لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

قبل شهور من كأس العالم، إجبار العمال على العودة قبل اكمال عقودهم وبدون مستحقاتهم المتأخرة

ترحيل العمال المشاركين في الاحتجاجات العامة والصغيرة التي لم يلاحظها أحد، دون اتباع الإجراءات الازمة

في 13 سبتمبر 2022

وجهت قطر، في وقت سابق من هذا العام، شركات الإنشاءات بخفض عدد العمال المهاجرين في البلد، وتحضير «خطة استراتيجية لرحيل العمال قبل بدء فعاليات كاس العالم». وطُلب من الشركات، في تعميم أصدرته هيئة الأشغال العاملة في قطر (أشغال)، استكمال جميع أعمال الانشاءات والصيانة بنهاية الأسبوع الثالث من سبتمبر.  

وكشف تحقيق أجرته Migrant-Rights.org عن عدد من الانتهاكات التي ارتُكبت في حق عمال نيباليين رحّلتهم شركتهم إلى بلدهم. وبحسب وثائق التي حصلت عليها MR وكذلك شهادات من العائدين، فإن شركات الانشاءات الكبرى رحّلت عمالاً قبل انتهاء فترة عقودهم. وقال العمال أنه تم اقالتهم من وظائفهم دون إشعار وتواصل بشكل مناسب، وبدون استلام مستحقاتهم كاملة. وقال البعض إنهم كانوا في «إجازة طويلة»، وبذلك لم يتسن لهم استلام مستحقات نهاية الخدمة، ولكنه ليس من الواضح إن كان بإمكانهم العودة إلى قطر بعد انتهاء بطولات كرة القدم. 

وبحسب بيانات إدارة التوظيف الخارجي النيبالية، فإن عدد العمال النيباليين العائدين شهد ارتفاعاً خلال الشهور الأخيرة. وعاد نحو 80,000 عامل نيبالي من قطر في الفترة من يناير وحتى يوليو هذا العام 2022. كما عاد نحو 10,700 عامل من قطر في يوليو بارتفاع قدره 4% عن العائدين في يناير. وسجل أبريل أكبر نسبة من العائدين إلى النيبال، وبلغ عددهم 13,000 بارتفاع قدره 27% عن يناير. وعلى عكس ذلك فإن عدد النيباليين المغادرين إلى قطر سجل انخفاضا قدره 39% خلال الفترة نفسها. 

 

سأل موهان وزملاؤه، الذين شاركوا في الاحتجاجات الأخيرة، مسئولين قطريين إن كان بإمكانهم العمل لدى شركات أخرى. وأُعلموا أنه لا يمكنهم ذلك وإن حاولوا القيام بذلك فسيكونون عرضة للسجن وغرامة قدرها 5000 ريال قطري

قمع الاحتجاجات، وإنكار المستحقات

 البندري للهندسة والكهرباء (Al Bandary Engineering and Electrowatt)

غالبا ما يواجه العمال الذي يرفعون صوتهم ،احتجاجاً على سرقة الأجور والاستغلال، الترحيل، كما حدث مؤخراً في حالة تتعلق بعمال شركة البندري للهندسة والكهرباء عندما قام نحو 200 عامل ينتمون لشركتين تابعتين لمجموعة البندري العالمية بالاحتجاج في شوارع الدوحة في 14 أغسطس 2022. فقد تم احتجاز أكثر من 60 عامل وترحيلهم، بينما بقي 140 عامل في البلد بانتظار مستحقاتهم. ولم يستلم جميع من تم ترحيلهم مستحقاتهم كاملة. وتوقفت الشركة عن دفع أجورهم في فبراير 2022، ثم قامت بإنهاء عقودهم في يونيو التالي. 

تم إنهاء خدمات موهان العامل في شركة الكهرباء التابعة للمجموعة في منتصف فترة عقده بدون تفسير. وسرّحته الشركة لمدة ثلاثة شهور، لم يتسلم خلالها أي أجر، قبل إعادته إلى وطنه. كما أنه لم يتسلم أي من مستحقاته المتأخرة حتى مغادرته في أغسطس. 

قال موهان: «هرب أفراد الشركة، وأغلقت المكاتب»، مضيفاً، «تسلمت تذكرة سفر من الشرطة القطرية، وحينها فقط تمكنت من العودة إلى بلادي.»

لم يكن موهان يتسلم أجره بانتظام خلال فترة عمله بالشركة. وقبل تسريحه، شارك موهان في احتجاجات ضد شركته، إلا أن الشركة والحكومة لم تعالجا مشكلة العمال ولم تلبِ طلباتهم.  

سأل موهان وزملاؤه، الذين شاركوا في الاحتجاجات الأخيرة، مسئولين قطريين إن كان بإمكانهم العمل لدى شركات أخرى. وأُعلموا أنه لا يمكنهم ذلك وإن حاولوا القيام بذلك فسيكونون عرضة للسجن وغرامة قدرها 5000 ريال قطري– ذلك رغم الإصلاحات الأخيرة في قطر التي تسمح، على الورق فقط، للعمل بتغيير وظائفهم في أي وقت خلال فترة التعاقد بدون موافقة صاحب العمل الحالي.

كان الشاب موهان، ذو 24 عاماً، يرغب في العمل لدى الشركة لمدة عامين هي فترة العقد، ولكنه بدلا عن ذلك، كان ضمن أول دفعة مكونة من 300 من عمال الكترو وات الذين رُحّلوا إلى بلدهم. 

وكان قد دفع 180,000 روبية نيبالية (1400 دولار أمريكي) كرسوم توظيف ليذهب إلى قطر، ووفر المبلغ بالاقتراض من مقرض محلي بمعدل فائدة قدره 36%. وقال موهان: «دفعت 75,000 روبية نيبالية (590 دولار أمريكي) لكن لازال يتوجب علي دفع المبلغ المتبقي». ويضيف: «لا أدرى متى سيمكنني تسديد القرض. ربما سأضطر لبيع بيتي للتسديد إذا لم أتمكن من الحصول على وظيفة قريباً.»

كان موهان يعمل في قطر كمساعد كهربائي، ويكسب 1100 ريال قطري (300 دولار أمريكي) من العمل 8 ساعات في اليوم وعلى مدة 6 أيام في الأسبوع. يتحدث موهان عن أيامه في قطر بحزن شديد: «يحزنني تذكر الوقت الذي قضيته في قطر. قبل الذهاب، كنت أتوقع أن أكسب من المال ما يمكنني من دعم عائلتي مالياً. لكنني لم أتمكن حتى من تسديد الدين. عام واحد تحطمت خلاله توقعات كلها.»

وفي حين أن عدم استلام أجره كان القشة الأخيرة بالنسبة لموهان، إلا أن ووجه بالمشاكل مع صاحب العمل منذ البداية. فعقب وصوله، صودر جواز سفره، ولم يبدأ العمل سوى بعد مرور شهرين، كما استغرق الأمر للحصول على بطاقة الهوية القطرة، سته شهور. 

وفي السياق نفسه، تعرض بال بهادور، من السهول الجنوبية في النيبال، للتجربة نفسها. وقال إن صاحب عمله، البندري للهندسة، أجبره على العودة إلى بلاده دون أية تعويضات عن انهاء خدماته قبل انتهاء العقد. ويقول: « ذهبت إلى قطر للعمل، وكسب معيشتي من أجل الانفاق على عائلتي. قمت أيضا بالاقتراض للذهاب إلى هناك. لكني لم أتمكن من العمل لفترة العقد كاملة، من سيسدد قرضي؟» يتساءل بهادور وهو العائل الوحيد لأسرته. 

ليس لدى بهادور أي فكرة عن سبب ترحيله مع مئات من العمال الآخرين إلى بلاده. تناهى إلى علمه أنه طُلب من العمال العودة إلى بلدانهم خلال فترة بطولات كأس العالم، لكنه يعتقد أنه لابد من وجود شي آخر. ويتساءل: «لو كان الأمر كذلك، فما الذي يدفع أصحاب الشركة للهرب؟» مضيفاً: «عملنا بجد للشركة لشهور، لكن مسئولي الشركة هربوا عندما طالبنا بأجورنا المتأخرة.»

كان بهادور يعمل 11 ساعة يوميا لمدة 6 أيام في الأسبوع، براتب شهري قدره 1500 ريال قطري (410 دولار أمريكي). عندما فقد وظيفته، فقد معها مصدر إعاشة أسرته المكونة من 8 أشخاص. «ليس بإمكاني حتى شراء الطعام الآن، جدتي مريضة، لكني لا أستطيع شراء الدواء لها. لدي بناتي الصغيرات اللاتي أرعاهن، ولدي قرض عليّ تسديده. لمن أشكو معاناتي مع كل ذلك.»

أصبح بهادور يعمل الآن في بلد آخر خارج النيبال بعد أن فقد الأمل في العودة للعمل في قطر بعد انتهاء فعاليات كاس العالم. وأضاف قائلاً: «أعرف أن العمل في الخارج ليس سهلاً، لكنني لم أستطع من البقاء لفترة أطول عاطلاً عن العمل. لابد أن أعمل.»

 

رامجي خارج الاستاد رقم 974، مشروع البناء الذي عمل فيه [الصورة: رامجي]

 

ريدكو إنترناشيونال (Redco International)

دخل رامجي ومانيرام قطر بـ «تصريح دخول استثنائي» تحت إشراف لجنة إدارة الأزمات* للعمل لشركة ريكو الدولية للتجارة والمقاولات. وأُصدر لرامجي تأشيرة إقامة مدتها عامين، فيما كانت تأشيرة مانيرام صالحة لثلاثة شهور فقط، أما مدة العقد، لكلاهما، فكانت عامين.  (* تشكلت اللجنة في 2020، برئاسة رئيس الوزراء ووزير الداخلية، لإدارة الأزمات والكوارث ، للمزيد من المعلومات حول سوء استخدام التأشيرة قصيرة الأمد، اقرأ التقرير السابق هنا، وهنا أيضا.)

وقّع رامجي (18 عاما) عقداً مدته عامين مع شركة ريدكو الدولية في نوفمبر 2020، إلا أنه تم ترحيله إلى بلاده بعد عام واحد ونصف. ولم يحصل رامجي، كما أخبر MR، على تفسير لسبب إنهاء عقده. وبدلا عن ذلك سمع من زملائه أن الشركة كانت تعيد العمال إلى أوطانهم في الفترة التي تسبق كأس العالم، وعلم أن عليه هو أيضا العودة عندما وجد اسمه في قائمة الأسماء التي علقت على جدران السكن العمالي. 

لم يكن متأكداً إن كان هذا انهاء لخدماته أم أنه سيذهب في «إجازة طويلة.»

قال رامجي: «أود أن أواصل العمل لفترة أطول. لأنني ذهبت إلى هناك لكسب المال». ويسترسل رامجي الذي أنفق كل أجوره لتسديد القرض «كنا سأكسب المزيد من المال لو عملت أكثر، أما الآن فليس لدي أية مدخرات. لا شيء مما حدث كان متوقعاً.»

في الدوحة، عمل رامجي في قطاع الانشاءات كمرشد للمركبات التي تأتي إلى الاستاد رقم 974 في راس عبود، محملة بمواد البناء والمخلفات للملاعب. كما عمل أيضا خارج استاد الوسيل حيث كان مسئولا عن تحويلات الطريق، ووضع لافتات التحذير، ونصب الحواجز والمخاريط المرورية في مواقع الانشاءات. وكان يكسب من وراء العمل 8 ساعات في اليوم على مدى 6 أيام في الأسبوع 1000 ريال قطري (275 دولار أمريكي) شهريا. وكان يعمل ساعتين اضافيتين يومياً على أمل الحصول على بعض الريالات الإضافية. 

قبل الذهاب إلى قطر، أخبرته وكالة التوظيف النيبالي (Al-Samit Manpower) التي يتعامل معها أن بإمكانه العمل لمدة عامين وأن «الأمور ستكن على ما يرام.»، وصدّق رامجي ذلك كونه يهاجر للمرة الأولى في حياته. 

وعندما توقفت ريدكو عن دفع رواتبهم عن شهرين عمل، نظم وعدد من زملائه احتجاجا، استلم بعده أجوره الشهرية المتأخرة لكنه لم يحصل على أي شيء من مستحقات نهاية الخدمة التي ينص عليها العقد. ويضيف: «سمعت أن شركتنا أن الشركة ليس لديها سياسة إعطاء المكافآت، كما تفعل شركات أخرى. ذلك مع أن عقدي عمل كل من رامجي و مانيرام يعدانهما بأجر ثلاثة أسابيع تدفع لهما كمكافأة في نهاية كل عام.»

كانت أسرته المكونة من 10 أفراد تعتمد على دخله المنخفض أصلا. ولأنه الوحيد الذي يعمل في الأسرة ويكسب معيشتها فهو يعمل الآن في مدينته في وسط غرب النيبال كعامل بناء، ويعمل طيلة اليوم في مليء الجدران الطينية بالحجارة في مقابل 800 روبية نيبالية (6.30 دولار أمريكي). 

وللسبب نفسه، يخشى شيام، وهو موظف بشركة ريدكو من أن يتم تسريحه في أي وقت، فقد شهد انهاء خدمات مئات العمال من زملائه وإعادتهم إلى بلدانهم. يقول في مقابلة هاتفية من قطر: «لا حديث الآن بين العمال سوى حول متى سنرى قائمة العمال الذين تُنهى خدماتهم، الكثيرون عادوا فعلا ونحن بانتظار أن يأتي دورنا.»

كم زعم أن شركة ريدكو رفضت إعطاءه نسخة من عقد عمله عندما بدأ وظيفته – الأمر الذي يخالف اتفاقية العمل بين قطر والنيبال. «لم يسمحوا لي حتى بالحصول على نسخة مصورة منه. وبرغم أن وكيل التوظيف في النيبال قد أخبرني أن بإمكاني العمل لمدة عامين، إلا إدارة ريدكو أخبرتني أن مدة عقدي عام واحد فقط. وأجبروني على توقيع العقد وابقاءه لديهم. لقد خُدعت من قبل مكتب العمالة أولا، وأيضا من الشركة هنا، لكن مالذي يمكنني فعله. أنا غير قادر على عمل أي شيء.»

كانت هناك أيضا بلاغات من قبل عمال ريدكو عن سوء استغلال التأشيرة قصيرة الأمد. ففي أبريل الماضي، بعثت وكالة التوظيف Al Samit Manpower إلى قطر بتأشيرة عمل متعددة الدخول مدتها ثلاثة أشهر. وأخبره وكيل التوظيف الذي يتعامل معه أن بإمكانه العمل لمدة عامين. وبعد مرور شهر عليه في الدوحة، قامت شركة ريدكو بتوظيفه ووقعا عقدا مدته عامين. 

في 22 سبتمبر 2021، طلبت شركة رديكو تصريحا نهائيا بالعمل والهجرة من الحكومة النيبالية لتوظيف مانيرام و42 آخرين، مشيرة إلى أن الشركة ستقوم بتجديد جميع الوثائق الحكومية. وتظهر السجلات أن الحكومة وافقت على جميع طلبات العمل بعد أسبوع من تقديم الطلب. (وتتطلب طلبات التوظيف موافقة الشركات وجهات التوظيف من سفارة دول الأصل أو حكومتها.)

إلا أنه تم تسريح مانيرام بعد ستة شهور فقط. وقبل انهاء خدماته، أخبرته الشركة أنها ليست قادرة على توظيفه لأن تأشيرته قصيرة الأمد. «مالذي سيجعلني أذهب إلى هناك لو علمت أن عليّ العودة بعد فترة قصيرة؟ لم أكن على علم حتى بنوعية التأشيرة التي كنت أحملها. لقد أضعت ستة شهور مقابل لا شيء، لم أتمكن حتى من تسديد ما اقترضته.»

كان مانيرام قد اقترض 200,000 روبية نيبالية (1,570 دولار أمريكي) من مقرض محلي لدفع رسوم التوظيف (155,000 روبية نيبالية) ومصروفات أخرى للذهاب إلى قطر. وعمل مانيرام في منطقة الموقع 22 في مستودع للحافلات، حيث تتركز مهماته في تسلّق السقالات وتشغيل أدوات الطاقة، برغم أن عقده يذكر أنه سيعمل في الصباغة ومسح البناء. 

وقبل أن ترحله إلى بلاده، أوقفته الشركة وعدد من زملاءه عن العمل لأسابيع. وعندما تأخرت الشركة في دفع الأجور، قام العمال المسرحون بالاحتجاج في مكان اقامتهم، مطالبين برواتبهم المتأخرة وبفرصتهم للحصول على وظائف جديدة. 

إلا أن شركة ريدكو قامت بنشر قائمة (تمت مراجعتها من قبل MR) وعلقتها عند بوابة سكن العمال الذين سيتم طردهم وترحيلهم إلى بلدانهم.  وقيل للعمال أن الكثير من المشاريع الإنشائية قد انتهت بالفعل، ولم يعد وجودهم مطلوباً. 

وقال مانيرام إن الشركة كانت تقلص حجمها، وأن مئات العمال من النيبال، وبنغلاديش والهند كانوا قد غادروا الشركة حتى قبل التحاقه بها. 

عندما غادر إلى قطر، كان لدى الشاب (27 عاما) آمالا كبيرة بكسب لائق للمال لإعاشة أسرته ودعمها مالياً. كان على أمل أن يسعد أسرته بإرسال بعض المال لتغطية المصاريف المنزلية. لكنه، بدلا من ذلك، وجد نفسه واقعا في ورطة الدين. «لا يزال عليّ أن أسدد قرضا قدره 60,000 روبية نيبالية (470 دولار أمريكي)، لن أكون تحت عبء الدين هذا لو لم أذهب إلى هناك، أو أنني حصلت على فرصة للعمل لمدة عامين. لكن ما الذي يمكنني عمله، لقد خدعتني وكيل التوظيف.»

وفيما تتراكم قروضه مرتفعة الفائدة، يحاول مانيرام الحصول على مقصد آخر للعمل في الخارج. وقال: «كيف يمكنني تربية أولادي إذا لم يكن لدي عمل؟ أتمنى ألا تكون وظيفتي التالية بهذا الشكل.»

ويشعر مانيرام بالأسف بأن الوقت الذي قضاه في قطر ضاع بلا فائدة.  ويقول: «لم أتمكن حتى من تسديد القرض خلال تلك الفترة، ناهيك عن أن أدخر شيئا، لم أكن لأذهب إلى هناك لو أخبروني في وكالة التوظيف حقيقة كل شي من قبل.»

"قال مدير الشركة لي في مكتب شركة بن عمران أنهم قد يطلبون مني العودة إلى قطر مرة أخرى في نوفمبر 2022.». قالوا له: «إذا لم ندعوك للعمل مرة أخرى، سوف تحوّل لك ما تبقى من مستحقاتك المالية، وبإمكانك سحبها من مكتب خدمات الصرافة IME في النيبال.» وعندما قال المدير ذلك، كان حاضرا في مكتبه كل من المدير العام، ومدير المشروع في الشركة، وأيضا أفراد من الحكومة القطرية."

غوبال، عامل الانشاءات في شركة بن عمران و عمل في استاد البيت

 شركة بن عمران للتجارة (Bin Omran Trading Company)

بن عمران للتجارة والمقاولات هي شركة أخرى لها سجل من المخالفات العمالية. وصدرت تقارير عن هيومن رايتس ووتش حول انتهاكات الأجور من قبل الشركة المصنفة من فئة (أ) التي تنفذ عددا من المشاريع الرئيسية في قطر، بما في ذلك الأعمال الانشائية لاستاد البيت، وكذلك الطريق المداري السريع الذي يربط مركز مدينة الدوحة بعدد من الملاعب الأخرى. 

غوبال، عامل الانشاءات في شركة بن عمران، عمل في قطر منذ أن فازت باستضافة البطولات في 2010، بما في ذلك عدد من المشاريع الخاصة بكاس العالم مثل استاد البيت. يشار إلى أن المباراة الافتتاحية بين قطر والاكوادور في 20 نوفمبر، ستقام في استاد البيت. 

وعلى مدى 12 عاما، عمل غوبال في بناء المدرجات المعدنية في عدد من الملاعب، كما قام بالمسح بالجص لعدد لا يحصى من الجدران، ورصّف عدد من الطرق السريعة مهما كانت صعوبة ظروف العمل في فصول الصيف الحارقة. 

لكن قبل حوالي 7 شهور من بدء البطولات، قامت شركة بن عمران بترحيله إلى بلاده، وذكرت في بيان لها أن الشركة ستغلق بسبب عدم وجود أية أعمال انشائية أثناء وقت المباريات. لم يكن غوبال الذي عمل بلا كلل لجعل كأس العالم ممكنا، سعيدا بهذا القرار. 

قال غوبال: «كم سيكون رائعا لعمال مثلي أن يشاهدون المباريات في الملاعب التي بنيناها بأيدينا.» كان يتحدث وهو جالس على كرسي القصب المصنوع يدويا في بيته في منطقة تلال تقع في وسط النيبال. ويواصل: «ولكن من الذي سيكترث لنا، أشعر أن كاس العالم هو حدث الأغنياء ويقام لهم فقط.»

وما زاد الطين بله، هو أن شركة بن عمران لم تدفع له مستحقات نهاية الخدمة. وبحسب غوبال والوثيقة التي شاركنا إياها، فإن شركة بن عمران حوّلت نحو 400,000 روبية نيبالية (3,128 دولار أمريكي). «لكن لايزال من حقي أن أحصل على 900,000 روبية نيبالية (7,038 دولار أمريكي.»

ولا يعرف غوبال من سيتولى دفع ما تبقى من مستحقاته، أو متى سيحصل عليها. لكنه خائفا من أن المال قد ضاع إلى الأبد. وقال أيضاً: «قال مدير الشركة لي في مكتب شركة بن عمران أنهم قد يطلبون مني العودة إلى قطر مرة أخرى في نوفمبر 2022.». قالوا له: «إذا لم ندعوك للعمل مرة أخرى، سوف نحوّل لك ما تبقى من مستحقاتك المالية، وبإمكانك سحبها من مكتب خدمات الصرافة IME في النيبال.» وعندما قال المدير ذلك، كان حاضرا في مكتبه كل من المدير العام، ومدير المشروع في الشركة، وأيضا أفراد من الحكومة القطرية.” 

ومع ذلك، فإن الرجل البالغ من العمر 53 عاماً، كان قد وقّع فعلا على وثيقة تثبت أنه تسلّم كافة مستحقاته، ومكافأة نهاية الخدمة، وراتب الإجازة بالإضافة إلى تذكرة السفر. وقال غوبال وهو يعرض وثيقة على MR: «لا أستطيع قراءة العربية أو الإنجليزية. لم أعرف ماذا جلبوا لي للتوقيع في هذه الورقة»، وكانت الوثيقة الممهورة ببصمة اصبعه، عبارة عن إقرار باستلام المستحقات وإبراء الذمة. 

وكانت شركة بن عمران قد توقفت عن دفع رواتب غوبال لمدة ثلاثة شهور. وقد تسلّم أجوره فقط عندما أقام العمال إضراباً. وبالنظر لسجل شركة بن عمران، يشكّ غوبال أنه سيحصل على مستحقاته المتبقية.

سوباش، موظف آخر في شركة بن عمران، يتحدث عن معاناته القاسية للحصول على مستحقاته، قائلا: «قمنا بالاحتجاج ضد الشركة. حتى إننا ذهبنا إلى المحكمة العمالية، وعندها فقط حصلنا على رواتبنا ومستحقاتنا. وأي شيء أكثر احباطاً من عدم حصولك على الراتب على العمل الذي قمت به.»

 

 

 مجموعة حسنسكو (Hassenesco Group)

قامت حسنسكو، التي تولت انشاء العديد من المشاريع الانشائية في قطر/ بترحيل المئات من العمال إلى أوطانهم (أنظر لرد الشركة أدناه).

من هؤلاء العمال، أرجون الذي عاد إلى بلاده في جنوب النيبال في يونيو بعد أن عمل 4 سنوات في قطر. قال صاحب العمل، شركة حسنسكو، أن وضعها لم يعد يسمح بإبقاء عمال لديها، وأصدرت قائمة تضم أكثر من 100 عامل سيتم إعادتهم إلى بلدانهم، وكان أرجون واحدا منهم. 

لكنه على عكس العمال الآخرين، فقد حصل على رواتبه المتأخرة وقدرها 9,500 ريال قطري (2,610 دولار أمريكي)، ومستحقات نهاية الخدمة – وهو المال الذي يستخدمه للإنفاق على احتياجات أسرته. ويبحث أرجون، وهو العائل الوحيد لأسرته، والأب لثلاثة أبناء، حاليا على وظيفة في بلد آخر. ويقول: «لا أعتقد أن تدعوني شركة حسنسكو للعمل لديها مرة أخرى. وحتى لو فعلت، فكيف يمكنني البقاء لفترة طويلة بدون عمل؟ لذلك فقد بدأت فعلا البحث عن بديل. لا يمكنني البقاء مكتوف الأيدي، فمسئولية عائلتي تقع على رأسي.»

يعرف أرجون أن شركة حسنسكو – التي تصف نفسها بأنها من التصنيف (أ)، وتوظف أكثر من 3000 شخص – بأنها ستغلق أثناء كأس العالم. ويضيف: «لكن على الحكومة القطرية أن تجد وظائف أخرى للعمال مثلي، سيكون ذلك مفيدا جدا، فالعمل في الخارج بمثابة شريان الحياة بالنسبة لنا.»

وعمل أرجون (35 عاماً) في العديد من المشاريع في قطر، بما فيها برج الباكر. وكان، وهو من مشجعي كريستيانو رونالدو، مخططا مع زملائه، لمشاهدة المباراة النهائية لكأس العالم في الاستاد. «كنا متحمسين كثيرا لمشاهدة المباراة في الاستاد، لكن الحكومة القطرية أبعدتنا عن البلد قبل البطولة مباشرة.»

على بعد 2000 ميل من استاد لوسيل، حيث تقام المباراة النهائية في كأس العالم، يشعر أرجون بالخزي والإهانة. وقال: «عمل العمال بجد لبناء الطرق، والمباني، والملاعب، لكن تم ترحيلهم إلى بلدانهم. ليس في الأمر عدالة، لقد تمت معاملتنا مثل القمامة، فهم لا يريدون لنا حتى أن نكون مرئيين بين الجمهور العالمي.»

وفي السياق نفسه، قال بوسكار، وهو عامل آخر في شركة حسنسكو، إن الشركة لم تدفع مستحقاته قبل ترحيله إلى بلاده. وأوضح: «لم يقدموا لي مكافأة، ولم يدفعوا لي مستحقات العمل الإضافي الذي قمت به. وطلبت تسوية لمستحقاتي النهائية، لكن في يوم مغادرتي أخبروني أنه لا يستطيعون إعطائي هذه المستحقات.»

في السابق، توقفت شركة حسنسكو عن دفع الأجور لشهور، توقفت حتى عن توفير الطعام. فقام بوسكار وزملاءه باحتجاجات سلمية في مقر الشركة الرئيسي. «حينها قاموا بتسريح العمال وإغلاق الكافتيريا لشهور». ويتذكر بوسكار أنه في ذلك الوقت أنهم كانوا يتوسلون للحصول على الطعام والمال من العمال الآخرين. «اقترضت 500 ريال من أخي، وبهذه الطريقة تمكنت من تلبية احتياجات معيشتي.»

منذ ثلاثة شهور، وقبل السفر إلى النيبال بيوم واحد، سلّم رئيس السكن العمال بوسكار تذكرة سفر و500 ريال قطري، وأخبره أن الشركة غير قادرة على دفع كل مستحقاته. وقال بوسكار إنه كان سيفكّر في الذهاب للمحكمة، لكن لم تكن هناك فرصة لذلك، لأنه تم إعلامهم بأن الشركة لن تسوّي مستحقاتهم قبل ساعات من رحلتهم للعودة. 

وبحسب مجلس التوظيف الخارجي النيبالي، فإن حوالي 400,000 نيبالي عملوا في قطر خلال فورة البناء الضخمة ما بين 2017 و2018. ومن بينهم 15% تقريباً عملوا في قطاع الانشاءات على السقالات، ونجارين، وبنائين، وصباغين، وفي تركيب الفولاذ بالإضافة إلى وظائف أخرى. وعمل 8% في مجال الكهرباء والأعمال الميكانيكية كالسمكرة واللحام وتركيب الأنابيب وتركيب مكيفات الهواء والصيانة. 

 

*تم تغيير جميع الأسماء لحماية الهويات إذ أن العمال لازالوا يأملون أن تقوم الحكومة القطرية وأصحاب العمل بتسوية مستحقاتهم.

 

خاطبت MR الشركات المذكورة أعلاه للحصول على تعليقهم على شهادات العمال وسوف تقوم بتضمين المقال ردودهم إذا ما حصلت عليها.

الرد من شركة حسنسكو

«بالإشارة إلى الإيميل المرسل بتاريخ 31 أغسطس 2022، نفيدكم أن مجموعة حسنسكو للتجارة والمقاولات التي تأسست في 1979، بطاقة من القوى العاملة تصل إلى 12,000 عامل، تقوم بالتوظيف وفق المعايير الأخلاقية من مختلف الدول لتلبية احتياجات الشركة بين وقت وآخر.
وفي غضون ذلك، قمنا بترحيل عدد من العمال وفق قانون العمل القطري، وتمت تسوية كافة المستحقات حتى آخر يوم عمل لمن هو مؤهل لذلك من العمال.
ونضيف إلى علمكم بأن الأجانب من يحملون تصريح الإقامة في قطر، وبحسب قانون العمل القطري، لهم حرية تغيير الوظيفة والالتحاق بشركة أخرى في أي وقت حتى بدون موافقة الشركة الحالية.»

رد من شركة حسنسكو للتجارة والمقاولات