لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

البحرين تبدأ المرحلة النهائية من برنامج حماية الأجور

النظام قاصر عن توفير الحماية الكافية للعمال المهاجرين من سرقة الأجور

في 17 يناير 2022

أطلقت هيئة تنظيم سوق العمل المرحلة الثالثة والأخيرة من نظام حماية الأجور. وتغطي المرحلة الثالثة التي دخلت حيز التنفيذ في 1 يناير 2022، الشركات التي تضم حتى 49 عاملا. وتوظّف هذه المشاريع الصغيرة والمتوسطة غالبية العمال المهاجرين في البحرين – وبحسب أحدث بيانات هيئة تنظيم سوق العمل، فإن 98% من الشركات النشطة في البلاد لديها 49 عاملاً أو أقل.

ويُعطَى أصحاب العمل فترة سماح مدتها 6 شهور لتطبيق لوائح نظام حماية الأجور. ولا يشمل النظام عمالة المنازل وأصحاب التصريح المرن

وبدأت البحرين، بعد سنوات من التأخير، تطبيق نظام الأجور، تدريجيا، ابتداءً من مايو 2021. وشملت المرحلة الأولى الشركات التي تضم 500 موظف وأكثر. فيما شملت المرحلة الثانية التي بدأت في سبتمبر 2021 الشركات التي توظف ما بين 50 إلى 499 عامل. وبرغم انضمام أغلب أصحاب العمل المنضوين تحت المرحلتين الأولى والثانية لنظام حماية الأجور، إلا أن عدد الملتزمين بالدفع من خلال النظام لايزال منخفضاً. وقال الرئيس التنفيذي للهيئة، عبد العزيز العلوي، في حديث عن هذا الموضوع الشهر الماضي: “أن نسبة الالتزام بدفع الأجور من خلال النظام بلغت حوالي 61%”، مضيفا “أن الهيئة تحاول التواصل مع أصحاب العمل مباشرة وبشكل متواصل لضمان الامتثال الكامل بدفع الأجور للعمال المسجلين لديهم”. 

ومن الممكن أن يُعزى انخفاض معدل التسجيل في النظام لضعف آلية الإنفاذ التي تقوّض الهدف والفائدة من النظام. وفي الوقت الذي يمكن لنظام حماية الأجور الكشف عن المخالفين، فإن العقوبات ضد أصحاب العمل ضعيفة، الأمر الذي يضعف الحافز للامتثال. وبحسب القرار (2) للعام 2019، فإنه لاتوجد غرامات على عدم التسجيل في النظام والدفع من خلاله، وبدلاً عن ذلك يُحظر على أصحاب العمل إصدار تصاريح عمل جديدة. بالإضافة إلى ذلك، تؤشر بيانات رسمية إلى أن الجهات المعنية تحل مخالفات نظام حماية الأجور من خلال المفاوضات والتسويات الودية بدلا من محاسبة المخالفين قانونياً أو فرض غرامات كبيرة عليهم.  لذلك فإن تطبيق نظام حماية الأجور لم يفعل سوى القليل لتحسين الإدارة الحالية لحالات سرقة الأجور.

وبرغم أن بإمكان نظام حماية الأجور المساعدة في زيادة الشفافية والقدرة على الرقابة، إلا أن تسمية النظام خاطئة إذ أنه لا يفعل شيئاً من أجل “حماية” العمال المهاجرين من سرقة الأجور. فالافتقار إلى وجود آلية لتسوية الأجور المتأخرة بسرعة يعتبر من أوجه القصور الرئيسية للنظام: على الرغم من أن العمال يساهمون بالدفع في صندوق البطالة، إلا أنهم غير قادرين على الحصول على المزايا التي يوفرها في حالة وجود نزاع على الأجور.  كذلك، فإنه بإمكان السلطات الاستفادة من الأموال التي يتم جمعها من رسوم تصاريح العمل، إلا أنها لا تفعل ذلك. 

بدلا من ذلك، فإن عدم وجود صندوق للأجور، والمقترن بالنهج المائل لصالح أصحاب العمل المخطئين، يعني أن العمال يتحملون مفاوضات مطولة، وسلسلة من الوعود الكاذبة، الأمر الذي يدفع كثيرين منهم للتخلي عن مستحقاتهم والعودة إلى أوطانهم. وهذا هو الحال خصوصا في وقت الأزمات بما في ذلك كوفيد 19، والتداعيات الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، عندما يتم ترحيل العمال بشكل روتيني أو يجبرون على العودة قبل أن تُدفع لهم مستحقاتهم. وعملياَ، عندما يغادر العمال البلد، يصبح من المستحيل استرداد أي أجور أو مزايا مستحقة لهم. 

ما هو نظام حماية الأجور الفعال؟

لابد من ربط نظام حماية الأجور بنظام تأميني، أو بصندوق تساهم فيه الشركات، محسوبا لكل عامل مكفول. وعندما يتخلف صاحب العمل عن الدفع، يتدخل هذا الصندوق تلقائيا. هذا النظام بشكله الحالي ينبه لوجود المخالفين بناء على حسابات معينة، ويتضمن عملية انصاف التظلمات التي قد تستغرق وقتاً طويلاً. إلا أن غالبية العمال منخفضي الدخل ومن يعيلونهم في أوطانهم يعتاشون على الأجر بشكل شهري وبالتالي فمن الصعب عليهم تحمل الحاجة الناجمة عن مخاطرة تأخير الدفع.

وبرغم أن النظام نفسه رقمي، إلا أن به ثغرات ينفذ منها أصحاب العمل ويستغلونها. فلا يوجد حسابات تلقائية للخصومات السارية، كما أنه غالبا ما يتم التغاضي عن نسبة عدم الدفع من إجمالي المبالغ الصادرة عن النظام. ولذلك فإنه غالبا ما يقوم أصحاب العمل بالخصم دون توضيح السبب أو أنهم لا يدفعون نسبة من أجور العمال شهريا وهم بذلك يتهربون من أي تنبيه قد يصدر عن النظام. وبالإضافة إلى دفع الأجور الكترونيا، فإن من شأن النظام الالكتروني (أونلاين) الذي يمكن للعمال التأكيد من خلاله على استلامهم أجورهم المستحقة في الوقت المحدد، أن يساعد في معالجة هذه المشكلة بفعالية أكبر.

وقد يكون أحد الأسباب الكامنة وراء تعثّر تطبيق نظام حماية الأجور هو غياب القيادة المؤسسية القوية؛ ففي حين تتولى هيئة تنظيم سوق العمل مسئولية نظام حماية الأجور، فإن مهمتها الأساسية هي تنظيم تصاريح العمل، ومكاتب التوظيف، وأصحاب العمل الأجانب العاملين في البحرين – وليس تطبيق أحكام قانون العمل. ويغطي قانون العمل دفع الأجور وهو من مهام وزارة العمل، التي تتدخل إلى درجة غير واضحة في الشكاوى المتعلقة بنظام حماية الأجور وهو أمر تتدخل فيه أيضا وزارة العدل. وكما كتبت MR سابقاً، فإن توزع المسئولية على عدد من المؤسسات الحكومية من شأنه أن يضعف الفعالية ويخلق بيروقراطية مشوشة، والتي تؤدي بدورها، إلى تطبيق خاطئ، وتأخير كبير في حل القضايا. 

كما يشكل التنافس في تنفيذ المهام في المؤسسات عقبة أمام تحقيق الفائدة المرجوة من نظام حماية الأجور. وتوفّر حملات الترحيل التي قامت بها هيئة تنظيم سوق العمل مؤخرا مثالا مهما في هذا الشأن: فمنذ سبتمبر 2021، قامت السلطات بحملات تفتيش وهجمات في جميع مناطق البحرين، وشجعت الجمهور على الإبلاغ عن العمال غير النظاميين. علماً بأن أغلب العمال المهاجرين تحولوا إلى الوضع غير النظامي بسبب سرقة الأجور وأوضاع العمل الاستغلالية الأخرى التي تدفعهم لترك صاحب العمل. وبرغم المزاعم، فإن البحرين لم تلغِ نظام الكفالة، ولذلك فإن عملية المغادرة هذه تضعف وضعهم غير القانوني. وبرغم أنه تم الاعتراف بهذه الحقيقة على نطاق واسع، بمن فيهم رؤساء هيئة تنظيم سوق العمل السابقون، إلا لا يزال هناك تجريم للمهاجرين بسبب جرائم ارتكبها آخرون. ولا يحق للعمال المهاجرين الموقوفين المراجعة فردية لقضاياهم، مما يعني عدم قدرتهم على البقاء في البحرين وغالبا ما يخسرون مطالباتهم. وبالتالي تصبح السلطات المعنية بضمان حصول العمال على أجورهم، هي نفسها المسئولة عن حرمان العمال من مستحقاتهم.

وتعتبر الممارسات المتناقضة في البحرين مؤشرا على عدم استعداد البحرين بشكل عام لتوفير الحماية المباشرة للعمال المهاجرين. 

وللمزيد من المعلومات حول هذه القضية، اقرأ تقريرنا السابق عن المراحل الأولى والثانية من نظام حماية الأجور.