تفضيل الشركات السعودية للتعاقد مع طرف ثالث على التوظيف المباشر يؤدي إلى استغلال كبير بعيداً عن الرقابة
شركات المقاولات واستقدام القوى العاملة تتصرف بحرية كاملة مع تزايد توظيف السعودية من النيبال
كان رنجيت بودا* يبحث عن وظيفة ثابتة وحياة مستقرة. وعندما أخبره وكيل التوظيف في كتمندو عن فرصة وظيفية في أرامكو السعودية، اعتقد أنه عثر على الوظيفة الموعودة. وأخبره الوكيل الذي يعرف في النيبال باسم ‘الدلال’ أنه سيتم توظيفه مباشرة من قبل شركة أرامكو براتب قدره 1700 ريال سعودي (450 دولار أمريكي). وحتى لا يخسر فرصة العمل في شركة النفط والغاز المعروفة والعملاقة، دفع 150٬000 روبية (1٫115 دولار أمريكي) للوكيل متجاوزاً سياسات النيبال المتعلقة “بالتأشيرة والتذكرة الحرة” دون جدال.
لكن قبل عدة ساعات من موعد الرحلة في ديسمبر 2022، انتبه وبعد أن تشاور مع زملائه، إلى أن صاحب عمله في بيانات التأشيرة ليس أرامكو. شعر رنجيت حينها أنه تعرض لاحتيال، لكنه مع ذلك لم يتمكن من رفض الوظيفة، لأنه كما يقول، قد يكون من المستحيل استرداد الرسوم التي تدفع لوكالات القوى العاملة. فسافر محملاً بالخيبة إلى المملكة الصحراوية وغير متأكد مما ينتظره هناك.
في هذه القصة، يتذكر 10 عمال نيباليين مهاجرين، تمت مقابلتهم من قبل Migrant-Rights.org، تجارب مشابهة عن تعرضهم للخداع من قبل شركات التوظيف وتبعات ذلك من أوضاع هشة تعرضوا لها، واستغلال في السعودية.
وتلقي تجربة العمال في قطاعات الإنشاءات والضيافة وتجارة التجزئة الضوء على الاحتيال الذي يمارسه كل من وكالات التوظيف وأصحاب العمل على السواء في حق المهاجرين المحتملين من أجل العمل، في شروط توظيفهم وخداعهم لدفع رسوم باهظة. وتوضح حساباتهم الكيفية التي يستغل بها المقاولون السعوديون المعروفون بـ ‘شركات الإمداد’ في أوساط العمال النيباليين، وضعهم اليائس وعملهم الشاق. ويعتبر قطاع المقاولات السعودي الذي يضم أكثر من 176٬000 شركة مساهما رئيسي في اقتصاد المملكة غير النفطي. وتشمل أنشطة شركات قطاع المقاولات أعمالا تتراوح من الإنشاءات إلى الطاقة والمواصلات. ومنذ إطلاق مبادرة رؤية 2030، أصبحت شركات المقاولات تشارك في العديد من مشاريع البنية الأساسية، ومشاريع التكامل التقني مثل نيوم، مترو الرياض، ومشروع البحر الأحمر، ،متنزه الملك سلمان بالإضافة إلى مدينة جدة الاقتصادية. وتدعم الحكومة السعودية شركات المقاولات بتقديم الحوافز المالية لهم وتشجيعهم للمشاركة في مشروع رؤية 2030.
التوظيف الخادع
أدرك رانجيت، بعد وصوله إلى السعودية، أدرك رانجيت أنه سيعمل لدى شركـة الراشـد للتجـارة والمقاولات RTCC، وهو مقاول لديه مشاريع في قطاعات النفط والغاز . والراشد هي شركة مساهمة تعمل في الخليج لأكثر من 6 عقود وتوظف أكثر من 10٬000 عامل. وعلى مدى السنوات قدمت خدمات القوى العاملة لكثير من الوزارات في الحكومة السعودية. ويقول رانجيت، إن وكالة التوظيف خدعته بإخفاء اسم صاحب عمله الحقيقي RTCC. ويضيف: «لو كنت قد علمت أنها ليست وظيفة مباشرة، لما أتيت إلى هنا».
وتروج شركات التوظيف في كتمندو لفرص وظيفية في الخارج باستخدام أسماء شركات كبرى وأسماء تجارية لإغراء الشباب المحتملين. ولا يذكرون اسم أو دور شركات المقاولات، التي تعتبر الموظِّف الحقيقي.
وبحسب رانجيت فإنه، وبسبب عدم وعي العمال بكيفية تشغيل الشركات الكبرى وتلبية احتياجاتها من القوى العاملة، فهم يثقون في وكالات التوظيف. ويوحي الوكلاء لهم بأن العمل لدى الشركات الكبرى يزيد احتمالية حصولهم على أجور عادلة وظروف عمل جيدة.
حاليا، يعمل رانجيت كمساعد في مصنع غاز بيري في الجبيل. ويتسلم راتبا قدره 1٫250 ريال سعودي شهرياً، أي أقل بـ 450 ريال سعودي عما وعده به الوكيل في النيبال. ويعمل في مناطق خارجيه لمدة 10 ساعات بنظام النوبات، برغم أن الوكيل أخبره أن العمل سيكون داخليا ولمدة 8 ساعات يومياً. ويقول من مكان إقامته في معسكر عمالي مكتظ: “أنا لست الوحيد الذي تعرضت للخداع، نحن مجموعة كبيرة».
وظلت النيبال، وعلى مدي عقود عدة، هي مصدر العمالة الرئيسي للسعودية. إلا أن الارتفاع الكبير في المشاريع العملاقة الطموحة من المشاريع السياحية، إلى مراكز التقنية الرامية لتنويع الاقتصاد السعودي، أدى إلى زيادة كبيرة في أعداد العمال النيباليين في المملكة. ففي السنة المالية المنتهية في يوليو 2023، حصل أكثر من 110٫000 عامل نيبالي على تصريح للعمل في السعودية، ما يشكّل ارتفاع قدره ضعفين ونصف خلال 5 سنوات.
وبحسب أحدث تقرير صدر عن الحكومة النيبالية حول هجرة العمالة فإن النيباليين يعملون في قطاعات عدة في السعودية من الإنشاءات إلى قطاع الخدمات وإلى المبيعات. إلا أن عددهم في الوظائف التي تتطلب مهارات، قليل جداً، فأغلبهم يعملون في قطاعات التنظيف، والتعبئة، والتوصيل ووظائف أخرى صغيرة غير محددة.
أعمال شاقة، وأجور قليلة وإنهاء الخدمة
وبرغم أن الفساد والاستغلال في سلاسل التعاقدات لقطاعات الإنشاءات، موثق بشكل أكبر، إلا أن العاملين في قطاع المطاعم وتوصيل الأطعمة والمقاهي ومستودعات التخزين أيضا يعانون من ممارسات استغلالية مشابهة.
فلال بابو ميهارا، الذي وصل إلى المملكة بوعد كاذب لوظيفة في أمازون، انتهى به المطاف بالعمل لدى شركة فهد المطيري AFMCO، وهي شركة استقدام العمال ولديها أكثر من 6٬000 عامل. وتوفر الشركة الأيدي العاملة للعديد من الشركات الدولية للعمل في المجالات اللوجستية، والشحن، ومتطلبات التوصيل. ويعمل هؤلاء العمال المُتعاقد معهم في مخازن، ومصانع، ومرافق صحية وفنادق بالإضافة إلى الفنادق والمقاهي.
بعث المطيري، لال بابو ميهار للعمل في مقهي كمحضر للقهوة في تبوك، وهي مدينة تقع في الإقليم الشمالي للسعودية على حدود الأردن. ولم يكن ميهار يعرف أي أحد هناك. فشعر المهاجر للمرة الأولى بأنه تعرض للخداع، لمن لم يكن لديه أي خيار عدا اتباع الأوامر الصادرة من موظفي المطيري.
ولم يكن لدى لال باهو أيه تجربة في عمل المقاهي. فعلى مدى عام، عمل 12 ساعة في اليوم تحت إدارة مشرف وقح ومتطلب. وظل المشرف يشكيه من «سوء أدائه» وتهديده بالطرد.
ساعد لال باهو إصراره، على الصمود لمدة أقل من عام. وقال إنه حصل تلقى إنذاره الأخير عندما سقط غطاء وعاء القهوة على الأرض بطرق الخطأ، وألقاه أحد الموجودين في سلة القمامة. فشتمه المشرف بألفاظ نابية. وأخرج لال باهو بعدها الغطاء من القمامة وقام بغسله، إلا أن المشرف طلب منه المغادرة بعد عدة أيام. يقول لال باهو: «لا يوجد أي أمان وظيفي لعمال شركات توريد العمال. فبإمكانهم انهاء خدمات الموظفين في أي وقت.» مضيفاً «لو كنت موظفاً مباشرا مع شركة لكان بإمكاني المطالبة بالعدالة، لكن من يهتم لأمرنا؟»
نظراً لتعقيد التوظيف المباشر من الخارج، أصبحت غالبية الشركات الكبرى تعتمد على التعاقد مع شركات القوى العاملة لتلبية احتياجاتهم، خصوصاً للوظائف التي هناك حاجة لها في فترة معينة من مراحل المشروع. وقالت شركة كبري متعددة الجنسيات تتنافس على مناقصات في السعودية، في وقت سابق لـ MR إنه لا يتم تشجيع التوظيف المباشر في المملكة، للتأكد من أن يصبح لدى شركات العاقد، التي يديرها المواطنون فقط أعمالا كافية. لكن العمال الذين يتم التعاقد معهم من الباطن هم أكثر شعوراً بعدم الاستقرار الوظيفي مقارنة بخبرة من يتم توظيفهم بشكل مباشر.
وبعد أن خسر لال باهو وظيفته، أصبح يسمى «asahaya» وهو مصطلح يستخدمه العمال النيباليين حين يصفون الحال الميؤوس منها. يقول لال باهو إنه أراد أن يتحدث عن قصته لصاحب عمله، المطيري لكنه لم يرد على اتصالاته المتكررة. وفي هذا الوقت، وضعه موظفو كيان في الباص بين تبوك والرياض. وفي الرياض التقى عشرات من عمال المطيري الذين كانوا يعانون من البطالة وانعدام الدخل، لشهور.
وأبلغ العمال من جميع مناطق السعودية عن تجارب مشابهة.
ويقول عامل توصيل في منصة هانغر ستيشن بالقصيم، أنه تلقى إنذار من شركة توريد العمالة عندما سأل عن سبب تأخر راتبه. «هددنا بطردنا من الوظيفة عندما سألنا عن سبب تأخر رواتبنا». ويضيف: «لكننا لم نقل، بعد ذلك، أي شيء خوفاً من فقدان وظائفنا».
ومضى على هذا العامل في وظيفته بشركة السعيد للمقاولات العامة حوالي 8 شهور.
اختلاف وتمييز
يقول عمال شركات مقاولات لتوريد العمالة، إن الموظفين بشكل مباشر يحصلون على معاملة أفضل نسبياً فيما يتعلق بالأجور، والمزايا وظروف العمل والمعيشة، بالإضافة إلى المعاملة التي يتلقونها من المشرفين. وفي هذا السياق، يقول بيمال كادكا، الذي عمل في مستودعات كارفور، ومقاهي بارن من خلال شركة مقاولات، إن العمال كانوا يقعون تحت ضغوطات المشرفين ليؤدوا عملهم. ويضيف إنه في مستودعات عملاق التجزئة الفرنسي، كان العمال يجبرون على تحقيق أهدافا وظيفية صعبة، مع التهديد بأن الفشل المتكرر سيؤدي إلى فقدان الوظيفة.
يقول بيمال: «قد يحصل الموظفون بشكل مباشر على العذر عندما يخطئون أو لا يؤدون عملهم بشكل جيد. فالمدراء والمشرفون يقومون بحمايتهم». ويضيف: «لكنهم يأخذون إجراء تجاه العمال التعاقديين. لماذا لا يعاملون العمال بالتساوي؟» واصفا التوبيخ الذي يتلقونه من المشرفين بأنه أمر روتيني.
البعض ذكر أنهم كانوا يجبرون على العمل لساعات إضافية دون أن يدفع لهم تعويض عن ذلك.
كان بيمال، كعامل تعاقدي، يتسلم 1٬300 ريال سعودي عن عمله. لكنه يقول إن هذا المبلغ ليس إلا جزء ضئيل مما يدفعه كارفور لشركته. ويضيف إن العمال التعاقديين محرومون أيضا من الحصول على إجازات، ومكافآت ومزايا نهاية الخدمة.
وعن تجربته المماثلة، تحدث الينا عن قصته، موظف يعمل في رست برجر, من خلال شركة ناس للموارد البشرية. يقول هاري غارثي الذي يعمل في فرع الباحة إنه يستلم 1٬200 ريال سعودي في الشهر نظير عمله، لكن للعمل نفسه، يحصل العمال المباشرون على ثلاثة أضعاف أجره. ويضيف: «أبذل قصارى جهدي كي أرضي العملاء، لكن هذه الشركات تستفيد. شركات توريد العمالة سيئة. لا تعملوا لديهم».
يقول غارثي، بسبب أنه عامل تعاقدي، يجبره المطعم على العمل لأكثر من 8 ساعات دون أن يدفع لها تعويض عادل عن العمل الإضافي. ففي شهر واحد عمل 4 ساعات إضافية يومياً ولم تدفع له الشركة سوى 200 ريال في الوقت الذي يستحق 550 ريال. ومنذ ذلك الوقت رفض أن يقوم بأي عمل إضافي.
يقول هاري: «إنه أمر بغيض عندما أعمل وترفض الشركة أن تدفع ما لي ما أستحقه». مضيفاً: «أنا لا أتسول المال. بإمكاني أن أعمل لكن عليهم أن يدفعوا لي أجراً عادلاً.».
وهاري هو واحد من 7.4 مليون عامل أجنبي في السعودية ممن يعملون في وظائف خدمية في القطاع الخاص وهو القطاع غير المفضل لدى المواطنين السعوديين. والمعروف، تاريخيا، أن وظائف القطاع الخاص، التي توفر مستوى آقل من الأمن الوظيفي، اعتمدت على القوى العاملة المهاجرة الرخيصة. ويقول هاري إنه بحسب بيانات الحكومة السعودية، في 2022، تم توظيف أكثر من 7 ملايين عامل أجنبي في القطاع الخاص، بينما تجاوز عدد السعوديين في الوظائف الخاصة 2 مليون. «نحن من يقوم بالعمل اليدوي برواتب متدنية، لكننا لا نحصل على المعاملة اللائقة.
«لسع البق»
يقول العمال إن المسكن النظيف هو حلم بعيد المنال بالنسبة لنا. جميع العمال الذين أجريت مقابلات معهم قالوا إنهم يعيشون في غرف صغيرة مشتركة، فيما البعض قالوا إن غرفهم ودورات المياه كانت مزودة بمياه قذرة وليس لها أقفال.
بعض العمال قالوا إنهم تعرضوا للسع البق في أسرتهم الضيقة، وهم ملتحفون بملاءات خفيفة تزودهم بها الشركة. يقول أحد العمال من ضمن عمال شركة المطيري ويعمل لدى كارفور «نواجه مشكلة في كل مكان، بق في الفراش، توفّر المياه ليس منتظماً في دورات المياه. لا يوجد لدينا مطبخ فنحن نطبخ وجباتنا في غرف النوم. ماذا أقول أيضا؟ يقول أيضا إن شركة المطيري لم تنظر في شكواه أو تعالج مشكلته.
من جانبه، يقول، لال بابو إنه تشارك في غرفة قذرة مع 3 عمال آخرين في تبوك لمدة عام عندما عمل في كيان كافيه. تقع هذه الغرفة خلف المقهى في مكان يصله إزعاج الشارع طوال الليل، فلم يكن يحصل على النوم الكافي، ويستيقظ كل صباح متعباً. «هذا ما نجد نفسنا فيه عندما ينتهي بنا الأمر في واحده من أسوأ شركات التعاقدات، أنا أقول يجب ألا يذهب أحد لهذه الشركات».
"جئت إلى هنا لأكسب المال، دفعت مبالغ عالية كي أتي إلى هنا». ويضيف: «لم أسدد الدين حتى الآن، كيف يمكنني العودة خالي الوفاض"
- عامل حالي متعاقد من الباطن مع كارفور
المواصلة صعبة … وكذلك الهروب
يحاول العمال العمل بجدية كي لا يفقدوا وظائفهم. لكن كعمال تعاقديين، فهم في قلق دائم من فقدان وظيفتهم في الشركة. فإن حدث ذلك، عليهم الانتظار للحصول على وظيفة أخرى أو محاولة العودة إلى بلادهم. والخياران كلاهما مر.
يقول أحد العاملين في كارفور: «جئت إلى هنا لأكسب المال، دفعت مبالغ عالية كي أتي إلى هنا». ويضيف: «لم أسدد الدين حتى الآن، كيف يمكنني العودة خالي الوفاض».
يشعر العمال أنهم مضطرون لتحمل المعاناة بدلا أن يجدوا أنفسهم متورطين في عملية توظيف غير مشروعة أخرى في بلدانهم. لكن بعد الانتظار لأسابيع وربما لشهور بدون أجر وطعام أو حتى مستقبل منظور لحصولهم على وظيفة أخرى، يشعر البعض أن العودة خيار جيد.
لكنهم يصطدمون بعقبات أخرى
بعد خيبة الأمل التي واجهها هاري غارثي في مطعم رست بيرغر في الباحة، طلب من شركته العودة إلى بلاده. لكن صاحب عمله، شركة ناس لحلول الموارد البشرية، طلبت منه دفع 2500 ريال سعودي (1٬390 دولار أمريكي) لتوافق على مغادرته. بعدها شعر أنه مجبر على الاستمرار في العمل. وفي ردهم على استفساراتنا، قالت شركة ناس إن اتهامات العمال «غير صحيحة» وادعت أن الشركة «متعاونة جدا» مع كل عمالها.
وقال أحد العاملين الحاليين في مقهى بارن إن شركته طلبت منه 5٬000 ريال سعودي كرسوم للمغادرة إلى بلاده. ويتساءل: «كيف يمكن أن أملك كل هذا المال؟»
بمجرد وصول العمال إلى السعودية، تبدأ شركات توريد العمال في فرض سيطرتها على العمال. يسكّنوهم في أماكن إقامة توفرها الشركة، تأخذ جوازات سفرهم، وتعيدهم لهم بعد أن يصدر تصريح الإقامة. ويقول العمال إن الشركة بعد ذلك تنذرهم بأنهم يحتاجون موافقتها لمغادرة الوظيفة أو البلد.
يقول لال بابو: «ماذا يمكنني أن أفعل بوجود الجواز معي إن كنت سأحتاج تصريح مغادرة من الشركة لأعود إلى بلادي.؟»
وانتظر لال باهو لمدة شهر ونصف ليعود إلى بلاده، بدون أجر وبدون طعام ووجد مأوى له في غرفة صديق له. وعندما نفدت مدخراته استلف من أصدقائه ليدبر معيشته وبذلك وقع في دوامة الديون.
قرارات خطيرة
دفعت الديون وفقدان الوظيفة العديد من العمال لاتخاذ قرارات خطيرة. مثال على ذلك، أنجان ماندال الذي هرب من مكان إقامته التابعة للمطيري، وذلك بعد أن خسر وظيفته في التعبئة لدى كارفور، ولجأ للعيش مع أخيه في غرفته، عمل في الصرف الصحي لشهور ليتمكن من كسب معيشته.
ويقول عامل آخر يدعى بيمال كادكا إنه طُلب منه تغيير وظيفته 3 مرات خلال عامين، واستُغني عنه لمدة 3 شهور بدون أجر ولا طعام. وأراد العودة إلى بلاده، لكن طلبت منه شركة المطيري أن يدفع رسوم المغادرة مما جعل الوضع أسوأ مما كان عليه. ويشير إلى «أنني تمنيت لو قبض علي واحتجزت من قبل الشرطة حت يتم ترحيلي. فلم يكن لدي أي مال».
من جانبه نجح بيمال في نهاية الأمر، في التفاوض مع شركته للعودة إلى بلاده، لكن العمال يقولون إن هناك العديد من العمال في السعودية أصبحوا في عداد المنسيين. فهم غير مسموح لهم بتغيير وظائفهم ولا العودة إلى بلدانهم.
واحد من هؤلاء هو رانجيت بودا. لم يرغب في العمل لدى شركـة الراشـد للتجـارة والمقاولات بأجر ضئيل. بعض أصدقائه هربوا بالغعل بغض النظر عن تعرضهم لمخاطرة اتهامهم بالهروب.
عندما ينظر إلى وضعه المالي الضعيف في بلاده، تسوّل لرانجيت نفسه أن يترك الشركة ويعمل بشكل غير نظامي. لكنه يتراجع خائفاً، عندما يتذكر وجه اينته ذات العامين ويتصور نفسه محتجزا من قبل الشرطة. يقول: «أرجو المساعدة، أشعر أنني سجين هنا».
*تم تغيير أسماء بعض العمال حماية لهوياتهم