حملة
إصلاح نظام الكفالة
تقوم كافة دول مجلس التعاون الخليجي بإدارة شؤون استقدام وإقامة وتوظيف العمّال الوافدين عن طريق نظام الكفالة. وتبعاً لهذا النظام، يتوجب على الشركة المحلية أو المواطن (الكفيل) كفالة العمال الأجانب وضمان حصولهم على تأشيرات عمل ووثائق إقامة قانونية وسارية المفعول، وهذا يعني أن حق الفرد في العمل والتواجد بشكل قانوني يعتمد على جهة العمل. إن هذه التبعية بين العامل والكفيل، ووجود قيود صارمة على تغيير جهة العمل تجعل العمال الوافدين أكثر عرضة للاستغلال.
.وفي حين أكدت بعض البلدان الخليجية إلغاء أو إصلاح أنظمتها الخاصة بالكفالة، ما زالت أكثر مقومات الاستغلال الموجودة في هذه الأنظمة باقية لم تتغير وتمثّل تهديداً فعلياً لجميع العمال.
٢٫٥ مليون
العدد التقديري للمهاجرين الذين يعيشون ويعملون في دول مجلس التعاون الخليج
٧٠٪
من القوى العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي تتألف من العمال المهاجرين
٤٩٪
من إجمالي سكان دول مجلس التعاون الخليجي هم من المهاجرين
٩٨٪
من القطاع الخاص في العاملين في الإمارات وقطر هم من غير المواطنين
الخلفية
التبعيّة الهيكلية إلى جهة العمل
يقع على عاتق الكفيل مهمة استكمال إجراءات منح وتجديد التأشيرات للعمال الوافدين. وإذا أخفق الكفيل في القيام بذلك لسبب معيّن، فإن العامل هو من يتحمّل المسؤولية ويواجه التبعات القانونية لهذا التقصير. إن هذا الجانب السلبي ينتقص من حقوق العمّال الوافدين ويجعلهم عرضة للابتزاز والاستغلال. وفي قطر والمملكة العربية السعودية، لا يزال العمال الوافدون بحاجة للحصول على تصريحات خروج وليس بإمكانهم المغادرة دون إذنٍ من الكفيل.
والواقع أن التبعية المتجذرة في نظام الكفالة كثيراً ما تتعرض للانتقادات وتعتبر بمثابة ممارسة للعبودية الحديثة. ومن خلال إحالة مهام تنظيم عمل وإقامة العمالة الوافدة إلى المواطنين ووكالات التوظيف، فإن النظام يعزز من انتهاك حقوق الإنسان؛ حيث يواجه العمال صعوبات في تقديم الشكاوى والحصول على حلول منصفة لمشكلاتهم. ولا يخفى على أحد أن جهات العمل قد تلجأ للإبلاغ بشكل كيدي عن الموظفين الوافدين إذا اكتشفت أنهم تقدّموا بشكاوى ضدّها، الأمر الذي يشكل تهديداً على الإقامة القانونية لهؤلاء العمال، كما يعرّضهم لخطر الاعتقال والترحيل.
ويجد العديد من الوافدين أنفسهم أمام خيارين اثنين: إما تحمّل ظروف العمل غير المنصفة أو الهروب. أولئك الذين يختارون الهروب يصبح وضعهم غير قانوني، وبذلك لايضمن لهم القانون حقهم في الحصول على أجر مقابل عملهم وقد يتم تغريمهم واحتجازهم لأجل غير مسمى أو ترحيلهم خارج البلاد. وبالنسبة للوافدين الذين لا يستطيعون دفع ثمن تذكرة السفر للعودة إلى ديارهم أو الذين تخلّى عنهم كفلائهم، فسوف تتقطع بهم السبل وقد يدخلوا في دوامة لا تنتهي من المشاكل لعدة سنوات.
كل العمال المستبعدين من قانون العمل بمن فيهم العمال المنزليون والزراعيون في معظم البلدان الخليجيّ يخضعون لنظام الكفالة بالكامل إذ لا يوجد قانون آخر يحمي حقوقهم، وهذا ما يجعلهم أكثر عرضة للاستغلال.
عدم القدرة على تغيير الوظائف بسهولة
يسهم نظام الكفالة في تعقيد عملية تغيير الوظائف بالنسبة للعمال الوافدين في حال عدم الحصول على إذن من جهة العمل/ الكفيل الحالي. ونتيجةً لذلك، يجد العمال الوافدون أنفسهم في معظم الأحيان مضطرين لتحمّل ظروف العمل الصعبة ومشاكل أخرى تتعلق بعدم استلام الأجور، أو استلامهم أجور أقل من المتفق عليها، أو العمل لساعات طويلة، وغيرها من الظروف الاستغلالية و غير الآمنة.
إصدار التأشيرات بشكل غير قانوني
يجوز للمواطنين التنازل عن حصصهم من التأشيرات الخاصة بكفالة العمال الوافدين إلى مواطنين آخرين أو مغتربين أو لشركات الأخرى. وقد يتحمّل العمال الوافدون تكاليف الحصول على تأشيرة غير قانونية فقط لدخول البلد، وعندما يدركون بأنه لا يوجد أي شركة أو وظيفة تنتظرهم للعمل فيها، قد يضطرون للعمل لصالح جهة عمل عديمة الضمير، مما يؤدي لتقطّع السبل بهم أو مواجهة عقوبات جزائية.
دفع الوافدين إلى وضعٍ غير قانوني
تعتبر سيطرة الكفلاء الكاملة على الموظفين الوافدين، والافتقار لإمكانية التنقل الوظيفي والعقبات التي تمنع الحصول على التعويضات والإنصاف في العمل، من أبرز السمات السائدة في مجتمع العمالة الوافدة غير النظاميّة ضمن البلدان الخليجية. ونظراً لعدم امتلاك الوافدين للوسائل القانونية التي تمكنهم من حماية حقوقهم، فإنهم يضطرون للهروب أو التخفي عن الأنظار. وعند مغادرة جهة العمل، يصبح وضع العمال الوافدين غير قانوني فورياً، ولا يستطيعون في معظم الحالات تعديل أوضاعهم. وقد يواصل الوافدون ممن لا يحملون الوثائق القانونية اللازمة العمل ولكن بصورة غير نظاميّة مما يجعلهم عرضةً للاستغلال والابتزاز.
الحالات الأخيرة
ادعت كل من قطر والبحرين العمل على إلغاء نظام الكفالة، فيما قامت البلدان الخليجية الأخرى بإجراء إصلاحات صغيرة النطاق على أنظمتها. ورغم أن بعض هذه الإصلاحات تمثل خطوات إيجابية صغيرة بشكل عام، ولكنها أخفقت إلى حد كبير في تعزيز توازن القوى غير المتكافئ أصلاً بين جهات العمل والعمالة الوافدة. وكثيراً ما يتم رصد عقبات مالية وإدارية كبيرة تحول دون تحويل الكفالة، خاصة وأن الإصلاحات المحدودة لا تغطي العمالة المنزلية والمزارعين.
دراسات على مستوى الدول
دولة قطر
أعلنت قطر إلغاء ’نظام الكفالة‘ في ديسمبر 2016، وقامت باعتماد نظام قائم على العقود بدلاً عنه. ويمكن للموظفين الملتزمين بعقود لأجل غير محدد الانتقال إلى جهة عمل أخرى بعد فترة عمل لا تقل عن 5 سنوات مع جهة العمل الأولى. كما بمقدور العاملين- الذين يعملون بعقود عمل محددة المدة- تغيير عملهم وتوقيع عقود جديدة إذا رغبوا في ذلك، وذلك بحلول نهاية مدّة العقد ودون الحاجة لاستصدار شهادات عدم اعتراض وممانعة شريطة الحصول على موافقة وزارة الداخلية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية. ولكن من الناحية العملية، لا يزال تغيير الوظائف بالنسبة للعديد من العمال الوافدين يتطّلب تعاون جهة العمل الأصليّة، وهو عبء بيروقراطي مرهق.
ورغم إلغاء الحاجة لتصاريح الخروج في الخطوات الإصلاحية الأولى، أعاد القانون رقم (1) في 4 يناير لعام 2017 اشتراط الحصول على إذن صاحب العمل لمغادرة البلاد.
البحرين
قامت مملكة البحرين بتجريب نظام مرن لمنح التأشيرات في شهر أبريل 2017. وسيعمل القانون الجديد وفق آلية ’التأشيرة المجانية‘، حيث يتيح للعمال الوافدين كفالة أنفسهم والعمل لصالح جهات عمل متعددة. وقد وافقت الحكومة على مبدأ تصريح العمل وتعتزم إصدار 48 ألف تصريح خلال العامين المقبلين. ويمكن توظيف العمال على أساس الساعات أو بشكل يومي أو وفق ترتيبات أخرى، وسيتم إصدار 2000 تأشيرة مجانية شهرياً ابتداءً من شهر أبريل.
وسيتعين على العمال الأجانب دفع جميع الرسوم السنوية لتصاريح العمل (200 دينار بحريني- 530 دولار أمريكي) والرعاية الصحية (144 دينار بحريني- 381 دولار)، علماً أن هذه تكاليف كانت تتحمّلها جهات العمل. علاوةً على ذلك، من المتوقع أن يقوم العمّال بتسديد رسم قدره 30 دينار بحريني (80 دولار أمريكي) شهرياً إلى هيئة تنظيم سوق العمل، مع العلم أن مملكة البحرين كانت قد أكدت إلغاء نظام الكفالة في عام 2009.
الإمارات العربية المتحدة
أجرت دولة الإمارات العربية المتحدة إصلاحات على نظام العمل في يناير 2016، ومكّنت هذه الإصلاحات بعض العمال الوافدين من تغيير جهات العمل بسهولة أكبر. وقد يلجأ الوافدون العاملون ’من أصحاب المهارات العالية‘ إلى إنهاء عقد عمل محدد المدة دون مواجهة حظر العمل الذين كان مقرراً في السابق، وذلك في حال قدموا إخطاراً بما ينسجم مع بنود العقد أو قبل مدة شهر واحد على الأقل من إنتهائه، أو إذا تنازلت جهة العمل عن فترة الإخطار. ولن يتعرض المهاجرون المصنفون في المهن ’ذات مستوى أدنى من المهارات‘- بمن فيهم عمال البناء والخدمات- للحظر إذا قاموا بإنهاء عقودهم بعد 6 أشهر من بدء العمل. وفي حالة إنهاء العقود قبل استكمال تلك المدة، فسوف سيواجهون حظر العمل لمدة 6 أشهر؛ ويجوز أن يُطلب من أي عامل دفع راتب عن مدة تصل إلى 45 يوماً كغرامة عن إنهاء العقد قبل انتهاء الفترة المحددة. يُشار إلى أن آلاف الشركات التي تعمل في المناطق الحرة ليست ملزمة بالتقيد بقانون العمل الإماراتي، علماً أن فئات العمالة المنزلية والمزارعين لا يزالوا مستبعدين من تلك القوانين.
سلطنة عمان
يجب على العمال الحصول على شهادة عدم ممانعة عند رغبتهم بتغيير جهات العمل، وذلك لتلافي التعرّض لحظر العودة إلى عمان لمدة سنتين. وقد تستغل جهات العمل شرط منح شهادة عدم اعتراض عن طريق فرض رسوم أو مطالبة العمال بالتخلي عن استحقاقات نهاية الخدمة.
وقد أعلنت سلطنة عمان في نوفمبر 2016 عن خطط لإلغاء متطلبات الحصول على شهادة عدم ممانعة، إضافة إلى تطبيق قانون العمل الجديد، ولكن لم يتم تطبيق أي تغييرات لغاية اليوم.
الكويت
في عام 2016، أصدرت الكويت مرسوماً يسمح للموظفين بنقل كفالاتهم دون الحصول على إذن جهة العمل، وذلك بعد استكمال 3 سنوات متتالية من الخدمة، وإخطار جهة العمل قبل 3 أشهر.
المملكة العربية السعودية
في عام 2016، أعلنت السعودية عن إصلاحات تمكن العمال من تغيير جهات العمل دون الحصول على إذن ولكن في ضوء ظروف ومعطيات معينة مثل إخفاق جهة العمل في تجديد تصاريح إقامة العمال الوافدين أو عدم دفع الأجور لمدة 3 أشهر متتالية.
الإجراء المقترح
توصياتنا إلى الحكومات
من الضروري أن تشمل جميع الإصلاحات العمال المحليين والزراعيين؛ وتشجع منظمة العمل الدولية البلدان على القيام بما يلي: ضمان عدم ربط تصاريح العمال بجهة عمل محددة تمكين العمال من تحمّل مسؤولية تجديد تصاريحهم الخاصة السماح للعمال بإنهاء عقد عملهم بشكل مستقل دون فقدان الوضع القانوني لإقامتهم السماح للعمال بتغيير جهات العمل دون موافقة جهة العمل الحاليّة السماح للعمال بالخروج من البلاد دون موافقة جهة العمل
وينبغي على الحكومات أيضاً تحسين وصول العمال الوافدين إلى حقوق اللجوء القانوني لتمكينهم من الإبلاغ عن إساءات جهات العمل المخالفة للقوانين. وإن تصاريح العمل المؤقتة للوافدين المتورطين في قضايا ونزاعات من شأنها تشجيع العمال على الإبلاغ عن إساءة المعاملة وعدم الخوف من الترحيل. ويجب أيضاً فرض عقوبات على جهات العمل التي تحتجز جوازات سفر العمال الوا