في بدايات ٢٠١٣، أعلن وكلاء وزارات العمل والشؤون الاجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي عن مشروع نموذج موحد لعقد العمالة المنزلية يهدف لتنظيم العمالة المنزلية في الدول الأعضاء. سبق وأن تأجل العقد لعدة مرات بسبب اختلافات على جزئيات معينة وبحجة تطوير القوانين المحلية قبل الوصول إلى نسخة نهائية من العقد الموحد.
في الأسبوع الماضي، أعلن عقيل الجاسم، المسؤول في اللجنة المشرفة على عقد العمالة، عن وجود نسخة أخرى من العقد سيتم مناقشتها في نوفمبر في اجتماع للجان المختصة يقام في الكويت. وقال الجاسم أن أجزاء من العقد مازالت تحت العمل لكنها ستكون جاهزة قبل موعد الجلسة. في الجلسة السابقة، اعترضت بعض الدول على مواد متعلقة بيوم الراحة وتحديد ساعات العمل.
على الرغم من أن هذا العقد يهدف لحماية حقوق العمالة، أعلن الجاسم عن إضافة مفاجئة لمقترح يستبدل الدول الآسيوية بأخرى أفريقية بعد أن "بالغت الأولى في شروطها". هذه الشروط من قبل الدول الآسيوية تضمنت ٤٠٠$ كحد أدنى للراتب وهو ما اشترطته الفليبين مسبقاً. هذا الإعلان يأتي كمفاجئة في ضوء الهجمة المستمرة ضد العمالة المنزلية الأثيوبية في الكويت والسعودية. الدولتان فرضتا حظراً على توظيف العمالة الأثيوبية في حالة هستيرية تبعت اتهامات ضد خادمات أثيوبيات. سلطنة عمان أيضاً فرضت منعاً على الأثيوبيات ضمن خطة توطين الوظائف. أثيوبيا ذاتها قررت منع مواطنيها من العمل في الإمارات والسعودية بسبب سوء المعاملة وانتهاك قوانين التوظيف والاستقدام في الدولتين.
على الرغم من أن القوانين المنظمة للعمالة المنزلية في دول الخليج تختلف إلا أنها جميعاً تفتقد لأبسط الحقوق العمالية لأن القوانين المتعلقة بتنظيم العمالة المنزلية غير موجودة أو غير مطبقة. العمالة المنزلية في الكويت وعمان وقطر والإمارات مستثناة من قوانين العمل وبالتالي لا يتم منحهم الحد الأدنى للأجور وساعات العمل المخصصة وضوابط الأمان وأوقات استراحة وغيرها من الحقوق. ولأن أغلب العمالة المنزلية يقيمون مع كفلائهم وإقاماتهم مربوطة بكفلائهم، فإن حركتهم وقدرتهم على تحدي أوضاعهم محدودة.
في البحرين، تعديلات قانون العمل في ٢٠١٢ أضافت حق الإجازات السنوية وحق التقاضي دون تحديد أيام الراحة والحد الأدنى للأجور وساعات العمل. في ٢٠١٣، أصدرت السعودية قانوناً يمنح العمالة المنزلية ٩ ساعات يومية للراحة وشهر إجازة مدفوع بعد مرور عامين من العمل، إلا أن القانون يفرض عقوبات قاسية على العمالة المنزلية في حالات عدة.
في مارس الماضي، أعلنت الإمارات عن قانون يتم تشكيله لإصدار عقد موحد للعمالة المنزلية. تشير التقارير إلى أن العقد يهدف إلى إرضاء الكفلاء الذين يشتكون من تكاليف الاستقدام، بدلاً من العمل على ضمان حقوق العمالة المنزلية. إذا كان القانون المشار إليه يرتبط بالمقترح الذي قدم في ٢٠١٢، فإنه قد يكفل يوم راحة مدفوع، أسبوعين إجازة مدفوعة، عطلات رسمية، و١٥ يوم إجازة مرضية مدفوعة. مقترح ٢٠١٢ لم ير النور وانتقد لتجاهله تحديد ساعات العمل وأوقات الراحة ولضوابط قاسية تتوعد بحبس العامل/ة (٦ أشهر – سنة) مع غرامة ١٠٠ ألف درهم (٢٧ ألف دولار) في حالة إفشاء أسرار الكفيل، وهي مادة مضافة إلى العقد الموحد لمجلس التعاون أيضاً. كما يفرض مقترح ٢٠١٢ عقوبات ضد من يشجع الخدم على الهرب أو يقدم لهم المأوى.
سبق وأن وعدت قطر عدة مرات بتطبيق عقد عمل موحد في السنوات الأخيرة دون الإيفاء بأي من تلك الوعود.
في دراسة عن العمالة المنزلية في السعودية والإمارات، أوضح استبيان أن ٧٣٪ من المشاركين حصلوا على عقود عمل، ٥٨٪ قادرين على قراءة عقودهم، و٣٥٪ لديهم نسخاً من تلك العقود. وتشير الدراسة إلى عدة حالات لعاملات وعدن بمرتبات بالدولار الأمريكي إلا أنهن حصلن على ذات الرقم بالعملة المحلية بعد وصولهن. وفي حالات أخرى، تم استبدال العقد الأصلي المكتوب بالإنجليزية بآخر معدّل بالعربية حيث يتم الاعتراف بالنسخ العربية فقط في المحاكم الإماراتية.
وتشير الدراسة إلى معضلة الصياغة الغير واضحة لعقود العمل فمثلاً في السعودية يُلزم الكفيل بدفع تكاليف عودة العامل/ة إلا في حالة ارتكاب الأخير "خطأ ما" أو لرغبتهم في إنهاء عقد العمل قبل نهايته لأسباب شخصية. في هذه الحالة، يتم انصاف الكفلاء على حساب العمالة بتخليصهم من هكذا التزامات في عقد العمل. كما تلقى مسؤولية إثبات الحق على العامل وهي عملية صعبة في ظل ظروف العمل وانعدام حرية التنقل وصعوبة الأنظمة البيروقراطية. اللغة الغير واضحة في عقود العمل تساند الكفلاء بشكل غير عادل ومثال آخر على ذلك أن يشير مقترح عقد العمل الموحد إلى أن الكفيل مسؤول عن توفير الظروف المعيشية المناسبة دون تحديدها.
سبق وأن ناقشنا مقترح العقد الموحد في العام الماضي الذي حسّن من حقوق العمالة المنزلية مع تجاهل حقوق أخرى مهمة التي تنص عليها اتفاقية منظمة العمل الدولية للعمالة المنزلية. منذ اعلان الاتفاقية في ٢٠١١، لم تقم أي من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتبني حقوق العمالة المنصوص عليها.