حكومة البحرين ستقوم بتحصيل الاشتراكات لتعويضات العمال المهاجرين وصرفها لهم مباشرة
القرار يأتي متزامناً مع سعي البحرين إلى تعزيز الوضع المالي لهيئة التأمينات الاجتماعية، لكن يبقى السؤال حول كيفية صرف التعويضات
تبدأ الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية البحرينية، واعتباراً من مارس 2024، بتطبيق القرار رقم 109 لعام 2023. وبموجبه تبدأ الهيئة في تحصيل اشتراكات نهاية الخدمة من أصحاب العمل ممن لديهم عمال مؤمن عليهم تحت مظلة الهيئة في القطاع الخاص، ومن ثم صرفها للعمال المهاجرين في وقت استحقاقها.
وفي السابق، كان أصحاب العمل يدفعون التعويضات مباشرة للعمال المهاجرين بعد انتهاء عقد عملهم. ومع ذلك، فلا تفعل ذلك سوى شركات قليلة بتخصيص مبالغ للوفاء بهذه الالتزامات. ومن الشائع أن يعلن أصحاب العمل إفلاسهم، وتقديم شكاوى هروب، وإنهاء تراخيص الإقامة أو إعادة العمال إلى بلدانهم دون تسوية مستحقاتهم المشروعة. وبحسب اللوائح الجديدة، يُلزم صاحب العمل بالمساهمة بشكل مباشر في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بشكل شهري.
ومع ذلك، سيظل أصحاب العمل مسئولين عن دفع المبالغ المحددة من التعويضات للعمال عن فترة خدمتهم قبل تطبيق القرار الجديد.
وعادة ما يحق للعمال البقاء لشهر واحد من انتهاء تصاريح العمل، إما للحصول على وظيفة أخرى أو لمغادرة البلاد. ولا يستطيع معظم المهاجرين تحصيل مستحقاتهم خلال هذه الفترة القصيرة. غالباً لأنهم يفتقرون للموارد اللازمة لاتخاذ أي إجراء قانوني مثل تعيين محامي لتمثيلهم.
وينص القرار الجديد الذي وافق عليه مجلس الوزراء في 13 نوفمبر 2023، على أن يساهم أصحاب العمل بما يعادل 4٬2 ٪ من راتب العامل المهاجر خلال السنوات الثلاث الأولى، ثم ترتفع النسبة إلى 8٬4٪ في السنوات التالية. وستنطبق مساهمة الـ8٬4٪ تلقائياً على أصحاب العمل ممن لديهم عمالاً قضوا في العمل أكثر من ثلاث سنوات، قبل مارس 2024.
ويجب على أصحاب العمل تقديم بيانات الرواتب للعمال المؤمن عليهم للهيئة قبل تطبيق النظام الجديد. وبحسب مصادر الهيئة، فإن «الراتب يكون كما هو محدد في العقد الوظيفي للعامل والذي يدفع للعامل بشكل دوري، بالإضافة إلى أية زيادة في الراتب وأيضا العلاوة الاجتماعية.» وفي حالة تخلف أصحاب العمل عن تقديم بيانات الرواتب، فإن الهيئة ستقوم باحتساب المساهمات بناءً على الأجر الشهري المقدم لمساهمات التأمين ضد إصابات العمل التي يدفعها، أصلا، أصحاب العمل.
ونظراً للانتهاكات المتفشية على نطاق واسع، تجادل أطراف عدة من ذوي العلاقة بما فيهم الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، في السنوات الأخيرة عن ما إذا كان يجب على الهيئة تحصيل المساهمات بشكل مباشر وصرفها أيضا، ليس فقط من أجل توفير حماية أفضل لحقوق العمال، ولكن أيضا لتعزيز الوضع المالي للهيئة. ويأتي القرار الجديد في الوقت الذي تواجه هيئة التأمينات تحديات مالية صعبة، اتضحت في انخفاض كبير في الأصول بمقدار نصف مليار دينار بحريني، وخسائر في الاستثمار مجموعها حوالي 92 مليون دينار بحريني في 2022.
ولا تتضمن اللائحة الجديدة أي تغيير في حساب تعويضات نهاية المدة. وهذه التعويضات يتم حسابها على أساس آخر راتب تم سحبه، وطول فترة العمل بمعدل الأجر عن 15 يوم في العام للسنوات الثلاث الأولى، وأجر شهر واحد للسنوات التالية. وبحسب القرار الجديد، يجب ألا يتجاوز المبلغ الذي يتم صرفه، قيمة الاشتراكات المدفوعة للهيئة. بالإضافة إلى ذلك، يحق لأصحاب العمل استرداد الفرق في الاشتراكات في حالة تم تخفيض الأجر.
وتم عرض السياسة الجديدة في الاعلام المحلي، على أنها محاولة لتخفيف العبء المالي عن أصحاب العمل بالتحول من دفع تعويضات دفعة واحدة في نهاية مدة الخدمة، الى اشتراكات شهرية. ومع ذلك، ففي الواقع يتخلّف كثيرين من أصحاب العمل عن دفع المبلغ المستحق للعامل بالكامل. ونتيجة لذلك، واجهت هذه السياسة مقاومة من قبل بعض أصحاب العمل والمسئولين. على سبيل المثال، عبر النائب درويش أحمد المناعي عن رفضه السياسة الجديدة مستندا إلى أنه برغم إنها قد تطيل حياة صندوق التقاعد، إلا أنها [النظام الجديد] «سيُنهك القطاع الخاص ويحد من نشاطه التجاري».
وتعتبر هذه الخطوة إيجابية في اتجاه توفير ضمان أفضل لحقوق العمال المهاجرين. وستنضم البحرين بذلك إلى عمان لتكونا الدولتان الخليجيتان الوحيدتان التي ستتولى هيئات التأمين فيهما صرف مستحقات نهاية الخدمة (علماً بأن الإصلاحات في عمان ستطبق خلال ثلاث سنوات). ومع ذلك، يبقى السؤال حول كيفية تطبيق هذه القرارات ومدى سهولة مطالبة المهاجرين بمستحقاتهم. والأهم من ذلك، هو أن عاملات المنازل مستثنيات من هذا الإصلاح، إذا ما أخذنا في الاعتبار أنهن غير مشمولات أساساً تحت قانون التأمينات الاجتماعية.
أحد التحديات أمام تطبيق هذا النظام هو أن الرواتب الفعلية للعمال المهاجرين وعلاواتهم، غالبا ما تختلف عن الأرقام التي يتم تسجيلها في هيئة التأمينات وهيئة تنظيم سوق العمل، وذلك بسبب أن أصحاب العمل يقدمون عقود عمل برواتب وعلاوات أقل لخفض رسوم الاشتراكات. ففي أغسطس من هذا العام 2023، وقعت هيئة تنظيم سوق العمل وهيئة التأمينات اتفاقا لتوحيد البيانات ذات العلاقة بأجور القطاع الخاص لمزيد من الشفافية، وإعطاء الهيئتين امكانية الدخول على قاعدة بيانات العمال. لكن لايزال التقدم المحرز في هذه المبادرة غير واضح.
ولابد من منح المزيد من الوقت لتقييم فعالية نظام التعويضات الجديد. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاطرة في أن يواجه العمال من أصحاب التصريحات الملغية، صعوبات في الحصول على مستحقاتهم. وهذه المشكلة تحديداً، لها صلة بالمهاجرين الذين يساهمون في التأمين ضد البطالة في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية. فبرغم من أهليتهم للحصول على مزايا البطالة على الورق، إلا أن هؤلاء الذين يفقدون وظائفهم وبالتالي يتورطون في وضع غير نظامي، قد يجدون أنفسهم غير مؤهلين للحصول على التعويضات التي يستحقونها.
وفي كل الأحوال، فلقد فشل النظام الجديد في معالجة مشكلة أعداد كبيرة من المهاجرين العالقين في البحرين بانتظار تعويضاتهم. فخلال الشهور الأخيرة، أصبح مئات العمال المهاجرين العاملين في شركة أوال الخليج للصناعات، وهي شركة راسخة تصنع أجهزة تكييف الهواء والمبردات لأكثر من 50 عاماً، عاطلين عن العمل بسبب صعوبات مالية تواجهها الشركة. وقد تم التخلي عن هؤلاء العمال الذين أمضى كثيرين منهم سنوات عديدة في خدمة الشركة، ولم يتسلموا رواتبهم المستحقة التي تصل إلى عشرات الآلاف من الدنانير. وكشفت مصادر مقربة من المشكلة، إن الشركة زورت توقيعات العمال لتؤكد استلامهم لمستحقاتهم.