لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

انتهاء الحظر الصيفي للعمل في الخارج، لكن الإجهاد الحراري لايزال مستمراً

في 15 أكتوبر 2019

رغم انتهاء الحظر الصيفي للعمل في ساعات الظهيرة، رسمياً، في جميع دول الخليج، إلا أن العمال الذين يزاولون العمل في الخارج لا يزالون يعانون الإجهاد الحراري العالي ومعدلات الرطوبة المرتفعة.

وفي حين أن لكل دولة من دول الخليج نظامها الخاص فيما يتعلق بحظر العمل في ساعات الظهيرة، إذ يمنع العمل في الخارج خلال ساعات معينة في اليوم (أنظر الجدول في الأسفل)، إلا أن هذا الحظر يحدد وفق تواريخ وأوقات محددة وليس وفق أحوال الطقس في الواقع. 

والمعروف أن درجة الحرارة في الخليج لا تقل عن 35 درجة مئوية خارج أوقات الحظر المحددة. ففي البحرين، على سبيل المثال، التي يغطي المنع فيها شهري يوليو وأغسطس، سجلت  أعلى درجة حرارة في شهر يونيو خلال قرن، إذ تجاوزت الحرارة 40 درجة مئوية لمدة 20 يوم، ووصلت أعلى درجة للحرارة خلالها عند مستوى 45 درجة مئوية. أما في الكويت، حيث يستمر الحظر من يونيو وحتى أغسطس، فتشهد مراراً درجة حرارة تتجاوز 35 درجة مئوية  في شهري مايو وسبتمبر .

وفي البحرين نادى ناشطون ونواب برلمانيون بزيادة فترة الحظر الصيفي للعمل في الخارج لمدة شهر إضافي، إلا أن هذا المطلب قابله تردد حكومي، بسبب التخوف، كما يقال، من التأثيرات المترتبة على هذه الزيادة، على القطاع الخاص. 

و تعتبر فترة الحظر العمل أثناء ساعات الظهيرة في البحرين هي الأقل في دول الخليج اذ تبلغ شهرين فقط في حين انها تتراوح ما بين شهرين و نصف الى ثلاثة أشهر في دول الخليج الأخرى.

وأشار تقرير  حديث صادر عن منظمة العمل الدولية حول تأثيرات الإجهاد الحراري، إلى أنه :"إذا ما تجاوز الإجهاد الحراري مستوى معين، فإن نظام الجسم الداخلي يفقد  قدرته على الاحتفاظ بدرجة الحرارة عند المستويات المطلوبة ليتمكن من القيام بوظائفه ...وإذا ما تجاوزت درجة الحرارة 38 درجة مئوية (الإنهاك الحراري)، فإن ذلك يؤدي إلى تعطل الوظائف الجسدية والعقلية ، إما إذا ما تجاوزت 40.6 درجة مئوية (ضربة شمس)، فإن ذلك يرفع درجة المخاطرة بحدوث تلف للأعضاء،  وفقدان الوعي وصولاً للوفاة."

التغيرات المناخية وتحديات المستقبل

المصدر : منظمة العمل الدولية

من المتوقع أن يؤدي الاحترار العالمي إلى تفاقم مستويات الإجهاد الحراري بشكل أكبر. وبحسب تقرير  أصدره معهد ماكس بلانك الألماني، فإن درجة الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مرشحة للارتفاع بـ 4 درجات مئوية مع حلول 2050. وأشار التقرير إلى أنه "على سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توقع التعرض لـ200 يوم من الحرارة غير الاعتيادية سنوياً حتى نهاية القرن الواحد والعشرين".

ويتوقع بحث أجراه علماء من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا (MIT) أن الأحوال في منطقة الخليج، بما فيها سطح الأرض المنخفض، والرطوبة العالية جدا بالإضافة إلى الشمس القوية، من شأنها أن تجعل المنطقة " نقطة إقليمية ساخنة، حيث يكون المناخ، في ظل غياب التخفيف المؤثر، ذو تأثير شديد على عيش الإنسان فيها في المستقبل".

وتشير منظمة العمل الدولية إلى أنه من المتوقع أن يؤدي تزايد الاجهاد الحراري بسبب ظاهرة الاحترار العالمي، إلى خسارة في الإنتاجية على المستوى العالمي تعادل 80 مليون من الوظائف بالنظام الكلي مع حلول 2030. وسيكون قطاع الانشاءات من أكثر القطاعات تأثراً بذلك في الدول العربية، إذ يشكل الاجهاد الحراري في هذا القطاع نحو 40% من إجمالي ساعات العمل في 2030. وفي دول الخليج، حيث ينفرد قطاع الإنشاءات بـ 23% من العمالة،"... من المتوقع أن تفاقم الحرارة والرطوبة العالية، المصاحبة للعمل في الخارج المخاطر الصحية المرتبطة بالحرارة، للعمال في هذا القطاع."

ويعتبر العمال المهاجرين، الذين يشكلون 95% من إجمالي عمال قطاع الانشاءات، هم أكثر المتأثرين.

 في قطر والبحرين، سُجلت خسارة تقدر بـ 2.3%، و1.9% على التوالي في ساعات العمل (تعادل 6,600 أن 4.600 وظيفة بالنظام الكلي) وذلك نتيجة الاجهاد الحراري في 1995. ويتوقع تقرير منظمة العمل الدولية أن ساعات العمل التي ستضيع بسبب الاجهاد الحراري سوف تتجاوز الضعف في كل من قطر والبحرين لتصل إلى 5.3% و4.1% على التوالي مع حلول 2030 وهي الأعلى في جميع دول الخليج.

وتعتبر هذه الأرقام متحفظة، إذ يفترض التقرير أن يتم القيام بالأعمال الانشائية والزراعية في مناطق مظللة، وأن متوسط درجة الحرارة العالمي لن يتجاوز 1.5 درجة مئوية.

"إلا أن درجات الحرارة، أحيانا، تبقى عالية جداً في خارج ساعات الحظر، كما أن محدودية التفتيش العمالي تضعف فعالية هذه السياسة". وبالإضافة إلى ذلك، وحيث أنه من المتوقع أن يرفع التغير المناخي من تكرار وكثافة الموجات الحرارية، فإن القيود الثابتة على ساعات العمل قد لا تكون ذات فعالية لحماية العمال من الاجهاد الحراري في هذه الدول. ولذلك، فإن الحظر الحالي على العمل في الخارج في ساعات الظهيرة في دول الخليج من الممكن تعديله ليتناسب مع درجات الحرارة الحقيقية. 

سياسات الحظر الصيفي للعمل في ساعات الظهيرة في دول الخليج

دول الخليج النظام ساعات ومدة الحظر العقوبات

البحرين

قرار وزاري رقم (3) لعام 2013

من 1 يوليو -31 أغسطس 

12:00 ظهراً – 4:00 عصراً

500 دينار بحريني (1.326 دولار أميركي) إلى 1,000دينار بحريني ( 2,652 دولار أميركي) لكل عامل يعثر عليه يعمل في الخارج في ساعات الحظر
السعودية  قرار وزاري رقم (3337) لعام 2014

15 يونيو – 15 سبتمبر 

12:00 ظهراً – 3:00 عصر

3,000 ريال سعودي (800 دولار أميركي) و10,000 ريال سعودي (2,666 دولار أميركي)، بالإضافة إلى إغلاق المؤسسة لمدة 30 يوم (باستثناء العمال في قطاع النفط والغاز) 
عمان قرار وزاري رقم (286) لعام 2008، وتم تعديله بالقرار الوزاري رقم (322) لعام 2011.

1 يونيو – 31 أغسطس

12:30 ظهراً – 3:30 عصراً

100 ريال عماني (259 دولار أميركي) -500 ريال عماني (1,298 دولار أميركي)، والسجن بحد أقصى لشهر واحد
قطر قرار وزاري رقم (16) لعام 2007

15 يونيو – 31 أغسطس 

11:30 ظهراً-3:00 عصراً

إغلاق المؤسسة بحد أقصى لمدة شهر (باستثناء العمال في قطاع النفط والغاز)
الكويت قرار وزاري رقم (189/ ل) لعام 2012، وتم تعديله بإقرار الوزاري رقم (212/ل) لعام 2012

1 يونيو-31 أغسطس 

11:00 – 4:0

100 دينار كويتي (328 دولار أميركي) – 200 دينار كويتي (656 دولار أميركي) لكل عامل يعثر عليه يعمل في الخارج في ساعات الحظر
الإمارات العربية المتحدة  إعلان قرار وزارة الموارد البشرية والتوطين

15 يونيو – 15 سبتمبر 

12:30 ظهراً-3:00 عصراً

5,000 درهم ( 1,361 دولار أميركي)  لكل عامل يعثر عليه يعمل في الخارج في ساعات الحظر 

ضعف التنفيذ

تم تسجيل آلاف المخالفات في 2019 فقط، ففي البحرين سُجلت 56 مخالفة، وفي الإمارات 5 مخالفات، وفي الكويت 1,219 مخالفة، وسُجلت في السعودية أكثر من 180 مخالفة، و711 مخالفة سُجلت في عمان خلال 2018. ولم تتوفر أرقام حديثة عن المخالفات في قطر.

وتعكس هذه البيانات أعلاه التقارير التي أوردها الإعلام المحلي، ومن المحتمل أنها قد قللت من المخالفات التي تم ارتكابها واقعياً في المنطقة. فالتفتيش المحدود يعني أن الكثير من المخالفات لم يتم تسجيلها، ففي البحرين، على سبيل المثال، يبلغ عدد المفتشين 12 مفتش   (6 لقطاع الخدمات، و6 لقطاع الصناعة) بينما يصل عدد المنشأة التي يفترض ان تخضع للتفتيش نحو 80 ألف منشأة.

وتشجع بعض دول الخليج، التبليغ عن المخالفات من خلال التواصل على رقم ساخن مجاني، كما نُشرت لوحات إعلانية في مناطق مختلفة لإعلام العمال بأوقات الحظر. وبلّغت منظمات للعمل المدني ومجتمعات العمالة المهاجرة في دول الخليج عن هذا المخالفات كما ساعدت في رفع الوعي بشأن أوقات الحظر.

ويتحتم على حكومات دول الخليج عمل المزيد لحماية العمال المهاجرين العاملين تحت الحرارة المتزايدة إلى درجات خطيرة. ولا بد من أن يتم قياس معدلات الحرارة والتلوث بشكل دوري من أجل التأكد من توفير الحماية اللازمة للعمال من مخاطر الحرارة العالية على الصحة. كما أن أوقات الحظر الصيفي يجب ألا تحدد وفق الأيام والشهور في التقويم، وإنما يجب أن تحدد بحسب درجات الحرارة في الواقع. وعلى الحكومات الخليجية التأكد من توعية العمال بملابس العمل التي توفر الحماية اللائقة، والسلامة العمالة والمعايير الصحية مع توفير الرقابة على أماكن عملهم، مما يساعد العمال على التعامل مع الإجهاد الحراري. ولا بد من رفع عدد المفتشين للتأكيد من تطبيق الأنظمة بشكل صحيح.