بعد 18 شهر من عدم الدفع، شركة قطرية تترك عمّالها في مأزق
فشل في آليات العدالة ولا دعم من صندوق دعم وتأمين العمال
احتج نحو 550 موظف من الشركة القطرية الناجحة شركة الامبراطورية للتجارة والمقاولات (ITCC) على عدم دفع أجورهم لأكثر من 11 شهر، مما دفعهم وعائلاتهم في أوطانهم إلى فقر مدقع. وكان الموظفون قد قرروا الاحتجاج في الشارع خارج المقر الرئيسي للشركة في منطقة مدينة خليفة في الدوحة، فيما ينام نحو أربع وعشرون شخصاً خارج المقر. ويأتي غالبية العمال من الهند، والنيبال، وبنغلادش ومصر، وعملوا لدى الشركة لفترة تتراوح ما بين 5 و13 عاماً مع شركة الامبراطورية للتجارة والمقاولات وهي جزء من مجموعة شركات ساسكو.
وعملت شركة ITCC في عدد من المشاريع الكبرى بما فيها مشروع استاد الغرافة (للجنة الأولمبية القطرية)، وقصر الريان، ومجمع تسوق اللؤلؤة، بالإضافة إلى عدد من مشاريع "أشغال" و"كهرماء" وهما مؤسستان حكوميتان.
وكان رئيس مجلس إدارة الشركة، عبد الله خلف منصور الكعبي قد سُجن في أعقاب شكوى قدمت ضده لدى الشرطة في أبريل، لكن بعض العمال قالوا إنه ربما أطلق سراحه منذ ذلك الوقت. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الاحتجاز لم يفعل الكثير للتخفيف عن الـ 450 عامل، ونحو 100 موظف. وفيما لم يُدفع للعمال أجورهم لفترة تسعة شهور، فإن الموظفين لم يتسلموا رواتبهم أيضاً لما يقارب العام. وتصل قيمة الأجور المستحقة إلى 1,3 مليون ريال قطري (357,000 دولار أمريكي)، فيما تصل التسوية النهاية للموظفين الذين استقالوا من الشركة إلى 900,000 ريال قطري (250,000 دولار أمريكي) أخرى.
وكانت قطر قد أنشأت صندوق دعم وتأمين العمال في 2018 لدفع مستحقات العمال دون تأخير، واستعادة المبالغ من أصحاب العمل فيما بعد. إلا أن هذا الإجراء لم يطبق في هذه الحالة.
وتحدثت Migrant-Rights.org مع عدد من الموظفين المتضررين، الذين قالوا أنهم طرقوا جميع الأبواب لتقديم الشكاوى، إلا أن أي منها لم يحقق أي نتيجة. وهذه ليست المرة الأولى التي يُنظم فيها احتجاجاً. ففي 2019، احتج عدة مئات من العمال خارج مكاتب شركة ITCC بسبب عدم دفع أجورهم لمدة ستة شهور. وتدخلت قوات الشرطة ونصحت العمال بالعودة إلى أعمال حتى يتم دفع مستحقاتهم. وبالفعل تسلم العمال خلال الشهرين التاليين مستحقاتهم عن الشهور الستة على دفعات.
وفي الوقت الحالي، تنفذ الشركة مشروعين مرموقين – مشروع مناطق (يرأس مجلس إدارته علي بن أحمد الكواري، وزير التجارة والصناعة) و مشروع مركز المشاف الصحي (تحت "أشغال")
وبحسب موظفي شركة الامبراطورية للتجارة والمقاولات، فإن جميع عملاء الشركة قد سددوا مستحقات الشركة في الوقت المحدد، إلا أن العمل على هذين المشروعين تم، في الواقع، تأجيله مما أدى إلى فرض غرامات.
وتوقف دفع الرواتب مرة أخرى في نوفمبر 2019. وقام العمال بتنظيم احتجاجات بشكل منتظم خلال الشهور القليلة الماضية. وفي مارس 2020، وقع رئيس مجلس الشركة على مذكرة تتضمن جدول للمدفوعات، يتم بموجبها تسوية جميع المستحقات بحلول مايو 2020. وفي العام الماضي، استقال من الشركة 50 موظفاً، ولم يتلقوا وعوداً بشأن تسوية مستحقاتهم الأخيرة. وقد راجعت MR جميع تلك الوثائق.
وفي أبريل تم، هذه المرة، توقيع مذكرتين من قبل نائب رئيس مجلس الإدارة، محمد عبد الله الكعبي، تؤكد على أن سيتم دفع راتب شهرين خلال 14 يوماً. ومر الموعد النهائي هذه المرة أيضاَ، ووُقعت مذكرة أخرى في مايو. ووقعها هذه المرة رئيس مجلس الإدارة، تشير إلى أنه سيتم تسوية الرواتب والأجور بحلول 10 يونيو.
وقالت الشركة أنها ستقترض من البنك لتسوية المستحقات. إلا أنه مع رفع القضية إلى الشرطة والقبض على رئيس مجلس الإدارة، لم تتم الموافقة على القرض. وقام مركز شرطة مدينة خليفة بإحالة القضية إلى الإدارة العمالية.
لا مفر
في 2016-2017 شهدت إدارة الشركة تغييرات. وحتى ذلك الوقت كانت الشركة تحقق أرباحاً هائلة من بعض المشاريع الكبرى.
وقال موظف من جنوب آسيا: " أن الإدارة الجديدة أفسدت الأمر. كنت أعمل لدى الشركة منذ البداية – قبل 13 عاما. وساعدت في بناء الشركة، والآن تُركت بدون أي مال أترجاهم ليدفعوا لي مستحقاتي."
الموظفون يواجهون الآن معضلة كبيرة. فالشركة جعلت الامر واضحاً بأن يعود العمال إلى أعمالهم، وسوف يتم دفع مستحقاتهم في شكل أقساط، أو بإمكانهم التخلي عن مطالباتهم والبحث عن عمل آخر، أو العودة إلى أوطانهم. لقد انتهت صلاحية بطاقات هويتهم القطرية (QID)، ولتغيير عملهم، سيظلون بحاجة للشركة كي تجدد البطاقة وتجعلها صالحة للاستخدام. أما بالنسبة لمن استقالوا، فعرضت الشركة عليهم تسوية بنسبة 30% فقط، ولكن طالبتهم بالتوقيع على استلامهم كافة مستحقاتهم. وبسبب حالة اليأس التي طالت البعض، فقد قام 14 من الموظفين بالتوقيع على ذلك الإقرار وتسلموا مستحقاتهم الناقصة. وكانت قطر قد سهّلت عملية تغيير صاحب العمل، إلا أن بطاقات الهوية منتهية الصلاحية، وشهور عدم الدفع تجعل من الصعب على العمال التنازل عن مطالباتهم والمضي قدماً.
أحد الموظفين انهار في اثناء سرده لحالته قائلاً: "لم أدفع رسوم مدرسة أطفالي لخمسة شهور. والمدرسة تريد طرد أطفالي. عائلتي في الوطن لا تصدق أنني لم أخطئ. ولذلك، فعندما جاءت قوات الشرطة في 40 مركبة وهددونا بالقبض علينا بسبب احتجاجنا، أخبرتهم أن يطلقوا النار علي، لأنني أفضل الموت. ما الخيار الذي أملكه؟ من الذي سيدفع ثمن طعام عائلتي؟"
ولايزال العمال يعيشون في مساكن الشركة في المنطقة الصناعية بشارع 38، ويحصلون على الطعام الآخذ في التدهور من ناحية الجودة كما يقولون. وينتشر الموظفون حول المدينة، لكنهم يقضون أغلب وقتهم، حالياً، خارج المقر الرئيسي للشركة.
"كان لدينا اجتماع كبير في 25 أغسطس مع ابن رئيس مجلس الإدارة، وهو الوقت الذي أخبرنا فيه بدفع 30% لتسوية مستحقات أولئك الذين استقالوا، وأن على الآخرين أن يواصلوا العمل لكي يحصلوا على مستحقاتهم.
وفي خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، قام ما بين 20 و30 موظفاً بالتخييم في المقر الرئيسي للشركة. وبحسب أحدهم: "لم يأتِ الابن، ولكن كانت زوجة رئيس مجلس الإدارة تأتي كل يوم. علينا أن نكون حذرين. لا نتحدث معها، ولا ننظر إليها لأننا نعرف أن ذلك سينقلب إلى غير صالحنا".
ويقول عامل نيبالي:" سفارات الدول التي يأتي منها العمال لا تمد يد المساعدة، إنهم لا يقدمون لنا حتى كأساً من الماء عندما نذهب إليهم للشكوى، هل تعتقد أنهم سيساعدوننا في مشكلة أموالنا!"