

وبحسب بيان الوزارة، فإنه سيُسمح العمال المهاجرين بنقل كفالتهم عند انتهاء عقد العمل، أو خلال عقد العمل دون موافقة الكفيل، بشرط الالتزام بإعطاء فترة إشعار وبـ "الضوابط المحددة". ومن المقرر أن تقدم الوزارة تفاصيل هذه الإجراءات، إلا أنها أكدت لصحيفة عكاظ بأنه يجب أن يكمل العمال عاماً واحداً في العمل كي يُسمح لهم بتحويل الكفالة. 

وتعتبر السعودية هي الدول الخليجية الوحيدة التي لاتزال تطبق تأشيرة المغادرة – وهي تصريح للمهاجرين للخروج من البلد، وتأشيرة "إعادة الدخول" للعودة إلى المملكة، وكلاهما يتطلبان إذن الكفيل. وأعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أنه بإمكان العمال المهاجرين مغادرة البلد بدون إذن الكفيل، إلا أنه لايزال على العمال المهاجرين تقديم طلب للوزارة للحصول على تصريح للخروج، وتقوم الوزارة بدورها بإشعار أصحاب العمل بمغادرة عمالهم، الكترونياً.  

وبحسب الوزارة، فإن هذه الإصلاحات الجديدة تكمّل إجراءات أخرى أُطلقت خلال السنوات الأخيرة – مثل نظام حماية الأجور لجميع العمال، رقمنة عقود العمل، إطلاق "خدمة التسوية الودية" للنزاعات العمالية – وجميعها إصلاحات لم تكن ناجحة بسبب الافتقار للتطبيق والإنفاذ

وقال وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، أحمد الراجحي، إن الإصلاحات الجديدة سوف تحسّن بيئة سوق العمل، وترفع مستوى تنافسيته بما يتماشى مع رؤية "المملكة 2030. وأعلنت الوزارة أيضاَ أن هذه الإجراءات تهدف، في جزء منها، إلى "استقطاب الكفاءات أصحاب المهارات العالية

ومن الممكن أن يساعد تحسين أوضاع القطاع الخاص في إغراء المواطنين السعوديين للعمل فيه. وبحسب ستيفن هيرتوغ، فإن منح العمال الأجانب حق التنقل من الممكن أن يؤدي إلى زيادة الأجور والإنتاجية، وأيضا يساعد في سياسات السعودة – "تعتبر القيود على الحركة هي الثغرة الأساسية في الحقوق العمالية بين الأجانب والمواطنين، وهي السبب الرئيسي الثاني الذي يشجّع أصحاب العمل على تجنب توظيف العمالة الوطنية".

ومن بين هذه العوامل، من الممكن أن يكون تقرير الخارجية الأمريكية الخاص بالإتجار بالأشخاص (TIP)، قد لعب دوراً في الضغط على الحكومة السعودية لتطبيق هذه الإصلاحات، وتصنف السعودية في أدنى مرتبة في تقرير الإتجار بالأشخاص TIP الأخير، بين دول الخليج. وأوصى التقرير السعودية باتخاذ "خطوات لإصلاح نظام الكفالة، بما في ذلك إلغاء سيطرة أصحاب العمل على تصاريح المغادرة لجميع العمال" كإجراء ذو أولوية. وتتطلع السعودية، من وراء إصلاح نظام الكفالة، إلى تحسين مكانتها في تقرير الاتجار بالأشخاص وتحسين صورتها دولياً، خصوصاً مع التقدم الذي أحرزته قطر في إصلاح نظام الكفالة.

وكانت المملكة قد تولت رئاسة G20  في ديسمبر 2019، وواجهت بعض الضغوطات لتقديم نفسها كوجهة مثالية للاستثمارات الأخلاقية والعمليات التجارية. 

ووفق تقارير إعلامية، فإن عمالة المنازل التي تصل إلى 3,7 مليون شخص، مستثناة من هذه الإصلاحات. إلا أن هناك تشريعات منفصلة خاصة بهم قيد المراجعة. وتعتبر العمال المنزلية السعودية، التي زاد عددها بنحو 20% منذ العام الماضي، من بين الفئات الأقل حماية من القوى العاملة وتم استثنائها فعلا من الإصلاحات العمالية الأخرى مثل نظام حماية الأجور. وأكدت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لـ صحيفة عكاظ، أن المزارعين، والرعاة، وحراس الأمن والسواقين الخاصين- وهم أيضا عمال لا يغطيهم قانون العمل، سوف يتم استثنائهم من الإصلاحات أيضاً. ويبقى من غير الواضح إن كان سيتم، أيضاً، استثناء العاملين في قطاع الصيد

ومن المهم أن تتبع هذه الإصلاحات، إرشادات واضحة وتطبيق صارم حتى تكون ذات فعالية. وتسمح اللوائح السعودية القائمة حالياً للعمال المهاجرين، بما فيهم عمالة المنازل، بتغيير كفلائهم تحت عدد من الظروف، بما في ذلك فشل صاحب العمل في دفع الأجر لثلاثة شهور، أو فشله في عدم تجديد تصاريح العمل. ومع ذلك، فمن النادر أن يتم تطبيق ذلك، وذلك بسبب، في جزء منه، العيوب في نظام الشكاوى، وفي آليات العدالة. ويتوجب أن يضمن أي تغيير يُجرى على نظام العمال تسهيل هذه الإجراءات، وإزالة عوائق تغيير الوظائف والمطالبة بالحقوق. 

ومن الأمور المقلقة الأخرى، قدرة الكفيل على تقديم شكاوى بتهم الهروب، وإعاقة حركة العامل ووصوله إلى العدالة. وفي مقابلة له مع بلومبيرغ، قال نائب وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، سطام الحربي أنه سوف يتم إلغاء تقارير الهروب وأنه سيكون في مقدور أصحاب العمل، فقط، إنهاء العقد. 

ومنذ الإعلان، انتشرت في وسائل الإعلام عناوين تصف هذا الإصلاح على أنه "إلغاء لنظام الكفالة". وغرّد المشروع السعودي (سعودي بروجيكت)، وهو منصة الكترونية متخصصة في مراقبة المشاريع والتطورات في المملكة ولها 1,2 مليون متابع: "رسمياً... السعودية تلغي نظام الكفالة". 

وفي الوقت الحالي، لا يوجد سوى تفاصيل قليلة لتقييم الإصلاحات، بما في ذلك ما إذا كانت إن كانت ستنطوي على قيود مشابهة لإصلاحات قطر المبكرة. وعلى المراقبين أن يكونوا حذرين في إشادتهم بهذه الإصلاحات حتى تتبين ماهيتها بوضوح – وكيف سيتم تطبيقها – في الواقع العملي. وكما ذُكر في تقريرنا السابق، فإنه ليس من غير الشائع أن تحتفي وسائل الإعلام بكل إصلاح صغير على أنه إلغاء لنظام الكفالة. إن هذه الإصلاحات التي طال انتظارها، تلغي بعض أسوأ عناصر نظام الكفالة لكنها لا تعالج العناصر الرئيسية الأخرى لنظام الهجرة العمالة التي تجعل العمال عرضة للاستغلال.