لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

الطبيبة الكويتية التي أفقدت عاملتها المنزلية البصر متورطة الآن بقضية تعذيب أخرى

في 20 ديسمبر 2017

الطبيبة الكويتية التي أدينت وسُجنت بسبب صفعها عاملتها المنزلية على عينها اليسرى وتسبّبها بعمى دائمٍ عام 2014 أصبحت الآن رهن الاعتقال بسبب تعذيب عاملة منزلية أخرى. إذ عثر الجيران على روسيلا، وهي عاملة منزلية فلبينية تبلغ من العمر 32 عامًا، وقد تعرضت للضرب وكانت تستجدي المساعدة خارج منزل صاحبة عملها يوم 9 نوفمبر. ولكن صاحبة العمل سحبتها إلى الداخل ولم تسمح لها بالخروج.

تابعت مجموعة من العاملين المجتمعيين حينها القضية وأقنعت الشرطة بإنقاذ روسيلا بإخراجها من المنزل في اليوم التالي. وقد استُمع إلى القضية المرفوعة ضد الطبيبة لأول مرة في 13 نوفمبر وهي الآن بانتظار المحاكمة. 

سردت روسيلا محنتها لـ Migrant-Rights.org من مأوى النساء المؤقت في مدينة الكويت حيث تقيم حاليًا.

حيث تقول: "لقد وصلت إلى الكويت يوم 26 فبراير، وأخذني صهر صاحبة العمل إلى منزلها في 2 مارس. وعندما وصلت لأول مرّة كانت هناك سريلانكية وفلبينية أخرى تعملان هناك.   غادرت السريلانكية في غضون بضعة أيام من وصولي. لم أفهم بالكامل ماذا كانت المشكلة أو من هم الأشخاص الذين أعمل لصالحهم".

أخبرت العائلة الخادمتين الأخريين أن "المدام" كانت مريضة وقضت في المستشفى 10 أشهرٍ وأنها عادت للتو إلى المنزل. 

إساءة وتعذيب منذ اليوم الأول

"عندما بدأت العمل كانت المدام قد عادت للتو. ومنذ اليوم الأول، وكل يوم، كانت تضربني وتضرب الفلبينية الأخرى. وفي اليوم الأول نفسه قلت إني أريد أن أعود. وكانت تضربني أيضًا على أعضائي الخاصة وتنعتني بالفلبينية القذرة". كان "بابا" يقول باستمرار: "أرجوكِ تجاهلي المدام، إنها جيدة جدًا". تجاهلي فقط..."

تقول روسيلا إن "بابا" كان "جيدًا جدًا" وإن ردة فعله في كل مرةٍ كانت "المدام" تعذب العاملات كان "التجاهل". 

وفي يونيو، وبالكاد بعد مضي ثلاثة أشهرٍ منذ بدء روسيلا العمل، ضربت "المدام" روسيلا بكفّها وبالمقبض الخشبي لسكّينٍ، لتترك علاماتٍ على ظهرها.

"ضربت الفلبينية الأخرى بمصفاة الطعام. وقد أرسلت صورة إلى وكالتي في الفيليبين طلبًا للمساعدة. وأخبرت السيدة أيضًا أني اشتكيت. وغضبت لذلك كثيرًا. كان السيّد يتوسل إلي بأن أسحب الشكوى ولكني لم أفعل".

وقد كلفت إدارة العمالة الفلبينية في الخارج بأن يكون لدى جميع العمال المنزليين العاملين في الخارج حساب على الفيس بوك حتى تتمكّن من رصد سلامتهم.  

وبعد أن قدّمت روسيلا الشكوى، "فقدت" هاتفها.

"قالت السيدة إنه لا بد أن أحدهم سرقه من غرفتي. كان لدي جهاز لوحي أخفيه في المطبخ، ولذلك أستطيع استخدام فيس بوك مسنجر".

وتقول شيتو، وهي عاملة اجتماعية لدى سانديجان، وهي مجموعة مجتمعية فلبينية، إن الوكالة أبلغت السفارة بالشكوى، ولكن قضية روسيلا ضاعت من بين العديد من الحالات الأخرى ولم تتم متابعتها.

وخلال الأشهر التي عملت فيها روسيلا هناك وأثناء تعرّضها للتعذيب وسوء المعاملة، لم يكن بحوزتها أي دليل على أن سيدتها قد أدينت بالفعل في قضية أخرى تخص فانيسا، وهي عاملة منزلية من مدغشقر وأنه لم يُعف عنها إلا مؤخرًا بعد تسوية بقيمة 100 ألف دينار.  

وبدأت الأسرة تشعر بالضغط إزاء شكوى المرأتين كلتيهما من سوء المعاملة ومطالبتهما بتحرير عقدي عملهما.

تعتقد شيتو أن الأسرة كانت حريصةً على إرسال العاملتين قبل قيامهما برفع قضية ضدهم إلى الشرطة. وفي 2 نوفمبر، أرسلت العاملة المنزلية الأخرى التي كانت تعمل لدى العائلة منذ ثمانية أشهرٍ إلى بلادها.

وعندما عثر الجيران على روسيلا، حاولوا أيضًا إرسالها إلى بلادها. حرصت سانديغان وجمعية العمل الاجتماعي (منظمة غير حكومية كويتية) على تجنب ذلك، حيث إن إعادتها إلى الوطن ستعفي فعليًا الأسرة من جرائمها، ورفعتا قضيةً ضد أصحاب العمل.   

الإنقاذ

بلغت الأمور ذروتها بدءا من 9 نوفمبر. 

خرجت الطبيبة وطلبت من روسيلا تنظيف غرفة ابنتها.

"حاولت، ولكن الغرفة كانت مقفلة. كانت السيدة وابنتها تتشاجران طوال الوقت، ولا بد أنها قد أقفلتها. ولذلك بدأت بتنظيف البرّاد. عادت السيّدة وسألتني عن السبب في عدم تنظيفي الغرفة، ورفضت الاستماع إليّ عندما قلت إنها كانت مقفلة".

وحينها أصبحت صاحبة العمل وحشًا شرسًا.

"بدأت تركلني وتبصق علي ورمت عليّ كل الأوعية البلاستيكية. وسحبتني من شعري وشدّت فمي وخدشته، وبدأت أنزف. ثم شدّت ملابسي ومزّقتها. ثم طلبت مني أن أغير ملابسي".

رفضت روسيلا، وأصرت أنها ستري "السيد" الأذى الذي أصابها عندما يعود. 

"ثم بدأت تهددني. وقالت إن السيد لا قيمة له، وأخذت مقصًا وقصت ملابسي ثم هددت بأن تجرح نفسها وتنتحر".

خرجت روسيلا من المنزل مذعورة إلى الطريق الرئيسي وحاولت إيقاف سيارة أجرة لتأخذها إلى السفارة. لم يتوقّف أحد سوى سيارة خاصة لم يقم سائقها إلا بإعادتها إلى باب منزل صاحبة العمل.  

في هذه المرحلة، لاحظ الجيران أثناء عودتهم إلى المنزل حالة روسيلا وحاولوا التدخّل. طلب الجيران التحدث إلى روسيلا والتحقق من أنها على ما يرام. ولكن صاحبة العمل رفضت وحاولت دفعها إلى داخل المنزل.

"بعد ذلك قبّلتني السيدة واحتضنتني وكانت تقول باستمرار "روسيلا، أنت ابنتي"". لقد كانت تمثّل فقط. ثم أدخلتني المنزل قسراً على الرغم من أن الجيران كانوا يحاولون مساعدتي". 

اتصل الجيران الخائفون على سلامة روسيلا بالجمعية الاجتماعية للعمل، والتي أنقذت روسيلا جنبًا إلى جنبٍ من سانديجان من هذا الموقف. وقد لفتوا انتباه الشرطة مباشرةً إلى القضية. 

تقول شيتو: "نظرًا إلى معرفتنا بأنهم سيحاولون إرسالها إلى الفيليبين بين عشية وضحاها، بقيت خارج المنزل أتواصل معها على فيس بوك مسنجر".

وفي اليوم التالي لرفع الشكوى، أخذت الشرطة روسيلا من المنزل وأحضرت الطبيبةَ وزوجَها (الكفيل القانوني) للتحقيق.

تُركت روسيلا في الغرفة التي وضعت فيها المعتدِية عليها نفسها أثناء إجراءات التحقيق مع أصحاب العمل.

"لم يكن ذلك مقبولاً على الإطلاق. إذ كانت تبدو مذعورةً جدًا وترتجف عندما دخلت صاحبة العمل" بحسب أحد العاملين الاجتماعيين الذين تدخّلوا لإخراجها من هذا المحيط.

وحينها فقط أدركت روسيلا أن "سيدتها" لم تكن في المستشفى لمدة 10 أشهر بل في السجن. 

"ظلّ الصهر يطلب مني أن أسامح السيدة، ذلك أنها خرجت من السجن للتوّ ولا يمكنها أن تعود إليه. قالوا إنهم سيدفعون إلي المال ويعيدونني إلى بلادي. ولكني أريد أن أكافح في هذه القضية ثم أعود إلى زوجي في الوطن، فهو مريض". 

بما أن الزوج كان الكفيل القانوني لروسيلا، وبما أن اسمه كان مكتوبًا على تأشيرتها، لم يدرك العاملون الاجتماعيون الذين كانوا يساعدونها بأن السيدة المعنيّة هي نفسها التي تصدّرت إساءتها الوحشية إلى فانيسا، وهي عاملة منزلية أخرى، الصحف منذ سنوات قليلة إلا بعد التحقيق.  وكانت العاملة الاجتماعية على صلةٍ بالقضية الأولى ضد الطبيبة.   

حيث التمست الأخيرة العفو بعد الموافقة على دفع 100 ألف دينارٍ كويتيٍ لفانيسا. 

ولكن العفو لم يلغِ الإدانة، ولكنّه قصّر مدة البقاء في السجن فقط. ومع ذلك، عادت إلى عملها القديم وتابعت العمل طبيبةً في المستشفى. 

وكان النائب قد رفع قضية تهريبٍ واعتداءٍ جنسيٍ ضد أصحاب العمل لصالح روزيلا. 

وتكافح مؤسسة المساعدة القانونية الإنسانية في متابعة القضية بالنيابة عن روسيلا.