«إجراءات أكثر صرامة ضد عاملات المنازل الهاربات»: اقتراح في البرلمان البحريني مليء بالمعلومات المضللة
أقر البرلمان البحريني، يوم الثلاثاء، بالإجماع، اقتراحاً عاجلاً يطالب الحكومة باتخاذ إجراءات فورية وأكثر صرامة ضد عاملات المنازل "الهاربات".
وسيطالب الاقتراح، عند تنفيذه، عاملات المنازل ممن يتركن أصحاب عملهن بدون تصريح بتعويض كفلائهن، ودفع تكاليف إعادتهن لبلدانهم، وكذلك معاقبة من يقوم بإيوائهن بالسجن والغرامة. وتعتبر تهم الهروب من أشد الأحكام استغلالا تحت نظام الكفالة وتقود إلى علاقة عمل من الممكن وصفها بأنها تندرج تحت العبودية الحديثة.
ويأتي المقترح الأخير بعد شهر من تمرير مجلس النواب لمشروع قانون يطالب المهاجرين بالعمل ثلاث سنوات لكفيلهم الحالي قبل أن يتمكنوا من التحويل إلى وكيل آخر.
وادعى مؤيدو الاقتراح خلال جلسة الثلاثاء البرلمانية، اعتمادا على معلومات غير موثوقة، أن عدد حالات الهروب بين عاملات المنازل تشهد ارتفاعاً بسبب وجود "عصابات" و"مافيات" تقوم بخداع العاملات واغرائهم بترك منازل أصحاب العمل، من أجل العمل بنظام الساعات أو إغوائهم للعمل في "أنشطة غير أخلاقية" للحصول على دخل أعلى.
وادعى النائب خالد بوعنق، وهو الذي قاد الاقتراح، زوراً، بأن السلطات الحكومية لا تعاقب عاملات المنازل الهاربات، بل على عكس ذلك، تزودهم بالتصريح المرن. وفي الحقيقة، فإن عاملات المنازل مستثنيات من نظام التصريح المرن، وأن هؤلاء اللاتي يتركن منازل أصحاب عملهن، توجه اليهن تهمة الهروب بشكل فوري. وعزز بوعنق أقواله بعبارة غير صحيحة وعنصرية مدعياً أن" بعض عاملات المنازل يحملن أمراضاً خطيرة، وليس فقط كوفيد 19، وسيقمن بنشرها في المجتمع.
ومن جانبه، صرح النائب عبد الرزاق حطاب، تصريحا ًغير صحيحاً بأن أحد أسباب هروب عاملات المنازل هو قدرتهن على تغيير كفالتهن بسهولة. وهذا أيضا غير صحيح، إذ أن عاملات المنازل في البحرين (سواء كن هاربات أم لا) يتطلب تغيير كفيلهن، دائما، شهادة عدم ممانعة، حتى بعد إتمام مدة العقد. وفي الحقيقة، فإنه ليس من غير الشائع أن يقوم أصحاب العمل بابتزاز عاملات المنازل في مقابل شهادة عدم الممانعة، حتى بعد إتمامهم مدة عقد عملهن.
وفي حين قدّم النواب عددا من الادعاءات المعيبة حول أسباب "هروب" عاملات المنازل، إلا أنهم لم يتطرقوا أبدا لأسباب ترك عاملات المنازل مكان عملهن التي تعود لتعرضهن للإساءة وسوء المعاملة.
ومن الواضح أن النائب إبراهيم النفيعي غير مدرك لحقيقة أن أصحاب العمل غالبا ما يرفضون تحمل تكاليف إعادة عاملاتهن "الهاربات" لأوطانهن، إذ سأل" لماذا على المواطن أن يدفع لعاملة منزل هاربة من منزله؟" وأضاف: عندما نريد أن نجعل عاملات المنازل المنتهِكات لدفع تذاكر عودتهن، فإننا نرى للمنظمات الحقوقية مثل منظمة العفو الدولية تقفز على القضية. وفي نهاية الأمر، فإن هذه المنظمات غير سعيدة أبداً باي فعل نقوم به.
ويأتي هذا الاقتراح بعد أن كشف وزير العمل والتنمية الاجتماعية، جميل حميدان، الشهر الماضي، عن هروب 2,596 عاملة منزلية منذ ديسمبر 2018. وتبع ذلك تغطية إعلامية مكثفة، صورت، بشكل غير صحيح، القضية على أنها "أزمة"، ذلك برغم أن نسبة الهروب لم تكن أعلى من السنوات السابقة. وتظهر آخر الأرقام المتوفرة أن عدد عاملات المنازل يصل تقريبا إلى 87,000 في الربع الثاني من 2019. مما يعني أن نسبة الهروب أقل من 1,5% سنوياً، وهي نسبة منخفضة جدا خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار عدم وجود أي سبل قانونية أمام عاملات المنازل للاستقالة أو تغيير الوظائف.
وفي الواقع، فإن تهم الهروب يساء استغلالها من قبل أصحاب العمل، خصوصا ضد عاملات المنازل لمنعهن من ترك الأوضاع المسيئة والشكوى.
ويعتبر نظام الحماية القانونية لعاملات المنازل في البحرين هو الأضعف بين دول الخليج، ففي حين تم تضمين عاملات المنازل 13 مادة وبابين من قانون العمل لعام 2012، وهي تتضمن أحكاما مثل الإجازة المدفوعة، ومكافأة نهاية الخدمة والوصول إلى الوساطة حين نشوب النزاعات العمالية، إلى أنهن لازلن مستثنيات من بنود الحماية المهمة، مثل الحد الأدنى للأجر، وتحديد ساعات العمل، وساعات الراحة الإلزامية أو الاجازة الأسبوعية. ولا يتناول العقد الثلاثي الذي أقرته البحرين مؤخرا هذه الفجوات، إذ يعود الأمر لصاحب العمل ليقرر ساعات العمل، والحد الأدنى للأجر ووقت الراحة.
ويعتبر تجريم العامل لعدم استمراره في مكان العمل – سواء أكان مسيئا أو غير ذلك – عملا قسرياً، وعلى البحرين التي حصلت على المرتبة 1 في تقرير الاتجار بالأشخاص الأمريكي، أن تعمل بشكل أفضل لحماية حقوق العمال. فبعدم السماح، رسمياً، للعمال بترك عملا لا يسعدهم أن يقوموا به، فإن الدولة نفسها تخلق سوقاً سوداء تجعل الوكلاء وأصحاب العمل عديمو الضمير يستفيدون من تقديم حلولا غير قانونية للأطراف المتضررة. وتدعو Migrant-rights.org حكومة البحرين لئلا ترفض المقترح فحسب، وإنما أن تقوم بتضمين عاملات المنازل تحت مظلة قانون العمل، وإلغاء تهم "الهروب" لجميع العمال.