لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

متشردون في الإمارات

العمال العالقون يعانون بسبب تأخير سريلانكا لرحلات الإعادة

في 29 نوفمبر 2020

تعيش النساء السريلانكيات في حديقة عامة، على أمل الحصول على رحلة العودة التالية.

فيما تواصل المعاناة الاقتصادية حول العالم، أصبح مئات العمال المهاجرين في الإمارات بلامأوى خلال الشهور القليلة الماضية. ويعود ذلك إلى فقدان الوظائف وبسبب احجام بلدان الأصل عن قبول عودة مواطنيها. وشهدت الإمارات فشلاً متواصلاً في حماية حقوق العمال وتحميل أصحاب العمل مسئولية توفير السكن والطعام حتى يحين موعد إعادة الموظفين إلى أوطانهم. ومع ذلك، فقد بدأ التوظيف الجديد. وخذلت بلدان الأصل – أينما تواجدت –  مواطنيها بعدم توفيرها الموارد الكافية لبعثاتها لحل شكاوى من تقطعت بهم السبل. ويعتبر العمال السريلانكيون من بين من تضرروا بشكل كبير، ويعود ذلك، جزئياً، إلى قلة عدد رحلات العودة التي تنظمها بلادهم كل شهر. 

لم أعطَ أي إشعار أو مكافأة. ولديّ 30 يوم لمغادرة البلد لتجنب تغريمي، لكني لم أجد من يستمع إليّ في قنصلية بلادي."

وبحسب منظمة العمل الدولية، فإن أكثر من 95% من المهاجرين السريلانكيين هم من العاملين في الوظائف التي تتطلب مهارات متدنية وعمالة كثيفة في جميع دول الخليج. ويشكل السيريلانكيون 3,2% من سكان الإمارات (حوالي 0,3 مليون نسمة). وتعمل 90% من المهاجرات السريلانكيات في العمل المنزلي أو في القطاعات متدنية الأجر. 

تقول ريا، وهي عاملة منزلية عملت لسنوات عديدة في إمارة أم القيوين: " في صباح 27 أكتوبر، أخبرني كفيلي فجأة أنه لم يقوم بتجديد تأشيرة إقامتي" وتضيف: "لم أعطَ أي إشعار أو مكافأة. ولديّ 30 يوم لمغادرة البلد لتجنب تغريمي، لكني لم أجد من يستمع إليّ في قنصلية بلادي. كانوا يستقبلون الكثير من الناس كل يوم، وهذا ما أخبروني به." 

كما يقول السيريلانكي بي إي، الذي كان يعمل في شركة تجارة إلكترونية لمدة خمس سنوات تقريباً: "لسوء الحظ، في مارس 2020، أصبحت خدماتنا غير مطلوبة بسبب تفشي كوفيد 19، وتوجهات خفض التكاليف. ومنذ ذلك الوقت أصبحت أبحث عن وظيفة، لكني لم أوفق في ذلك. صاحب العمل، منح بي أي فترة سماح مدتها ثلاثة شهور لتأشيرته وتأشيرة زوجته التي انتهت في نهاية المطاف في يونيو 2020. ويضيف: "قررنا العودة إلى بلادنا وقمنا بالتسجيل لدى القنصلية لتعطل الرابط على الموقع الالكتروني، لكن الحدود كانت مغلقة. وفي ذلك الوقت أعفت الإمارات مخالفي تجاوز مدة الإقامة من الغرامات حتى أكتوبر 2020 (والآن مددت الإعفاء حتى نهاية العام)، الأمر الذي أعطى بي أي مزيداً من الوقت للبحث عن عمل. وتسلم عرضاً لوظيفة في منصف سبتمبر. ويقول:" في ذات الوقت حصلت على رسالة نصية من القنصلية لإجراء فحص الإصابة بكوفيد 19 تمهيداً للعودة للوطن. لكنني، ومع تأكيدات مدير الموارد البشرية لدى الشركة الجديدة، قمت بإلغاء سفري وانضممت للشركة."

وفي تحول مؤسف في الأوضاع، تم الاستغناء عن بي إي وعدد من الموظفين في الشركة بعد ثلاثة أسابيع من انضمامه لها، حتى قبل أن تبدأ إجراءات اصدار تأشيرته. ويقول: "كان آخر يوم للتأشيرة 3 أكتوبر، والآن أصبحت الشركة التي عملت بها مسبقاً تتصل بي وتهددني بتقديم شكوى ضدي بتهمة الهروب إلا إذا ما قمت بتغيير وضع تأشيرتي، لا أعرف كيف أتصرف الآن."

ويعتبر العمال الذي جاءوا بتأشيرة زائر، تحديداً، هم أكثر من أصبحوا الآن في موقف صعب. فقبل تفشي الجائحة، اقترض كثيرون منهم من العائلة والأصدقاء لتمويل سفرهم وإقامتهم على أمل الحصول على وظيفة. إلا أن الكثير منهم، وهو أمر ليس بالمستغرب، لم يتمكنوا من الحصول على عمل، وتقطعت بهم السبل بسبب افتقارهم للموارد المالية، وإغلاق الحدود وقلة الدعم من سفارتهم.

في السياق نفسه، يقول آر أس الذي وصل إلى دبي بتأشيرة زائر قبل ثمانية شهور: "آمل أن يقرأ أحدهم هذا الموضوع لكي يقوم بمساعدتنا في العودة إلى سريلانكا. لا أود الكشف عن هويتي لأن ذلك قد يعرضني للمشاكل." وتمكن آر اس من البقاء مع بعض الأصدقاء وتدبير معيشته بأموال مقترضة. ويستدرك بالقول: "لكن ذلك ليس أمراً مستداماً، فقد توجعت إلى القنصلية على أمل إعادتي إلى الوطن، لكن المسئولين هناك ألقوا علينا باللائمة بسبب مجيئنا إلى دبي بتأشيرة زائر." 

وبعد أن فقدوا مكان إقامتهم، ولم يعد يتوفر لهم الطعام والماء، أصبح آر أس وآخرين معه ينامون في أحد المتنزهات. ويقول: "نذهب إلى القنصلية كل صباح بأمل أن نجد أسماءنا على قائمة الإعادة إلى الوطن، ولكننا في كل مرة لا نحصل إلا على تجاهل مسئولي القنصلية لنا." ويضيف: "لم تعد باليد حيلة، ليس لديّ مكاناً أقيم فيه، ولم أتناول الطعام لأيام، كما أن سفارتنا لا تقدم المساعدة. آمل أن يساعد نشر قصتي في الحصول على المساعدة."

ويعتبر آر أس، واحداً من بين العديد من العمال – من دول مثل غانا ونيجيريا – الذين أصبحوا يعيشون في المتنزهات، ويعتمدون بشكل أساسي على المساعدات من قبل المتطوعين وأحياناً من الحكومات المضيفة. وتعاملت السفارات والقنصليات المختلفة مع احتياجات مواطنيها للعودة إلى الوطن بطرق مختلفة. 

وظل كثير من السريلانكيين ممن هم بحاجة للعودة إلى الوطن، لشهور، ينامون في أحد المتنزهات العامة بالقرب من قنصلية بلادهم في دبي. وحصل الكثيرون منهم في البداية على مأوى للإقامة من حكومة دبي، ومن المنظمات الأهلية المسجلة محلياً، ومن المتطوعين. وبحسب هؤلاء العالقين فإن المعاملة التي تلقوها من حكومتهم وقنصليتهم كانت قاسية وغير منظمة. وبرغم من أنهم كانوا يأخذون طرود الإفطار والغداء من القنصلية، إلا أنهم اعتمدوا بشكل أساسي على المتطوعين لتوفير الطعام والمستلزمات الضرورية، ولم يحصلوا على أي دعم للسكن. وكان هؤلاء العمال الذين كان من بينهم نساء، ممن لم يتمكنوا من الوصول لدورات المياه أو مرافق للاستحمام، يحاولون الذهاب إلى المحلات التجارية القريبة، والمطاعم ومحطات الخدمات، إلا أنه لم يكون يسمح لهم بذلك بسبب قيود كوفيد 19. 

ولم يبدِ موظفو القنصلية، عندما تم الاتصال بهم، استعداداً للرد وإعطاء أجوبة واضحة حول ترتيبات الإقامة ورحلات العودة. وكان التفسير المتكرر هو نقص الموارد المالية واحجام الحكومة السريلانكية عن استئناف رحلات العودة من أجل احتواء حالات الإصابة بكوفيد 19 في البلاد. كما أنهم أصروا على أن اقتصار التسجيل في قوائم رحلات العودة على أولئك الذين جاءوا بتأشيرة عمل والمسجلين لدى وزارة الخارجية. 

وفيما أُعلن مؤخراً عن رحلة أخرى للعودة للوطن، لم يتمكن الكثيرون ممن هم على القائمة المبدئية من شراء التذاكر بسبب بقائهم دون عمل لعدة شهور. وعلى عكس الرحلات السابقة، تطلب القنصلية إثبات توفّر المال – إما من قبل المهاجرين أنفسهم أو من خلال المتطوعين أو المتبرعين – من أجل تضمين أسماؤهم في القائمة. 

" لم تعد باليد حيلة، ليس لديّ مكاناً أقيم فيه، ولم أتناول الطعام لأيام، كما أن سفارتنا لا تقدم المساعدة. آمل أن يساعد نشر قصتي في الحصول على المساعدة." 

وبرغم من أن كلا دول المنشأ والمقصد قد تجاهلتا تحمّل المسئولية تجاه العمال المهاجرين خلال فترة الجائحة، إلا أن هناك تدابير واضحة على الطرفين اتخاذها لحماية حقوقهم وجودة معيشتهم. فعلى حكومات دول المقصد ضمان وصول العمال للرعاية الصحية، وإلزام أصحاب العمل بتوفير السكن والطعام ودفع الأجور وتوفير المأوى للذين فقدوا سكنهم خلال الجائحة. كما أن عليهم التنسيق مع دول المنشأ لضمان مغادرة العمال البلد بسهولة. إن دول المنشأ ملزمة بسد الثغرات التي تتركها دول المقصد ولتسهيل المغادرة الفعالة للعمال.  

ويتوجب على الحكومتين: 

  • الترتيب لتوفير مأوى بكلفة مناسبة أو مجاني للعمال؛  
  • السماح لجميع العمال، بغض النظر عن وضع تأشيرتهم، للتسجيل لرحلات العودة للوطن؛
  • توفير تذاكر السفر للعمال الذي لا يمكنهم تحمل كلفتها؛
  • التأكد من دفع جميع مستحقات العمال الذين يتم ترحيلهم، وفي حالة عدم حصولهم على مستحقاتهم، تعطى للسفارة توكيلاً لاسترداد هذه المستحقات من أصحاب العمل؛
  • التواصل بوضوح مع العمال الذين يعانون من هذا الوضع.