لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

حمى الضنك تتفشى بشكل غير مسبوق بين العمال المهاجرين في الإمارات بسبب إهمال الحكومة

في 6 يوليو 2024

يواجه العمال المهاجرون في الإمارات تفشي حمى الضنك بسبب الافتقار لجهود التنظيف بعد الفيضانات الغزيرة التي تعرضت لها البلاد في أبريل الماضي، وذلك بحسب تقرير صدر عن FairSquare.

وأودت الفيضانات غير المسبوقة التي تعرضت لها الإمارات في 16 أبريل 2024، بحياة 5 أشخاص على الأقل. ولا تزال الخسائر الصحية في ارتفاع بسبب مسطحات المياه الراكدة في جميع مناطق البلاد التي خلقت بيئة مواتيه للبعوض وأدت إلى تفشي حمى الضنك.

وقال جيمس لينش، المدير المشارك لمجموعة حقوق الإنسان FairSquare:

«أدت الفيضانات المدمرة التي اجتاحت الإمارات في أبريل إلى حدوث خسائر فادحة تعرضها لها الناس في الإمارات، وتفاقم الوضع بسبب التغير المناخي. ولم تكن النتائج فيما بعد مختلفة. فمع انتشار حالات الإصابة بحمى الضنك في مجتمع العمال المهاجرين الذين يعيشون في أحياء مهمشة ويعانون من أجل الوصول إلى الرعاية الصحية اللائقة، أصبح الوضع قاسياً.»

ووجد التحقيق الذي أجرته FairSquare، والقائم على لقاءات مع ثلاثة متخصصين في الرعاية الصحية ومسئولين حكوميين، ومهاجرين لم يكشف عن أسمائهم، تفاوتاً مقلقاً في جهود التنظيف. وفي حين أُعطيت الأولوية للمناطق الحضرية والرئيسية، أُهملت الأحياء التي يقطنها العمال المهاجرون، لأكثر من ثلاثة شهور. وأدى هذا الإهمال إلى تكوّن المسطحات المائية الراكدة، والتي شكلت بيئة مثالية للبعوض الناقل لحمى الضنك. بالإضافة إلى ذلك، كشف التحقيق عن وجود عوائق كبيرة تحد من قدرة العمال المهاجرين الذين أصيبوا بالفيروس، للوصول إلى الدعاية الصحية. 

أعرف الكثيرين ممن مرضوا وثبتت إصابتهم بحمى الضنك بعد إجراء الفحص – احتاجوا لإجراء الفحص للحصول على إجازة مرضية – لكن هناك الكثيرين ممن لم تجرى لهم فحوصات وظلوا طريحين الفراش… الله وحده يعرف الأمراض المتفشية هناك.

ولم تنشر الإمارات بيانات عن عدد الإصابات بحمى الضنك، إلا أن تقارير صحيفة خليج تايمز ذكرت أن المستشفيات شهدت زيادة كبيرة في حالات الإصابة بالحمى الفيروسية، والزكام والسعال. كما أكدت اللقاءات التي أجرتها FairSquare مع مسئولين في القطاع الطبي في دبي والشارقة، على وجود ارتفاع كبير في حمى الضنك والأمراض المنقولة بالمياه. وذكرت ممرضة في الشارقة، إنها كانت تتعامل مع ما يزيد عن 30 حالة من المصابين بحمى الضنك كل 4 إلى 5 أيام. 

وفي مايو، ذكر مسئول في وزارة الصحة إن الحكومة أطلقت 9 فرق متخصصة للقضاء على 409 مواقع لتكاثر البعوض، مع اعترافه إن «العدوى لازالت تنتشر بمعدل سريع». 

وأبلغ مسئول حكومي، فضل عدم ذكر اسمه، FairSquare، إنهم فخورون بجهود التنظيف، لكنه اعترف أيضا أنه تم إهمال ‘المناطق الصناعية’ حيث توجد أماكن إقامة عمال الشركات المهاجرين. 

وقال: «تم التعامل مع [مناطق التكاثر] على الفور. إلا أنه يوجد الكثير منها التي لم يعرف بأماكن وجودها لكن من الواضح أن لها تأثير على الناس. لقد عملنا على إزالتها وكذلك قمنا بإرسال شاحنات رش المبيدات للتأكد من سلامة المنطقة. وهذه موجودة في مناطق صناعيه بشكل عام». 

وقال عامل مهاجر يعمل في إحدى المناطق الحرة في دبي، إنه أجريت التنظيفات فقط حينما تقدم صاحب العمل بالشكوى للجهات المسئولة من إصابة عماله بالمرض. وأبلغ أحد قاطني إمارة رأس الخيمة عن وجود البعوض والمياه الراكدة بالقرب من الحي الذي يقيم فيه لأكثر من شهر بعد الفيضان. 

«لم يتم القضاء على البعوض… أعرف الكثيرين ممن مرضوا وثبتت إصابتهم بحمى الضنك بعد إجراء الفحص – احتاجوا لإجراء الفحص للحصول على إجازة مرضية – لكن هناك الكثيرين ممن لم تجرى لهم فحوصات وظلوا طريحين الفراش… الله وحده يعرف الأمراض المتفشية هناك». 

من جانبه قال عامل مهاجر يعيش في منطقة سونابور وهي من أحياء دبي، ويقطنها نحو 200٫000 عامل مهاجر أغلبهم من الرجال الذين يعيشون في مساكن عمالية:

 «في المنطقة التي أعيش فيها، كانت المياه تتجمع على مدى أسابيع بعد هطول الأمطار. وتم تنظيف الشوارع الرئيسية بشكل عاجل، لكن المياه ظلت في مناطق مثل هذه لفترة طويلة جدا، والآن ينتشر البعوض ومخلف أنواع الحشرات في كل مكان. وسترى طابورا من المراجعين خارج أي عيادة في مثل هذه المناطق». 

وقال أحد عمال الرعاية الصحية إن المناطق التي يعيش ويعمل فيها العمال المهاجرون هي الأسوأ “على الإطلاق” من أي منطقة أخرى، مع بقاء المياه الراكدة فيها حتى يونيو. ومع ذلك كانوا يشعرون بالتوتر والخوف من الإداء بأية تفاصيل إضافية لئلا يتعرضوا لمشاكل مع السلطات». 

ومع اقتصار الحصول على الرعاية الصحية على من لديهم التأمين الخاص المرتبط بصاحب العمل، وكذلك تطبيق التأمين الصحي الإجباري في إمارتي دبي وأبو ظبي فقط، تحدث العمال عن عدد من العقبات التي يواجهونها للوصول إلى العلاج أو الحصول على معلومات حول حمى الضنك. وقال طبيب قام بعلاج العديد من العمال منخفضي الدخل في عيادة خاصة في المنطقة الصناعية في الشارقة، إنه بالإضافة إلى المخاوف الصحة الجسدية، فإن حمى الضنك تحمل معها مخاطر إصابة العمال بمشاكل خطيرة متعلقة بـ «الصحة العقلية»: 

«العمال قلقون جداً. فهم يفكرون في الوباء وتبعاته ولا يريدون أن يتعرضوا لذلك مرة أخرى… فحياتهم كلها تقع تحت رحمة مدراءهم وفجأة يجدون أنفسهم – الكثير منهم – يصابون بمرض بشكل لم يتعرضوا له من قبل.»

ومخاوف العمال هذه ليست بلا أساس. فقد كشفت تقرير سابقة نشرتها MR، إن العمال متدنيي الدخل يواجهون مخاطر متزايدة بشأن الإصابة بالأمراض بسبب العيش  والعمل في أماكن مكتظة. 

وقال مسئول تحدث لـ FairSquare :«إن المشكلة الكبرى تكمن في إصابة العمال بالمرض، بينما لا يساعدهم مدرائهم في الحصول على المعلومات الصحيحة أو الرعاية الصحية المناسبة.»

والجدير بالذكر هنا، أنه تحت نظام الكفالة، يقع العمال المهاجرون تحت رحمة أصحاب العمل، خصوصاً أولئك الذين يعيشون في مساكن عماليه توفرها لهم شركاتهم. وتتنصل السلطات من المسئولية إلا في حالة تقدم أصحاب العمل بالشكوى.  

وذكر تقرير المؤشرات الحيوية لعام 2022، الذي نشرته FairSquare، بالتفصيل، عن التمييز الذي يواجهه العمال المهاجرون في الحصول على الرعاية الصحية في دول الخليج بسبب عدم القدرة على تحمل التكاليف والافتقار للتوثيق، فيما يكتفى كثير من العمال بمعالجة أنفسهم ذاتياً عن طريق المسكنات، والأدوية بدون الوصفات الطبية من دولهم الأصل. 

تصوير: Enrique Dans @Flickr