انتقلت إلى الكويت من الولايات المتحدة الأمريكية في ٢٠٠٥ لأبدأ العمل في جامعة أمريكية الأسلوب. انطباعي الأول عن الكويت تركز على أسلوب حياتها العصرية بحكم انحصار علاقاتي بمن أعمل معهم في الجامعة والطلبة الذين أدرسهم، وهو انطباع عام وغير حقيقي في النهاية. هذه العلاقات بعثت فيّ الحماسة وكانت غالباً مع أشخاص من الطلبة والأساتذة والموظفين في الجامعة من الخليج ودول عربية مثل مصر ولبنان والأردن، وبدرجة أقل مع أناس من الهند وباكستان.
بعد أسبوع من إقامتي، بدأت ألاحظ الجانب المظلم من الحياة في البلاد وهو المتعلق بالعمالة الغير متعلمة. لا يمكنني الحديث من منطلق المعرفة فيما يخص الرواتب التي يحصل عليها هؤلاء إلا أنني بشكل دائم كنت أشهد انتهاكات لحقوق هؤلاء العمال. مثال على ذلك المبنى الذي كان يُبنى مقابل العمارة التي كنت أعيش فيها ويتكون من ٢٥ طابق. في هذا المبنى، دائماً ما أرى رجالاً يسيرون على أطراف البناية دون توفير أي حماية احتياطية لهم في حال وقوعهم من هذه الأدوار العالية. كما لم أر أحداً منهم يرتدي خوذاً للأمان. استمر البناء لمدة ١٢ شهر حتى خلال قيظ الصيف وشهر رمضان الذي يصوم خلاله الكثير من هؤلاء العمال.
خلال إقامتي في الكويت، سافرت للهند عدة مرات وفي كل رحلة وجدت نفسي في أحاديث مع أناس يعملون في الكويت، دبي، قطر، وغيرها. أغلب هؤلاء عملوا في الخليج من قبل أو لهم أقارب عملوا في الخليج. بشكل عام، اتفقت الحوارات في أن الخليج ليس بمكانٍ جيد للعمل والحياة إلا أن المبالغ المدفوعة ممتازة وهو ما قد يدفعهم للعمل هناك مرة أخرى. لطالما شعرت بخيبة أمل حينما سمعت هذه النقطة، لربما لأنني كنت أتمنى أن حركة ما ستولد لتطالب بإيقاف ارسال العمال لدول الخليج حتى تتحسن ظروف العمل والعقود المتفق عليها. كلما تطرقت لهذا الموضوع، أسمع الرد بأن ظروف الحياة والعمل في الدول الأم أكثر سوءاً وهو ما يجعل الناس يعتقدون بأنهم محظوظين للعمل في الخليج. هذه الحقيقة المحزنة أثبتت لي أن دول الخليج ستجد دائماً من يقبلون بالوظائف مهما كانت الظروف.
لا أعلم ما هي نسبة العمالة الأجنبية من سكان الكويت، خلال إقامتي قرأت أرقاماً مختلفة تتراوح بين ٥٠-٩٠٪ من إجمالي السكان. الأمريكيون والأوروبيون يمثلون نسبة من الإحصائيات إلا أن حياتنا مختلفة تماماً عن بقية المهاجرين، كمثل العمالة الغير متعلمة من بنغلاديش. باعتباري أميركية أعمل في جامعة، كنت أصنّف في أعلى الهرمية التي تقسم العمالة الأجنبية في الكويت. هذه الهرمية كانت جليّة بالنسبة لي: المتعلمون البيض من غرب أوروبا وشمال أميركا في قمة الهرم، ثم الشرق-أوروبيون والملونون من غرب أوروبا وشمال أميركا. تبني الكويتيون للعنصرية العرقية الأميركية أثار انتباهي، خاصة أنهم يختلفون في ألوان البشرة أيضاً. في المستوى الثاني تجد العمالة المتعلمة من الهند ولبنان ومصر ممن يعملون كمحاسبين ومعلمين وغيره. سمعت كثيراً عن الرواتب المقدمة وكان واضحاً أن النزول عن الهرم العرقي، يعني النزول في الراتب المقدم.
تركت الكويت منذ فترة ومازلت أحاول فهم التجربة التي عشتها. مثل سائق التاكسي في "جوا"، أنا أيضاً قد أعود للكويت للعمل مرة أخرى. المال الذي حصلت عليه كان رائعاً كما أنني اكتسبت خبرة عظيمة في بلد لم أكن لأزوره لولا الوظيفة التي حصلت عليها. إلا أنني، أخلاقياً، لا أعتقد أنني أمتلك حق الحديث عن ظروف وحياة العمالة في الكويت لأن تجربتي معزولة عنهم كما حياتي الآن معزولة عن العمال في الصين الذين يصدرون منتجاتهم إلى الولايات المتحدة حتى أشتريها!
إن كنت ترغب/ين بمشاركتنا تجربتك كمهاجر/ة في المنطقة، يرجى مراسلتنا على [email protected]