لقد وصلت إلى المقالات الرئيسية

عالق في قطر: ١٣ عام من أجل سيارة محطمة

في 27 سبتمبر 2014

روشان كومار عامل نيبالي يعمل في قطر منذ 19 عاماً، لكن القول انه عاش في قطر طوال هذه المدة لن تكون جملة دقيقة. آخر مرة زار فيها روشان بلاده كانت في عام 1996، ومنذ عام 2001، تنقل روشان بين السجون ومراكز الاعتقال، وتوجه إلى المطار مرات عديدة إلا أنه يتم توقيفه في شؤون الهجرة في المطار كل مرة.

طوال الـ17 أشهر الماضية، عاش روشان في مركز الإبعاد رقم 7، مكان يشعره بالأمل والقلق في آن واحد، لأنه يبعد خطوة واحدة فقط عن رحلة العودة إلى وطنه، لرؤية زوجته وأطفاله الثلاثة بعد 17 عاماً طوال. كان ابنه الأصغر مجرد طفل رضيع عندما غادر المنزل.

قصته تمثل حالة متطرفة ونموذج حي لنظام الكفالة الظالم.

He had no money, no job, and because of the prevailing practice of the sponsor confiscating passports, no official documents either. To add to his travails, the company had closed shop, and the sponsor and general manager had both left the country.

يتعرض نظام الكفالة الذي يمثل أساس أنظمة الهجرة والعمل في دول مجلس التعاون للعديد من الانتقادات. المدافعون عن النظام يزعمون أن العيب ليس في النظام، بل في من يسيء استخدامه. ومع ذلك، فإن بنود نظام الكفالة تعطي الأفضلية لـ "الكفيل"، مع حماية ضئيلة أو معدومة للعامل، كما هو واضح في هذه القصة.

في يوم 14 مايو، أعلنت دولة قطر أنها سوف تنهي نظام الكفالة. ومنذ ذلك الوقت، أدلى المسؤولون بتصريحات متناقضة حول موعد وكيفية تنفيذ هذا القرار. قصة روشان هنا حجة كافية تثبت ضرورة الإصلاحات العمالية دون تأخير.

ظهرت بادرة الأمل خلال زيارة الأمير الشاب، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الأخيرة لألمانيا، حيث أعترف قائلاً: "هنالك أخطاء ومشاكل، ونحن لا نقول أننا دولة مثالية بلا أخطاء. ولكن أعتقد أن الخبر السار هو أننا فعلاً بدأنا بالعديد من التغييرات بالنسبة لحالة العمال الأجانب، ونحن نعمل بجدية على تحسين هذا الوضع".

بينما ينتظر كثيرون تلك التحسينات الموعودة، روشان كومار البالغ من العمر 51 عاماً يقبع في مركز الاعتقال.
ظهرت قصة روشان لأول مرة إلى النور عندما قامت صحيفة كانتيبور النيبالية اليومية بنشر قصته. عملنا في Migrant-Rights.org على الوصول الى الضحية وعائلته لاستكشاف بقية القصة. وخرجنا بهذه القصة:

في يوم 29 أغسطس 2014، ذهب روشان كومار إلى المطار، أملًا في تخطي اجراءات الهجرة والصعود إلى رحلته المتجهة إلى نيبال. ولكن نظام الكمبيوتر في الهجرة أظهر أن هنالك حظر سفر مفروض عليه، وأنه لا يستطيع الخروج من البلاد، مرة أخرى!
تكرر الموقف عدة مرات. المرة الأولى حدثت له في 26 أكتوبر 2004، قبل ما يقارب العشر أعوام. في الـ 17 أشهر الماضية، حاول روشان الخروج أربع مرات: 12 أكتوبر 2013، 10 فبراير 2014، 10 يوليو 2014 ومرة أخيرة في أغسطس 2014.
بدأت مشاكل روشان كومار في 26 يناير 2001. بعد إيصال زميله للمطار في سيارة تابعة للشركة التي يعمل بها، عاد روشان إلى منزله في وقت متأخر من الليل، وعند إشارة مرورية بالقرب من مجمع المعمورة في منطقة أبو هامور في الدوحة، اصطدم بسيارة من نوع لاندكروزر من الخلف.
قضى روشان 10 أيام في السجن قبل أن يطلق سراحه بانتظار دعوى قضائية. وفي 7 أبريل، في جلسة الاستماع، حكم عليه بدفع مبلغ 2000 ريال قطري أو قضاء مدة ستة أشهر في السجن، وبسبب عدم توفر المال لدفع الغرامة، ودون أي مساعدة من الشركة التي يعمل لديها منذ ديسمبر 1997، قضى روشان ستة أشهر في السجن بالقرب من سوق الجملة، وأربعة أيام أخرى في منطقة الريان قبل أن يطلق سراحه.

على الرغم من اطلاق سراحه، لم يكن روشان حراً بعد لأنه بلا مال، ولا عمل، ولا أوراق بسبب الممارسة السائدة لمصادرة جوازات السفر التي يقوم بها الكفلاء. إضافة إلى محنته، أغلقت الشركة التي كان يعمل بها نهائياً، وغادر كل من المدير العام والكفيل البلاد.

بعد فترة عاشها روشان معتمداً على مساعدة أصدقائه، واصل البحث عن المدير العام للشركة التي عمل بها، والذي كان آنذاك قد انتقل إلى دبي، وشجعه بدوره لرفع دعوى قضائية ضد الشركة المغلقة للمطالبة بمستحقاته بما في ذلك الرواتب والمكافآت وتذاكر السفر. وبعد ستة أشهر، تمكن من تتبع واسترجاع جواز سفره.
استمرت قضية روشان في المحكمة ضد شركته حتى 31 ديسمبر 2003، عندما أمرت المحكمة الشركة بأن تدفع لروشان 29 ألف ريال قطري، ومع ذلك، تمكنت الشركة من التهرب من تسوية مستحقاته بزعم أن روشان يدين للشركة بقيمة سيارة البيك أب المتضررة بالحادث.
مرة أخرى، وجد روشان نفسه في وضع مألوف وميؤوس منه، إقامته انتهت وكذلك رخصة قيادته. أصبح روشان حينها بدون وثائق (أو كما يفضل المسؤولون وصفه ب "غير قانوني" أو "هارب").

في عام 2004، أعلنت الحكومة القطرية العفو عن العمال الأجانب غير الشرعيين، وانتهز روشان الفرصة للخروج من البلاد، حيث سلم نفسه لقسم البحث والمتابعة في وزارة الداخلية. وفي 26 أكتوبر، ذهب إلى المطار من مركز الترحيل، المكان الذي احتجز فيه بعد العفو، حينها علم روشان أن عليه حظراً على السفر حيث لم يحصل على تأشيرة "خروج". اعتقد هذه المرة أن تكون أوراقه قانونية، حيث أن المحكمة قد أخلت سبيله بعد السجن لمدة ستة أشهر.
خلال هذه الفترة الصعبة، حاول مسؤولو مركز الاعتقال ووزارة العمل مساعدته على المستوى الشخصي، ولكنهم لم يكونوا قادرين على القيام بأي شيء رسمياً.
على مدى السنوات العشر المقبلة، عمل روشان كومار كسائق دون أوراق رسمية، معتمداً على عطف الناس، إلا أنه لم يتوقف عن الشعور بأنه محاصر، حيث لم يكن هناك أي مخرج له. كان يقود سيارته في الدوحة مع بطاقة هوية ورخصة قيادة منتهية الصلاحية، وفي لحظات يائسة، حاول انتهاك قواعد المرور على أمل أنه سوف يتم اعتقاله وترحيله إلى بلاده بطريقة أو بأخرى. مع عدم وجود عفو، لم يكن هناك الكثير لفعله.

قبل عام، ارتكب روشان ما وصفه بـ "خطأ كبير".حيث أخذ سيارة من صاحب العمل ونام على جانب الطريق في منطقة الدفنة تحت تأثير الكحول. الفزعة (شرطة النجدة) قبضت عليه واقتادته إلى مركز الاعتقال، نفس المكان الذي كان فيه في الأشهر القليلة الماضية، متوجهاً له من وإلى المطار. حتى هذه اللحظة، لا يعرف أياً من المسؤولين سواء في مركز الاعتقال أو في السفارة النيبالية، سبب وضع حظر السفر عليه. روشان ومن يهتم لأمره ما زالوا في حيرة من أمرهم في كيفية حل هذه المعضلة.
روشان له رقمين عزيزين على قلبه، رقم بطاقته منتهية الصلاحية ورقم ملف إدارة المرور. بالنسبة له، هذين الرقمين هما الأمل في السبيل للإفراج عنه. فهو يحفظهما عن ظهر قلب، ويكررهما كما لو أنهما أنشودة.

هل الموضوع بسيط متمثل بتتبع ملف إدارة المرور القديم فقط؟ إذا كان الأمر كذلك، لماذا لم يحدث ذلك؟
تحدثنا مع مسؤول السفارة النيبالية الذي قال أن السفارة وفرت له "وثائق سفر" ولكنهم لم يتمكنوا من فعل أي شيء آخر". وأضاف: "رئيس البعثة ليس هنا الآن. ربما سنحل المشكلة بعد عودته ".

هنا القضايا الرئيسية التي يجب أن تثار بسبب قصة روشان:
اجتماعياً:
١- عدم وجود نظام مساعدة قانوني قادر على مساعدة روشان قبل تطور القضية إلى هذه المرحلة.
٢- عدم وجود صندوق نفع عام للعمال لمساعدتهم/ن في أوقات عصيبة مثل هذه.
قانونياً:
١- قام الكفيل بحجز جواز السفر، وهو انتهاك يتعرض له غالبية العمال المهاجرين من ذوي الدخل المنخفض في البلاد. عندما أغلقت الشركة، لم يتم الزامها بتسوية المستحقات أو إعادة الوثائق للعمال.
٢- استغرقت دعوى قضائية من أجل تسوية هزيلة قيمتها 29 ألف ريال قطري أكثر من عامين. هذا يوضح معاناة المهاجرين في الوصول إلى العدالة من خلال القنوات القانونية الموجودة.
٣- نظام تصاريح الخروج التي تسيطر على حركة جميع العمال الأجانب في البلاد. في قضية مثل هذه، من الواضح أن المخالفة كانت بسيطة، ولكن روشان كومار دفع ثمنها طوال 13 عاماً.

Migrant-Rights.org تترقب ردود أفعال منظمات حقوق الإنسان الدولية لمحاولة مساعدة روشان كومار.