لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

تجربة التصريح المرن: ممارسات العمل السيئة تتواصل حتى بدون نظام الكفالة

الحاجة لقوانين عمل قوية وشاملة، وآليات تطبيق لحماية حقوق العمال المهاجرين

في 18 أبريل 2021

يدان نظام الكفالة بشكل روتيني، والأمر صحيح، بأنه أصل السبب في أغلب الانتهاكات التي يتعرض لها العمال المهاجرين في الخليج. ويربط نظام الكفالة، الذي يعتبر الشكل الرئيسي الذي يحكم العمال المهاجرين، إقامة العمال المهاجرين بكفلائهم، فيربط العمال، تعاقدياً، بكفلائهم للمحافظة على وضعهم "القانوني".

ويملك صاحب العمل، تحت نظام الكفالة، القوة لإصدار وتجديد تصريح عمل المهاجر، وكذلك إلغائه في أي وقت يشاء. وبشكل عام، يحق لأصحاب العمل تقييد حركة انتقال العامل والتقدم بشكوى "هروب" ضد العمال المهاجرين الذين يتركون عملهم دون تصريح صاحب العمل. ويترك ميزان القوى المختل المتأصل في النظام، العديد من العمال المهاجرين، عرضة للعنف المنظم والمهيكل. 

لعدد من الأسباب قامت عدد من دول الخليج، مؤخراً، بإصلاح بعض جوانب نظام الكفالة دون إلغائه نهائياً. ومع ذلك، يبرز نظام التصريح المرن  البحريني ليكون الأقرب إلى إلغاء الكفالة لبعض المهاجرين من ذوي الدخل المنخفض. ويسمح نظام التصريح المرن، الذي أُطلق في 2017، للمهاجرين غير النظاميين لـ "كفالة أنفسهم"، أي أن يصبحوا غير معتمدين على صاحب عمل من أجل إقامتهم. وبرغم من أنه لابد من أن يكون للعمال الأجانب كفيل ليتمكنوا من دخل البلد، إلا أن جميع الضوابط المقيِّدة التي كان الكفيل يمتلكها بموجب نظام الكفالة تم التخلي عنها تقنياً: فأصبح بإمكان حامل التصريح المرن أن يغير الوظائف بحسب رغبته/ها دون موافقة صاحب العمل. كما أنه لم يعد بمقدور صاحب العمل أن يقدم بلاغ هروب ضده، وحيث أن حامل التصريح المرن هو المسئول الوحيد عن تجديد تصريحه/ها، فإنه لا يوجد سبب لصاحب العمل أو (قدرة) على مصادرة جواز العامل. 

وبحسب التقرير الأخير، فإن 57,000 عامل حصلوا على التصريح المرن، وتمت الإشادة بالنظام من قبل المنظمات الدولية كأهم خطوة باتجاه حماية حقوق العمال في المنطقة. 

وكما تمت مناقشته سابقاً، فقد تم تقديم نظام التصريح المرن، جزئيا، من أجل تقويض ترتيبات الفري فيزا (تجارة الفيزا)، بالسماح لبعض العمال المهاجرين بالدفع للدولة بدلا من الدفع للأفراد من أجل إقامتهم. ولكن ربط إقامة العمال المهاجرين – الذي، فنياً "يلغي الكفالة" – بالدولة، لا يخلق سوى فرق بسيط بالنسبة للمهاجرين الذين تصبح علاقتهم بالدولة قائمة على أساس البحث عن الريع، وحيث تستند "شرعيتهم" على قدرتهم على الدفع للدولة. وتصل رسوم التصريح المرن إلى ما يقارب 792 دينار بحريني (2,100 دولار أمريكي) سنوياً -أي ما يعادل ضعفين مما يدفعه صاحب العمل للحكومة لإصدار تصريح عمل عادي للمهاجرين.

ومما لا يثير الاستغراب أن يكشف عدد من العمال من حاملي التصريح المرن، ممن تحدثت إليهم MR، عن تفضيلهم أن يكون لديهم كفيل يتحمل دفع رسوم تصاريحهم الإقامة، أكثر من أن يتحملوا ذلك بأنفسهم، حتى وإن كان ذلك يعني العودة ليكونوا تحت رحمة كفيلهم بموجب ترتيبات نظام الكفالة الخانقة.  

تقول س*، وهي أثيوبية تعمل نادلة مطعم في المنامة، أنها تبحث عن صاحب عمل يكفل إقامتها منذ ما يتجاوز العام، ولم توفّق في ذلك. وتقول: "المشكلة تكمن في أن الأجور منخفضة جداً، وكل ما أحققه من دخل يذهب لهيئة تنظيم سوق العمل، ولا يمكنني ادخار أي شيء." ومؤخراً، خسرت س* دخلها بسبب الجائحة، ولم تتمكن من دفع الرسوم الشهرية للتصريح المرن وبالتالي أصبح وضعها غير نظامي. 

وبحسب التقارير، فإنه تم إلغاء أكثر من 12,000 تصريح مرن منذ بدء تطبيق النظام، وغالباً بسبب عدم القدرة على الدفع. وبالأخذ في الاعتبار الوضع الصعب الذي يمر به القطاع الخاص في البحرين، يواصل العمال المهاجرون العمل والعيش في أوضاع سيئة للغاية حتى وأن كانت إقامتهم مربوطة بالدولة.

ولكن التكاليف المرتفعة لنظام التصريح المرن، ليست سوى وجه واحد من المشكلة. فحتى وإن كان التصريح أقل كلفة (خفضت الحكومة رسوم التصريح خلال الجائحة)، فإن افتقار حملة التصريح للحماية، لأنهم فعلياً "مستقلون"، تحت مظلة قانون العمل، يجعلهم عرضة لممارسات التوظيف الاستغلالية. فالتزامات العميل الذي يتعاقد للحصول على خدمات صاحب التصريح المرن، غير محددة، ومثلها الحقوق العمالية لحامل التصريح. ومنذ إطلاقه قبل أربع سنوات، لاتزال معالجة التظلمات، والشكاوى العمالية لأصحاب التصاريح المرنة غير ذات أولوية. وقال محامي عمّالي لـ MR أن قانون العمل لا ينطبق على أصحاب التصاريح المرنة لأنه ليس لديهم، عملياً، صاحب عمل أو كفيل، وبذلك فهم قادرون على تقديم شكوى ضد أصحاب العمل فقط في المحاكم المدنية وليس المحاكم العمالية. 

ويجب ألا يفهم التصريح المرن على أنه في صالح العامل وحده، وإنما كخيار لسوق العمل ليصبح أكثر ديناميكية، ولإعطاء أصحاب العمل الفرصة للحصول على الخدمات بحسب احتياجاتهم.  ومع ذلك، فإن نجاحه يتطلب توفّر بيئة تحترم وتحمي، تعاقدياً ومالياً، عمل الفرد. فتسميات الكفالة، والتصريح المرن، المؤقت، المهاجرون جميعها مسميّات مناسبة لحشر العمال ضمن إطارات ضيقة، وتستثنيهم من أي فرصة للمساهمة الكاملة في المجتمع. من المهم معرفة النطاق الكامل لحقوق الفرد خارج هذه التصنيفات والمحدودة قدرتهم للوصول اليها. فالأجور العادلة، والسكن المناسب، والمواصلات العامة، والضمان الاجتماعي، وحرية التعبير وسهولة الوصول للعدالة، وحق تأسيس النقابات، جميعها حقوق أساسية يجب ضمانها أولا وقبل كل شيء – وإلا فإن الإصلاحات بالكاد تؤدي الغرض منها. 

التوصيات

للتصريح المرن القدرة على تقديم الحماية الحقيقية لحقوق العمال المهاجرين. وبالإضافة إلى توصياتنا السابقة حول التصريح المرن، فلابد من اتخاذ بعض الإجراءات الفورية وطويلة المدى: 

بشكل فوري: 

  • تحديد حد أدني للأجر بالساعة
  • استحداث عقد معياري للعمل المستقل يحدد الحقوق والمسئوليات للطرفين؛ 
  • تحديد الحد الأقصى لساعات العمل مع أي مقاول خلال شهور محددة. وسيساعد ذلك في ضمان عدم تهرب أصحاب العمل من المسئوليات باستخدام أصحاب التصريح المرن كعمال مستقلين (فري فيزا) فيما يجب أن تكون علاقة عمل جيدة؛
  • خلق نطام يكون فيه العمال والمقاولين/أصحاب العمل قادرين على تسجيل ساعات العمل والأجور المدفوعة من أجل المراقبة؛
  • تضمين حملة التصاريح المرنة في مراحل نظام حماية الأجور؛
  • إنشاء آلية لحل المنازعات؛
  • تضمين حملة التصاريح المرنة في مزايا البطالة، بما يتناسب مع مساهمتهم؛
  • رد رسوم وديعة السفر الخاصة بالتصريح المرن، للعمال، اثناء وجودهم في البحرين؛
  • رفع قرارات منع السفر عن حملة التصريحات المرنة غير النظاميين؛

على المدى الطويل:

  • توسعة أهلية العمال/القطاعات للحصول على التصريح المرن؛
  • السماح بتشكيل النقابات؛
  • السماح لحاملة التصاريح المرنة بكفالة عائلاتهم، بناء على دخلهم الكلي خلال فترة محددة من الوقت.