
تلعب عاملات المنازل في الخليج، دورا مهماً في القيام بالأعمال المنزلية لدى الأسر وذلك بتقديم خدمات الرعاية الأساسية للأطفال، وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة من أفراد الأسرة، بالإضافة إلى أداء المهام المنزلية المختلفة كالتنظيف، والطبخ، والعناية بالحديقة. ولدور عاملات المنازل أهمية كبيرة في القيام بالأنشطة الرمضانية مما يتطلب استيقاظهن باكراً قبل الفجر والعمل بلا كلل طيلة اليوم حتى وقت الإفطار مساءً. وغالباً ما يكنّ صائمات في هذا الوقت إما بسبب العقيدة والدين، أو لعدم وجود خيار أمامهم بسبب حجم العمل الملقى على عاتقهن.
لا شك في الأهمية الكبيرة لدور عاملات المنازل خلال شهر رمضان. فيزيد الطلب على خدماتهم مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع كلفة توظيفهن. وفي هذه الفترة تكون كافة الخدمات التي توفّر ها الكثير من الشركات ووكالات استقدام وتوظيف العمالة لفترات قصيرة، سواء بالساعة أو لعدة شهور، محجوزة بالكامل خلال هذا الشهر المقدس.
وفي الوقت نفسه يشهد هذا الشهر ارتفاعاً كبيراً في حالات الهروب بين عاملات المنازل خصوصا اللاتي وصلن حديثاً ويصدمن بعدم القدرة على القيام بالمهام المنزلية المرهقة وساعات العمل الطويلة.
وعلى الرغم من أهمية الدور الذي تلعبه عاملات المنازل خلال شهر رمضان، إلا أن حكومات الخليج تقوم بتركيز جهود التوعية وتطبيق القوانين على مكاتب التوظيف المشبوهة بالاحتيال وخداعها لأصحاب العمل، بينما لا تبذل سوى قليل من الجهد الذي يكاد يكون معدوماً لتعزيز حق عمالة المنازل.
وقبل أسبوع من حلول شهر رمضان، نشرت وزارة الموارد البشرية والتوطين الإماراتية على وسائل التواصل الاجتماعي بياناً بعنوان «هل انقطع عاملك المساعد عن عمله؟ لا تقلق.. حقوقك محفوظة». والمنشور يُطمئن أصحاب العمل بأن بإمكانهم استرداد تكاليف التوظيف من الوكالات المعتمدة لدى الوزارة، في مثل هذه الحالات، مضيفاً بـ «أن كل ما يحتاجه صاحب العمل في هذه الحالة، هو التواصل معنا وتقديم الشكوى».
وبعد مرور عدة أيام على ذلك، أعلنت الوزارة أنها اتخذت إجراءات ضد 14 وكالة توظيف بعد ضبط 20 مخالفة، حيث امتنعت هذه الوكالات عن تعويض أصحاب العمل الذين هربت العاملات من منازلهم، بالإضافة إلى مخالفتين لعدم الامتثال لضوابط توظيف عمالة المنازل. كما دعت الوزارة أصحاب العمل إلى الامتناع عن التعامل مع مكاتب توظيف العمالة المنزلية غير المرخصة، والمواقع المشبوهة على وسائل التواصل الاجتماعي.
كذلك، نشرت وزارة الموارد البشرية والتوطين إعلاناً على وسائل التواصل الاجتماعي، بخصوص خفض ساعات العمل بمقدار ساعتين في مؤسسات القطاع الخاص، خلال شهر رمضان. ولم توجه أي تنبيه بشأن ساعات عمل عمالة المنازل المحددة بـ12 ساعة في اليوم والتي ظلت كما هي خلال شهر رمضان.
وفي السعودية، نُشر على الصفحة الرسمية لمنصة «مساند» على وسائل التواصل الاجتماعي، خلال الأسابيع التي سبقت شهر رمضان، إعلانين بشأن الحد الأقصى لساعات العمل وهو 10 ساعات، لكنها لم تُشر بصراحة لشهر رمضان. ومع ذلك، ركزت حملاتها على وسائل التواصل الاجتماعي منذ ذلك الوقت وخلال شهر رمضان، وبشكل كامل على الاحتيال في التوظيف والتحذير من توظيف عاملات المنازل من خلال القنوات غير النظامية.

مثال على إعلان توعوي حكومي ضد التوظيف الاحتيالي المصدر: مساند، السعودية
أما في الكويت، فإن المرة الوحيدة التي ذكرت الهيئة العامة للقوى العاملة، خلال الفترة السابقة لشهر رمضان، وخلاله، ما يخص العمالة المنزلية هو نشرها لتقرير بشأن اتخاذها إجراءات ضد 14 من مكاتب توظيف العمالة، وأنها سجلت 418 شكوى منذ بداية العام الجاري. إلا أنه لم تُذكر عدد الحالات المتعلقة بحقوق عمالة المنازل، ذلك لأن الهيئة لم تعد تنشر بيانات مفصلة عن الشكاوى العمالية التي تردها، مع العلم، أن غالبية الحالات السابقة كانت شكاوى أصحاب العمل ضد وكالات التوظيف.
وفي البحرين وعمان، وهما الدولتان الوحيدتان اللتان لا توجد لديهما قوانين أو لوائح خاصة بالعمالة المنزلية فيما يتعلق بأوضاع العمل مثل ساعات العمل، وأيام الاجازة الأسبوعية، لم يُشَر في أي منهما إلى حقوق عمالة المنازل خلال شهر رمضان والأيام التي تسبقه. إلا أن البحرين أعلنت مؤخراً عن إغلاقها لوكالة توظيف واحدة. وفي عمان صدر إنذار بخصوص الإعلانات الاحتيالية التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي «تعرض تقدم عروض وهمية لعاملات منازل بأسعار مغرية».
إنهاك وإهمال
من أكبر التحديات التي تواجه عاملات المنازل خلال شهر رمضان هو حجم العمل الكبير والمتواصل، وساعات العمل الطويلة التي تتجاوز بكثير ساعات العمل الطويلة أصلا التي تحددها لوائح عمالة المنازل – إن وجدت. وذكرت عاملات المنازل اللاتي تمت مقابلتهن من قِبل Migrant-Rights.org، أنهن لا يحصلن سوى على 4 إلى 5 ساعات في اليوم للراحة خلال شهر رمضان.
وأخبرت إحدى المنظِمات للأنشطة في مجال عاملات المنازل في البحرين Migrant-Rights «إن العاملات لديها يواجهن إساءات خلال شهر رمضان، فهن يعملن بلا فترات راحة، في الطبخ والتنظيف لعائلات كبيرة وممتدة، فيما تحرم بعض الأسر العاملات من الطعام خلال فترة الصيام».
وتضيف: «أوقفنا جميع النشاطات خلال هذا الشهر، فحتى اللاتي كن محظوظات بالحصول على يوم إجازة فقدن هذه الميزة خلال رمضان».
وفي حين يتوجب على حكومات الخليج رفع الوعي بحقوق عاملات المنازل قبل وخلال شهر رمضان، إلا أن الوعي وحده لا يكفي بدون وجود لوائح تلبي، على الأقل، معايير اتفاقية العمل الدولية 189 – التي لم تتم المصادقة عليها من قبل دول الخليج. علاوة على ذلك، فإن غياب آليات الإنفاذ الفعال للتأكد من تطبيق اللوائح يزيد من ضعف الجهود الرامية لحماية حقوق هذه الفئة من العمالة.
للمزيد من الموضوعات حول الإهمال المستمر من قبل حكومات الخليج لحقوق عاملات المنازل وإعطاء الأولوية لاحتياجات أصحاب العمل خلال شهر رمضان، اقرأ تقريرنا السابق على هذا الرابط:
حقوق صورة الغلاف: راشيل داييس (@racheldeyis)