عقد قادة ورؤساء نقابات عمال المنازل لدول شرق إفريقيا، قبل أسابيع قليلة، اجتماعاً في تنزانيا لمطالبة حكومات بلدانهم باتخاذ مزيد من الإجراءات لحماية حقوق العمال المهاجرين من مواطنيهم الموجودين في دول مجلس التعاون الخليجي. ووجهت النقابات المجتمعة انتقاداتها بشكل خاص لسفارات بلدان شرق إفريقيا العاملة في دول الخليج العربي لتقصيرها في معالجة ومتابعة قضايا انتهاك حقوق مواطنيها وسوء معاملتهم.
هذا التقصير الذي أرجعته فيكي كانيوكا، المنسقة الإقليمية لشرق إفريقيا في الاتحاد الدولي للعاملات المنزليات (IDWF)، إلى أسباب عديدة مثل الرغبة بتحسين العلاقات السياسية مع الدول المستضيفة لهذه السفارات والحرص على تجنب إزعاج حكوماتها! حتى أن السفارات حسب قولها "ليس لديها مرافق حيوية لإيواء مواطني بلدانها من ضحايا سوء المعاملة" في الخليج!
وعلى مدى ثلاثة أيام نظَّم الاتحاد الدولي للعاملات المنزليات بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت ستيفتانغ (FES) في تنزانيا ورشة عمل حول بناء القدرات، تم التركيز فيها على الانتهاكات والمعاملة التعسفية التي يتعرض لها العاملون في دول الخليج. وشارك فيها قادة نقابيون وناشطون حقوقيون وصنّاع قرار من كينيا وأوغندا وإثيوبيا وجنوب إفريقيا وتنزانيا.
كما تطرق المشاركون في الورشة إلى القضايا الإشكالية الأخرى التي تواجه العمال بما فيها عدم تمكينهم من مصادر المعلومات والبيانات اللازمة لهم، وانعدام التنسيق بين الدول المصدرة وتلك المستوردة للعمالة، والممارسات اللا أخلاقية في عمليات التوظيف والإيفاد، وقصور برامج تأهيل العمال المهاجرين قبل سفرهم إلى بلدان العمل.
تتسم ظروف العمل المنزلي بكونها تعسفية غير آمنة ومتدنية الأجر، وبساعات عمل يومي غير محدودة، بلا أيام راحة أو عطل
سجلت بلدان شرق إفريقيا خلال السنوات القليلة الماضية زيادة ملحوظة في أرقام العمالة الموفدة إلى دول الخليج العربي بالتوازي مع زيادة حالات الانتهاك وسوء المعاملة، إلى حدٍّ يدفع بعض البلدان إلى حظر سفر العمال إلى منطقة الخليج.
فخلال شهر كانون الثاني من هذا العام كانت أوغندا قد فرضت حظراً على توظيف وإيفاد العاملات المنزليات إلى المملكة العربية السعودية إثر ورود تقارير عن تعرض مواطنيها لسوء المعاملة هناك. وكان قد سبق لكينيا أن لجأت في عام 2014 إلى فرض منع مؤقت على توظيف العاملات المنزليات في المملكة.
ومن ناحية أخرى، دعا رؤساء النقابات كلاً من دول شرق إفريقيا ودول الخليج العربي للتصديق على اتفاقية العمل الدولية 189 لعام 2011، بغية تحسين أوضاع العاملات المنزليات بمن فيهن العاملات المهاجرات، إذ تضمن الاتفاقية تطبيق الحد الأدنى من معايير العمل المتعلقة بحقوق العاملات المنزليات وظروف العمل اللائقة.
حيث تُعتبر الاتفاقية، حسب قول جوديكا أمري لاوسون، النائبة السابقة للمدير الإقليمي في إفريقيا بمنظمة العمل الدولية، "أول معاهدة تتطرق إلى معالجة ظروف عمل العاملات المنزليات البائسة. إنما لم تصادق عليها حتى الآن أية دولة من دول شرق إفريقيا"!
وقالت رئيسة الاتحاد الدولي للعاملات المنزليات "ميرتل ويتبوي" إنه لأمر مؤسف ألا نجد في إفريقيا كلها سوى دولتين هما جنوب إفريقيا وجمهورية موريشيوس صادقتا على اتفاقية العمالة المنزلية رغم أن بلدان القارة جميعها لديها مواطنين ومواطنات يعملون في الخارج كعمال وعاملات منزليات، وما زالت تصدِّر المزيد منهم إلى الخارج. مع العلم أنه طبقاً للأرقام الصادرة عن منظمة العمل الدولية تشكل النساء النسبة الأكبر من العمالة المنزلية التي تبلغ 84% من أصل 53 مليون إنسان شملتهم الإحصائية ممن يعملون بخدمة المنازل في مختلف أنحاء العالم، وتشمل أعمالهن التنظيف والطهي ورعاية الأطفال والاهتمام بشؤون المسنّين في بيوت العائلات التي توظفهن.
في كافة الأحوال، وحسب تعبير إليزابيث تانغ التي تشغل منصب الأمين العام لاتحاد الدولي للعاملات المنزليات، تتسم ظروف العمل المنزلي بكونها تعسفية غير آمنة ومتدنية الأجور، وبساعات عمل يومي غير محدودة، بلا أيام راحة أو عطل، وبلا تعويضات للعاملات، وبفقدان تام للرعاية الاجتماعية. "حيث تجتمع كل الظروف لتزيد من بؤس حالة العاملات المنزليات وحالة الأطفال العاملين في المنازل نظراً لمكامن الخلل الملازمة لهذه القطاعات من فروع العمل".