في 20 يناير / كانون الثاني، عندما نزل الركاب من على متن الطائرة بعد انتهاء الرحلة المتجهة من مدينة مانيلا إلى مدينة الكويت توجّهت 35 عاملةً منزليةً نحو منطقة مطوقة بجوار الركن المخصص لإصدار التأشيرات .وقد كانت تلك العاملات آخر دفعة من أصل بضع مئاتٍ من الفلبينيين الذين استطاعوا الوصول إلى الكويت. سبق ذلك بيوم واحد إعلان الفلبين عن قرارها تجميد منح شهادات التوظيف في الخارج للمواطنين الذين يعتزمون السفر إلى الكويت. ولم يقتصر الحظر فقط على العمالة المنزلية، مثلما هو الحال بالنسبة للحظر السابق، بل شمل أيضا العمالة الفلبينية في الخارج في جميع القطاعات.
و لم يستثني الحظر إلا العمال ذوي الخبرة والذين تمكنوا من الحصول على شهادات توظيف في وقت سابق مما يخول لهم مزاولة وظائف جديدة أو العودة إلى وظائفهم القديمة في الكويت.
و خلال العامين الماضيين تم تصعيد الضغط من قبل السلطات الفلبينية من اجل تحسين معاملة الفلبينيين فى الخارج و توفير الحماية لهم خاصة على اثر نشر العديد من التقارير حول الانتهاكات التي وقع رصدها ضد العمالة الفلبينية. و بحسب مصادر في سفارة الفلبين في الكويت، بلغ عدد العمال المتضررين المقيمين في مأوى السفارة غير الرسمي أكثر من 500 عامل في عام 2017. كما تم إيواء العديد من النساء الفلبينيات الهاربات اللاتي وقعن ضحية الاستغلال و سوء المعاملة في الملجأ الذي تديره الحكومة الكويتية.
لقد كان العثور على جثة جوانا ديمافيليس البالغة من العمر 29 عاما ملقاة فى احد المجمدات بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. و قد ادى الحادث إلى إدانة واسعة و استنكار شديد من قبل دولة الفلبين.
و فورا أعلنت الفلبين عن قرارها إعادة اكثر من 10 ألاف من مواطنيها المتضررين إلى ديارهم على حساب الحكومة الخاص.
ووفقا لتقارير إعلامية صرح الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي بأن أصحاب العمل العرب يغتصبون العاملات الفلبينيات لديهم بصورة اعتيادية ويجبرونهن على العمل لمدة 21 ساعة كل يوم ويطعمونهن من بقايا الطعام. "هل يوجد خلل ما في ثقافتكم؟ "هل ثمة مشكلة ما في قيمكم؟
لم تتقبّل الكويت الحظر ولا تعليقات الرئيس بصدرٍ رحب. حيث يعمل أكثر من 250 ألف فلبيني في تلك الإمارة، جلّهم ينشط في قطاعات العمل المنزلي والخدمات والبيع بالتجزئة.
و قال وزير خارجية الكويت الشيخ صباح خالد الصباح: "إن هذا التصعيد لا يخدم العلاقات بين الكويت والفلبين. ونحن نستنكر تصريحات الرئيس الفلبيني، وخاصة ونحن نتواصل مع الفلبين على أعلى مستوى لشرح كل ظروف العمالة الفلبينية في الكويت".
رغم أن السخط الفلبيني، الذي بلغ ذروته عقب الحادثة، لم يكن من ردود الفعل المستبعدة انذاك إلا أن الحظر لن يؤدي بالضرورة إلى تحسين أوضاع العمال. وخلال زيارة أجراها فريق عمل Migrant-Rights.org إلى وكالات توظيف ومكاتب حكومية في مانيلا بعد تطبيق الحظر تم العثور على جموع كثيرة من العمال الفلبينيين الذين كانوا ينتظرون السفر إلى الكويت. كما أن جل هؤلاء العاملين كانوا قد أتمّوا جميع الإجراءات الرسمية وكانوا بانتظار التصريح النهائي الذي يثبت أهليتهم لركوب الطائرة.
وعلى الرغم من إطلاع العمال على الحظر إلا أنهم كانوا مصممين على السفر وكلهم أمل إما في أن يتم رفع الحظر الرسمي أو أن يعثروا على طريقة بديلة للسفرٍ.
تشير تقارير سابقة إلى أن أشكال الحضر هذه لا تؤدي سوى إلى تشجيع الهجرة غير الشرعية، وهو ما يعرض العاملين لمخاطر أكبر.
ولكن في ظل الضائقة الشديدة التي يعاني منها العمال المهاجرون ذوو الدخل المنخفض في الكويت، فضلاً عن عجز الحكومة الكويتية عن معالجة هذا الوضع، يبدو أن الخيارات ستضل محدودة.
وحتى مع تصاعد حالة الجمود بين الكويت والفلبين، لازال عشرات الآلاف من العمال يلتمسون الحصولَ على تصريحٍ بموجب قرار العفو الكويتي الجاري. وكما هو الحال في حملة سعودية مشابهة، يبدو أن هذا العفو لا يؤدي سوى إلى "تخليص" الكويت من العمال العالقين بدلاً من إيجاد حل للمشكلة أو معالجتها بطريقة تهدف إلى إنصافهم.