لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

تقييم نموذج العقد الموحد الجديد للعمالة المنزلية في البحرين

في 15 مارس 2018

أعلنت هيئة تنظيم سوق العمل في مملكة البحرين في سبتمبر 2017 عن بدأ تنفيذ العقد الثلاثي للعمالة المنزلية الذي يتضمن صاحب العمل ومكاتب الاستقدام والعامل المنزلي (خدم المنازل ومن في حكمهم)، وذلك اعتباراً من أول أكتوبر/1 تشرين الأول 2017.

وفقاً للنظام الجديد يتوجب على صاحب العمل الذي ينوي توظيف عامل منزلي أن يحدد طبيعة العمل بصورة أدق وبالأخص الواجبات المتوقعة للعامل وفترات الراحة اليومية والإجازة الأسبوعية وغيرها من النقاط متعلقة بظروف و بيئة العمل.

في حين أن البحرين هي الدولة الأخيرة، مقارنة بباقي دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء عمان، التي طبقت نظام العقد الموحد إلا أنها الدولة الأولى والوحيدة في المنطقة التي قامت بإدراج العمالة المنزلية جزئياً ضمن قانون العمل الخاص بالمملكة.

تجدر الاشارة إلى أن قوانين العمالة المنزلية في البحرين لا تستجيب للمعايير التي وضعتها منظمة العمل الدولية لتنظيم هذا القطاع. ولا توجد لوائح حاسمة لحماية العمال أو تدابير الزامية لضمان حقوقهم مثل ضبط الحد الأدنى للأجور وتحديد ساعات العمل ثابتة وضبط فترات الراحة اليومية والإجازات الأسبوعية. فالعمال المنازل هم الأكثر عرضة لظروف مضنية بسبب ساعات العمل الطويلة، حيث يجبر الكثيرين على العمل لمدة قد تصل إلى 19 ساعة في اليوم الواحد ودون عطلة أسبوعية.

لقد أشاد الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل بالعقد الجديد كحل "جذري" للتصدي للممارسات المسيئة ضد عمال المنازل لكن وعلى الرغم من أن العقد يوضح بعض التزامات أصحاب العمل ووكلاء التوظيف إلا أنه لا يمنح عمال المنازل حماية قانونية عادلة ومنصفة.

وتشير أحدث التقديرات إلى أن اﻟﻌﺪد اﻹﺟﻤﺎﻟﻲ ﻟﻌﻤﺎل المنازل ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ قد بلغ 100058 عاملا (إناثا و ذكورا) ﻓﻲ ﻋﺎم 2017. وبحسب الإحصائيات بلغ عدد الاناث ضمن هذه الفئة 76249 عاملة

بموجب العقد الموحد الجديد ينبغي على أصحاب العمل توضيح شروط العمل التالية:

يحدد القسم الأول من العقد عدد ساعات العمل وفترات الراحة اليومية وكذلك الإجازة الأسبوعية داخل المنزل وخارجه والأجور المتفق عليها مقابل المهام المطلوبة. كما يتضمن العقد معلومات حول مكان إقامة صاحب العمل وعدد أفراد أسرته. وتتضمن الوثيقة بيانات حول طبيعة المهام الموكلة إلى العامل مثل التنظيف والغسيل والطبخ ورعاية كبار السن.

 عندما ينتهي صاحب العمل من ملء بيانات القسم الأول من العقد تقوم وكالة الاستقدام بإرسال نسخة عن المعلومات الواردة فيه إلى العامل المنزلي أو إلى احدى الوكالات الشريكة في الخارج. ويتسنى للعامل بعد ذلك رفض أو قبول العقد العمل قبل مغادرة بلده. ويعتبر إنجاز هذه الخطوة من المراحل الهامة والإيجابية لضمان اطلاع العامل على طبيعة المهام وظروف الإقامة وبيئة العمل والأجور التي سيحصل عليها مقابل أداء المهام المطلوبة.

ولكن المشكلة الحقيقية في هذه المرحلة يكمن في صيغة ترجمة العقد والمعلومات الممررة إلى العامل من قبل موظفي مكاتب الاستقدام حيث يتولى هؤلاء القيام بتلك الخطوات وهو ما يترك مجالا لتضليل عمال المنازل بشأن شروط العمل في بلد المقصد.

تعزيز الشفافية مقابل غياب ضمانات جديدة لحماية عمال المنازل:

لا يتضمن العقد الموحد بيانات حول شروط عمل جديدة تلزم أطراف العمل على التقيد بها. لذلك فان صاحب العمل يبقى الطرف المسئول عن تحديد ساعات العمل والحد الأدنى للأجور وأوقات الراحة، وهي شروط من المفترض أن يقع تحديدها بالرجوع إلى قوانين العمل المعمول بها.  يعتبر عدم ضبط الحد الأقصى لساعات العمل وفترات الراحة اللازمة تجاوزاً خطيراً لأحكام الجزء السابع من قانون العمل البحريني، (الذي لا ينطبق على العمالة المنزلية) والذي ينص على أنه لا يجوز تشغيل العامل أكثر من ثمانية ساعات عمل في اليوم على أقصى تقدير.

 

ومن المقرر أن يقع إدراج عمال المنازل ضمن نظام حماية الأجور الذي تم الإعلان عنه مؤخرًا، والذي من المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ بشكل تدريجي اعتبارًا من مايو 2018.

الآليات اللازمة لضمان تطبيق القانون:

 تكمن أهمية العقد الموحد أساسا في إطلاع العمال على ظروف العمل قبل أن يتم توقيع العقد. و تعد هذه الخطوة مهمة للحد من عمليات التحيل في سوق العمل وكذلك منع استبدال العقود و استغلال العامل. ومع ذلك فإن غياب آليات لتنفيذ بنود العقد يجعل من الأهداف الآنف ذكرها إلى حد كبير صعبة التحقق على أرض الواقع. إذ لا يحظى مفتشو العمل بسلطة حقيقية لتفتيش المنازل والمساكن الخاصة كما أن العقد لا يخضع لأحكام قانون البحرين بشأن التفتيش العمالي وقانون السلطة القضائية.

وتنص المادة (177) من الجزء السادس عشر لقانون التفتيش العمالي على ما يلي: يكون للموظفين الذين يعينهم الوزير للقيام بأعمال التفتيش والتحقق من تنفيذ أحكام ً له سلطة دخول أماكن العمل والطالع على السجالة هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا المتعلقة بالعمال وطلب البيانات والمعلومات والمستندات اللازمة للقيام بأعمال التفتيش.

تعتبر آليات الإنفاذ ضرورية في ظل الصعوبات التي يواجهها عمال المنازل للإبلاغ عن حالات الإساءة أو خرق بنود العقد الموقع مع صاحب العمل. حيث أن غالبية هؤلاء لا يغادرون منازل مستخدميهم (و هو شرط يتم تحديده في العقد) حتى نهاية مدة العمل خشية أن يتعرضوا للانتقام من قبل أصحاب العمل، كما أن الحواجز اللغوية وغياب الوعي بخصوص حقوق العمال وقوانين العمل يقلل احتمالية الإبلاغ من العمال المنازل عن حالات سوء المعاملة.

ودعا ممثل الاتحاد العام لنقابات العمال في البحرين كريم راضي إلى ضرورة تبني تدابير تنفيذ أكثر نجاعة، بما في ذلك مراقبة اماكن توظيف العمالة المنزلية.

يعتبر العقد الموحد خطوة في الاتجاه الصحيح في تاريخ قانون تنظيم سوق العمل في البحرين. ولكن إذا ما لم يتم تدارك النقائص المشار إليه أعلاه فإن هذا العقد لن يكون سوى وثيقة عمل غير قابلة للتنفيذ الفعلي بدلا من أي حلا "جذريا" لواقع العمالة المنزلية في البحرين.