لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

انتحار خادمة ثلاثينية في ملجأ سعودي

في 22 يوليو 2014

في الخامس من يوليو، أقدمت خادمة "أفريقية" في الثلاثينات من عمرها على الانتحار بشنق نفسها في ملجأ لعاملات المنازل في مدينة الدمام. وحسب تقرير لـ "الحسا اليوم"، كانت الخادمة قد التحقت بالملجأ بعدما رفض الكفيل السماح لها بالعودة إلى بلادها حيث يترك نظام الكفالة هذا النوع من القرارات بيد الكفيل. ويقوم الكفلاء بمصادرة أوراق المهاجرين الرسمية ويرفضون السماح لهم بإنهاء عقودهم مما يدفع الكثير منهم للهرب. بعض الهاربات يخترن الذهاب إلى ملاجئ الدولة، بينما يتم اجبار الكثير منهم على الذهاب إلى ملاجئ الخادمات بعد اعتقالهن من قبل السلطات. تعمل هذه الملاجئ وكأنها مراكز اعتقال بحكم أن المقيمات فيه لا يسمح لهن الخروج من المكان حتى موعد الترحيل.

تتواجد عدة ملاجئ في المدن السعودية لاستضافة العمالة المنزلية، بالإضافة إلى ملاجئ السفارات. تستقبل هذه الملاجئ الآلاف من العمالة الهاربة ممن تعرضوا للاستغلال، العمل القسري، وحرموا من مرتباتهم ومستحقاتهم المالية. البعض لم يسمح لهم بتغيير وظائفهم أو بترك البلاد. تأمل هذه العمالة الهاربة أن تقوم الملاجئ بتقديم المساعدة القانونية اللازمة للحصول على مستحقاتهم قبل ترحيلهم. بين نوفمبر ٢٠١٣ وأبريل ٢٠١٤، بلغ عدد العمالة المنزلية الهاربة في السعودية ٥ آلاف. بشكل يومي، تسجل السعودية ٨٠ إلى ١٢٠ حالة هرب أغلبها في الرياض ومكة والمدينة والشرقية. هذا وتعتبر هذه الأرقام أقل من تلك في السنوات السابقة.

حتى وإن أثبت العامل/ة تعرضهم للاستغلال والعنف، يتم التعامل مع هؤلاء باعتبارهم خارجين عن القانون بمجرد هربهم من الكفلاء. وتتعرض العمالة الهاربة للاعتقال والترحيل دون السماح لهم بالتقاضي قبل إبعادهم. فقط في حالات شديدة مثل التعذيب، تقوم السلطات السعودية بالتدخل. هنالك عدة مقترحات لزيادة العقوبات ضد العمالة الهاربة، من بينها منع مدى الحياة من دخول أي من دول الخليج.

من الجهة الرسمية، تدعي الملاجئ الحكومية تقديم المساعدة القانونية والنفسية للخادمات الهاربات، إلا أن آلياتهم تعاني إشكاليات عدة. أولاً، لا يسمح للملاجئ باستقبال أي من الخادمات دون تصريح من الشرطة لتأجيل ترحيلهم، بغض النظر عن حالاتهم. كما تفضي بعض العاملات ٤ أشهر محبوسات في الملاجئ بانتظار حل مشاكلهن. في ٢٠٠٨، نشرت منظمة هيومن رايتس واتش تقريراً عن أحوال الخادمات في الملاجئ ممن تعرضن للضرب والتجويع والاستغلال من قبل كفلائهن، ثم قررن التنازل عن حقوقهن قانونياً ليتم ترحيلهن وتخليصهن من كابوس الملاجئ الحكومية.

للأسف لا تعتبر هذه الحادثة الأولى من نوعها فسبق أن حصلت حالات انتحار وقتل في الملاجئ والسجون السعودية.

وفي تقرير نشرته صحيفة الرياض العام الماضي، صرحت إدارة أحد الملاجئ بأن أغلب من يتم استقبالهم هربوا بسبب عدم دفع مرتباتهم. وقالت إحدى الموظفات أن العمالة المنزلية تأتي غير مستعدة للعمل المتوقع منها وأنه يتم خداعهم فيما يخص تفاصيل العمل والمستحقات القانونية والمالية. ثم أضافت أخرى أن البيرقراطية تعيق حل قضايا العمالة الموجودة خاصة مع وجود أكثر من جهة حكومية متداخلة في شؤون الهجرة والترحيل. كما يساهم الكفلاء بتأخير حل الشكاوى من خلال غيابهم عن جلسات المحكمة أو تجاهل المكالمات الرسمية لتفادي دفع مستحقات عالقة وتكاليف السفر.

في الشهر الماضي، تحدثت الصحف عن قضية إحدى المقيمات في ملجأ في مدينة حائل لتمثل حالة الاضطهاد المزدوج التي تعاني منها المهاجرات في السعودية ومشاكل ملاجئ الدولة وقوانينها. القضية تخص امرأة مغربية نشرت رسالة مناشدة لأمير حائل تطالبه بإنقاذها من زوجها وأولاده حيث جاءت للسعودية بعد الزواج وتمت معاملتها باعتبارها خادمة وقام زوجها بمصادرة أوراقها الرسمية. بعد الطلاق، حصلت المرأة على حق حضانة ابنتها إلا أن زوجها لم يكترث بالحكم ووضعها في ملجأ للخادمات الهاربات. في حوار مع جريدة الحياة، تتساءل هذه المرأة: “كيف يتم تسفيري خارج البلد، وأحرم من رؤية ابنتي، خصوصاً وأن لدي قضية لم تنتهِ بعد؟ وكيف يتم إيداعي بدار الخادمات وأنا قدمت للسعودية بتأشيرة زوجة؟".