يظهر الرابط المفترض بين الجرائم والمهاجرين في خطابات شائعة وعنصرية بشكل مستمر. في دول الخليج، تقوم الصحافة المحلية بتصوير مخاطر العمالة المنزلية المهاجرة بشكل درامي، باعتبارهم يهددون خصوصية الأسر وسلامة الأطفال. من جانب آخر، تقوم السلطات بإشعال هذه الأفكار العنصرية من خلال لوم المهاجرين مع ظهور أي مشاكل اجتماعية، حتى قضايا فقدان التراث واللغة. الخطاب السعودي على الأخص يستهدف الأثيوبيين في الآونة الأخيرة باعتبارهم مجرمين ومعتنقين لديانات مختلقة. الكويت أيضاً أخذت خطوات مشابهة لجارتها السعودية حيث يستمر الاعلام بشيطنة العمالة الأثيوبية منذ مقتل كويتية على يد امرأة أثيوبية. في أي رد فعل على حدوث جرائم بين العمالة المنزلية، تهب السلطات ووسائل الإعلام لتضع اللوم على الجالية بأكملها. في ليلة واحدة فقط، قامت الكويت باعتقال ١٣ ألف من العمالة المنزلية، أغلبهم من أثيوبيا، تمهيداً لترحيلهم. ومثل السلطات السعودية، قررت الكويت منع استقدام وتوظيف أي عمالة أثيوبية. سبق وان ادعت السلطات السعودية أن الاستهداف المنتظم للأثيوبيين يأتي نتيجة لموجة من الجرائم (من بينها السحر والشعوذة) ارتكبتها العمالة المنزلية الأثيوبية. الهستيريا تنتشر تصاعدياً حتى على الشبكات الاجتماعية والرسائل، خاصة مع نشر الكثير من المبالغات عبر الفيسبوك وتويتر وواتساب.
هذه الروايات المذعورة عن العمالة المنزلية لا تؤثر فقط على القوانين والقرارات بل تمس ظروف عملهم الخاصة. في السعودية والكويت، تحذر السلطات والاعلام من العمالة الأثيوبية باعتبارهم خطر على الأطفال بسبب "ممارسات ثقافية" و"إيمانات دينية" تدفع العمالة لتقديم الأطفال كقرابين! كما يتم تشجيع الأسر على مراقبة العمالة المنزلية بكاميرات مراقبة لحماية أطفالهم منهم، حيث انتشرت الكاميرات في دولة مثل الامارات حسب تقارير الإعلام المحلي.
في تقرير لجريدة Gulf News، نصح مشاركون اماراتيون باستخدام كاميرات المراقبة في البيوت خاصة إن كانت العائلة بأطفال. ادعى هؤلاء أن المراقبة أمر أساسي بعد "عدد كبير من مقاطع الفيديو التي تظهر تصرفات غير لائقة قامت بها العمالة المنزلية وانتشرت على الانترنت.” مدير قضايا الأسرة في مكتب الإدعاء العام في أبو ظبي محمد الدنهاني صرح لـ The National: “كاميرات المراقبة الخفية طريقة جيدة لكشف أي مشاكل. أغلب القضايا التي وصلتنا اكتشفت من قبل كاميرات مراقبة.”
في المقالتين، لم يحاول الصحافيون أو المشاركون الوقوف عند حقوق العمالة المنزلية في الخصوصية أو أن هذا النوع من البيئة العملية تقع في قلب المشكلة حيث تجعل من حياة العمالة المنزلية أكثر صعوبة وتدفعهم لارتكاب الجرائم. في تقرير لجريدة الرياض في العام الماضي، استنكر سعوديون تواجد كاميرات مراقبة في البيوت إن كانت ستقوم بتسجيل الضيوف، مبررين ذلك بانتهاك أبسط حقوق الخصوصية. على الرغم من أن دول الخليج تدعي عدم ضرورة القوانين باعتبار العمالة المنزلية "ضيوف" و"زائرين"، إلا أن هذا التبرير ليس له مكان في مناقشة حقوق الخصوصية وكاميرات المراقبة.
صحف إماراتية أخرى ناطقة بالعربية ناقشت هذه القضية بشكل موسع، من بينها تقرير لجريدة البيان نقرأ من مقدمته: “لكثرة مقاطع الفيديو الرائجة لدى مجتمع يعج بالخادمات، والتي تصور حوادث اعتداء على الأطفال وسواها، ونتيجة لما يتردد عن مخالفات الخدم والعمالة المساعدة في البيوت أو خارجها، وبفعل انشغال الوالدين وخروجهما من البيت، أصبح لزاماً على التكنولوجيا أن تتغلغل في محيطنا الاجتماعي، لتمدنا ببعض أسباب القوة والثقة في حياتنا.” في ذات التقرير، اعترفت امرأة اماراتية بوضع ١٠ كاميرات للمراقبة في بيت واحد لتشاهد بثاً مباشراً على هاتفها النقال. الكثير من أرباب العمل لا يبلغون العمالة المنزلية بوجود كاميرات تراقبهم، ويستخدمون كاميرات تأتي بأشكال مختلفة مثل الأقلام أو ساعات الحائط.
هنالك تقارير عن هذا الموضوع مليئة بقصص مرعبة عن تصرفات العمالة المنزلية، دون الإشارة إلى التصرفات الاعتيادية التي التقطتها الكاميرات. في ٢٠١٠، نشرت القبس تقريراً عن عاملات أدخلن الرجال إلى البيوت، وقدمن أكل البيت لغرباء، وتحرشن بأطفال. القصص التي يرغب الإعلام بنشرها تقتصر على هذا النوع من الحوادث فقط.
مراقبة العمالة المنزلية بالطبع ليست مقتصرة على دول الخليج حيث تنتشر هذه الممارسة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلا أن هذه القضية تأخذ بعداً آخر في الخليج بحكم تقييد حركة العمالة داخل المنزل فقط. القيود المفروضة على حرية الحركة تعني أنهم مراقبين لمدة ٢٤ ساعة كل يوم من قبل أرباب عمل يبحثون عن سبب لمعاقبتهم. هوس المراقبة غالباً ما سيؤدي لزيادة حالة الهلع لدى أرباب العمل وما ينتج عن ذلك من أضرار على سلامة وحياة العمالة المنزلية. المراقبة أداة للتحكم بيد أرباب العمل الذين تدعمهم السلطات بدلاً من دفعهم تجاه علاقة عمل صحية. في آخر مسودات عقد العمل الموحد لدول مجلس التعاون، حرية الخصوصية مكفولة للعمالة المنزلية، كما يشترط على العمالة عدم الإفشاء بـ "أسرار العائلة" أو مواجهة عقوبات قانونية. من هذا الواقع لا يبدو أن هذه الحقوق يتم تطبيقها بشكل عادل.