لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

عاملات فلبينيات يلذن بالفرار من كفيلتهن الكويتية بعد معاناة مريرة

في 15 أبريل 2015

قبل عام، قدمت ثلاث عاملات فلبينيات للعمل في الكويت في منزل في منطقة قرطبة. قامت صاحبة العمل، ربة منزل كويتية متسلطة، بحجز جوازات السفر فور وصولهن. تيقظهن كل صباح بالشتائم وتوبخهن للاستيقاظ في وقت متأخر أو لعدم ارتدائهن الزي الموحد. تستشيط غضباً عندما تنسى احداهن غسل سيارات العائلة الفارهة حيث تتوقع منهن غسل السيارات بشكل يومي، حتى في صباحات الشتاء، على الرغم من أنهن لا يمتلكن ملابس شتوية. تمنت العاملات أن يتحسن مزاج الكفيلة وأن يقل إيذائها اليومي لهن.

إلا أن الاعتداءات اللفظية لم تتوقف، وسرعان ما وجدت في سكوتهن عن الإهانات نوعاً من الخضوع لتتعدى الإيذاء اللفظي إلى الإيذاء الجسدي. تضربهن وتبرر ذلك بأنه بسبب تنصلهن من "المسؤوليات اليومية".

قالت إحدى العاملات أن ربة المنزل لا تمل من الإساءة لهن لفظياً وجسدياً كل يوم، وأنه "كلما زادت الاعتداءات وأصبحت عادية بالنسبة لها، كلما أدركنا أننا بحاجة إلى الهرب."

ربما كانت "المدام" تعلم أن أسلوبها التعسفي لا يطاق وأنه قد يؤدي يوماً لما لهرب العاملات، لذا قامت هي وبقية أفراد عائلتها بمراقبة العاملات عن كثب، ولم يعد يسمح لهن بمغادرة المنزل، ولا حتى غسيل السيارات. وفي وقت لاحق، منعتهن حتى من التواصل مع أسرهن في الفليبين.

"لم يعد الوضع يطاق، فقد كنا معزولين تماماً عن العالم الخارجي وقلقين مما قد يحدث!"

قررت العاملات محاولة الحديث مع صاحبة العمل، وطلبن منها اعادتهن إلى الفليبين لأنهن "لا يرغبن في العمل هنا بعد الآن." سخرت الكفيلة منهن ورفضت مطلبهن، وأجبرتهن على العودة إلى العمل مهددة بحرمانهن من أجورهن إن تطرقوا لهذا الموضوع مرة أخرى.

"كنا نتمنى فقط مغادرة ذلك المنزل بأمان، ولم يكن المال مصدر اهتمام بالنسبة لنا وقتها."

لم تتخلى العاملات عن مطالبهن بالعودة إلى الفليبين، على الرغم من تهديدات "المدام" المتكررة لهن. وفي نهاية المطاف، أخبرتهن أن بامكانهم الرحيل شرط العمل لمدة ثلاثة أشهر دون أجر لتغطية تكلفة تذاكر السفر. تنص القوانين المحلية على أن أرباب العمل مسؤولون عن توفير تذاكر العودة وأنه يتوجب عليهم دفع الرواتب كاملة. إلا أن نظام الكفالة التعسفي يمكن أرباب العمل من انتهاك هذه القوانين بسهولة دون محاسبة.

وفي يوم من الأيام، استطاعت العاملات الهروب من المنزل واللجوء إلى قسم الشرطة المحلي ليطلبن الاتصال بالسفارة الفلبينية للقيام بالإجراءات اللازمة حتى يتمكن من مغادرة البلاد. والتحقت إحدى المنظمات المحلية بهن في قسم الشرطة لمتابعة القضية، وبشكل غير متوقع، دخلت صاحبة العمل بصحبة أولادها بوجه غاضب، مطالبين باصطحاب العاملات معهم إلى المنزل لأنهن "خرقن القانون من خلال الهروب من بيت الأسرة." يعتبر هروب العمالة من أرباب العمل، بغض النظر عن السبب، انتهاكا لقانون الإقامة في الكويت. لذا هدد أفراد العائلة العاملات في حضرة رجال الشرطة.

كما هو الحال في مثل هذه الحالات، كانت صاحبة العمل ملمة بالقانون المحلي وتعرف كيفية استغلاله لصالحها حيث قامت باتهام العاملات بسرقة ممتلكاتها، والذي من شأنه أن يؤدي إلى اعتقالهن واحتجازهن لعدة أشهر. وبعد جدل ونقاش بين "المدام" ومحامي العاملات، استطاع المحامي تأمين رواتب الأشهر الثلاثة الأخيرة للعاملات وقيمة تذاكر عودتهن إلى الفلبين.

كان محامي العاملات يأمل في تسجيل قضية "عمل قسري وحجر حرية" ضد صاحبة العمل، إلا أن فرصة المساءلة ضاعت عندما هددت صاحبة العمل باتهام العاملات بالسرقة. غالباً ما يستخدم الكفلاء هذا التكتيك لتخويف العمالة المهاجرة ومنعهم من اللجوء إلى القضاء.

من اللافت للنظر اكتشاف المحامي أن هنالك شكاوى أخرى مماثلة سجلت ضد ربة العمل نفسها، حيث اشتكت عاملة أخرى مسبقاً من سوء المعاملة والعمل القسري إلا أنها لم تتعرض لأي محاسبة قانونية، كما أنها مازالت قادرة على توظيف المزيد من العاملين في منزلها على الرغم من سجلها السيء. وعلى فرض أن الكويت أو دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى قرروا منع أصحاب العمل المسيئين من توظيف العمالة المهاجرة، سيتمكن هؤلاء من الحصول على عمال من خلال تسجيلهم بكفالة أقرباء آخرين. غياب أي مراقبة أو تنظيم للعمل المنزلي إلى جانب وجود نظام قانوني بني ليعمل في مصلحة رب العمل يعرض العمالة المنزلية المهاجرة إلى مثل هذه الانتهاكات.

بذلك قام القانون الكويتي بتعقيد مهمة المحامي لتسجيل قضية سوء معاملة وعمل قسري ضد صاحبة العمل. فعندما تتغيب العمالة عن منزل رب العمل، تفقد وضعها القانوني في البلاد ليكون الخيار الواقعي الوحيد لهن هو البقاء في مركز إيواء عاملات المنازل لعدة أشهر بينما تتم معالجة أوراقهن القانونية. في سيناريو مثالي، يمكن للمحامين متابعة القضايا المرفوعة ضد أرباب العمل بعد خروج العمال من البلاد. إلا أن عدم حضور الضحايا في مثل هذه القضايا وقت الجلسات يجعل احتمالات النجاح ضعيفة. الكويت، فضلًا عن غيرها من دول الخليج، لا توفر أي مساعدات قانونية أو مالية للعمال المهاجرين الذين يتعرضون لسوء المعاملة، حتى في حالات العمل القسري. الملجأ الوحيد لهم للحصول على العدالة هي خدمات محدودة تقدمها بعض المنظمات المحلية الصغيرة.

يرى المسؤولون في دول مجلس التعاون الخليجي أن نظام الكفالة يقوم بتنظيم ديناميكية العمل دون الإخلال "بالأعراف والثقافات المحلية". ويدعمون هذه النظرية بحجج الحرمة وخصوصية الأسرة الخليجية لإسكات مطالب دمج العمال المهاجرين في قوانين العمل المحلية. الممارسات التي تشكل هذا الجسد الوحشي لنظام الكفالة في كثير من الأحيان تسهل الاستغلال وسوء معاملة المهاجرين المستضعفين، وخاصة العاملين في المنازل، بدءاً من مصادرة جوازات السفر الذي كانت وزارة الداخلية في الكويت تنصح به. وقد صدر حظراً لاحقاً ضد مصادرة جوازات السفر إلا أنه يبقى حتى الآن "حبراً على ورق"، حيث لا تتم محاسبة هؤلاء على هذه الممارسة الروتينية.