لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

الكويت تمدد العفو عن مخالفي الإقامة: بداية انفراج أزمة أم بوادر طريق مسدود؟

في 5 مارس 2018

وفي 29 يناير / كانون الثاني، أصدرت وزارة الداخلية الكويتية مرسوما أعلنت بموجبه عن قرار عفو ​​عن العمال الذين انتهت مدة إقامتهم و هو ما يسمح لهم بالعودة إلى أوطانهم دون عقوبات. ومن المتوقع أن يستفيد من قرار العفو حوالي 130،000 من العمال المهاجرين المخالفين للإقامة، من بينهم 7000 موظف يعملون في مؤسسات الخرافي.

وفى الاسبوع الماضي صرحت وزارة الداخلية بتمديد مدة العفو من 22 فبراير الى 22 نيسان في خطوة يفترض أن تكون في صالح العمال. ولكن في واقع الأمر غالبا ما يضطر العمال إلى مغادرة البلاد و التخلي عن مستحقاتهم من أجل الاستفادة من العفو.

معظم العمال الذين ادلوا بشهاداتهم لموقع Migrant-Rights.org تحدثوا بنبرة يعتريها الحزن و الخيبة بدلا من الارتياح و التفاؤل. خان، وهو موظف سابق في مجموعة الخرافي، تحدث إلينا قائلا:  "لقد عملت لدى مجموعة الخرافي الوطنية لأكثر من 11 عاما. وفجأة و بدون سابق إنذار قاموا بخفض راتبي لمدة 11 شهرا تقريبا. و حتى هذه اللحظة لازلت انتظر الحصول على مستحقات تسوية بقيمة 50000 دينار كويتي (ما يعادل 8300 دولار أمريكي). قد يبدوا المبلغ صغيراً بالنسبة للبعض ولكنه بالنسبة لي مصدر الرزق الوحيد لأعيل أسرتي ". 

 

تعمل السفارات على توفير الدعم المادي للعمالة الوافدة من خلال مساعدتهم لاقتناء تذاكر سفر العودة إلى ديارهم، فضلا عن تقديم مواد غذائية و توفير المأوى. وتفيد شهادات العاملين الذين تحدثنا إليهم و بعض التقارير الإعلامية أن حوالي 000 5 عامل قد انتفعوا بقرار العفو خلال الأيام الخمسة الأولى.

لا زال الكثير من العمال ممن يسعون إلى العودة إلى ديارهم في أمس الحاجة إلى الدعم، و قد ارتفع عددهم بشكل ملحوظ. و قال مسئول من السفارة الهندية: "لا زلنا نعمل في عطلة نهاية الأسبوع حتى 5 مساءا ويوجد الكثير من العمال الذين تقطعت بهم السبل إلى أوطانهم . لا يعقل أنه لم يتم اتخاذ اي اجراء منذ اكثر من عام ".

وتعمل المنظمات المحلية، بما في ذلك الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، وجمعية كيرالا أرتلوفرز، والمتطوعون المستقلون، على تزويد العمال بالتموينات الغذائية و غيرها من أشكال الدعم اللازم.

وأعربت مجموعة تضم أكثر من 150 عاملا عن خوفها و قلقها إزاء ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل، و هم يرددون نفس العبارة باستمرار: "لماذا يتم تجاهلنا؟"

يقول "كوتي"، أحد موظفي مجموعة الخرافي: "كل ما نريده هو أن يعيرنا العالم اهتماما. لا زلنا مصطفين في شوارع الخليج العربي، نجلس هنا على الأرض في انتظار جوازات السفر الطارئة أو تذاكر الطائرة. نحن لاجئون. كل ما نريده هو أن يتم الإصغاء إلينا".

ويعتقد عامل مجتمعى من السفارة الفلبينية أنه يتعين ممارسة مزيد من الضغط على الحكومة الكويتية لضمان حقوق العمال: "يفقد الكثير من الناس منازلهم بعد أن يصبحوا غير قادرين على تسديد ديونهم. كما يتم طرد أفراد  أسرهم في الفلبين من منازلهم. ماذا بوسعهم أن يفعلوا لكي يسددوا مستحقات البنك؟"

كما أكد العامل المجتمعي أن الحكومة الكويتية لا تتعامل بجدية مع الأزمة: "يجب اتخاذ إجراءات فاعلة وإلا فإننا لن نعامل أبداً كبشر. نحن لا نريد أن نعامل معاملة الحيوان. نحن نعمل بجد و لا ندخر مجهودا للمساهمة في دفع عجلة النمو في هذا الوطن مثلما يفعل أي شخص أخر. فلماذا يتم اهدار حقوقنا؟ "

غالبية العمال تركوا بلدانهم مقابل رواتب تتراوح بين 70 و 150 دينارا كويتيا (230-500 دولار أمريكي). و عودة هؤلاء إلى ديارهم دون تسوية أوضاعهم تعني فتح الباب على مصراعيه أمام أزمة جديدة ناجمة عن خطر فقدان منازلهم و عجزهم عن تعليم أبنائهم و كذلك عدم قدرتهم على إيجاد عمل أخر.

و بعبارات يكسوها الألم و الانكسار يقول أحد العمال: "المستفيد الأكبر من قرار العفو هم أصحاب الشركات في الكويت و ليس العمال. ولكن ليس باليد حيلة غير الاستسلام إلى الوضع ".

و يتفاوت حجم الدعم المالي الذي تمنحه السفارات للعاملين الذين يسعون إلى الاستفادة من العفو. فعلى سبيل المثال تمكنت السفارة الهندية من منح العمال 40 دولارا أمريكيا بالإضافة إلى جوازات سفر طارئة و تذاكر عودة فورية إلى الوطن. ولكن من أجل الاستفادة من العفو يتم إجبار العمال على المغادرة دون تلقي مستحقاتهم.

كما قدمت السفارة الفلبينية الدعم للعمال الراغبين في الانتفاع بالعفو لكنها اتخذت موقفا قويا ضد عدم تحمل الحكومة الكويتية لمسئولياتها و قررت وقف تصدير العمالة الى الكويت.

خلال العام الماضي وجد العمال أنفسهم على المحك بسبب تراكم الديون المصرفية و نقص الرعاية الطبية بالإضافة إلى شح المواد الغذائية. و رغم قيام السفارة الهندية بإنشاء مخيم طبي في قاعدة الخرافي إلى أن بعض العمال كانوا في أشد الحاجة إلى علاج طبي لمشاكل صحية خطيرة ظلت تهدد حياتهم.

وقال مسئول في السفارة الهندية: "بعضهم يعانون من نوبات قلبية، و البعض الأخر تعرضوا لحالات اكتئاب حاد. و قد فقد اخرون حياتهم في خضم هذا الصراع.  أذكر جيدا مشهد ذلك الرجل الذي كان ينتظر جواز سفر الطوارئ في الدور الاعلى. لقد أصيب بشلل نصفي  و فقد قدرته على الحركة فجسده لم يقدر على تحمل حالة الضغط النفسي التي أفرزها هذا الوضع. لقد تبخرت كل أحلامه و ذهبت كل مجهوداته في العمل هباءً منثورا. لا يمكن أن نحمله مسؤولية ما حدث. كيف يمكن للحكومة أن تدير ظهرها لهؤلاء المساكين؟ "