لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

مبادرات إصلاح سوق العمل في السعودية: نظرة عامة

في 12 نوفمبر 2024

برغم من أنه يُنظر لإصلاحات سوق العمل الأخيرة في السعودية على أنها تمثل بعض التقدم، إلا أن ميزان القوة والسلطة لايزال يميل بشكل كبير لصالح أصحاب العمل، فلا زالت تأشيرة الخروج تحد من قدرة العمال على الحركة والتنقل، كما أن العمال يعانون في سبيل الوصول إلى المنصات الرقمية الموجودة أصلا بهدف تسهيل الحصول على حقوقهم. ولايزال مئات الآلف من العمال مستبعدين من نطاق هذه الإصلاحات

 

أعلنت السعودية سلسلة من الإصلاحات العمالية خلال السنوات القليلة الماضية، جميعها تدّعي تخفيف قبضة نظام الكفالة وتوفر حرية أكبر للعمال المهاجرين. وفي الوقت الذي تستبعد هذه الإصلاحات أكثر فئات العمال هشاشة – عمال المنازل والزراعة – فإن الإصلاحات تبدو واعدة لحوالي 8.5 مليون عامل مهاجر يقعون تحت مظلة قانون العمل. 

على الورق، يبدو أن العمال ممن يغطيهم قانون العمل قد منحوا حقوقهم الأساسية للمرة الأولى – من بينها حق تغيير الوظائف ومغادرة البلد دون إذن صاحب العمل. وقد تمت رقمنة هذه الإجراءات مما يعني، نظرياً، جعلها أكثر كفاءة وأكثر سهولة للوصول اليها. كذلك تم إصلاح نظام الهروب (يشار اليه في القانون كـ«متغيب عن العمل ») مما يمكّن العمال المتهمون بذلك من إصلاح وضعهم وتغيير صاحب العمل، بدلاً من مواجهة السجن الاحتجاز والترحيل الفوري. 

أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، في أبريل 2024، أنها ستقوم بمراجعة اللوائح الخاصة بهروب عمالة المنازل، وأنها ستوفر إجراءات أسهل لانتقال العمالة تحت ظروف محددة. وبحسب الوزارة فقد كان من المقرر أن تدخل هذه اللوائح حيز التنفيذ في يوليو 2024، مع ذلك فإنه من ليس الواضح إن تم تطبيقها حتى الآن. كما أن تأثير هذه الإصلاحات لايزال غير واضح في ظل المعلومات المتفرقة التي تقدمها الحكومة. 

وأفادت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في مايو 2024، بأن ما يقل عن مليون عامل مهاجر استفادوا من مبادرة الإصلاحات العمالية منذ اطلاقها. إلا أن الوزارة لم تقدم أي تفاصيل عن أية منافع أو خدمات حصل عليها العمال المهاجرين من وراء مبادرة الإصلاح هذه، ولا تفاصيل ديموغرافية. وبحسب تقرير الاتجار بالأشخاص الأمريكي الذي تصدره سنوياً الحكومة الأمريكي لعام 2024، «فإن 305٫444 عامل أجنبي قاموا بتغير صاحب العمل دون الحصول على موافقة صاحب عملهم الحالي». وتزعم الوزارة أن مبادرة الإصلاحات العمالية أدت إلى انخفاض النزاعات العمالية بين العمالة المهاجرة بنسبة 50٪ في الفترة ما بين أول إطلاقها في مارس 2021، ومايو 2024. 

وفيما تشير بيانات الوزارة إلى أن آلاف من العمال استفادوا من هذه الإصلاحات، إلا أن صاحب العمل لايزال في الممارسة العملية، يحتفظ بدرجة عالية من السيطرة على العمال المسجلين تحت كفالته. وهذه السيطرة تتجلى بشكل كبير في قدرة أصحاب العمل على إصدار تأشيرة المغادرة لأي سبب كان، وهي تجبر العمال على مغادرة البلاد خلال فترة محددة إلا إذا تمكنوا من التقدم بشكوى عمالية. وشهد نظام الشكاوى العمالية بعض الإصلاحات، إلا أن الوصول إلى آليات العدالة لايزال ضعيفا مما يجعل مواجهة العمال لأصحاب العمل، أمراً صعباً. 

ويشار إلى أن الإصلاحات العمالية، التي أخذت شكل التعديلات في قانون العمل والقرارات الوزارية، قد تم تفعيلها من خلال منصة «قوى» الحكومية التي تقدم خدماتها باللغتين العربية والانجليزية (تم تفعيل إصلاحات العمالة المنزلية من خلال تطبيق «مساند»). وبالتالي، فلابد من أن يكون العمال ملمين بالتكنولوجيا، ويتقنون العربية أو الإنجليزية ليتمكنوا من استخدام الأنظمة الرقمية. ويحتاج كثير من العمال متدني الدخل لدعم إضافي – تقديم الشكاوى الكترونيا – وهو ما توفره وكالات خاصة نظير مقابل مالي قد لا يمكنهم توفيره. 

 

منصة قوى

أُطلقت منصة «قوى»، الرقمية في أبريل 2019، لتسهيل ورقمنة الجوانب المختلفة من عملية الاستقدام والتوظيف لجميع العمال في القطاع الخاص في السعودية. ومن خلالها أيضا يمكن لأصحاب العمل التقدم بطلب تأشيرات وتصاريح عمل للعمال المهاجرين، كما يمكنهم تحويل العمال لشركاتهم بإرسال عروض عمل لموظفين يعملون في شركات أخرى، وهم بدورهم قد يقبلون أو يرفضون هذه العروض. 

بالإضافة إلى ذلك، يلزم أصحاب العمل باستخدام «قوى» لتوثيق عقود العمل (العقود الالكترونية) عبر الإنترنت لجميع العمال، من المواطنين السعوديين والمهاجرين. وبحسب القانون، فإن إصحاب العمل الذين لا يصدرون عقودا موثقة لـ80٪ على الأقل من عمالهم، سيواجهون عقوبات وحظر الوصول إلى «قوى» والاستفادة من خدماتها. يشار هنا إلى أن العقود الالكترونية لا تحل محل العقود الورقية وإنما توثقها. وهذه العقود تصدر للعمال المهاجرين فقط بعد بدء عملهم في السعودية، ويتحدث الكثير من العمال عن اختلافات كبيرة بين العقود التي يوقعونها في بلدانهم وبين العقود الرسمية الالكترونية. 

كما تبيّن المنصة لأصحاب العمل معلومات أوضاعهم في «نطاقات»، وهي مبادرة السعودة التي تشجع أصحاب العمل لتوظيف عدد محدد من المواطنين بحسب حجم الشركة والقطاع الذي تنتمي إليه، وتعاقبهم لعدم الالتزام بذلك. وتوسعت المنصة تدريجياً لتشمل قطاعات أكثر، وهي بحاجة لتلبي التزام توظيف حصة معينة (كوتا) من العمال السعوديين. وإذا فشل صاحب العمل في تلبية مقدار الكوتا للموظفين السعوديين، يتم حظره من الوصول لخدمات محددة من «قوى»، مثل إصدار تأشيرات جديدة، نقل عمال إلى شركته، وكذلك تجديد تصاريح العمل. مما يذكر هنا، أن توسيع نطاقات أدى إلى اتجاه شركات كبرى إلى توظيف عمال من الباطن من خلال شركات استقدام وتوظيف كبرى، من أجل تجاوز الـ (كوتا) والتي غالباً ما تؤدي إلى أوضاع عمل سيئة جداً.

يستخدم العمال المهاجرون «قوى» لمراجعة عقود عمالهم والتوقيع عليها، ولقبول عروض الوظائف التي يتسلمونها من أصحاب عمل آخرين، بالإضافة إلى إخطار صاحب عملهم الحالي عن رغبتهم في إنهاء العقد. 

ويدفع أصحاب العمل رسوماً سنوية (1000 ريال سعودي إلى 2000 ريال سعودي، بحسب عدد العمال) لاستخدام خدمات المنصة. وتحتوي المنصة على «مركز معرفة» يوفر خدمات الإرشاد لأصحاب العمل والعمال عن الخدمات التي تقدمها «قوى».

و«قوى» هي منصة مجانية للعمال، ويمكنهم تسجيل الدخول اليها للاستفادة من خدماتها مادام لديهم قدرة على الوصول إلى منصة «أبشر»، وهي منصة الكترونية أخرى لتقديم الخدمات الالكترونية. ويُتطلب لاستخدام «أبشر» وجود هاتف جوال ومعرفة رقم هوية الإقامة. أو رقم دخول الحدود السعودية. فالوصول إلى «أبشر» وبالتالي «قوى» يصبح ممكناً فقط عندما يكون العامل في السعودية. حالياً يتوفر «أبشر» باللغتين الإنجليزية والعربية. 

إصلاح نظام الكفالة على مراحل

استكملت المرحلة الأولى من الإصلاحات في مارس 2021 تحت مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية، والتي، على الورق، تسمح للعمال المهاجرين الذين يغطيهم قانون العمل (الذي يستثنى العمالة المنزلية) بـ: 

  1. تغيير الوظيفة بدون موافقة صاحب العمل، في حالة مرور عام واحد على الأقل على وجودهم في السعودية؛
  2. مغادرة البلاد بدون تصريح صاحب العمل

واستهدفت المرحلة الثانية العمال المهاجرين، فقط، الذين يغطيهم قانون العمل. ودخلت هذه الإصلاحات حيز التنفيذ في أكتوبر 2022، وجاءت في التخفيف من لوائح الهروب، وذلك بمنح العامل الذي يواجه تهمة الهروب، مهلة 60 يوم لتحويل وظيفته أو طلب تأشيرة مغادرة نهائية وترك البلاد. وإذا لم يتمكن العمال من تلبية هذين الإجراءين، فهم يواجهون الغرامة المالية والتحيل بالإضافة إلى وضعهم على القائمة السوداء التي تمنعهم من دخول البلاد مرة أخرى بتأشيرة عمل. في السابق كان العمال الهاربون يواجهون الاحتجاز الفوري والترحيل. 

تغيير صاحب العمل

قبل الإصلاحات و «قوى» بعد الإصلاحات و «قوى»
انتقال العامل (إقامة لمدة سنة أو أقل في السعودية كعامل مهاجر) يتطلب موافقة صاحب العمل يتطلب موافقة صاحب العمل (لا تغيير)
انتقال العامل (إقامة لمدة سنة أو أكثر في السعودية كعامل مهاجر) يتطلب موافقة صاحب العمل لا يتطلب موافقة صاحب العمل. تستكمل  الإجراءات من خلال «قوى» (لكن بإمكان صاحب العمل الحالي استصدار تأشيرة مغادرة كإجراء انتقامي)
تحويل الوظيفة في حالة إصدار بطاقة الإقامة أو تصريح العمل، كما يلي: 

بطاقة الإقامة المنتهية أو تصريح العمل، أو فشل صاحب العمل في إصدار بطاقة الإقامة خلال 90 يوم من تاريخ التوظيف. 

مسموح به قانونياً دون موافقة صاحب العمل. وقد يتطلب إجراء التحويل زيارة شخصية لمكتب العمل تم تبسيط الإجراءات، إذ لم يعد هناك حاجة لزيارة مكتب العمل (بالإمكان إجراء العملية من خلال «قوى»)
تغيير العمل في حالة: 

عدم قيام صاحب العمل بدفع الأجور الشهرية لثلاثة أشهر متتالية. 

رفع العامل قضية وتم تحويلها للمحاكم العمالية، وتبين أن صاحب العمل قد تعمد تأخير إجراءات المحكمة. 

الشركة حاصلة على الوضع الأحمر في نطاقات (غير ملتزمة)

يسمح به القانون دون موافقة صاحب العمل. 

يتطلب إجراء التحويل، زيارة شخصية لمكتب العمل

 

لا تغيير

بمجرد حصول العامل المهاجر على عرض عمل، فإما أن يقبله أو يرفضه وكل ذلك دون علم صاحب بالعمل الحالي. وهنا يكمن جوهر الإصلاح والبعد الأكثر فائدة للعمال. ويتم إبلاغ صاحب العمل الحالي بالأمر، فقط، عندما يقبل العامل عرض العمل. بعد ذلك، يبدأ نظام «قوى» تلقائياً ، بالعد التنازلي لعدد الأيام التي تسبق انتقال العامل لوظيفته الجديدة لدى صاحب العمل الجديد. ويعتمد عدد الأيام على عقد عمل العامل وفترة الإشعار المحددة فيه. ولا يمكن لفترة الإشعار أن تتجاوز 120 يوم. 

وهنا، إذا كان صاحب العمل من الخيّرين، فقد يسمح للعامل بالانتقال دون مشاكل. وبإمكان صاحب العمل خفض فترة الإشعار إلى يوم واحد من خلال «قوى»، ما يعني انتقال العامل بشكل فوري. ولكن إذا ما كان صاحب العمل رافضاً للانتقال، فبإمكانه الانتقام من العامل باستصدار تأشيرة مغادرة نهائية. 

وتحدثت Migrant-Rights (MR)لثلاثة عمال مهاجرين ممن تم تهديدهم بتأشيرة الخروج النهائي في حالة قبولهم عرض عمل من خلال «قوى». وأخبر عامل مهاجر MR «أن تأشيرة الخروج النهائي هي الآن بلاغات الهروب الجديدة». وقال آخر «أعاني حالياً من ضغوط لأنني حصلت على عرض عمل لكن صاحب عملي الحالي يهددني بإعطائي تأشيرة خروج نهائية بدلاً عن ذلك».

تأشيرة المغادرة

قبل الإصلاحات و «قوى» بعد الإصلاحات و «قوى»
تأشيرة الخروج والعودة ليس بإمكان العامل طلبها. صاحب العمل فقط بإمكانه ذلك. يمكن للعمال طلبها. يُبلّغ أصحاب العمل بذلك قبل 10 أيام من إصدار التأشيرة. ويمكن لأصحاب العمل التدخل والاعتراض على إصدار التأشيرة.
تأشيرة الخروج النهائي ليس بإمكان العمال طلبها، صاحب العمل فقط يمكنه ذلك. يمكن للعمال طلب ذلك. ويُبلّغ أصحاب العمل بذلك قبل 10 أيام من إصدار التأشيرة، ويمكن لأصحاب العمل التدخل والاعتراض على إصدار التأشيرة.

سيدرج العمال الذين يستصدرون تأشيرة الخروج النهائي أثناء سريان عقد العمل ضمن القائمة السوداء ولن يسمح لهم بدخول السعودية مرة أخرى.

ويشار إلى أنه، تاريخيا، استُخدمت تأشيرات الخروج للضغط على العمال المهاجرين، والتلاعب بهم والإساءة إليهم. ويتوجّب على العمال الراغبين في المغادرة لقضاء إجازة من العمل، أو زيارة الأهل في وطنهم، ضمان الحصول على موافقة صاحب العمل للحصول على تأشيرة الخروج والعودة. وفي حين سمح بعض أصحاب العمل لموظفيهم بالخروج والعودة وفق رغبتهم، إلا أن النظام مكّن أصحاب العمل من استخدام التنقل خارج البلاد كسلاح ضد العمال. وقد حرم أصحاب عمل عمالهم من التأشيرة لأي سبب كان ، أو لمجرد إظهار القوة. 

ويمكن لأصحاب العمل استصدار تأشيرة خروج نهائي أثناء سريان عقد العمل وبدون أي فترة إشعار وذلك باستخدام تطبيق «أبشر». وعلى العامل، في هذه الحالة، مغادرة البلاد خلال 60 يوم، ولا يتحمل صاحب العمل مسئولية توفير تذكرة العودة. ويحق للعمال، خلال هذه الفترة، استلام رواتبهم، ومستحقاتهم بما فيها مستحقات نهاية الخدمة قبل مغادرتهم، وكذلك تقديم شكوى ضد صاحب العمل. وبرغم أنه يمكن الاعتراض على تأشيرة الخروج النهائي، إلا أن النظام القضائي مليء بالعوائق، بالإضافة إلى أن إجراءاته بطيئة، مما يصعّب عملية تقديم الشكوى، وضمان انعقاد جلسة في المحكمة، وحل القضية خلال هذه الإطار الزمني.  ويصبح وضع العمال المهاجرين الذين لا يغادرون البلاد خلال 60 يوم، غير نظامي، وبذلك يكونون عرضة للترحيل.  

وبالرغم من ذلك، استفاد الكثير من العمال المهاجرين من مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية  للوقوف في وجه تأشيرة الخروج النهائي  غير المرغوب فيها. وقام اثنان من العمال ممن تحدث MR إليهم، بتقديم شكوى، بالحضور الشخصي، في مكتب العمل، وإطلاع المسئولين على عرض عمل من قبل صاحب العمل الجديد وإثبات الإقامة في السعودية لمدة عام واحد على الأقل بحسب متطلبات المبادرة. واستناداً على هذه الوثائق، أصدر مكتب العمل خطاباً يوصي فيه بإلغاء التأشيرة، وبذلك نجح كلا العاملان في الانتقال للعمل مع صاحب عمل جديد مستفيدين من المبادرة كأساس لهم. كما كان أحد العمال المهاجرين  محظوظا بوجود موظف في مكتب العمل يتحدث الإنجليزية وبالتالي استطاع مساعدته. وبدون معرفة العمال للعربية أو وجود من يتحدث الإنجليزية أو لغات أخرى في الجهة الرسمية قد يكون من الصعب المضي قدماً في القضية. 

وكغيرها من الإجراءات البيروقراطية في نظام الهجرة والعمل في السعودية، من الممكن أن يستخدم أصحاب العمل تأشيرة الخروج النهائيكسلاح لمعاقبة وتأديب موظفيهم. ومع ذلك فالعمال المهاجرين غالباً ما يجدون طريقة أو أخرى لاستخدام النظام لصالحهم إلى أقصى إمكاناتهم. وفي الحالات التي ذُكرت أعلاه، استفاد العمال من هذه العمليات للبقاء في البلد والانتقال إلى وظيفة أخرى، وهو أمر كان من الصعب تحقيقه في السنوات الماضية.

تأشيرات الخروج ووعود المبادرة

منحت المبادرة العمال المهاجرين الحق في استصدار «تأشيرة الخروج النهائي»، أو «تأشيرة الخروج والعودة» لأنفسهم من خلال تطبيق «أبشر». وعلى العمال دفع رسوم التأشيرة وقدرها 200 ريال سعودي (وكان في السابق يتحملها فقط صاحب العمل)، والانتظار لمدة 10 أيام للحصول عليها. وسوف يُعطى أصحاب العمل إشعارا فور طلب التأشيرة، وتُعطى مهلة مدتها 10 أيام لتقديم أي اعتراض عليها لدى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. 

وحتى بعد سريان المبادرة، يٌدرج  العمال المهاجرون الذين يطلبون تأشيرة خروج نهائي  أثناء سريان عقد عملهم في القائمة السوداء ويُمنعون نهائياً من دخول السعودية. أما صاحب العمل فيمكنه استصدار تأشيرة خروج نهائي في أي وقت خلال فترة سريان عقد العمل. 

ويتخوف بعض العمال من أن تثير عملية استصدارهم لتأشيرة الخروج النهائي غضب صاحب عملهم. وبحسب أحد المحامين ممن تحدثت إليه MR، فإنه بإمكان صاحب العمل، عند استلامه إخطارا (في شكل رسالة نصية) بأن موظفه قد طلب تأشيرة خروج نهائي، الذهاب شخصياً إلى مكتب العمل وطلب إلغاء التأشيرة. ونظراً لتأصّل التحيّز في النظام لصالح صاحب العمل، فعلى الأرجح سيُلبى طلبه، أو على الأقل سيقوم بإطالة العملية لوضع العمال تحت ضغوط مالية ونفسية.  

ويمكن للعمال الحصول على تأشيرة خروج نهائي دون أن يقوم تطبيق «أبشر» بإخطار صاحب العمل فقط في حالة وجود بلاغ هروب ضدهم (أنظر المرحلة الثانية أدناه)

الحق في عدم تجديد العقد أو إنهاء العمل

قبل الإصلاحات و«قوى» بعد الإصلاحات و«قوى»
عدم تجديد العقد يمكن للعمال عدم تجديد العقد، لكن قد لا يلتزم صاحب العمل بذلك. ويتعين على العمال، لتأكيد رغبتهم في عدم تجديد العقد تقديم شكوى  في مكتب العمل، ومطالبة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أو طلب مساعدة المحكمة العمالية لئلا يُجدد العقد.  يمكن القيام بذلك، بسهولة عبر الإنترنت من خلال منصة «قوى» دون الحاجة لرفع شكوى في مكتب العمل. ولا يزال بإمكان صاحب العمل استصدار تأشيرة مغادرة كتصرف انتقامي.
إنهاء العقد في فترة التجربة يمكن للعمال إنهاء العقد، لكن قد لا يلتزم صاحب العمل ببنود العقد. فعلى العمال، لتأكيد رغبتهم إنهاء العقد تقديم شكوى إما عبر الإنترنت أو الذهاب شخصيا لمكتب العمل، أو طلب مساعدة المحاكم العمالية لإنهاء العقد يمكن القيام بذلك، بسهولة عبر الانترنت من خلال منصة «قوى» دون الحاجة لرفع شكوى في مكتب العمل. ومن المرجح أن يضطر العمال لمغادرة البلد إثر هذا الإجراء.
إنهاء العامل للعقد أثناء سريانه

 

يمكن للعمال إنهاء العقد، لكن قد لا يلتزم صاحب العمل بذلك وفقا لبنود العقد . فعلى العمال، لتأكيد حقوقهم، تقديم شكوى إما عبر الإنترنت أو الذهاب شخصيا لمكتب العمل  وإن لم يستجب مكتب العمل، الذهاب المحاكم العمالية لإنهاء العقد

ويتوجب على العمال دفع التزامات باقي المدة في العقد (غالباً ما تكون الأجور المستحقة بموجب العقد). 

يمكن القيام بذلك، بسهولة عبر الإنترنت من خلال منصة «قوى» دون الحاجة لرفع شكوى في مكتب العمل. ومن المرجح أن يضطر العمال لمغادرة البلد.

برغم حق العامل القانوني، إلا أنه من الممكن أن يواجه صعوبات في الحصول على مكافآت نهاية الخدمة ومستحقات الإجازة المدفوعة غير المستفاد منها.

إذا لم يرغب العامل أو صاحب العمل في تجديد عقد العمل، يتوجب على الطرف الذي لا يرغب في التجديد، إخطار الطرف الآخر وفقاً لشروط العقد. ويحق للعمال إنهاء عقد العمل خلال فترة التجربة بدون الحاجة إلى تقديم إشعار مسبق. بالإضافة إلى ذلك، يحق للعمال الراغبين في إنهاء العقد قبل نهاية مدته، بشرط تعويض صاحب العمل عن الإنهاء المبكر للعقد بدفع المبلغ المتفق عليه. وفي الممارسة العملية، يُحدد التعويض بدفع أجر شهرين، لكن يمكن للطرفين الاتفاق على إنهاء العقد بالتراضي. 

قدمت منصة «قوى» إجراءً مبسطاً وسهل الاستخدام لإنهاء عقد العمل. إذ يمكن للعمال المهاجرين تقديم طلب: 

  1. عدم تجديد عقودهم أو إنهائها قبل انتهاء مدتها، بشرط إعطاء صاحب العمل فترة إشعار كما حددها العقد؛ أو 
  2. إنهاء عقودهم خلال فترة التجربة. يمكن للعمال تقديم طلب لعدم تجديد العقد وإنهائه من خلال «قوى»، ولا يمكن لصاحب العمل أن يرفضه. ورغم ذلك، بإمكان صاحب العمل اتخاذ إجراء انتقامي، استصدار تأشيرة خروج نهائي خلال فترة التجربة. 

المرحلة الثانية: تحديث لوائح الهروب (التغيب عن العمل)

قبل الإصلاحات و«قوى» بعد الإصلاحات و«قوى»
التغيب عن العمل (الهروب) يمكن لأصحاب العمل تقديم بلاغات التغيب عن العمل في أي وقت. وبعدها مباشرة، يصبح وضع العامل غير نظامي. ويمكن للعمال الطعن في البلاغ لكيديته لكن من الصعب جدا إلغاءه. ويواجه العمال، فور تقديم بلاغ التغيب عن العمل الغرامات والترحيل. ويتم إدراجهم في القائمة السوداء ويمنعون نهائيا من دخول السعودية والعمل فيها.  يمكن لأصحاب العمل تقديم بلاغات تغيب عن العمل (تُسمى انقطاعا عن العمل في النظام الجديد) فقط ضد العمال الذين ليس لديهم عقدا موثقا في «قوى» ويمنح العمال الذين يُتهمون بالانقطاع عن العمل مهلة مدتها 60 يوم، للتقدم بطلب تأشيرة خروج نهائي ومغادرة البلد، أو الحصول على صاحب عمل آخر*

ملاحظة: تستخدم قوانين العمل والهجرة في السعودية مصطلح «متغيب عن العمل» بدلاً من هارب، في السابق كان المسئولون يستخدمون مصطلح هارب، لكن لم يعد الآن مستخدماً.

 

في أكتوبر 2022، حدّثت وزارة الموارد البشرية إجراءات وقواعد بلاغات  التغيب عن العمل، مما خفف من فعالية استخدامها كوسيلة للانتقام من العمال. 

ولايزال بإمكان أصحاب العمل تقديم بلاغات انقطاع عن العمل، لكن هذه البلاغات لا تجعل من العامل غير نظامي كما كان الحال في النظام السابق. بالإضافة إلى ذلك، فإن بلاغات الانقطاع عن العمل الجديدة يمكن استصدارها فقط في حق العمال الذين ليس لديهم عقد موثق في قوى أو ممن اُستصدر لهم عقد موثق لكن لم يقوموا بالتوقيع عليه (وتقع مسئولية إصدار العقد الموثق على صاحب العمل).

وبمجرد إصدار بلاغ الانقطاع عن العمل، يمنح العامل مهلة مدتها 60 يوم لتعديل أوضاعه، إما بالحصول على صاحب عمل آخر، أو الحصول على تأشيرة خروج نهائي . وإذا فشل العامل في الاستفادة من المهلة الممنوحة يصبح في حكم الهارب ويواجه الغرامة والسجن (الاحتجاز) والترحيل. 

وبرغم أن إصلاحات نظام الانقطاع عن العمل طموحة وواسعة الأثر إلا أن النظام الجديد لا يزال به ثغرات تسمح بارتكاب انتهاكات من صاحب العمل. فعندما يتقدم صاحب العمل ببلاغ انقطاع عن العمل، فإنه يقطع علاقته التعاقدية مع العامل، ما يعني أنه يحرم العامل من مزايا نهاية الخدمة، والعلاوات، ومطالبات إصابات العمل، وأية مكافآت أخرى. ويحق للعامل، خلال المهلة أن يتقدم بشكوى ضد صاحب العمل من خلال نظام المنازعات بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية إذا رأى أن بلاغ تهمة الهروب كيدي أو كاذب.  

ومع ذلك، فإن إجراءات النزاعات العمالية ليست دائماً سهلة وواضحة، بل تستغرق وقتاً طويلاً. حتى وإن كان من الممكن أن تقدم الشكاوى من خلال الإنترنت، فقد يحتاج العمال للمتابعة شخصياً في مكتب العمل للسؤال عن وضع القضية أو لتسريع جلسة الاستماع، وهو أمر قد يكون مكلفاً حيث يتطلب ذلك تحمل العمال كلفة المواصلات، والترجمة في حال الحاجة لها، بالإضافة إلى أخذ إجازة من العمل لمن لديهم وظائف جديدة، وإذا لم يكن لديهم أية مدخرات، لن يتمكنوا من متابعة قضيتهم مع الوزارة. كما أن الخلافات العمالية تستغرق وقتاً طويلاً، وغالباً ما تحتاج لحوالي 60 يوما أو أكثر لحلها. وفي كثير من الحالات عندما تكون أرقام هواتف العمال غير محدثة أو غير مربوطة بحساباتهم في نظام الحكومة الإلكترونية السعودية، لا يتم إشعارهم بأن هناك قضية أو بلاغ انقطاع عن العمل ضدهم، إلا إذا قاموا بتسجيل الدخول إلى منصة «قوى»، مما يقلل الوقت الممنوح لهم لتقديم استئناف أو الاستفادة من المهلة للانتقال إلى صاحب عمل آخر. 

ومع ذلك، فإن التحديث الجديد جعل تهمة الهروب أقل إغراءا لأصحاب العمل لاستخدامها كأداة انتقامية ضد العمال. وقال أحد أصحاب العمل لـ MR إنه في ظل الإصلاحات الجديدة، يُعد إصدار تأشيرة الخروج النهائي  أكثر فعالية لضبط العمال من بلاغ الانقطاع عن العمل. ومن الممكن استخدام تأشيرة الخروج  النهائي لإنهاء علاقة العمل دون الحاجة لإنهاء العقد وذلك من خلال آليات قانون العمل. وقد تكون تأشيرة الخروج النهائي  أكثر إغراء للأصحاب العمل غير الأخلاقيين  من إنهاء العقود. ويُعطى العمال الحاصلون على تأشيرة الخروج النهائي مهلة محددة لمغادرة البلد. وإذا لم يغادروا يصبح وضعهم غير نظامي ويكونون عرضة للسجن والترحيل. وعلى عكس تأشيرات الخروج النهائي التي ليس لها، بموجب القانون، أية تبعات، وينظر لها على أنها امتياز لصاحب العمل، فإن إنهاء العقود أثناء فترة سريانها من الممكن أن يكون التقاضي فيه أسهل في نظام العدالة. 

الخطوات التالية لإصلاحات عمالية حقيقية

كان من الخطأ الإشادة بالإصلاحات على أنها نهاية لنظام الكفالة في 2021، فمكونات نظام الكفالة الأساسية – حيث يظل العامل مربوطاً بصاحب العمل وتحت سيطرته – لاتزال موجودة. وربما تكون أشكال السيطرة قد تغيرت، لكن اختلال ميزان القوة لصالح صاحب العمل لا يزال كما هو. ومع أن هناك بعض التقدم المحرز، إلا أن هذا التقدم تضعفه سلطة أصحاب العمل وقدرتهم على إصدار تأشيرة الخروج النهائي، وكذلك صعوبة وصول غالبية العمال المهاجرين إلى منصة «قوى»، بالإضافة إلى ضعف وبطء النظام القضائي. وكما سلطت MR الضوء على تحليل الإصلاحات في قطر، واستكشافها لأنظمة هجرة مؤقتة، فإن نظام الكفالة لا يمكن إصلاحه بشكل تدريجي – بل يجب تفكيكه بشكل كامل. 

ولعمل ذلك، لابد من أن تركز وزارة الموارد البشرية  على إصلاحات تتماشى مع المعايير الدولية وتأخذ في اعتبارها آراء العمال، بما في ذلك حول  المنصات الإلكترونية مثل «قوى»، و «مساند»، و«أبشر»، والتأكد من عدم وجود ثغرات ينفذ منها أصحاب العمل ويستغلونها، وأن تتم إدارة الإصلاحات العمالية بشفافية ومسئولية بما في ذلك توفير بيانات مفصلة عن العمال المهاجرين المغادرين أو المنتقلين بين الوظائف، أو من ينهون عقود عملهم دون إذن صاحب العمل، كما يجب بناء قدرات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ونظام المحاكم العمالية للتعامل مع الخلافات  العمالية بسرعة وإنصاف وعدم تمييز. 

وفي حين أن الضغوطات الخارجية على المملكة بما في ذلك المخاوف بشأن حقوق الإنسان والسمعة الدولية حول حقوق العمال – خصوصا تصنيف الدولة في تقرير الاتجار بالأشخاص الأمريكي – أسهمت في القيام بالإصلاحات الجارية، إلا أن المخاوف المحلية كانت هي الدافع الرئيسي للإصلاحات. وبحسب مسئول سعودي: «فإن هذه الإصلاحات تهدف لجعل السعوديين أكثر جاذبية لأصحاب العمل في القطاع الخاص، الذين يفضلون توظيف الأجانب ممن يستطيعون فرض سيطرة أكبر عليهم». لكن في الوقت نفسه، فإن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أطّرت هذه الإصلاحات بحيث تمكّن الشركات من خفض تكاليف توظيف العمالة المهاجرة المتواجدين في البلد دون الحاجة لجلب عمال جدد من الخارج. وبحسب وثيقة صادرة عن الوزارة، فإن هذه الإجراءات تهدف أيضاً إلى خفض عدد العمال غير النظاميين في المنطقة، والتي يقدر عددها بـ4 ملايين عامل في 2019. ومع استفادة كلا الحكومة والقطاع الخاص من هذه التغييرات، فإن هناك قاعدة قوية للدعوة لوضع سياسات للعمل  والهجرة من شأنها أن تضمن حماية حقوق العمالة المهاجرة.