بعد الحملة الأمنية الموسعة ضد المهاجرين الغير موثقين في بدايات ٢٠١٣، تستمر وزارة الداخلية الكويتية باعتقال وترحيل المهاجرين بأعداد كبيرة. في الـ ٣٠ من مايو، نشرت جريدة القبس الكويتية خبراً عن "قرار شفهي" لوزارة الداخلية لإيقاف الاقتحامات والحملات الأمنية بشكل مؤقت بسبب اكتظاظ مراكز الشرطة بالمعتقلين من المهاجرين بانتظار ترحيلهم. وطلبت الوزارة من مراكز الشرطة تزويدها بقوائم أسماء المعتقلين وأسباب اعتقالهم ليقوم وكيل الوزارة بمراجعة قرارات الترحيل والبت فيها. ويذكر تقرير القبس أن القرار جاء بعد انتقادات محلية ودولية للمعاملة السيئة والمعادية للمهاجرين في البلاد.
إلا أن هذا القرار المؤقت لا يبدو أنه يأتي من اهتمام أو قلق تجاه حقوق المهاجرين التي يتم انتهاكها بشكل نظامي. بل أن السلطات تخشى انتشار الأمراض بين المهاجرين في السجون ارتكازاً على معتقد عنصري يرى في المهاجرين خطراً على الصحة العامة. هذه الرواية يتم استخدامها كعذر لترحيل المرضى من المهاجرين، حتى وإن كانوا مصابين بأمراض ممكن علاجها. في العام الماضي، قامت الكويت بترحيل على الأقل ٨٠٠ شخص من مرضى السل. كما يتم استخدام هذا العذر لتبرير التمييز الممارس في قرارات تأشيرات العمل لمنع أبناء جنسيات معينة من دخول دول الخليج.
وعلى الرغم من هذه المحاولة للتعامل مع مراكز الاعتقال وغيرها من العقوبات القسرية ضد المهاجرين، مازالت وزارة الداخلية الكويتية تتجاهل ضرورة إحالة قوانين الترحيل للنظام القضائي مع إصلاح القوانين المرتبطة بهذا الملف. هنالك الآن "مئات" من المهاجرين في السجون حيث يبقى كل منهم "لأسبوع أو أكثر" بانتظار الترحيل، حسب تصريح مسؤول في الداخلية. كما تحاول الوزارة أن تخلي مسؤوليتها من هذا الوضع المرير الذي يعيشه المهاجرون في السجون بالقول أن الكفلاء يتجاهلون اتصالات الشرطة لتفادي تكاليف ترحيل المكفولين/لات. وتشمل الوزارة السفارات الأجنبية في تبريراتها بالقول أن الأخيرة تعمل ببطء في إصدار الوثائق اللازمة لترحيل مهاجريها. إلا أن هذه الحجج لا تخلي السلطات من مسؤولية ما يحصل، خاصة مع منح الشرطة حرية اعتقال وإيقاف أي مهاجر في ضوء الحملات الأمنية المستمرة.
حالياً، هنالك الكثير من المهاجرين ممن لا يمكن ترحيلهم بسبب ديونهم العالقة في الكويت والتي يجب تسويتها بشكل قانوني. بالتالي، يظل هؤلاء عالقين في السجون دون موعد محدد للبت في قضاياهم أو منحهم فرص لدفع المبالغ المطلوبة. بعض الكفلاء عبروا عن قلقهم تجاه الاعتقالات العشوائية ضد المهاجرين. في أبريل ٢٠١٤، تم اعتقال ١٠٠ مهاجر آسيوي "بشكل عشوائي" من الشوارع ووسائل المواصلات وتم حجزهم في مركز شرطة الصالحية. حسب مصادر أمنية، اعتقل البعض دون ارتكاب أي مخالفات جسيمة، كما أن كفلائهم لم يحصلوا على تفسير واضح لسبب اعتقالهم.
هذا وشملت الحملة الأمنية عقوبات متزايدة ضد المهاجرين في حالة ارتكابهم أي نشاطات غير قانونية، بحيث يتم ترحيلهم حتى في حالة ارتكاب مخالفات مرورية. خلال الشهر الماضي فقط، تمت الاعتقالات التالية: بين ١٨-٢٤ مايو، اعتقل ٧٧ شخص لمخالفات مرورية. في٢٦ مايو، اعتقل ٢٠ مهاجر آسيوي وعربي من محلات وجمعيات تعاونية "لمخالفة قوانين الإقامة والعمل". في المدة بين ١١-١٧ مايو، اعتقل عدد غير محدد من المهاجرين لمخالفة قوانين الإقامة في محافظة حولي، أما في الأحمدي، فاعتقلت الشرطة ١٠ أشخاص لذات السبب و٢١ شخص لتورطهم في قضايا مدنية أو جنائية أو قانونية. كما اعتقل ٤ مهاجرين آسيويين لحيازتهم على مشروبات كحولية وآخر لحيازته مادة مخدرة و٣ لـ "تسكعهم في أماكن عامة". وينتظر ٢١ من السوريين ترحيلهم بسبب مشاجرة نشبت بينهم في مستشفى الصباح على الرغم من قرار إداري سابق يمنع ترحيل السوريين بسبب الحرب في بلادهم.
بشكل أوسع، قامت وزارة الداخلية الكويتية بترحيل ١٣ ألف من العمالة المنزلية في مارس الماضي مع إصدار قرار بمنع استقدام العمالة الأثيوبية بعد أيام من نشوب حالة هستيرية عنصرية ضد العمالة الأثيوبية في البلاد.
وتستخدم السلطات الكويتية أساليباً مختلفة في حملاتها الأمنية مثل الاقتحامات ونقاط التفتيش مع إعطاء الحرية الكاملة للشرطة لإيقاف أي من المهاجرين وطلب أوراقهم الرسمية. وكانت الكويت قد أعلنت عن خطط لتوسيع حملتها الأمنية من خلال تنصيب كاميرات مراقبة في "المناطق العامة والمجمعات التجارية والطرق حول البلاد، وفي مخارج ومداخل المناطق السكنية" امتثالاً بالتجربة الإماراتية. هذه السياسات المستخدمة ضد العمالة الغير نظامية تبيّن سيطرة العقلية الأمنية على قوانين الهجرة وهو إطار يتم توظيفه بشكل مستمر لتبرير انتهاك حقوق المهاجرين. كما تستمر السلطات ووسائل الإعلام بـ "شيطنة" المهاجرين وتصويرهم باعتبارهم سبباً في أكبر مشاكل المجتمع. بالتالي، يتم تجاهل التصرفات المخالفة والعنف والإساءة التي تمارسها السلطات خلال اعتقالات المهاجرين.
وبينما تستمر الكويت في تبرير حملتها ضد العمالة الغير موثقة، تتجاهل السلطات الأسباب الجذرية التي تخلق هذا النوع من العمالة في سوق العمل. من بين هذه المسببات: مكاتب الاستقدام الغير منظمة، منع العمالة من تغيير الكفيل، بالإضافة إلى المساوئ الكثيرة لنظام الكفالة. الترحيلات الجماعية والتقييدات المفروضة على الهجرة تعيق العمالة المهاجرة وتستنزف القدرة المالية لبعض الأطراف. لهذه الأسباب، فشلت الترحيلات الجماعية على مر التاريخ في تقليل عدد العمالة الغير موثقة على المدى الطويل، مما يؤكد أن هذه السياسة غير عادلة وغير مجدية.