رغم تقارير وسائل الاعلام المحلية عن تبني دول الخليج لعقد موحد للعمالة المنزلية، أكدت مصادر بأن الاجتماع الذي حضره وزراء العمل في المنطقة في نوفمبر الماضي لم يأت بأي تغييرات لمسودة العقد المقترح منذ أكثر من عام.
يبدو أن التغطية الاعلامية لاجتماع وزراء عمل دول مجلس التعاون الخليجي في نوفمبر الماضي لم تكن سوى حالة مفتعلة فكان من المفترض أن يصل وزراء العمل إلى اتفاق حول العقد الموحد إلا أن السلطات تفتقد الالتزام الحقيقي لإجراء الاصلاحات الموعودة. وكان الاجتماع قد انتهى بالمزيد من الوعود لإجراء اصلاحات في الأنظمة المحلية وليس لتحسين العقد الموحد الذي تستمر وسائل الاعلام في الحديث عنه بتضليل من المسؤولين الذين قاموا بالتراجع عن انجازهم "التاريخي" بعد أسبوع من اعلانه.
هذا الارتباك لم يحصل بمحض الصدفة فمنذ اعلان مسودة العقد الموحد في بدايات عام ٢٠١٣، لم تتسم السلطات الخليجية بأي شفافية فيما يخص مكونات العقد مع محاولات مستمرة لتفادي أي مسائلات موجهة لمحتوى العقد المقترح. كما حرم المسؤولون مؤسسات المجتمع المدني من الاطلاع على مسودة الاقتراح لتقديم تقييمات واقتراحات مهمة تضمن نجاح هذه الخطوة.
في مايو ٢٠١٤، قمنا بمحاورة مسؤول عن مشروع العقد الموحد حيث أكد بأن دول الخليج غير ملزمة بتطبيق هذا العقد حتى وإن اتفقت الدول الأعضاء عليه ليكون العقد مجرد نموذج مقترح بإمكان دول مجلس التعاون تطبيقه وتعديله كما يتفق مع القوانين المحلية. خلال العام الماضي، نفذت عدة دول اصلاحات في قوانين العمالة المنزلية، الكثير منها نتج عن اتفاقات ثنائية بين دول الخليج ودول مصدرة للعمالة قائمة على عقود متفق عليها. بعض هذه الاصلاحات تغطي إشكاليات موجودة في مسودة العقد المقترح. المؤسف ان هذه التغييرات تشمل مهاجرين من دول معينة فقط لأنها ناتجة عن اتفاقيات ثنائية لا من اصلاحات محلية شاملة. مؤسسات العمل المدني رحبت بالعقد الموحد لأنه يضمن حداً أدنى من الحقوق للعمالة المنزلية بكل فئاتها وجنسياتها.
في العام الماضي، نشرنا تقريراً عن الخطابات السائدة عن حقوق العمالة المنزلية مع مراجعة عامة لوضعهم القانوني في المنطقة:
على الرغم من أن القوانين المنظمة للعمالة المنزلية في دول الخليج تختلف إلا أنها جميعاً تفتقد لأبسط الحقوق العمالية فالقوانين المتعلقة بتنظيم العمالة المنزلية غير موجودة أو غير مطبقة. العمالة المنزلية في الكويت وعمان وقطر والإمارات مستثناة من قوانين العمل وبالتالي لا يتم منحها الحد الأدنى للأجور وساعات العمل المخصصة وضوابط الأمان وأوقات استراحة وغيرها من الحقوق. ولأن أغلب العمالة المنزلية يقيمون مع كفلائهم وإقاماتهم مربوطة بكفلائهم، فإن حركتهم وقدرتهم على تحدي أوضاعهم محدودة. في البحرين، تعديلات قانون العمل في ٢٠١٢ أضافت حق الإجازات السنوية وحق التقاضي دون تحديد أيام الراحة والحد الأدنى للأجور وساعات العمل. منذ اعلان الاتفاقية في ٢٠١١، لم تقم أي من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتبني حقوق العمالة المنصوص عليها.
ويبين تقرير اتحاد العمال الدولي الأخير "تسهيل الاستغلال: مراجعة لقوانين العمالة المنزلية المهاجرة في دول المجلس التعاون الخليجي" أن قوانين العمل في الخليج تستثني بشكل جزئي أو كامل الملايين من العمالة المنزلية.
رغم ذلك، ينكر المسؤولون فشل الأنظمة القانونية المحلية في حل المشاكل العصيبة التي تمر بها العمالة المنزلية. في أكتوبر الماضي، ندد مسؤولون اماراتيون بمحتوى تقرير هيومن رايتس واتش عن الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة المنزلية في الامارات مدعين أن الحالات المذكورة في التقرير استثنائية ولا يمكن أن تأتي كمؤشرات لحال العمالة المنزلية وضعف القوانين المحلية. كما لا تعترف السلطات بغياب آليات التنفيذ فيما يخص قوانين مسبقة مثل تجريم مصادرة جوازات العمالة المنزلية وفشل النظام القضائي في حل مشاكل المهاجرين. سبق وأن قامت الإمارات ودول الخليج بالتنديد بالحقائق المذكورة في تقارير منظمة الهجرة الدولية.
لن يكون العقد الموحد الحل المثالي لأنه لن يعوض المهاجرين عن حقهم في أن تشملهم قوانين العمل أو حل المشاكل المتجذرة في أنظمة الهجرة مثل آليات الاستقدام والعقبات التي تمنع المهاجرين من التقاضي قانونياً. إلا أن العقد الموحد من الممكن أن يكون خطة نحو اصلاح قانوني شامل. كل عام، تكرر دول الخليج وعودها لإصلاح قوانين العمالة المنزلية دون أي نتائج شمولية. الجهود المبذولة من السلطات تركز على التصدي لتقارير المنظمات الدولية والانتقادات الموجهة لهم فيما يخص وضع العمالة المهاجرة. فشل دول الخليج في حل هذه المعضلات وغياب الشفافية في الخطوات المتخذة تبين عدم جديتهم في العمل على حماية العمالة المنزلية من الاستغلال والعنف.
في هذا العام، نجدد دعوتنا لدول مجلس التعاون لاتخاذ خطوات جدية لحماية الملايين من المهاجرين المقيمين في دولهم. من بين هذه الخطوات:
١. توقيع وتنفيذ قوانين العمل الدولية من بينها اتفاق١٨٩ للعمالة المنزلية والاتفاق الدولي لحقوق المهاجرين وعائلاتهم.
٢. شمل العمالة المهاجرة في قوانين العمل المحلية.
٣. إنهاء نظام الكفالة.