اقترح مجلس الشورى القطري بعودة استصدار تصاريح المغادرة لعمالة المنازل، مع أنه أعاد صياغة هذا الاجراء بتسميته «الحصول على موافقة صاحب العمل»، على الأقل قبل 5 أيام من تاريخ المغادرة.
وبحسب بيان صحافي صدر عن وكالة الأنباء القطرية الرسمية، فإن هذه الإجراءات من شأنها أن «تجبر عاملات المنازل على تقديم طلب إجازة، أو مغادرة نهائية من خلال تطبيق «مطراش»، لصاحب العمل خلال 5 أيام عمل على الأقل من تاريخ المغادرة، وذلك للحصول على الموافقة المطلوبة، إذ أنه لا يسمح لهن بالمغادرة قبل الحصول على موافقة مسبقة، ويحق لعاملات المنازل الاستئناف والمتابعة مع السلطات المعنية في حالة عدم الموافقة على الطلب المذكور.»
وإذا ما تمت الموافقة على المقترح وطُبقت التوصيات، فسيكون ذلك بمثابة انتكاسة خطيرة لعملية الإصلاحات في قطر، التي تدّعي الغاء نظام الكفالة. كما قدم المجلس أيضاً معايير أخرى تهدف إلى تقييد حركة عاملات المنازل وحقوقهن الأخرى.
ومنذ تطبيق الإصلاحات في 2020، لم تحتاج عاملات المنازل إلى الحصول على تصريح مغادرة لترك البلد. ويتضمن كتيب «اعرف حقوقك» الصادر عن وزارة العمل، قانون العمل كما يوضح الحقوق المذكورة أدناه:
القانون
المادة 2 من قرار وزارة الداخلية رقم 95 لعام 2019.
من حق عمالة المنازل مغادرة البلد بشكل مؤقت أو نهائي خلال فترة سريان عقد العمل. وعلى العامل/العاملة إبلاغ صاحب العمل برغبته/رغبتها قبل 72 ساعة على الأقل.
حقوقك
أنت لم تعد بحاجة إلى تصريح لمغادرة قطر. لكن، مع ذلك، عليك بإعلام صاحب العمل عن خططك لمغادرة البلد قبل 72 ساعة على الأقل. بإمكانك القيام بذلك شفهياً أو كتابياً.
تركز التشريعات والممارسات الحالية على عاملات المنازل اللاتي يتركن صاحب العمل «الهاربات». فالمقترحات الإضافية لمجلس الشورى تعزز هذه الفكرة. كما تشمل:
- تتحمل العاملات «الهاربات»، أو من يتستر عليهن أو يقوم بتشغيلهن، تكاليف الإعادة إلى الوطن، إذا كان صاحب العمل قد تقدم بشكوى هروب ضد العاملة.
- منع العاملات اللاتي يقدم فيهن بلاغ هروب من تحويل كفالتهن.
- إنشاء نظام تأمين لحماية أصحاب العمل من تبعات «الأمور المالية» المترتبة على هروب العاملة.
- تغليظ العقوبات على عاملات المنازل اللاتي يهربن من منازل أصحاب العمل، وكذلك من يساعدهن على الهرب.
- زيادة الإشراف على «الأماكن التي قد تقدم فرصاً للتوظيف لهذه الفئة من العمالة، سواء كانت وظائف خاصة أو العمال بنظام الساعات، أو العمالة المقيمة، وفي الفنادق والمطاعم».
وبرغم أنه قد سمح قانونياً لعاملات المنازل بتغيير وظائفهن في أي وقت من مدة العقد منذ تطبيق إصلاحات 2020، إلا أن تغيير الوظيفة، عملياً، يعتبر مستحيلاً للغالبية العاملة في أماكن معزولة. والكثير من العاملات يفتقرن للحصول على يوم إجازة أسبوعية، أو موافقة للخروج من منزل الأسرة وأحياناً لا يمكنهن الوصول إلى وسائل الاتصال- جميع هذه العوامل مهمة لتسهيل عملية تغيير الوظيفة. ويعني ذلك أن ترك مكان العمل – «الهروب»- باعتباره الخيار الوحيد للعمالة غير الراضية عن وضعها أو التي تتعرض للإساءة من قبل أصحاب العمل.
ويعكس انشغال مجلس الشورى بـ «هروب» العاملات، مواقف أصحاب العمل الذين يفترضون انهم اشتروا العامل، بدلا من توظيفه للاستعانة بخدماته.
وتؤثر قوانين الهروب التي تجرِّم العاملات اللاتي يتركن منزل أصحاب العمل، كما ذكرت MR سابقاً، على النساء وعاملات المنازل بشكل أسوأ. وهذه التوصيات لا تحمّل أصحاب العمل المسئولية، كما أنها لا تظهر أي فهم للأسباب التي تدفع العاملات لترك منازل أصحاب العمل.
(…) إن نية تجريم فعل الهروب تتجلى واضحة في التهمة الموجهة للفاعل، حيث تبذل دول الخليج جهداً إضافياً لتسهيل استخدامه وإساءة استخدامه.
وتأتي مداولات مجلس الشورى في أعقاب تقرير تم تقديمه من قبل لجنة الشئون الداخلية والخارجية، في استجابة لتعبير مواطنين عن قلقهم وعدم رضاهم عن الإصلاحات العمالية المهمة التي بدأ تنفيذها في 2020. وفي البلد الذي يمنع فيه تأسيس النقابات أو أي شكل من أشكال التنظيمات، يظل العمال محرومين ممن يمثلهم بالشكل الوافي، في الوقت الذي يستخدم المواطنين نفوذهم عن طريق قناة مجلس الشورى بالإضافة إلى وسائل أخرى. والمجلس هو عبارة عن هيئة استشارية وتشريعية مشكلة من 45 عضو، 30 منهم منتخبون.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتقدم فيها مجلس الشورى بتوصيات رجعية إلى درجة كبيرة بشأن تشريعات العمالة. وقد تم المضي بتنفيذ بعض منها. في 2021، أدخلت قطر متطلب خطاب استقالة موقع، أصبح فيما بعد بمثابة شهادة عدم ممانعة في الواقع، الأمر الذي أضعف القانون الذي يعد بحرية التنقل الوظيفي للعمال المهاجرين. وحتى حين تم إصدار قانون العمالة المنزلية في 2017، قام مجلس الشورى بمناقشة مزاياه، فيما قاوم عدد من الأعضاء أفضل الممارسات التي اشتمل عليها، مشيرين، تحديداً، للعبء المالي الذي يتحمله المواطنين القطريين المطالبين، وفق القانون، بتوفير مزايا نهاية الخدمة والإجازة مدفوعة الأجر. ويشار إلى أن الحد الأدنى للأجر حينها هو 750 ريال قطري (200 دولار أمريكي)، وهي نسبة ضئيلة من معدل دخل الفرد القطري.
كذلك تم التراجع عن إصلاحات عمالية أخرى، استجابة لشكاوى أصحاب العمل. في 2022، أدخلت قطر فترة اختبار مدتها 9 شهور بين وكيل التوظيف وصاحب العمل، مما جعل أمر تغيير الوظيفة أكثر صعوبة بالنسبة لعمالة المنازل خلال هذه الفترة، برغم نفي المسئولين لأية تأثيرات سلبية لهذه الفترة على عاملات المنازل.
وتعتبر عاملات المنازل أكثر العمال المهاجرين تهميشاً وعرضة للخطر في دول الخليج، بما في ذلك قطر. ومع ذلك، تقاوم الحكومات والمواطنين مد الحماية العمالية لتغطيتهم. ومع أهمية عاملات المنازل لأي أسرة، إلا أنهن أيضا يعامَلن كسلعة يتم دفع ثمنها.