لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

سائقو دراجات تطبيق توصيل الطعام «رفيق» و«سنونو» عالقون في قطر

لم يتسلموا أجورهم لسبعة شهور والآن بلا مأوى ... كينيون ينتظرون العدالة لشهور بعد تقديمهم شكوى، حتى بعد استمرار تغيّب صاحب عملهم عن جلسات المحكمة العمالية.

عندما جاء بيتر، ووليام، وجيمس، وإيمانويل* إلى قطر قادمين من كينيا في يوليو 2022، لم يدر بخلدهم أن يصبحوا بلا مأوى بعد سبعة شهور، وبلا دخل، وبلا جواز السفر وبلا نظام يدعمهم. 

تم توظيف الكينيين الأربعة لدى ليموزين وافق «Wafiq Limousine»، وهي شركة جديدة توفر سائقي الدراجات لشركة خدمات توصيل الطعام رفيق و سنونو. وتعتبر تجربتهم هذه واحدة من بين عدد كبير من الحالات المشابهة التي يتم فيها خداع سائقي الدراجات للتوصيل والعاملين في اقتصاد الوظائف المؤقتة، من قبل أصحاب العمل وتركهم عالقين.  

يتذكر الشاب ذو الـ 29 عاما قائلاً: «كنت أعرف أن أحلامي ستتحقق عنما جئت إلى هنا، لكن الأمل مات منذ اليوم الأول». عند وصولهم إلى مكان سكنهم بالقرب من شارع خالد بن زايد عند مدينة خليفة، أدرك بيتر وزملاؤه الثلاثة أنهم سينامون في غرفة مكتظة بـ 12 رجلاً حيث يصعب حتى التنفس فيها. ولم تكن أوضاع المعيشة هذه سوى بداية الخيبات والوعود الكاذبة. 

مكان الإقامة الذي وفره صاحب العمل، والذي تم طرد العمال منه لاحقاً

وكانت وكالة «Favorcom» للتوظيف المحدودة ومقرها نيروبي، قد وعدت بيتر براتب قدره 2500 ريال قطري (690 دولار أمريكي، من ضمنه الطعام والإقامة بالإضافة إلى الراتب الأساسي. كان يأمل أن يمكّنه راتبه من تسديد قرضا بقيمة 6000 ريال قطري (1650 دولار أمريكي) استلفه لدفع رسوم التوظيف، وأيضا لدعم والدته وأخته في بلاده. 

إلا أن الراتب المذكور في العقد الذي وقعه هؤلاء الرجال عندما وصلوا إلى الدوحة كان ما مجموعه 1300 ريال قطري (400 دولار أمريكي)، ويشتمل على راتب أساسي قدره 1000 ريال قطري و300 كعلاوة للطعام، وسيتم توفير السكن لهم. كذلك أخبرهم المدير أنهم سيعملون كسواق لدراجات التوصيل لـ«رفيق»، بدلا من أن يكونوا سواقين للسيارات. ورغم أن شروط الاتفاق تتماشي مع الحد الأدنى للأجور في قطر، إلا أنه أقل بكثير مما وُعد به الرجال قبل مجيئهم. 

ويتفشى استبدال العقود خصوصا في الدول التي لم يتم تشغيل مراكز قطر للتأشيرات فيها. وتساعد هذه المراكز في تيسير إجراءات استصدار التأشيرة وتتطلب أن يتم توقيع عقد الكتروني في دولة الأصل مطابقاً لما يتم تسليمه عند الوصول لدولة المقصد. وبرغم أن قطر توظّف الآلاف من الكينيين سنوياً، إلا أنه لا يوجد حتى الآن مركز للتأشيرة فيها. 

وبرغم الاختلاف في شروط التوظيف، إلا انه لم يكن لدى الرجال خيار سوى البقاء في ظل الرسوم الباهظة التي كان عليهم دفعها ليتمكنوا من الهجرة. 

يتذكر بيتر: «لم يكن لدينا خيار. كنا بحاجة للكثير من المال. أنا شخصيا مدان بقرض وعليّ تسديده في بلادي. كنت قد وصلت إلى هنا، ولذلك بقيت لأتمكن من استخدام هذا المبلغ لسداد قرضي. الكثير من الناس في بلادي يتوقون لمثل هذه الفرصة... ولذلك، حتى وإن كان راتبي 1000 ريال قطري، فقد قررت العمل للحصول عليه.»

ومع حلول الأسبوع الثالث من بدء العمل، تمت مصادرة جوازات سفرهم. ذلك برغم أن مصادرة الجواز يعتبر أمر غير قانوني بموجب قانون العمل القطري، إلا أن التطبيق وإنزال العقوبات لا يزالان ضعيفين. 

 

استبدال العقد وسرقة الأجر

تعتبر شبكة الكفالة والتعاقد من الباطن معقدة إلى درجة كبيرة في اقتصاد الوظائف المؤقتة، مما يسهل تنصل الكفلاء وأصحاب العمل من المسئولية التعاقدية. في هذه الحالة، وحيث أن الثلاثة مكفولين من قبل ليموزين وافق (وفقاً لبطاقة الهوية القطرية والعقود)، كان وليام تحت كفالة «فوري» لخدمات التوصيل. وكان المشرف على عملهم الذي يشيرون اليه كرئيس ويقولون إنه شريك بالشركة – هو محمد و. وبحسب الوثائق التي تمت مراجعتها من قبل Migrant-Rights.Org، فهو على قائمة المخولين بالتوقيع في مؤسسة «فوري»، وهو من قام بالتوقيع على العقود للأشخاص الذي هم تحت كفالة ليموزين وافق. فيما تشير بطاقة هويته إلى أنه تحت كفالة نور الشمس لخدمة الليموزين. 

يقو العمال أن شركة ليموزين وافق بدأت عملياتها في مايو 2022 بـ 20 سائق دراجة للتوصيل ممن تم توظيفهم في ذلك الوقت. وكان 6 من هؤلاء من أوغنده وكينيا، بمن فيهم بيتر وزملائه. فيما الـ 14 الآخرين من جنوب آسيا. 

وخلال الشهر الأول في الدوحة، قام محمد و. وهو شريك في الشركة من بنغلاديش، بدفع راتبهم الأساسي لكنه أعطاهم 200 ريال قطري بدل طعام بدلا من 300 ريال قطري كما كان مذكورا في العقد. وفي الشهور الخمسة التالية لم يدفع لهم أجورهم ولا بدلات الطعام. كان راتب الـ 1200 ريال قطري الذي تسلموه في الشهر الأول هو الراتب الوحيد الذي استلمه بيتر وزملاؤه خلال الشهور السبعة الماضية برغم أنهم كانوا يعملون ما بين 12-16 ساعة يومياً. 

وكانوا يعتاشون خلال هذه الفترة على الاكراميات التي يحصلون عليها.

«عندما طلبنا منه أن يدفع رواتبنا، ظل يطلب منا أن ننتظر وأن نتحلى بالصبر، ولم نعرف ما الذي يمكننا عمله سوى ذلك. أين هو المال الذي كنا نعمل من أجله.»

في المجموع تدين الشركة لبيتر، ووليام، وإيمانويل بـ 7800 ريال قطري (2,140 دولار أمريكي تقريبا) لكل منهم، بينما تبلغ مستحقات جيمس 6500 ريال قطري (1,785 دولار أمريكي). 

باستثناء جيمس الذي تسلم بطاقة راتبه في نوفمبر، وتسلّم راتبه من خلالها في ديسمبر، لم يتم تسجيل أي من الآخرين في نظام حماية الأجور ولم يكن لدى أي منهم بطاقة راتب ولا حساب مصرفي. فقد استلموا راتب الشهر الأول نقداً، وهو أمر غير قانوني. فبحسب قانون العمل القطري، يجب دفع أجور العمال الذين يتم توظيفهم على أساس سنوي أو شهري بالإيداع المباشر باستخدام التحويل المصرفي الالكتروني. 

وتعتبر ظاهرة تفشي سرقة الأجور مصدر قلق متزايد في جميع دول الخليج، بما فيهم قطر. وغالبا ما يفشل نظام حماية الأجور المفترض أن يكتشف حالات عدم دفع الأجور وينبه السلطات لذلك.  

ويعمل عمال اقتصاد الوظائف المؤقتة، تحديدا، في منطقة رمادية، وهم عرضة للاستغلال من قبل كلا الكفيل وصاحب العمل. ويفصّل تقرير حديث صادر عن «FairSquare» تجربة 160 من عمال التوصيل في قطر ممن تعرضوا لسرقة أجورهم لفترات طويلة وصلت لبعضهم إلى 8 شهور. ويعمل هؤلاء العمال ولأغلبهم من كينيا وأوغندة وغانا لدى شركتين مرتبطان ببعضهما هما خدمات انفنتي للتوصيل، و انفنتي لخدمات الليموزين. وتعملان نيابة عن العديد من شركات توصيل الطعام من خلال ترتيبات التعاقد من الباطن. 

وفي حين يعتبر الوصول للعدالة والانصاف تحديا للكثير من العمال المهاجرين من ذوي الدخول المنخفضة، فإن أولئك الذين يعملون ضمن اقتصاد الوظائف المؤقتة يواجهون عوائق أكثر. فهم لا يعملون فقط بنظام العمولات – مما يجعل من الصعب عليهم أخذ إجازة للنظر في الشكاوى – ولكنهم في الغالب يتم توظيفهم من قبل أشخاص غير كفلائهم. ومن شأن عملية التعاقد من الباطن غير الواضحة أن تجعل من الصعب معرفة من هو الشخص المسئول عن أوضاع عملهم، أو حتى من الشخص الذي من الممكن أن يقدموا شكوى ضده. وبرغم زيادة أعداد المهاجرين العاملين في قطاع الوظائف المؤقتة، إلا أن دول الخليج لم تقم بسن قوانين أو سياسات لتنظيم شروط هذا العمل. 

المخاطرة بالحياة وبسلامة الجسم

في أغلب الوظائف المؤقتة، تكون علاقة العمل غير واضحة. وفي هذه الحالة، لا يوجد عقد مباشر بين ليموزين وافق وبين رفيق، لكنهم يزودون شركة أخرى بسوّاقيهم، وهي شركة بن قاسم لخدمات التوصيل. وأبرمت شركة بن قاسم لخدمات التوصيل عقداً مع رفيق، وشغّلت موظفي وافق كسوّاق للدراجات النارية. وفي منتصف نوفمبر، تمكنت ليموزين وافق من توفير عقد مباشر مع سنونو، وهي شركة مشهورة لتوصيل الطعام في قطر.

وبعد الحصول على الاتفاق الجديد، أصرّ صاحب العمل أن يعمل بيتر وزملاؤه ثماني ساعات لكل من سنونو ورفيق، مما جعلهم يعملون 16 ساعة في اليوم أحيانا. وعلى رغم هذا الجدول المثقل بالأعباء إلا أن هؤلاء الرجال ما زالوا لم يتسلموا أجورهم.

قال بيتر: «لم يسبق لي أن زرت دولة تستضيف كأس العالم من قبل. كنت متحمساً لأنني شعرت أنها فرصة لكسب مزيدا من المال. كنا نحصل على عمل واكراميات أكثر في بداية فعاليات كأس العالم، وحيث أنني لم اتسلم راتبي من قبل صاحب عملي، فقد كنت أرسل ذلك المال إلى والدتي في بلادي». ولكن، تعرض بيتر في ذروة كأس العالم لحادث سير بينما كان يوصل طلباً لأم صلال.

يتذكر بيتر: «اتصلت برئيسي في العمل وأخبرته أنني تعرضت لحادث، وكان أول سؤال وجهه لي هو كيف كانت الدراجة. كنت قد تضررت، وكنت أنزف وكنت بالكاد أستطيع المشي، لكن كل ما كان يقلقه هو الدراجة». ويضيف أن صاحب العمل أخبره أن يواصل العمل برغم إصابته وهدده بإنها عقده.

وصلت سيارة الإسعاف والشرطة إلى موقع الحادث بعد دقائق وقدموا لبيتر الإسعافات الأولية، لكنه عندما سأل إن كان بالإمكان أخذه للمستشفى لمزيد من الفحوصات، حبّطه المسعفون عندما أخبروه أن عليه أن يتحمل التكاليف لأنه لا يحمل بطاقة حمد للرعاية. وبحسب التعاقد، فإن ليموزين وافق ملزمة بتوفير البطاقة الصحية أو التأمين لموظفيها. 

وقال بيتر: «كان لدى الباكستانيين البطاقة الصحية، لكننا الأفريقيين ليس لدينا تأمين.» مضيفاً أن رئيسهم ينظر إليهم بازدراء ويبالغ في إساءة معاملتهم لأنهم كينيين. 

وكان الشخص الذي اصطدم ببيتر وأوقعه من على دراجته، قد وعد الشرطة بتغطية تكاليفه الطبية، ولكن عندما اتصل بيتر به في اليوم التالي لم يجب على اتصاله. بعد هذا الحادث، مكث بيتر في غرفته بإصابات لم يتم علاجها، لأيام، ومن غير طعام. وقال: «بعد بضعة أيام، زارني أفراد من الكنيسة التي كنت أذهب اليها، وقاموا بجمع بعض المال لي مما ساعدني أن أقف على قدمي من جديد.»

وبحسب القانون القطري رقم 14 لسنة 2004، فإن أصحاب العمل مسئولون لتغطية تكاليف العلاج لإصابات موقع العمل. ويحق للموظفين غير القادرين عن مواصلة العمل نتيجة إصابات ذات علاقة بالعمل استلام راتباً كاملاً خلال الشهور الستة الأولى من الإصابة. وبعد ذلك، يحق لهم استلام نصف راتب حتى يتعافوا تماماً أو يعتبروا معاقين بشكل دائم. ورغم ذلك، فقد دفعت وافق بيتر للعودة للعمل قبل أن تبرأ إصابته، كما رفضت تغطية التكاليف الطبية لعلاجه. 

في 4 ديسمبر 2022، أصيب بيتر في حادث بسيط بينما لم يتعاف تماما من اصابته من الحادث الأول. 

يتذكر بيتر: «أخبرني رئيسي في العمل أن أقوم بإصلاح الدراجة وطلبت منه يستخدم التأمين لأنها ليست مسئوليتي. اختلفنا على ذلك. وفي نفس اليوم، ألغى بطاقة هويتي القطرية.»

بعد إلغاء بطاقة هويته، ذهب بيتر ووليام وإيمانويل إلى وزارة العمل في 11 ديسمبر، وقام، ولأول مرة، بتقديم شكوى ضد صاحب العمل لسرقة أجره وعدم توفير التأمين الصحي له. وتحدد، للثلاثة، موعد جلسة في 15 ديسمبر. إلا أن صاحب العمل الذي تم اشعاره بالموعد لم يحضر. وقيل لهم أن يعاودوا الحضور بعد أسبوع مع رئيسهم. وفي 22 ديسمبر، ذهب الثلاثة إلى مكتب العمل في المنطقة الصناعية مع صاحب العمل. وتم تشجيعهم للتوصل إلى حل وسط معه لكنهم لم يتفقوا على أي شيء. 

أما جيمس فقد انتظر عدة أشهر، دون جدوى، على أمل أن يسدد صاحب العمل، مستحقاته. ثم أبدى رغبته في الحصول على عمل آخر حتى يتمكن من دعم عائلته، لكن الكفيل قام بإلغاء بطاقة هويته أيضا. وبذلك قام بتقديم شكوى في 3 فبراير 2023. لكن صاحب العمل لم يحضر الجلستين اللتين تم عقدهما في وقت لاحق. 

وفي أعقاب عدم حضور صاحب العمل المتكرر والفشل للوصول إلى اتفاق، تم تحويل جميع قضايا العمال الأربعة للمحكمة العليا. ولم يتم تحديد موعد الجلسة الأولى للمحكمة بعد. 

الانتقام والتشرد

أخبر مسئول في مكتب العمل العمال أنه في حالة سحب القضية، فإن صاحب العمل "يستطيع فعل أي شي لهم" وبذلك نصحهم بعدم سحب القضية. وبعد الجلسة الثانية، تركهم في المحكمة، فكان عليهم أن يتدبروا أمر عودتهم إلى مكان سكنهم. بعد ذلك، انتقم منهم بإلغاء عقود عملهم، وألغى خطوط هواتفهم ومنعهم من العمل. بالإضافة إلى ذلك، لم يعد يمدهم بأي أموال لشراء الطعام. 

في يناير، اكتشف موظفو ليموزين وافق أن رئيسهم لم يكن يدفع ايجار اقامتهم. وحاول المشرف على المبنى الذي يقيم فيه بيتر وزملائه في مدينة خليفة مرارا إجبارهم على مغادرة المكان. وبعد أن أصابهم اليأس، توجه بيتر وزملاؤه إلى مركز الشرطة في مدينة خليفة لطلب المساعدة ولكن طُلب منهم العودة إلى مكان سكنهم والاتصال بالشرطة في حالة حدوث أي شيء.  

ومن الشائع أن يستخدم أصحاب العمل هذه الأساليب لدفع العمال على مغادرة البلد بشكل كامل مما يؤدي إلى سحب قضيتهم بشكل تلقائي. وخلال الفترة بين تقديم الشكوى واستلام الرد، لا يكون لدى العمال الحماية القانونية اللازمة لحمايتهم من انتقام صاحب العمل، الذي بإمكانه الغاء بطاقة هويتهم في أي وقت من خلال تطبيق « مطراش» أو تقديم شكوى هروب ضدهم. 

في 20 فبراير، أخذ الوضع منحى للأسوأ عندما تم إخلاء المبنى من جميع قاطنيه العاملين في مختلف الشركات. وذهب العمال مرة أخرى للشرطة طلباً للمساعدة، لكنهم فقط سئلوا: «هل تودون المجيء للعيش في مركز الشرطة؟». تركوهم دون خيار سوى استجماع شجاعتهم والمبيت في الخارج. 

في حين أعطي أولئك العاملين لشركات أخرى، خيارات من قبل أصحاب العمل في اليوم التالي، تُرك بيتر ورفاقه ليتدبروا أمورهم في الشارع لمدة أسبوع تقريباً، معتمدين للعيش، على لطف الغرباء. 

يتذكر بيتر ذلك الأسبوع قائلا: «(كنا) نعيش كما الأبقار في الخارج.»


ليلة طرد العمال من مكان إقامتهم

وعندما توجهوا إلى وافق وطالبوا بالحصول على الأقل على مأوى حتى تاريخ المحكمة، قام المدير/الشريك بالاتصال بالشرطة متهما أياهم بمضايقته. بعدها ذهب بيتر وزملائه إلى مركز شرطة الخور مع صاحب العمل لشرح الوضع في محاولة لتسوية القضية. وبعد مفاوضات مطولة، أمرت الشرطة صاحب العمل بتوفير مسكنا لهم حتى موعد جلسات المحكمة. ووعد صاحب العمل بذلك، لكنه فشل في الوفاء بوعده وتركهم في الخارج دون مساعدة، مرة أخرى. 

وفيما ينتظرون جلسة مايو، فهم مدركون أنه إذا لم يحضر صاحب العمل فمن المحتمل ألا تكون هناك تداعيات تذكر. وإذا ما فعل العمال الشيء نفسه، فمن المحتمل أن يخسروا قضيتهم.

كذلك، توجه الكينيين إلى سفارتهم طلبا للمساعدة بغير جدوى. قيل لهم، إن كان لديهم المال لشراء التذاكر فستقوم السفارة بتسهيل عودتهم. في نهاية الأمر فكروا في هذا الخيار، لكن بدون الوثائق أو المال، فإن العملية ستكون طويلة ومملة.  

.في الوقت الحالي، هم يعيشون على الدعم الذي يقدمه أعضاء كنيستهم الأكبر سنا، ويشمل ذلك غرفا مشتركة مع عمال آخرين في فيلا. وبينما يجلسون في غرفة ضيقة، بها ستارة مهترئة، الشيء الوحيد الذي يوفر الخصوصية وراءه، يشعر هؤلاء الرجال باليأس من أمكانية دعم عائلاتهم في بلدانهم. فجيمس على سبيل المثال لا يمكنه دفع رسوم مدرسة ابنته ذات الأربع أعوام مما يوتر علاقته بزوجته. كما يواجه ايمانويل ووليام المعاناة نفسها لأن لديهم أطفالا أيضا بحاجة للدعم. أما بيتر فيقلقه عدم قدرته على دفع ديونه ومساعدة والدته المسنة.  

ولا تقدم جلسة المحكمة المقررة في بداية مايو أي ضمانات للتوصل على حل. 

*تم تغيير الأسماء لحماية هوية العمال