تحدي نموذج عمالة المنازل المقيمة الراسخ في الخليج
تعتبر عمالة المنازل المقيمة من أكثر النماذج شيوعا في المنطقة، حيث تكون ملايين العاملات تحت رحمة صاحب العمل واسرته. فماهي الخيارات المتاحة لهذا النموذج الشائع؟
تعتبر عاملات المنازل حول العالم، وخصوصاً هؤلاء اللاتي يعملن في الخليج – 3.77 مليون عاملة في 2016 – من أكثر الفئات العمالية تعرضاً للعزلة والاستغلال. ولا يزال تنظيم هذه الفئة قليل وغير رسمي، فيما لا تعدو القوانين القليلة الموجودة في هذه الدول كونها محاولة لضم مجموعات من هذه العمالة تحت إطار أكثر ميلاً نحو الاستغلال. وبالإضافة إلى ذلك فإن إصلاحات نظام الاستقدام الأخيرة تهدف إلى تخفيض التكلفة على صاحب العمل أكثر من حمايتها لحقوق العمال.
ويعتبر نموذج عمال المنازل المقيمين هو النموذج الغالب في المنطقة، حيث يقيم هؤلاء في منزل الأسرة التي يعملون لديها. وفي معظم دول الخليج، مع بعض الاستثناء في الإمارات والبحرين، تعتبر إقامة عمال المنازل مع الاسرة التي يعملون لديها هو الخيار القانوني الوحيد المتاح لاستقدامهم. ولذلك فإن ملايين عمال المنازل يجدون أنفسهم تحت رحمة صاحب عمل واحد وأسرته ومجبرين على العيش بدون خط فاصل بين العمل والحياة الشخصية. وإذ نجد أن غالبية هؤلاء هم من الإناث فهذا يجعلهم عرضة للأعراف الأبوية في بلدي المنشأ والمقصد. وهذا يؤدي إلى إضفاء الطابع الجنسي على طبيعة عملهم، واتخاذ دور الوصي على أخلاقهم ومحاولة تقييد حركتهم بحجة حماية "الثقافة".
ويعتبر النقاش حول نماذج العامل المقيم مع أو خارج منزل صاحب العمل هو ذاته الجدل حول كيفية إدارة علاقات العمل وحريات عمال المنازل. مع العلم أن أي خيار فعّال هنا سيكون بمثابة إضعاف لنظام الكفالة وبالتالي فإنه سوف يقابل بالمقاومة.
احتكار مكاتب الاستقدام وأصحاب العمل
لم تنجح المحادثات الثنائية، أو الإصلاحات التشريعية في كسر هذا النموذج، الذي اكتسب قوة راسخة بين مكاتب الاستقدام وأصحاب العمل فيما لا يملك العامل أو العاملة من أمر نفسه شيئاً. وبرغم الانتهاكات المبرمجة التي يعززها هذا النظام إلا أنه لا يوجد تظافر في الجهود لتغيير هذا النموذج.
وعارضت، الرئيسة التنفيذية لمنصة العمل (PLA) في أوغندة، جريس موكاوايا، بشدة أنظمة إقامة العاملات الإجبارية مع الأسر التي يعملن لديهن مشيرة إلى "أن ذلك من شأنه أن يعزل العاملة عن العالم حتى مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي والأنماط التكنولوجية الأخرى، وهذا الانعزال يؤدي إلى إضعاف وضع العاملات."
ومن بين أهم الأمور المقلقة كما وجدتها موكاوايا، عدم قدرة العاملات على تحديد ساعات العمل، كما أن عزلتهم تحرمهم من الوصول للمعلومات وخدمات الدعم في حال الحاجة لها بسبب بقائهم في أماكن عملهم 24 ساعة طيلة أيام الأسبوع. وقد خلص مسح أُجري في 2017 أنه، عدا تعرضهم لمخاطر الهجرة، فإن العاملات المقيمات تعرضوا لانتهاكات متعددة، بما في ذلك الانتهاك الجسدي، والتحرش الجنسي وساعات العمل الطويلة. وبرغم أن المسح الأساسي أجري على عاملات منازل في أوغندة، إلا أن خبرتها من العمل مع عاملات مهاجرات في الخليج عكست الأوضاع نفسها.
وبرغم أن العمالة المقيمة هي الخيار الوحيد لعمالة المنازل الاعتيادية في الخليج، إلا أن أمين عام الاتحاد الدولي لعمال المنازل (IDWF)، إليزابيث تانغ، لا ترى أن هذا الأمر احتل الأولوية المناسبة بالنسبة للجنة التنفيذية بالاتحاد. " ففي قطر، على سبيل المثال (حيث يوجد للاتحاد شركاء هناك)، تتقدم الاجازة الأسبوعية، والحد الأدنى للأجر وإلغاء تأشيرة الخروج، الدفع لمنح العاملات حق السكن خارج مسكن العائلات التي يعملن لديها. والأهم هنا، ترابط جميع القضايا التي رفعتها عاملات المنازل"
وقد يكون ذلك بسبب ارتفاع كلفة السكن في الخارج، إذ أن كلفة المعيشة في قطر تعتبر مرتفعة، كما هي في سائر دول الخليج.
وربما لا يكون الأمر صعباً ويشكل ضغطا كبيرا على موارد العاملات لو أنهن كن يكسبن أجوراً عادلة. إلا أن مستوى الحد الأدنى للأجور والذي يحدد ثنائياً بين دول المنشأ ودول المقصد ويتراوح ما بين 180 دولار أميركي و400 دولار يجعل هذا الخيار صعب المنال.
ماذا تريد العاملات؟
تقول تانغ: "إنهن يجبرن على العيش في مساكن الأسر بسبب أنهن لا يمنحن خياراً آخر. ذلك رغم أنه لا بد من توفّر خيار العيش بحرية في الأماكن التي يخترنها. فهن يجدن تجمعاتهن، عائلاتهن وأصدقائهن ويكون بأيديهن صنع خياراتهن. لا يمكن تجريم ذلك بأي شكل من الأشكال.".
وهذا ما نراه تحديداً بين العاملات اللاتي يتركن أماكن عملهم التي يتعرضن فيها لانتهاكات، على أمل إيجاد مكان آخر يحققون من خلاله أهداف هجرتهن أساساً، إما بإرادتهم أو رغماً عنهن. وتعلم العاملات أنه سيتم تجريم فعل تركهن منزل صاحب العمل، البعض يظل حذراً بالانتقال في المناطق الآمنة في محاولة لإيجاد صاحب عمل يتغاضى عن وضع الإقامة غير القانوني. وعلى سبيل المثال، في أحد لقاءاتنا في مأوى الكويت الوطني، وجدنا مجموعتين من العاملات، الأولى قصدوا المأوى بإرادتهن إذ لا يودون في المواصلة تحت الوضع غير القانوني كما أنهن يرغبن في العودة إلى أوطانهن، أما المجموعة الأخرى فقد تم القبض عليها من قبل الشرطة بسبب عدم توافر الوثائق القانونية.
وتقول تانج: "في سبيل استكشاف البدائل، قامت اليابان بتجربة نموذج في منطقتين، حيث يتحمل مكتب الاستقدام مسئولية مكان الإقامة وتوفير السكن، إلا أن هذه العينة من العمال كانت صغيرة بحيث لم يكن بوسعنا استخلاص أي نتائج منها."
وتقول آن أبوندا، من اتحاد سانديغان للعمالة المنزلية بالكويت:" حتى مع تطبيق أفضل القوانين، يظل نموذج العاملة المقيمة من النماذج التي تواجه مشاكل." وتؤكد أبوندا على أهمية أن تعمل الحكومات على خلق ثقافة استقلالية عمال المنازل، وهو النموذج غير المتوفر في كل دول المنطقة. وتبدو الحكومات حالياً أنها تعمق الاعتمادية على هذا النموذج من خلال إيجاد عمالة منازل متوفرة ورخيصة.
فيما تقترح موكاوايا قلب النموذج الحالي: "على دول الخليج أن تؤسس لشركات تقدم خدمات التنظيف، والرعاية المنزلية والتدبير المنزلي، وأيضاً مراكز رعاية يومية للأطفال. كما أنه على مكاتب الاستقدام توفير خدمات الإقامة لعاملات المنازل."
وحيث أن بعض نماذج العمالة هذه ممكن تحقيقها بشكل أسهل من الأخرى، فإن نقل المسئولية من صاحب العمل الفردي إلى شركة أو مكتب استقدام سوف لن يؤدي إلا إلى نقل المسئولية على الجانب الآخر، ولن يتم تدارك الأمر من خلاله، ذلك أن النظرة للعمل المنزلي على أنه عمل وضيع ولا يتطلب أي مهارات، وبالتالي فإن النظرة لمن يساهم في هذا القطاع هي عدم القدرة على ممارسة الوكالة. كذلك، فإنه وإن امتدت مظلة القانون لتشمل العمال، فإن أسوأ أنواع الكفالة لا تزال مطبقة، ولا تزال الشركات قادرة على تكبيل حرية حركة العمال.
استكشاف البدائل
شركات التنظيف
أية نقاشات تدور حول الخيارات ترسى بثبات على نموذج شركات التنظيف
تكتسب شركات التنظيف شعبية في دول المنطقة، إلا أنها تعمل في المنطقة الرمادية للقانون، فهي إما غير منظمة بشكل جيد، أو أنها غير منظمة أساساً. وهذه الشركات توظف العمال تحت مظلة قانون العمل، وليس على تأشيرة إقامة عمالة المنازل، وغالباً ما يصل العمل على وعود بتشغيلهم في شركات ومكاتب، ومراكز التسوق، وفنادق وليس في خدمة المنازل الخاصة، إلا أنه يتم توظيفهم للعمل بنظام الساعات للأسر من عملاء هذه الشركات. وبرغم أن عمال الشركات يحظون بمزايا قانونية بسبب انضوائهم تحت قانون العمل إلا مازالوا يتعرضون للمعاملة القمعية وأوضاع معيشية مشابهة لعاملات المنازل المقيمات.
وتعتقد بعض الدول المرسلة للعمالة أن ارسال الإناث للعمل في شركات التنظيف أكثر أماناً من العمل لدى الأسر. وعلى سبيل المثال، وبحسب تقرير Migrant-Rights.org، فإن إندونيسيا منعت الإناث من الهجرة من أجل العمل كعاملات منازل، إلا أن مسئولا في وزارة القوى العاملة أبلغ منظمة حقوق المهاجرين أنهم يخططون للاطلاع على قطاع التنظيف من أجل إرسال العمال للعمل فيه. إلا أنهم لم يميزوا بين العمل في البيوت الخاصة في مقابل العمل في الشركات. "حتى وأن عملوا في المنازل إلا أنهم لن يعيشوا هناك وهذا من شأنه أن يحميهم."
ويبدوا أن كينيا، وأوغندة، وإثيوبيا لديهم ذات التصورات، لذا فهي تشجع النساء للبحث عن عمل في الشركات. إذ أن الاستقدام من قبل شركات التنظيف يجنب العاملات التوقيف واللوائح المشددة التي تطبق على عاملات المنازل.
من جانبها أخذت الفلبين الأمر لمنحى مختلف، فمنذ 2018، أوقفت معاملات إرسال العمالة لشركات التنظيف والضيافة في قطر. ويرتكز قرار الفلبين على شكاوى من عدم دفع الأجور وانخفاضها، والامتناع عن منح المزايا وخرق عقود الاتفاق.
كما ترى تانغ أن نقل مسزلية كفالة عاملات المنازل من الأسر إلى الشركات لا يعتبر خياراً جيداً قائلة: "لا يمكن ضمان معيشة لائقة في ظل عدم وجود قانون منظم لهذا القطاع."
هذه ليست مخاوف دون أساس
وقالت أبوندا:" ربما من الأفضل أن تكون هناك أماكن إقامة تدار من قبل الحكومة، يقيم فيها العمال ويعملون بالساعات كما يحددها القانون. ذلك لأن العمال في شركات التنظيف الكويتية اشتكوا من انتهاك حقوقهم.
المبادرات الحكومية
أسست الكويت شركة الدرة لتوفير عمال المنازل من المقيمات لدى الأسر، وأيضا العاملات بنظام الساعات بكلفة معقولة، إلا أنه بعد مرور حوالي أكثر من عام على عملها بدأت أوضاع الشركة تختل. وتحدث مسئول في شركة الدرة لمنظمة حقوق المهاجرين عن التحديات التي تواجه استقدام العمال وتوظيفهم فيما بعد. كما أنهم لم يتمكنوا من خفض التكاليف التي يتحملها صاحب العمل بشكل كبير. فقد تراوحت رسوم الاستقدام ما بين 875 دينار كويتي (2330 دولار أميركي) للعاملة السيريلانكية و460 دينار كويتي (1250 دولار أميركي) للعاملة الهندية. كما أن الأجور تتفاوت على أساس تمييزي.
وبرغم أن شركة الدرة أعلنت مبدئياً أنها سوف توفر العاملات من ذوي الإقامة الخارجية/ إلا أنها لم تطبق هذه الخدمة، وربما يكون أحد أسباب ذلك أن الطلب على العاملات المقيمات عالياً ولم يلبَ بالكامل حتى الآن. واشتكى مسئولاً في شركة الدرة عن صعوبات استصدار تأشيرات الإقامة لعمال دول عليهم طلب عالٍ من قبل أصحاب العمل. مشيراً إلى "أن هناك طلب كبير على العمال النيباليين والفلبينيين لكننا نواجه إما عدم وجود اتفاقيات، أو لا نحصل على العدد الكافي من تأشيرات الإقامة من الوزارة. والأمر نفسه يتكرر مع إثيوبيا. ". فبدون الخبرة وشبكة الاتصالات التي تملكها مكاتب الاستقدام التقليدية، تعثرت أعمال الشركة.
وفي الحقيقة، فإنه كان على الدرة استخدام مكاتب الاستقدام الكويتية لاستقدام العمال من الهند، بسبب عدم القدرة على تعريف مكاتب العمالة في الهند. وكانوا على وشك إعادة النظر في هذه الترتيبات في بداية هذا العام عندما تحدثت إليهم منظمة حقوق المهاجرين.
البحرين أطلقت البحرين نظام التصريح المرن في يوليو 2017، لتسمح لبعض العمال المهاجرين من ذوي الدخول المنخفضة بدفع رسوم لتأشيرة إقامة تصنف حاملها على أنه تحت "الكفالة الذاتية" أو "يقوم بعمله الخاص"، وذلك خارج نظام الكفالة التقليدي، وأيضا خارج الحماية التي يوفرها قانون العمل للقطاع الخاص. ولم يسمح رسميا لعمال المنازل بالتسجيل في هذا النظام، إلا أنه تم السماح، ولفترة محدودة في 2019، لعمال المنازل "السابقين" للتسجيل في النظام بناء على اتفاق تم ابرامه مع السفارة الفلبينية، تدفع بموجبه السفارة الجزء الأكبر من الرسوم. وتبلغ كلفة التصريح المرن 749 دينار بحريني (2000 دولار أميركي تقريباً)، ومدته سنتان – 500 دينار بحريني رسوم التصريح المرن، و144 دينار رسوم الرعاية الصحية، و15 دينار بحريني رسوم تجديد الإقامة، بالإضافة إلى 90 دينار ، بالإضافة إلى إيداع 90 دينار بحريني قابلة للاسترداد. كما يتوجب على العامل دفع رسوم شهرية مقدارها 30 دينار بحريني (80 دولار أميركي). وهذه الرسوم التي تصل إلى 4000 أميركي لعامين لا تشمل مصروفات السكن، والمعيشة والمواصلات. وهذه الرسوم تعتبر باهظة لغالبية عمال المنازل إذ تتراوح دخولهم حول 3000 دولار أميركي سنوياً.
ولعاملات المنازل الفلبينيات الذين انضموا للنظام، قامت السفارة الفلبينية بتغطية رسوم أول شهرين، كما ساهمت بدفع 545 دينار بحريني لتسديد ما يتبقى من الرسوم، الأمر الذي سهّل عملية التسجيل في النظام للكثيرين من مواطنيها. ولم يتضح ما إذا كان مسموحا لهم مواصلة العمل في خدمة المنازل.
وقال مسئول من السفارة أنه بالرغم عدم متابعتهم للمستفيدين، ففي مؤتمر تم عقده في شهر يوليو الماضي، ذكرت مجموعة من عاملات المنازل أنهن تركن العمل كمقيمات في المنازل، وأصبحن يعملن في عدة منازل أو من خلال شركات التنظيف.
وبحسب المسئول، فإن التصريح المرن هو برنامج جيد ولكنه باهظ التكلفة. "لقد رفعت الحكومة الرسوم، والكثيرين من الفلبينيين لا يتمكنون من تحمل تكلفته، أما عاملات المنازل فليس بإمكانهم التسجيل فيه. ولقد أتت المساعدات التي قدمناها المرة السابقة على موازنتنا، ولن نتمكن من تقديم المساعدة المالية هذا العام."
أما الإمارات العربية المتحدة، فتقوم باستكشاف البدائل من خلال مراكز "تدبير"، وهو نموذج مشترك بين القطاعين العام والخاص ويقدم خدمات العمالة المنزلية. ويهدف "تدبير" إلى أن يحل تماماً محل مكاتب الاستقدام، وأن يتم من خلاله، تقديم كافة الخدمات ذات العلاقة بالمنازل.
وتقدم المراكز نماذج للعمالة المقيمة على الكفالة الفردية أو كفالة المركز، كما تقدم خدمات العمل المنزل الجزئي والكامل بإقامة خارجية للعاملة وذلك على كفالة المركز. وترتفع كلفة العمل بنظام كلي وإقامة خارجية بشكل كبير بالنسبة لصاحب العمل مقارنة بكلفة العاملة المقيمة. وقد حددت وزارة الموارد البشرية سقفاً للأجر الشهري مقداره 3500 درهم للعاملة المقيمة، ولا يوجد هذا النوع من الرقابة على العاملات بإقامة خارجية. ويوضح مثال على الأجور لأحد المراكز الاختلاف في الكلفة: تبلغ تكلفة العاملة المقيمة في الخارج 5000 درهم إماراتي شهرياً، بالإضافة إلى رسوم إدارية تدفع لمرة واحدة مقدارها 8000 درهم إماراتي. وتشمل هذه الرسوم إيجار السكن، الغذاء، تجديد تأشيرة الإقامة بالإضافة إلى مصاريف أخري يتحملها عادة صاحب العمل. أما تكلفة العاملة المقيمة التي توفرها هذه المراكز فتبدأ من 2300 درهم إماراتي.
وهذه هي الرسوم الشهرية التي تدفع للمراكز وليس للعاملة. فالمركز يدفع للعاملة مباشرة أجراً منخفضاً نسبياً يتراوح ما بين 800 و1400 درهم إماراتي. مع العلم أن الأجور للعاملات المقيمات هي ثابتة وتحدد بحسب الجنسية ومذكرات التفاهم التي تُوقّع مع دول المنشأ.
أقامت قطر مؤخراً، باسم ويزا (WISA)، مشروعاً مشتركاً بين القطاعي العام والخاص يقدم خدمات العمل المنزلي ضمن جملة من الخدمات الأخرى. ولا يزال الوقت مبكراً لتقييم هذا المشروع الذي أرسي قبل وقت قصير.
العمال يتحملون المخاطرة القانونية
ومن البدائل الأخرى التي تحدث بشكل متكرر، أن يقوم العمال أنفسهم بتقييم المخاطر والمنافع وتصميم نموذجاً يتناسب مع احتياجاتهم. وهؤلاء العمال الذي يعملون أوقاتاً إضافية هم عمالة غير نظامية (يدخلون البلاد عن طريق قنوات غير عادية، أو أن يحملون تصاريح عمل منتهية الصلاحية) أو أنهم يعملون بنظام الرخص الحرة "فري فيزا"، ويقومون بالدفع لكفيل محلي للمحافظة على إقامتهم وتصريح العمل الخاص بهم ويعملون بشكل حر ومستقل. وتستخدم وسال التواصل الاجتماعي كمنصة فعالة للأعمال الشاغرة. وفي بعض الدول، كالإمارات العربية المتحدة، والتي يستطيع الزائر أن يستصدر تأشيرة زائر ومن ثم تحويلها إلى تأشيرة عمل. ويقيم العمال مع مجموعات مشابهة ويبحثون عن أصحاب عمل مختلفين للعمل معهم. وبرغم انطواء وضعهم على مصروفات شخصية أكثر، ومخاطرة أكبر إلا أن هؤلاء يقولون دائماً أن الحرية التي يتمتعون بها تستحق تحمل ما سبق. وبرغم أن "تدبير" يسمح للأشخاص الذين يحملون تأشيرة سواح بتغيير تأشيرتهم من خلال "تدبير"، إلا أن العمالة النظامية غير مسموح لها بتعديل وضعها القانون بشكل مشابه.
وتحدث عدد من العمال الأثيوبيين إلى Migrant-Rights.org عن قصصهم في لبنان والكويت "نعرف أننا سوف نعاني حتى عندما نعمل مع أفضل كفيل، ولكن عندما نقيم في مسكن مستقل، نتناول ما يطيب لنا من الأطعمة، كما نتحدث لغتنا، وهذا يوفر راحتنا، ربما الامر مكلفاً بعض الشي ولكننا نكسب أيضاً."
تحديات الإقامة المستقلة
مع استكشاف نماذج البدائل، من المهم التعرف على التحديات المرتبطة بحالات السكن الخارجي التي لا يتم الترتيب لها عن طريق شركة وسيطة. فعلى العامل أن يؤمن صاحب عمل واحد أو أكثر وأن يحافظ عليهم، وأن يتفاوض على الأجر، وأن يتحمل مصروفاته الصحية والطبية (من الممكن أن يكون باهظا في بعض دول الخليج)، وأن يحصل على السكن اللائق وأن يقوم بتغطية مصروفاته الحياتية اليومية بما في ذلك المواصلات إلى العمل.
وليس بالضرورة أن يرفع نموذج السكن الخارجي أشكال الاستغلال عن العامل من قبل صاحب العمل. فمن الممكن أن يكون العمال عرضة للانتهاك والدفع غير المنتظم. ولا بد لأي نظام تسمح به الحكومة وتدعمه، أن يقوم على عقد محدد للعمل المستقل ونظام لمتابعة التظلمات.
ومن المشاكل الأخرى التي يتعرض لها عمال السكن الخارجي، الاستغلال من قبل أقرانهم، والاعتماد على شبكة هؤلاء للحصول على عمل، مما يعني صعوبة الهروب من هذا الوضع. وتحدثت عاملة أثيوبية، تمت مقابلتها، عن عدد المرات التي تم اغتصابها من قبل السائق الذي وعدها بالمساعدة للحصول على عمل آخر، ولم تتمكن من تقديم شكوى ضده لكونها غير نظامية وليس لها معارف في المكان.
وفيما يتوجب على العامل دراسة المنافع والخسائر الناجمة علن الإقامة في الداخل والسكن الخارجي، فلا بد من توضيح نقاط الضعف لكل حالة، ليكون الأمر واضحاً وحتى يتسنى وضع التوصيات تبعاً لذلك.
ومع علمنا أن قرار السكن الخارجي في الغالب يتم بناءً على نصيحة القريبين، وأن هذه النصيحة ليست بالضرورة صائبة وقانونية، فإن هؤلاء هم شركاء محتملون.
وتصر تانغ على أنه من المهم أولاً أن تمنع الدول الإقامة الإلزامية. مشيرة إلى "أن هذا يأتي أولاً ومن بعده يتم استكشاف الخيارات على المستوى الوطني."
حق أم امتياز؟
لا يعتبر العمل المنزلي عملاً مرفهاً في المنطقة، وإنما ضرورة وربما حق، بسبب عدم الانفاق العام على الخدمات الاجتماعية، ورعاية الأطفال والمواصلات العامة.
تقول موكاوايا أنه إذا ما شعر كل فرد أن له الحق في توظيف عامل، فإنه حتى تلك الأسر التي ليس لديها قدرات مالية لتوظيف عاملة منزلية سوف تعتبر هذا من حقها. " وقد أدى ذلك إلى ابلاغ عاملات منزليات عن ظروف عمل فقيرة كالحرمان من الطعام، أو إعطائهم كميات قليلة من الطعام، وعدم انتظام دفع الأجر، عدم توفر الخصوصية، وتحدثت بعض عاملات المنازل عن مشاركتها مكان إقامتها مع الحيوانات المنزلية أو حيوانات المزرعة.
وترى أبوندا أن شركة الدرة تعتبر نموذجاً للصعوبات التي تواجه تقديم خيارات للعمالة المنزلية المقيمة دون تغيير النظام الكلي. "لقد فشلوا. وعلى الحكومة أن تتحمل مسئولية مباشرة، وأحد الطرق لذلك من خلال نموذج الاستقدام من حكومة -إلى حكومة. ومن ثم تترك المجتمع المدني ليشارك بتصميم النظام ومراقبته."
ويعتبر معظم ما تم اقتراحه هو فعلياً من تصميم النظام مع بعض النجاح النسبي من جانب العمالة غير النظامية. وتتعلق أكبر نقاط الضعف التي يعاني منها هؤلاء العمال ويبلغون عنها هي وضعهم القانوني، إذ من الممكن أن يتم توقيفهم وترحيلهم إذا ما تم القبض عليهم من قبل السلطات.
هذا الموضوع هو جزء من سلسلة أبحاث وتحاليل تجريها Migrant-rights.org حول استقدام عمال المنازل وأضاعهم المعيشية وفي مواقع العمل.
ساهم بنشر الحملة
رأس الصفحة
تبرعتعزيز حقوق العمال المهاجرين في الشرق الأوسط