لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

فنادق قطر الفاخرة تعجز عن حماية حقوق العمال المهاجرين

في 2 أغسطس 2021

مع تلاشي الإثارة التي رافقت كوبا أمريكا وبطولة أمم أوروبا، شكل الشهر الماضي دفعة علاقات عامة لحكومة قطر، التي تستضيف كاس العالم 2022 العام المقبل. وحرصت الحكومة على التأكيد على التقدم الذي أحرزته لحماية حقوق العمال خلال العقد الذي تلا فوزها بحقوق استضافة البطولة، وأنها تصدت للانتقادات التي وُجهت لظروف العمل، خصوصاً لمئات الآلاف العاملين في قطاع الإنشاءات.

وسوف يتم توظيف آلاف من العمال الآخرين في قطاعات الضيافة، والمواصلات والسياحة في قطرمن أجل توفير تجربة حضور لكأس العالم لا تنسى، لجماهير كرة القدم، والفرق الوطنية والرعاة. وكانت قطر قد أعلنت مؤخراً عن اقامتها لـ100 فندق جديد لتلبية الطلب خلال فترة كاس العالم. وسيلعب عمال الفنادق دوراً رئيسياً في هذه التجربة، وسوف يتطلب القطاع ذات التدقيق الذي يتم حول الأوضاع المأساوية التي يعيشها عمال الانشاءات في قطر

ولكن فيما يتبقى 16 شهراّ عن انطلاق بطولة فيفا، تفشل أكبر الفنادق وأكثرها ربحية في العالم في الاعتراف بمسئوليتها لمنع، وتخفيف ومعالجة انتهاكات حقوق العمال ضد العمال المهاجرين في فنادقهم. كانت هذه نتائج المسح الذي أجريناه على 19 من فنادق العلامات التجارية متعددة الجنسية ذات الأسماء المشهورة للتأكد من أنها تضمن تمتع العمال المهاجرين بحقوقهم العمالية بشكل كامل. ولم يستجب للمسح سوى 11 من فنادق العلامات تجارية فيما امتنع ثمانية عن التجاوب معنا بما في ذلك الفنادق الأمريكية الكبرى، بست ويسترن وفور سيزون، والتي تتخذ من بريطانيا مقراً رئيسيا لها، ميلينيوم وكوبثورن. 

سألنا الفنادق عن ممارساتها للتوظيف، وما الإجراءات الاحترازية المتخذة، وكذلك حرية العامل في التنقل بين الوظائف، وعن الأوضاع المعيشية وغيرها – ومن ثم قمنا بتصنيفها بناء على أجوبتها. وكانت النتائج تقرع جرس الإنذار لمن ينوى التوجه الى الدوحة في نوفمبر 2022. وفيما كان فندق ومنتجع IHG هو الوحيد الذي حصل على تصنيف 3 نجوم (من إجمالي 5 نجوم. لم تسجل أي من الفنادق أكثر من 50% في المسح. وحصل أغلب الفنادق على نجمتين فقط، فيما لم يحصل فندق مجموعة حياة ولوفر الفاخرين سوى على نجمة واحدة لكل منهما. وفيما يرحب بجهود علامة تجارية أو اثنتان، فإن القصور الكبير وجد في أوجه الحماية مما سلّط عليها الضوء في مسح 2019.  

ويعني ذلك أنه خلال العامين اللذين مرا على المسح الأول الذي أجريناه، لم تتقدم شركات الفنادق بشكل مناسب من أجل معالجة هذه المخاطر. واستمر تعرض عمال الفنادق الذين تمت مقابلتهم من قبل  Equidem, Center for Migrant Advocacy و  Barun Ghimire  للإساءات والتي في أغلبها هي مؤشرات العمل القسري كما عرفتها منظمة العمل الدولية (ILO). وتحدث العمال عن مخالفات في عقود العمل، وعن دفع الآلاف من الدولارات كرسوم، وعن التمييز في الأجور على أساس الجنسية، أما الأمر المقلق فهو عدم قدرتهم على تغيير وظائفهم. وبرغم إصلاحات سوق العمل التاريخية التي أجريت العام الماضي لإلغاء متطلب شهادة عدم الممانعة. 

ويعتبر هذا الأخير أمرا مقلقاً، إذا أكدت لنا الشركات ذات العلامات التجارية المعروفة أن غالبية العمال الذين تقدموا بطلب لتغيير الوظيفة، تحقق لهم ذلك، إلا أن العمال واجهوا العديد من العوائق العملية. وكان البعض منهم خائفين إلى درجة كبيرة من التقدم بطلب التغيير إلى وظيفة أخرى كي لا يتدخل صاحب العمل ويتسبب بإلقاء القبض عليهم و/أو ترجيلهم. البعض اعتقد أن عليهم استكمال عقودهم لكي يتمكنوا من تغيير وظيفتهم – وهذا ليس هو الحال بموجب القانون الجديد – إذ أنه على العامل أن يفي فقط بفترة الاخطار. وكانت Migrant-rights.org و ووسائل الإعلام المحلية قد دقا ناقوس الخطر بانتظام خلال الشهور الماضية بشأن فرض أصحاب العمل لمتطلبات جديدة على العمال لا يفرضها القانون (مثل خطاب الاستقالة الموقع من قبل صاحب العمل الحالي). وأكدت شركتين من ذوات العلامات التجارية المعروفة لمركز الإنقاذ أنهما طلبا خطاب استقالة من عمالهما وشركتان أخريان أشارتا إلى خطاب عدم الممانعة الذي تم إلغائه، في إجراء يدل على عدم علمهما بتغيّر القانون. وفي رد على نتائج تقاريرنا، أكدت الحكومة على التزامها بحقوق العمال، مشيرة إلى جهود رفع الوعي المستمرة بلغات متعددة، بالقانون - لأصحاب العمل والعمال على السواء – وأيضا بسبل الوصل للعدالة. ولكن بالنسبة للعمال الذين خبروا بشكل مباشر أن سلطة صاحب العمل تفوق القوانين الورقية، فمن الصعب عليهم التصديق أنه تم إلغاء الكفالة. 

ولايزال هذا المستوى من الإساءة غير مفاجئ عندما تواصل شركات العلامات التجارية في التهرب من مسئولياتها تجاه العمال المهاجرين وتفشل في التفاعل بشكل هادف مع حقوق الإنسان. معظم الشركات لم تكن شفافة في بشأن الشركات المحلية التي تزودهم بالعمالة؛ شركتان فقط اتخذتا في اعتبارهما الحيطة بشأن حقوق الإنسان مع شركائهما التجاريين، أما الغالبية فلم يكن ضمن اهتمامهم حتى إجراء تقييم للمخاطر بالقدر الذي يمكنهم من فهم إمكانية تعرض عمالهم للممارسات الاستغلالية. وظلت مسالة التوظيف العادل أحد أكثر مجالات المخاطر منذ 2019، إذ وجد أن 8 من أصل 18 ممن تمت مقابلتهم قاموا بدفع رسوم التوظيف. وقد امتثلت شركتان فقط من شركات العلامات التجارية بشكل كامل مباديء دفع صاحب العمل، وشركة واحدة قدمت وصفا لتحريها عن شركات التوظيف، كما كشفت شركة واحدة فقط عن عدد العمال الذين وجدت أنهم قاموا بدفع رسوم التوظيف منذ 2019. ولقطاع متنوع بدرجة كبيرة، يوظّف من تشكيلة متنوعة من الدول، وحيث حماية الهجرة العمالية ليست قوية كما ينبغي مثل مستقدمي العمالة من المسيطرين في الخليج (مثل الهند والفلبين)، فإن اهتمام الشركات ذات العلامات التجارية غير المرضية بشكل عام بشأن مخاطر التوظيف كان مخيبا إلى درجة كبيرة. 

برز، وبشكل واضح، الافتقار إلى حماية عمال الفنادق المتعاقدين من الباطن، والذين يتم الاستعانة بهم من شركات الأمن والتوظيف. وهؤلاء هم عمال تم توظيفهم من الباطن، يرتدون زي العلامة التجارية الموحد جنباً إلى جنب مع العمال الذين تم توظيفهم بشكل مباشر، ولكن تختلف تجربتهم في العمل والمعيشة إلى درجة كبيرة. وعلى الأغلب فإن العمال الذين يتم توظيفهم من الباطن يتعرضون إلى إساءات شديدة بما في ذلك تأخير دفع أجورهم أو احتجاز الجواز. ومع ذلك، فإن العديد من فنادق العلامات التجارية كانت استعداد للتخلي عن مسئوليتها تجاه هؤلاء العمال، موجهين اللوم إلى نماذج الأعمال وقاموا بإخبارنا أنهم لا يملكون التأثير على مالكي العقارات الذين يشاركونهم الرقابة على شركات التوظيف. ولم تتدخل أي من شركات العلامات التجارية سواء بشكل استباقي أو منهجي في شأن شركات التوظيف أو العمال المتعاقد معهم من الباطن لفهم ظروف عملهم. وقد ذكر البعض، بصراحة، لنا أنه لا يمكن تحميلهم مسئولية ظروف هؤلاء العمال أو ما "إذا كان (مقاولو الباطن) يدفعون لعمالهم أم لان لا" يهم شركة العلامة التجارية. 

ولا يشير المسح إلى خطوة التغيير التي يحتاجها العمال بشكل عاجل من هذه الصناعة. ومالم تتعرض الصناعة للضغط، فإن الفنادق، ببساطة، لن ترَ الحاجة للتحرك لمنع الإساءة. ومع الستة عشر شهرا المتبقية على انطلاق البطولة، فبإمكان الجماهير والفرق الوطنية والرعاة المتوجهون إلى قطر في نوفمبر 2022، الضغط على الفنادق لتكون أكثر شفافية. ويوجد أمام فنادق الكثير من الوقت لوضع آليات قوية لحماية العمال من أسوأ أنواع الإساءات، وذلك بوضع العمال في مركز الدراسات التقييمية التي تجريها وكذلك عمليات الرقابة، وتدريب كافة موظفي إدارات الفنادق على حقوق العمال تحت القانون، وذلك حتى لا يتورط أحد في وظيفة معينة. والعمل بشكل تعاوني كصناعة لضمان حصول العمال على عملية توظيف عادلة حيث لا يتوجب عليهم تحمل رسوم الحصول على الوظيفة. وإذا لم تتحرك فنادق العلامات التجارية الآن، فهناك مخاطرة كبيرة من أن تتلوث تجربة كاس العالم 2022 في قطر بالنسبة للجماهير والزوار الآخرين بالإساءات المستمرة للعمال. 

"]