تسعى دول الخليج لتخفيف القيود التي فرضتها في وقت سابق لاحتواء فيروس كوفيد 19، برغم من ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس. وكان عدد من الدول حول العالم قد حذت الاتجاه نفسه ولكن بعد أن شهدت انخفاضاً مستقراً في الحالات، أما في دول الخليج فلم يشهد تفشي الفيروس أي تباطيء حتى الآن.
وبحسب البيانات التي جمعتها منظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن دول مجلس التعاون الخليجي سجلت أعلى معدلات الإصابة بالفيروس ( تم حساب إجمالي حالات الإصابة إلى كل مليون نسمة) في العالم، حيث جاءت قطر في المرتبة الثانية بعد سان مارينو، والبحرين في المرتبة السابعة والكويت في المرتبة التاسعة. كما أن هذه الدول سجلت نسبياً أعلى معدلات افحص الإصابة بالفيروس.
وأعلنت المملكة العربية السعودية أمس أنها ستبدأ من 28 مايو فصاعداً التخفيف التدريجي للقيود، باستئناف بعض الأنشطة الاقتصادية والتجارية. وسوف ترفع جميع أنواع حظر التجول ابتداءً من 21 يونيو مع عودة جميع الأنشطة، بشرط الالتزام بتدابير التباعد الاجتماعي التي سيتعرض منتهكيها لغرامات وعقوبات تصل إلى مليون ريال سعودي ( 266,374 دولار أميركي) وما يصل إلى خمس سنوات سجن.
أما البحرين فقد طبقت أقل درجة من القيود في الخليج، حيث أبقت العديد من المحلات مفتوحة ولم تفرض أي نوع من أنواع حظر التجول. وسُمح للصالونات ومحلات الحلاقة باستئناف النشاط ابتداء من 27 مايو فصاعداً مع شرط اتباع إرشادات معينة مثل ارتداء الأقنعة الواقية والقفازات، وعدم تقديم الخدمات التي تتطلب اتصال قريب بالوجه كالحلاقة.
ومن شأن إرخاء القيود على الصالونات أن يخفف على العديد من العاملين بأجور يومية من فقدوا مصادر دخلهم لعدة أشهر الآن. وتحدثت Migrant-Right.org لعاملة في أحد الصالونات تحمل الجنسية الفلبينية، التي عبّرت عن مشاعر مختلطة لكثيرين غيرها:" نحن مسرورون لأننا سنعاود الحصول على أجورنا انشالله، ولكننا خائفون ايضاً لأننا لا نعرف إن كان الأشخاص ممن سنتعامل معهم حولنا مأمونين أم لا"، وبحسب أحد الأخصائيين الاجتماعيين في البحرين، فإن عمال الصالونات وموظفي الفنادق كانوا من بين الأكثر إصابة بالفيروس.
وأعلنت دبي أيضا أنها ستسمح لأغلب النشاطات الاقتصادية باستئناف أعمالها ابتداء من 27 مايو، بما في ذلك دور السينما، ومتاجر التجزئة والمجمعات التجارية والأندية الرياضية. وجاء ذلك إثر كشف مسح أجرته غرفة تجارة وصناعة دبي عن أن 70% من الأعمال في دبي قد تواجه خيار الإغلاق خلال الشهور الستة المقبلة. ومن جانبها عممت إدارة الثقافة والسياحة في أبو ظبي إرشادات لاتباعها مع إعادة فتح الفنادق والمرافق الأخرى.
وسوف ينتهي إغلاق العاصمة العمانية الذي فُرض في 10 أبريل، في 29 مايو. كما سينتهي الإغلاق في الكويت الذي استغرق 20 يوماً في 30 مايو، وسيحل محله حظر تجول جزئي. وفي غضون ذلك، يخطط مجلس الوزراء الكويتي لتخفيف القيود بالتدريج والسماح للأعمال باستئناف نشاطها في ظل اتخاذ إجراءات احترازية. وكشف مسح للأعمال أجري مؤخراً، أنه منذ أن فرضت الكويت قرارات الإغلاق، قال 45% من أصحاب الأعمال أنهم إما أن أوقفوا أعمالهم التجارية أو أنهم أغلقوها نهائياً، فيما 26% منهم ذكروا أن أعمالهم على حافة الانهيار.
ومنذ تفشّي فيروس كوفيد 19، تجتهد دول الخليج للموازنة ما بين الصحة والمصالح الاقتصادية. ومع تراجع أسعار النفط، والتوقعات الاقتصادية السيئة – تم خفض تصنيف السعودية مؤخراً إلى "negative" من قبل كالة مودي للتصنيف الائتماني، فيما تم خفض تصنيف كل من البحرين وعمان إلى مستوى Junk – وتواجه دول الخليج ضغطاً كبيراً لتخفيف الإغلاقات والسماح للأعمال باستئناف نشاطها. وفي ذلك مخاطرة كبيرة إذا ما أخذ في الاعتبار أن حالات الإصابة بكوفيد 19 لا تزال في تزايد ولم تصل إلى ذروتها بعد، بحسب الإحصاءات الرسمية؛ كما حذرت منظمة الصحة العالمية (WHO) من موجة ثانية من فيروس كورونا إذا ما تم التسرع برفع القيود.
ولم تتوقف الأعمال الإنشائية في قطر والإمارات وعمان خلال فترة الإغلاق. وقال عمال تحدثت إليهم منظمة MR أنهم كانوا مترددين في الذهاب إلى العمل في مواقع البناء حيت العدوى مستمرة وفي تزايد، إلا أنهم تلقوا تهديدات بإنهاء عقودهم وإخلائهم من أماكن إقامتهم.
و برغم أنهم الأكثر عرضة للمخاطرة عند إعادة فتح الأعمال، فإن استئناف الأعمال بالنسبة للعمال المهاجرين يعتبر إغاثة اقتصادية تأتي في وقتها لهم، ذلك لأنه تم استثنائهم من معظم برامج الدعم المالي. ومن المهم أن يُزود العمال بمعدات الوقاية الشخصية، وأن تُجري لهم فحوصات دورية، وأن يقدم لهم الدعم في جميع الأوقات، وأن يلتزم كل من أصحاب العمل والعملاء بلوائح السلامة إذا ما تم رفع القيود.